جذور الصراع حول اللغة العربية فى ارتريا - الجزء الاول

إعداد صفحة فيسبوك:حامد إدريس عواتي - بمناسبة اليوبيل الذهبي للثورة الإرترية

الإسلام واللغة العربية فى أرتريا من الثوابت الوطنية (خط أحمر) الإرترية بالنسبة للمسلمين فى ارتريا، ولكن حتى بعد استقلال ارتريا

حال المسلمين لم يتبدل بل اصبح وضعهم اسوء بسبب اعتلاء الحكم عصابة افورقى واعوانه الحاقدين والذين هم امتداد لحزب اندنت - نحنان علامانان تحت اسماء واساليب مختلفة، ومحاربة الإسلام واللغة العربية لا يزال مستمرَا (امتدادا للإستعمار الإثيوبي) لإزالته نهائيا من ارتريا.

وقد أكد حزب الرابطة الإسلامية موقفه من العربية بوضوح في قراره الصادر في عام 1948م باعتماد اللغة العربية كلغة رسمية للبلاد، وأكد هذا القرار مرة أخرى بعد صدور القرار الفيدرالي في لقاء للرابطة الإسلامية في مدينة كرن في 8 إبريل 1951م.

وحكومات أرتريا في العهد التركي والمصري كانت تكتب وتنشر ما يخص الأهالي باللغة العربية فقط، حيث لم تكن هناك لغة كتابة غيرها في أرتريا في ذلك العهد، ثم بعدها مازالت الحكومات التالية لها تكتب وتنشر بالعربية جميع ما يخص المسلمين سواء كانت الحكومة الإيطالية أو الحكومة الأثيوبية أو الحكومة البريطانية كما أطلعتكم على نماذج من ذلك وكما ترون في سير الإدارة المحلية وصنيع معاليكم في نشراتكم أيضا.

ومن هذا كله يتضح لكم أن اللغة العربية هي لغة المسلمين من عهود قديمة في هذا القطر وأن من يسعى لمنعهم عنها إنما يريد أن يحارب حقوق الإنسان أكثر مما يحارب حقوق المسلمين..

والمسلمون لا يقبلون بديلا عنها بأي حال من الأحوال، وإن كانوا يرحبون تعلم لغة أخرى معها، وهذا جزء من شعورهم في هذا الموضوع، ولأبلغكم ذلك الشعور شفهيا ثم كتابيا حضرت إلى مكتبكم، طالبا عدم المساس باللغة العربية، وإبقائها في المدارس الحكومية وغيرها كالسابق، حيث أنها للمسلمين وللدين الإسلامي بمنزلة الروح للجسد، وأقدم إليكم هذا تأدية للواجب الملقى على عاتقي منهم، ووفاء للنصح الذي يفرضه علينا الدين الإسلامي لأمثالكم الولاة في مثل هذه المهمة. (مفتى الديار الإرترية الشيخ إبراهيم المختار)

فى هذه الورقة سوف أقدم الخلفية التاريخ عن اللغة العربية فى ارتريا وجذور الصراع حولها قديما وحديثاً، من وجه نظر مختلفة من الكتّاب، والأفراد والتنظيمات.

I) موقف النظام الطائفي البغيض فى ارتريا بعد الاستقلال:

وقد أكد رئيس النظام في أكثر من لقاء له هذه القناعة التي لخصها في اجتماع جماهيري كبير في أسمرا بقول فيه: ”اللغتان العربية والتجرنية تم استخدامهما في إرتريا إبان الانتداب البريطاني الذي استهدف من وراء ذلك شق المجتمع الإرتري إلى كتلتين... إلى منخفضات ومرتفعات، ومسلمين ومسيحيين، وإلى عرب وتجرنيا.

ومن ثم لا مبرر للإعراض عن تساؤلات الشعب حول مسألة اللغة العربية بحجة أنها تساؤلات كما يقول أفورقي: ”ناجمة عن تراكم المفاهيم السياسية الندية التي عمل الإنجليز على تكريسها منذ خمسين سنة.

ولقد حاول أفورقي تحميل اللوم في انكماش وتقلص دور اللغة العربية على غياب المؤهلين حيث قال: في واقع الأمر لا يوجد في هذا البلد معلمون مؤهلون للتدريس باللغة العربية، فعند الطلب لم نجد سوى شخصين مؤهلين باللغة العربية هذا هو الواقع.

ومن التجني والتحامل أن يعتبر إسياس مطالبة المسلمين باللغة العربية نوعا من أزمة هوية ويقول: ”من لديه أزمة هوية ويقول: إن هذه اللغة أو تلك اللغة ليست لغتي، وليست لغة شعبي، ولا أرغب الحديث بها، أو سماعها، وأرغب في استعارة لغة أخرى، ويريد أن يكرس ذات المفاهيم التقسيمية التي حاول الإنجليز غرسها فعليه أن يدرك أن لا مكان له في هذا الوطن.

تتلخص رؤية الجبهة الشعبية في موقفها السلبي من اللغة العربية فيما يلي:-

أولا: لا توجد قومية تتحدث اللغة العربية إلا قومية الرشايدة.

