إضاءات على كتاب الحركة الإسلامية الإرترية
بقلم الأستاذ: حامد الحاج - المدير التنفيذى لمنظمة كافل للإغاثة، برمنجهام
عن مركز مركز دراسات القرن الإفريقي ، صدرللمؤلف الدكتور إدريس أبو بكر جميل كتاب انتظرناه السنوات السابقة لتفرده في
مجاله من نواحي عدة منها:-
نحن في مرحلة الإنتقال من مرحلة الثقافة والتأريخ الشفوي الشعبي المختزل لمرحلة النضال إلى مرحلة التوثيق للتاريخ الإريتري المعاصر، لا سيما ونحن نودع تباعاً أخر من عاصروها.
الطبيعة الأكاديمية الدؤوبة للكتاب، ومراجعه التي لـ 130 مرجع عربي وإنجليزي، ما بين كتب ووثائق وبيانات ومقابلات شخصية ومقالات منشورة ومواقع انترنت، وجانب المقابلات يعتبر إضافة ممتازة لأنه نقل الشفوي للمكتوب وهذا إثراء للمكتبة الإرترية، لا سيما أن أصل الكتاب رسالة دكتوراه في العلاقات الدولية، وتم بحث الحركة لإسلامية الإريترية لأنها جزء من تيار عالمي يشكل لاعباً يتنامى دوره يوماً بعد يوم.
تفرد الكتاب في مجاله، حيث تخصص في حزب من تيار الاخوان الذي يشكل حالياً حديث الساعة في العالم.
يتكون الكتاب من 5 فصول:-
• انتشار الإسلام في أفريقيا.
• دور المسلمين في الحركة الوطنية الإريترية.
• جذور الحركة الإسلامية الإرترية.
• حركة الجهاد الإسلامي الإرتري.
• النتائج والمقترحات والتوصيات.
الكتاب يعتبر وجبة (مشبعة) لأي قارىء أو باحث غير إريتري، وهذه إضافة لقضيتنا وبلدنا.
وضع ملخصات في نهاية كل فصل كان خطوة إحترافية راقية تليق بالبحث الأكاديمي، لا سيما وأن المؤلف وفق أيما توفيق في تلخيصاته.
أبدع الكاتب في مقدمته عن تاريخ الإسلام في الحبشة والدول والكيانات الإسلامية أو النصرانية فيه والعلاقات بينها وتقاطع علاقاتها مع القوى الإقليمية والدولة.
تستطيع أن تلحظ عبر السرد التاريخي جذور مخاوف عميقة بين أهل الديانتين لأن الدول سابقاً كانت دائماً ممالك يرسم الدين حدودها وهويتها، لهذا فإن انتقال هذه الشعوب لدولة قطرية حمل في ثنايا ذاكرتها الجمعية جذور المخاوف العميقة، ونستطيع تلمس هذا الخيط عبر مراحل الكفاح المسلح والدولة القطرية والوثائق الأولى لبعض الكيانات في الساحة الإرترية.
أوضح المؤلف من البداية أنه كتاب توثيقي لا يحضر فيه التحليل إلا قليلاً.
لغة الكتب سهلة ذات جمل وعبارات قصيرة، وهي نوع من الكتاب لا يشعر القارىء فيه بالملل.
الكتاب ذو طباعة ممتازة وتصاميم وقورة للغلاف والخلفية تتناسب مع أكاديمية البحث.
في الفصل الأول أبدع المؤلف في سرد خطوات تكوين سلطة مركزية في إرتريا بعد حالة السلطانات والممالك البدائية.
ابتعد المؤلف عن المدح أو الذم واكتفى بالوصف، وهذه رصانة أكاديمية تحسب له.
نقل الباحث لشهادة الكاتب المعروف ألم سقد تسفاي في قوله ” الرابطة أول حزب وطني من حيث المبدأ والأهداف، ولم تستغل الرابطة الإسلام إلى لجمع المسلمين” بمعنى أن الرابطة لم تستخدم الإسلام للتفرقة أو العنصرية أو غير ذلك... شهادة أحسن الكاتب في توثيقها بكتابه.
في ص 147 أبدع الكاتب في تتبع ما يراه أسباب لانهيار الجبهة.
ذكر المؤلف معلومة غير شائعة بين الإرترين، ألا وهي أن كلاً من محمد علي محمود وعثمان ادريس عنجوت أسسوا في السودان الحركة الإسلامية الإرترية كتنظيم اخواني ارتري عام 1973 وهو التاريخ الذي وضعه الباحث في العنوان مؤرخاً به ظهور الإخوان كتنظيم على الساحة الإرترية.
أرخ المؤلف لمراحل حساسة للحزب الإسلامي ولعل اخطرها تحول الخطاب في المؤتمر الرابع إلى اقامة دولة العدالة بدلاً من الخطابات السابقة عن اقامة دولة إسلامية..نقلة كبيرة، هنا أتساءل كقارىء هل الحزب الإسلامي عمل على تغيير خطابه الداخلي لكوادره بنفس القدر! لأن الحركات الإسلامية غالباً ما تكون خاضعة لجمهورها الذي تربى على خطاباتها السابقة... قضية حساسة أتمنى من الاخوة في الحزب الإسلامي أن يتفكروا فيها.
حضور مبدأ تداول السلطة بشكل فعلي في التيار الاخواني يحسب له ويستحق الإشادة، هو وجميع الأحزاب التي الإرترية التي تقوم به، هذه الممارسة هي بوابة غد أجمل، لأنه يستحيل بناء المستقبل على معارضة تفتقد للديمقراطية بداخلها.
نحتاج دراسة شبيهة بهذه للتيار السلفي، تعطيه حقه من البحث، وحقه في التعبير عن نفسه عبر مقابلات وغير ذلك، عندها ستكون لدينا صورة أجمل وأكمل عن التيار الإسلامي.
أشار المؤلف لوجود الصوفيين في حركة الجهاد أكثر من مرة، ليته وضح لنا درجة وحجم الوجود حيث أنني قليل المعرفة بذلك، لأنني أتصور أن الحركة كانت تحالفاً سلفياً اخوانياً صرفاً... والله أعلم.
عدم اقتتال الاسلاميين بعد خلافهم وثقه الباحث مع ثناءه عليه وأنا أكرر الثناء لأنه يكفينا غصة والم اقتتال الجبهة والشعبية... غصة حارقة تتجدد كلما قرأنا كتاباً عن تاريخ الثورة.
أكثر من مرة أبدع المؤلف في إشارته لقضية الشعارات الإسلامية الفضفاضة وخطورتها، والحقيقة هذه المسألة خطيرة بدرجة كبيرة وتحتاج لتناصح بين المسلمين وليس بين الإسلاميين فقط.
في الختام، نرحب بهذا الضيف الجديد على المكتبة الإرترية، سائلين الله أن يكون قد فتح الباب لدراسات أكاديمية رصينة تنهج نهجه المتميز، ونشكر الدكتور إدريس ابو بكر على ثلاث سنوات حافلة بالجهد والعطاء في إعداد هذا البحث المتميز.