مقتطفات من كتاب وزير المالية الإرتري السابق برهاني أبرهي - الجزء السابع
ترجمة الأستاذ: محمود محمد عمر - لندن، المملكة المتحدة تأليف المناضل: برهاني أبرهي
ساوا... والخدمة العسكرية الشاملة، ووضع الأساس لحكومة عسكرية ديكتاتورية.
من أهم الأسباب التي جلبت للشعب الإرتري المعاناة والعذاب وجعلت الوطن عرضة للضياع والدمار هو دون شك برنامج الخدمة الوطنية والذي تعمد إسياس على إفراغه عن مضمونه الأساسي وتم تحريفه خدمة لمخططه الخفي والخبيث.
بداية التسعينيات كان موضوع الخدمة الوطنية قد حظي بإهتمام واسع على مستوى الوطن... ولأنه موضوع حساس وله تداعياته على الوطن ومستقبل الشباب كان موضع اهتمام الحادبين على مصلحة هذا الوطن... بالمقابل كان برنامج الخدمة الوطنية أيضا موضع اهتمام المخرب إسياس ولكن من زاوية خاصة به تخدم مخططه الخبيث.
فالبعض منا وبنظرة وطنية بحتة كنا ننظر إليه بإعتباره واجب وطني وبرنامج سبقتنا فيه الكثير من الدول وقد أثبت جدواه... أما بالنسبة (للزراقيتو) فكان من ورائه أجندة خفية بل كان يرى فيه وسيلة يمكن من خلالها تحقيق هدفه المتمثل في تدمير إرتريا شعبا وبلدا... أراد اسياس تطبيق الأسلوب المتبع للتحكم على الجيش الضخم وهو أن يجعل من الشعب بأسره كتلة واحدة أو شخص واحد (as a single individual) وبذلك يسهل له عملية التحكم المطلق على الشعب.
الارتريون ذو التوجه الوطني كانوا يتعشمون في أن ساوا قد تتطور الى مدينة كبيرة تكون قادرة على إعداد الشباب في المجالات الأكاديمية والعلمية والتكنولوجية ولم يخطر ببالنا لحظة أنه يوما ما سوف تتحول إلى معسكرصغير يتجرع فيه شبابنا من كأس الظلم والهوان.
أما الخائن إسياس والمعروف بنزعته الهدامة والمخربة وصاحب النوايا السيئة نحو إرتريا وشعبها فقد كان مخططه السري أن يبقي على ساوا قرية ومعسكر استعباد دائم.. ولكن إسياس لم يكشف عن مخططه علنا.. ولاغرابة في ذلك فهذا هو أسلوب الزراقيتو الذي عرفناه عنه... وعليه من الطبيعي أن يبقي مخططه التخريبي طي الكتمان.
فيما يخص برنامج ساوا فقد صدرت أربعة قرارات متتالية وذلك في الفترة الوجيزة مابين ١٩٩١ و ١٩٩٦ فعند الإعلان عن برنامج ساوا عام ١٩٩١ بواسطة الحكومة الإرترية المؤقتة، كان المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير إرتريا هو الذي يدير الحكومة.. وعليه لايعرف على وجه التحديد من هو صاحب الفكرة... ولكن هناك عوامل ممكن أن تؤخذ في الإعتبار في هذا الشائن.
فمثلا كان إسياس قد حصل عام ١٩٨٧ على تفويض يبقيه قائدا حتى منتصف ١٩٩٢ وعليه لم يكن قد أكمل فترة الخمس أعوام.
فالبرنامج الذي اعلن عنه عندما كان جميع أعضاء المكتب السياسي في السلطة كان قد حدد على أن يكون برنامج ساوا مدني الطبع في جانبه الاكبر مع وجود جانب عسكري بشكل طفيف.
وينص الإعلان أنه وبعد مدة تحدد من قبل وزارة الدفاع يتم توزيع افراد الخدمة للعمل في شتى المجالات... وكمثال لذلك أن الدفعة الأولى من طلاب الخدمة تم إشراكهم في عملية الإعداد للإستفتاء عام ١٩٩٣ وبعد إختتام الإستفتاء عادت الدفعة الأولى إلى ساوا عام ١٩٩٤ للتدريب.
حسب البرنامج تشمل الخدمة الوطنية في ساوا الفئة السنية مابين ٢٠ إلى ٤٠ على أن تتراوح مدة الخدمة مابين الإثني عشر شهرا وثمانية عشر شهرا... على أن تخصص الشهور الستة الأولى للتدريب العسكري أما الشهور الاثني عشر للخدمة الوطنية حسب الظروف والإمكانات.
وبعد إنقضاء الخدمة الوطنية من حق الشخص العودة إلى مكان عمله الأصلي... ولكن لم يحدد القرار مصير الأفراد الذين لم يكن لهم عمل قبل الخدمة الوطنية... من جانب آخر أوضح القرار أن الشخص الذي أكمل الخدمة الوطنية وكي يكون جاهزا عسكريا فيما لو استدعى الأمر إلى التعبئة العسكرية يتم تعريفهم بالوحدة والمكان التي سوف ينضمون اليه في الظروف الطارئة.
تـابـعـونـا... في الجزء القادم