سلالة البؤساء
بقلم الأستاذة: سميرة البلوي المصدر: جريدة أخبار اليوم السودانية
الكتب التي تجبرك كقارئ على اتمامها دفعة واحدة هي من تخبئ في سطورها العمق الذي يلامس دواخلك ربما كانت اكثر واقعية
او اننا اعتدنا ان نسقط قراءتنا على معايشتنا الحيايتة سوى كانت تجربة الكاتب نفسه او آخرين يشبهون تفاصيل هذه الرواية.
اخر ماقرآت رواية سلالة البؤساء للكاتب الارتري منصور سعيد ابو سما باكورة انتاجه الادبي كقلم شاب يمزج الادب بالقضية اعتقد سيثمر الكثير في حقول الابداع بالقرن الافريقي ومكتبة الادباء العرب في هذه الجغرافيا.
الاسم يحمل شئ من شجن ربما جعل البعض يحجم عن تلقفه فلا متسع للبؤس في حيواتنا فكل الوقائع تتطلب الهروب الى عوالم افتراضية تنسج المحبة والحبور ولكن لب الموضوع نبيل ونبيلا جدا جدا فهو حوار الذات والبيئة الانتماء والتحرر البحث عن العيش الكريم وحلم السكينة البحث عن الوطن في جوف اوطان بديلة وهل حقا الارتباط هو تراب وارض اما هو امان ولقمة عيش وجرعة دواء فحرية تعبير ومن ثم ماهو كنه مصطلح المواطنة كا اساس للحقوق والوجبات.
في سلالة البؤساء سرد فني رفيع لتجربة ثورية مهر المناضلين فيها الحرية بدمائهم ليتذوقوا سخط الدكتاتور بعد وصوله لسدة حكمها فتحولت معاناتهم من البحث عن الحرية للبحث عن معبر الى وطن آخر هذا البحث مطلقا لم يكن من باب الانفتاح المفاهيمي للهوية ولكن من اجل لقمة العيش واحلام الشباب التي لاتحتمل ارضهم وزرها فبعد النضال الشرس منذ العام الف وتسع مئة واحد وستون يجابهون بنضال جديد يبقى الاشرار على عروشهم ويجوع النبلاء وربما يخوض معركة في غير معترك تشتيت لطاقتهم الباسلة.
سلالة البؤساء تنضم الى اصدارات حديثة للمكتبة العربية الارترية التي يمكننا وصفها بالدسمة تناقش في غير مسميات زمانية ولامكانية قصة حياة تلك التي ولدت بين احراش الغاب وادغال الكهوف لتسمى مع جيلها ب ابناء الثورة ليواجهوا بعد التحرر بوصم اجتماعي مرعب كلقطاء لم يعترف الناس بزواج ذويهم فتنهشها النظرات بين متعاطفا ومستنكر بين ابيها البطل الذي لم تهنئ به وامها المناضلة المكلومة التي مورس عليها العنف من كل الجهات فتركتها عند جدتها كوديعة وانكفئت نحو ذاتها كا امراة تحلم ببيت ودفأ ربما تورطت في زواجها من ذلك القائد بحثا عن ملاذ.
ليس بمقدوري الان الاطالة ولكن الجزء الاخير من الرواية هو تجسيد للألف القصص الواقعية التي تنتهي بها احلامها على المحيط غرقا او جوعا او حتى يأس وبؤس وبصيص امل تجاه النجاة لارض البيض اروبا لتتناول بالتفصيل ملف الاتجار بالبشر بكل المشاعر الانسانية التي تستباح مابين المعابر والمجتمع الدولي الذي يصنفها هجرة غير شرعية.
حياة ابنة الثورة تذهب نفسها الى بارئها بين يدي حبيبها موسى الذي التقته صدفة عند نقطة تجمييع المهربين بعد ان فرقتهم ظروف بلادهم تموت وقد تركت له طفلا حلالا حبلت به في ليبيا اثر زاوجهم البسيط تفارقهم عند اول شبر في اروبا وتستودع صديقتها امانة حبيبيها الزوج والابن.
يعيد نفسه هذا الشريط عند شواطئ مالطا ولا احد يعرف النهاية ربما بمقدور الادب تغير هذا افضل من اليات مكافحة الاتجار بالبشر.
احتفي بسلالة البؤساء وسمراويت ومرسى فاطمة لانها خرجت من رحم تجمعني به هوية مشتركة اتفقت كل محدداتها لغة وتاريخ وارض وفصلتني حدود سيادتي الوطنية فبحكم القوميات المشتركة على الشريط الحدودي بين السودان ارتريا تجدنا نحن الاكثر تاثرا بتجربتهم النضالية والتي كان للسودان فيها دورا مشرق ومشرف.
ماما افريكا معاناة الشعب ودكتاتورية الحكام مزيدا من الادب مزيدا من الوعي نحو التغير.