السجينات الأربعة في ارتريا
ترجمة الإعلامي الأستاذ: أحمد الحاج - كاتب وناشط سياسي ارتري - ملبورن، أستراليا كتبته باللغة الإنكليزية الناشطة: إلسا جروم
سنايت دبساي: Senait Debessai
ولدت سنايت دبساي في أسمرة، إريتريا. مباشرة بعد تولي نظام الدرقي السلطة، غادرت إلى السودان.
وتقدمت بأوراق الهجرة إلى الولايات المتحدة، لكنها عدلت عن ذلك واختارت الانضمام إلى الكفاح المسلح.
في البداية، مباشرة بعد التدريب العسكري، تم تكليفها بالقسم الطبي.
عرفت بالتواضع والعمل الجاد وحين ألحقت بقسم الثقافة بدأت تعزف علي الجيتار وتؤدي بعض الأغنيات، أشتهرت بأغنية تحتوي علي كلمات ثورية بعنوان "كل شيئ لكم" وبدأ المقاتلوت بإضافة كلمات علي أغنيتها "كل ما لدينا هو لك.. دمنا وعظامنا لك يا أمتي.. لك يا شعبي".
في عام 1987 تزوجت من زميلها المقاتل بيني رؤسوم وأنجبت منه ثلاثة بنات وهن: ماريام وماينا وويني.
في عام 1994 تم إنتخابها عضوا في اللجنة المركزية للإتحاد الوطني للمرأة الإرترية.
حين أصبح زوجها سفيرا لإرتريا بكينيا أنتقلت معه لنيروبي وهناك أكملت دراستها الثانوية، وعندما عادت الي أسمرا عملت مع وزارة السياحة، قدم لها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأموال لمواصلة دروسها المسائية في المحاسبة.
لأسباب غير معروفة تم نقلها الي السجن، كانت حينها مع شقيقها إرمياس دبساي (بابايو) وفي العام الثاني من دراستها الجامعية.
أولئك الذين يعرفون زوجها يقولون أنه رجل شرس ويبدو أنها تعرضت الي عنف منزلي، زوجها لم يرغب أبدا في مواصلة تعليمها، وعندما تقدمت الي المحكمة طالبة الطلاق منه، غاب عن مواعيد ثلاثة جلسات، لكن القضية أحيلت مؤخرا للنطق بالحكم وتقررت جلسة الحكم في 20 نوفمبر 2003.
قبل خمسة أيام من جلسة الاستماع أي في 15 نوفمبر 2003 سنايت وشقيها إريمياس دبساي (بابايو) الذي أطلق سراحه قبل ضعة اشهر، تم وضعهم في السجن مجددا.
لقد صودرت الأهداف التي قاتلوا من أجلها والانجازات التي حققوها بتضحياتهم الجسام، وأصبحوا اليوم شهودا لسيطرة عدد قليل من الأفراد الذين ليس لديهم مصلحة في مستقبل ارتريا المستقرة.
سجنها وكافة زملاءها وزميلاتها شيئا يتوقعه المرء من العدو ولكن ليس من الزملاء المقاتلين، هذه خيانة علي نطاق واسع.
لقد تحملوا الكثير لفترة طويلة وأعطوا كل ما لديهم على أمل أن تتمتع أمتهم بالسلام والعدالة الاجتماعية.
الآن، يذرفون دموع حزن عميق. لكنهن نساء بروح قوية وسوف يعلو شأنهن، عندما يحين وقت الشفاء من الجروح.
لن يكن قساة مثل هؤلاء الذين خالفوا وعودهم وخانوا مستقبل شعبهم وأمانة شهداءهم. سنايت دبساي وكل السجناء الشجعان سيكون عندهم الوقت لتعليمهم شعبهم دروس في الصمود والشجاعة.
إستير يوهنس: Aster Yohannes
عندما أنضمت إستير يوهانس إلى الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا عام 1979، كانت طالبة في السنة الثانية في الهندسة الكهربائية في جامعة أديس أبابا.
بعد تدريب عسكري لمدة 6 أشهر، أخذت دورة كمبيوتر وبدأت العمل في مكتب (أمبيرب) العسكري وظلت هناك حتى عام 1986. ثم انضمت إلى القوات البرية.
في سنة 1989 تزوجت من بطرس سولومون الذي كان أحد الأعضاء المؤثرين في اللجنة المركزية للجبهة الشعية ولكنه الآن في السجن منذ 18 سبتمبر 2001.
أنجبت من بطروس، سايمون وزاريا وهنا (توأمين) وميزا.
من عام 1995 إلى عام 1999، عملت إستير في إدارة المبيعات في وزارة الثروة السمكية والموارد البحرية.
قبل أن تغادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في يناير 2000 (على منحة دراسية لدراسة التسويق)، عملت كنائب رئيس وبعد ذلك، كرئيس لقسم مصايد الأسماك.
بعد عام و 9 أشهر من ذلك التأريخ، تم سجن زوجها بطروس سولومون مع زملائه المطالبون بالتغيير والإصلاح الديمقراطي والذين عرفوا فيما بعد بمجموعة 15 وهم مسئولون ووزراء تقلدوا أرفع المناصب.
حين تم إعتقال زوجها كانت إستير بالولايات المتحدة الأمريكية فطلبت من حكومة إريتريا إرسال أطفالها إليها لكن كما كان متوقعا الحكومة رفضت التعاون.
قررت إستير فيما بعد العودة إلى إريتريا لتكون مع أطفالها مهما كان الثمن.
عند وصولها إلى مطار أسمرة في 11 ديسمبر 2003، أصطحبها حراس أمن سريون كانوا في إنتظارها وتم نقلها منذ ذلك اليوم إلى مكان مجهول حتى أنها لم تر حينئذ أطفالها الذين كانوا بالمطار لإستقبالها وبأيديهم باقات زهور.
لقد تعرضت إستير الي خيانة ومصيدة لأنها قبل مغادرتها الولايات المتحدة، حصلت على تأكيدات من حكومة إريتريا ومن السفير بواشنطن تحديدا بأنه لن يحدث لها شيء.
من العار على الحكومة أن تسجن أم عائدة من الخارج لرعاية أطفالها.
ميريام حقوص: Miriam Hagos
ولدت ميريام حقوص في إثيوبيا. بدأت العمل بعد الانتهاء من المدرسة التجارية في أديس أبابا.
غادرت إلى السويد في مطلع السبعينيات ثم سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1973، وأصبحت هناك عضوًا بارزًا في حركة الطلاب الإريتريين في أمريكا الشمالية.
في صيف 1977، أنضمت إلى كفاح التحرير المسلح مع الجبهة الشعبية لتحريرارتريا وبعد أن أنهت التدريب العسكري تم توجيهها الي قسم الأخبار.
كانت ميريام شجاعة وصريحة في التعبير عن آراءها، كانت تنتقد بصراحة وتقترح تغييرات. كانت تواجه صعوبة في التفاعل أو التعامل مع ثقافة لا تشجع على الانفتاح. سرعان ما وضعت تحت المراقبة وعانت مثل العديد من الآخرين، ألصقت عليها تهمة حملها "لميول برجوازية".
بين عامي 1979 و 1981، تم سجنها في الميدان لمدة عامين. عانت من مشاكل في الكلى وصعوبة في البصر. بعد أن قضت عقوبتها سألها أحد الرؤساء كيف وجدت تدريبك الثوري؟ ردت بالقول إنها كانت في السجن وليس في التدريب ولم تتعلم شيئا! لم يتوقع منها هذه الاجابة، فأعادها إلى السجن لبضعة أشهر أخرى.
عندما أطلقوا سراحها وكرروا لها نفس السؤال القديم، بدلت الاجابة هذه المرة قائلة: "نعم كنت أتدرب".
مثل هذه الأساليب من العقاب لا تزال تستخدم حتى يومنا هذا. مجرد سؤال عن أسباب السجن يمكن لأي شخص أن يعاني من عواقب وخيمة.
لقد وصلت إريتريا إلى نقطة لا يوجد فيها احترام لحقوق الإنسان على الإطلاق. لا يمكنك طرح الأسئلة، لا يمكنك أن تقاتل من أجل حقك وكل ما يمكنك فعله هو أن تفعل ما يقال لك.
كان على ميريام مثل غيرها أن تمر بهذه الوحشية مرات عديدة.
بعد العمل لفترة قصيرة في قسم النقل، تم تحويلها إلى قسم الشؤون الاجتماعية. وقد تعرضت للسجن مرة أخري وللأعذار القديمة نفسها. ثم أُطلق سراحها ونُقلت إلى قسم الأخبار.
في عام 1985 ألتقت ب"زرآي هايلي" وهو زميل مقاتل أنضم أيضا الي الجبهة الشعبية قادما من الحركة الطلابية بأمريكا الشمالية وتزجا ثم أنجبا طفلة سموها (ديبورا) تولت ميريام تربيتها في ظل ظروف صعبة.
بعد استقلال إريتريا، عملت كرئيسة لإدارة السينما.
في 26 سبتمبر 2001، أعتزم ثلاثة سفراء إريتريين سابقين وهم : هايلي منقريوس وحبرت برهي وأدحانوم قبري ماريام بتنظيم إجتماع بنيويورك لينتقدوا فيه النظام بعد أن أستقالوا من مناصبهم، لكن يقال أن (زرإي هايلي) زوج ميريام حقوص والذي كان يعيش بالولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1996، يقال هو أحد أولئك الذين عطلوا الاجتماع.
لم يكن مؤيدا للجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة وحسب، ولكن في عام 2001، نأي بنفسه عن زوجته وأم طفلته بسبب موقف ميريام الثابت والرافض لسياسات النظام، وقد طلقها من خلال توكيل.
عندما سمعت ميريام ما حدث وما فعله زوجها السابق في اجتماع نيويورك، عبرت عن استيائها وخيبة أملها عبر الهاتف.
أولئك الذين يعرفونهم قالوا إن زرآي كان غاضبًا بشدة، وقد سمعوه يقول "إنها ستواجه العواقب".
ما بات أمرا سريا متعلقا بحياتهم المشتركة خرج هذه المرة الي العلن.
زوج ميريام السابق "وشي" بها وأبلغ الجهات المتنفذة في أسمرا بموقفها من الحركة الاصلاحية داخل الجبهة الشعبية وهو موقف كان متضامنا ومناصرا للمجموعة الاصلاحية.
داهمها رجال أمن في 6 أكتوبر 2001 وأختفت منذ ذلك اليوم.
إستير فيسهاظين: Aster Fessehatsion
عندما ألتحقت الآنسة إستير فيسهاظين إلى الكفاح المسلح في عام 1974، كانت طالبة في مدرسة الأمير موكنن الثانوية في أسمرة. بعد الانتهاء من تدريبها العسكري، عملت في مكتب عسكري.
بين عامي 1976 و 1987، كانت مفوضة تدريب سياسي وعسكري.
في عام 1984 تزوجت من المناضل محمود شريفو وأنجبت ابنها عام 1988.
أطلقا علي إبنهما "إبراهيم" تيمنا بزميلهم المناضل وقائد إستير الشهيد المعروف إبراهيم عافا.
من عام 1988 حتى عام 1994، عملت في الإدارة العامة.
كانت إستير مشاركًا نشطًا في المؤتمرين الأول والثاني للجبهة الشعبية لتحرير إرتريا، خلال المؤتمر الثالث للتنظيم في عام 1994، كانت واحدة من المنظمين المشهورين. وعلى الرغم من عدم إدراج اسمها في الاقتراع السري، فقد تم انتخابها كعضو جديد في اللجنة المركزية للحزب.
يتحدث الأشخاص الذين يعرفونها عن قرب عن مدى خيبة أمل بعض أعضاء الحرس القديم من ما بدي أنه تجاهل لها.
خلال هذا المؤتمر، تحولت الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا القديمة الي الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة، ويتذكر بعض الأصدقاء أن إستير بدأت أكثر تذمرا ولم تكن مرتاحة للتغييرات التي طرأت والتوجه الذي وضع الجبهة الشعبية كحزب سياسي وحيد في البلاد فارضا بذلك سيطرته المطلقة علي كافة مظاهر الوطن.
بين عامي 1995 و 1996، عندما كانت تعمل في وزارة العمل والضمان الاجتماعي كرئيسة للشؤون الاجتماعية، تم تجميدها (كانت تتقاضي راتبها لكنها لم تكن فعليا في الخدمة) لمدة ثلاث سنوات.
في عام 1998، تم رفض السماح لها بمغادرة البلاد بعد أن تمكنت من الحصول على منحة دراسية إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ولم يعط أي تفسير عن سبب منعها لكن يفهم من ذلك أنها كانت خاضعة "للتأديب والمراقبة" وثمة جهة متنفذة لم تكن راضية عنها.
في عام 1999، أعيدت وأصبحت مسؤولة عن العلاقات العامة لمنطقة (عنسبا) ومقرها مدينة كرن.
في منتصف عام 2001، كانت واحدة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب الحاكم الذين طالبوا بالتغيير ووقعوا رسالة مفتوحة تم نشرها، وعرفت هذه المجموعة الإصلاحية بمجموعة (15).
في 18 سبتمبر 2001، تم إعتقالها مع عدد من زملائها. حتى يومنا هذا لا تزال حالتها أو مكانها غير معروف.
لم يخطر ببال إستيركفتاة شابة أنضمت الي الجبهة الشعبية أن رئيس بلدها سيخون في يوم من الأيام دماء ونضالات الإريتريين وينقلب علي أمل الأمة ويضطهد أصدقائه المقربين.
لم يدر في خلدها أن إبنها سيصبح يتيمًا، بسبب غياب سيادة القانون، وأن والديه اللذان سعيا الي التغيير يكابدان وطأة السجن الآن بل لا يعرف إن كانا علي قيد الحياة أم فارقاها.
لقد تعرضا الوالدين مثل أفراد الشعب الآخرين الي الخيانة من حيث هم وثقوا وأرادوا الأفضل لبلدهما.
لكن مع ذلك، لا نعتقد أنها ستندم على قراراتها وما فعلته لإحداث التغيير. من أجل هذه الحقوق انضمت إلى الجبهة الشعبية في المقام الأول وناضلت ضد الإستعمار ثم رفعت صوتها مرة أخري ايضا وأرادت أن تلعب دورا يخلدها.
سيشتاق إليهما إبنهما إبراهيم هي ووالده المناضل محمود شريفو الذي لا يزال في السجن منذ 18 سبتمبر 2001.
ولكن دعونا نأمل أن يفخر إبراهيم ذات يوم بإنتمائه لأبوين أعطوا كل ما لديهم مرتين لشعبهم.