ثانيا: العامل الديني هو الذي أدى إلى اختيار العربية لغة رسمية للشعب الإرتري.

ثالثا: اللغة العربية انتشرت في إرتريا بمساعدة عوامل خارجية، وعلى رأس هذه العوامل الإسلام، ووجود مدرسين سودانيين. (دكتور/ جلال الدين محمد صالح كتاب: الحركة الإسلامية والعمل السياسي).

ماذا قال القسيس ديمطروس فى البرلمان الإرتري عن اللغات الرسمية فى ارتريا ؟

ديمطروس قبر ماريام (الوحدة - سرايى): إن اللغة الرئيسية هى التجرينية. وإذا كان لا بد من إضافة لغة أخرى لتكن هذه اللغة التجرى أما اللغة العربية فهى لغة دين، وتكون لها مكانتها على هذا الأساس.

هذا الكلام يتفق تماما مع برنامج تعليم لغات الأم الذي يتبناه الطاغية اليوم فى ارتريا والهدف واضح وهو ابعاد ومحاربة اللغة العربية من خلال ادعاء تعليم لغات الأم وتكون التجرتية اللغة الرسمية الفعلية والعملية كما هو الحال اليوم فى ارتريا.

كلام الطاغية ليس جديد (قاله من قبل قشي ديمطروس)، هذا الكلام مسطر فى الوثيقة المشؤمة والطائفية نحنان علمانان التى كتبها مجموعة من 13 شخص من بينهم الطاغية افورقى، ويقولون فى الوثيقة بكل وضوح.

لقد أصبحت اللغة العربية أحد اللغات الرسمية في إرتريا (فقط من خلال القرار الفيدرالي لعام ۱٩٥٢م والذي لم يشترك في صنعه الشعب الإريتري، ويحاول زعماء الجبهة الذين لم يستطيعوا إخفاء الحقيقة) أن يقوموا بدور عمل لفرض اللغة العربية كلغة وحيدة ورسمية للشعب في إريتريا.

تواصل وثيقة الكذب والبهتان وتزوير الحقائق والتاريخ، وتقول:

فمنذ عام ۱٩٤۰م وبعد ذلك ونتيجة للقهر الأجنبي خلال القرون الماضية أنقسم الشعب الإريتري إلى تجمعين سياسيين، فقد طالب معظم المسيحيين ”بالاتحاد مع إثيوبيا، وطالب معظم المسلمين ”بالاتحاد مع السودان - وكان علي الأمم المتحدة أن تتخذ القرار النهائي لتلقي بالشعب الإريتري في محيط من المعاناة - هذه حقيقة تاريخية أخري في تطور بلادنا السياسي.

الجميع يعلم، والتاريخ يشهد وجميع الوثائق تؤكد بأن: طالب معظم المسيحيين بالاتحاد مع إثيوبيا بدون شروط وكانوا اعضاء حزب اندنت، وطالب معظم المسلمين ”بالإستقلال التام لإرتريا ورفضوا التقسيم والإنضمام الى السودان. هذه حقائق لا جدال فيها ولكن يريدون تزوير الحقائق وتجميل تاريخ ابائهم المشين والمخجل.

II) من موقع (دقي بات) المشبوه - مايو 2007:

هنالك شخص يدعى هبتي ماريام أبرها يكتب على الإنترنت في موقع dekebat وفى الجزء الرابع ص ٥-٦) من سلسلة المقابلات التى اجراها بالتجرنية تحدّثُ فيها عن اشياءِ غريبةِ، حرّفَ حقائقَ التأريخِ وهلوس كثيرا في خصائص التاريخ الإرتري القديم منه والحديث.

هنا أوَدُّ أَنْ أُقدّمَ رده عندما سُئلَ عن حقائق ووضع اللغةِ العربيةِ في أرتريا ؟

الرجل الحاقد قالَ التالي في الجزءِ الثالثِ مِنْ مقابلتِه:

على سبيل المثال إذا تحدّثُنا عن استعمال اللغةِ العربيةِ قي ارتريا، جذوره كَانَ من صنع الإدارة البريطانيا (لا يختلف من الطاغية بما يتعلق باللغة العربية). عندما سئل آباؤنا في وقت الحكم البريطاني، أَو قبل الإتحادِ الفيدرالي: أَيّ لغة رسمية تُفضّلُون ؟ ماذا يجب أن تكون اللغات الرسمية في إرتريِاُ ؟ اللغة التجرينية، الأمهرية أَم العربية ؟ عندما سُأِلوا أجوبتهم كَانتْ:

عِنْدَنا لغتان إرتريتان مقدّستان التي نَشأتَا مِنْ الجئز وهما التيجريَ والتجرينية (يتفق تماما مع وثيقة نحنان علامنان). كلتا اللغتان تُستَعملُ للإتِّصال والتفاهم بين المسلمين والمسيحيين بكل سهولة. أيضاً كلتا اللغتان لَهما الحروف الأبجدية. الذي نُريدُه هو تثبيت هذه اللغتين.

لكن إستعمالَ اللغةِ العربيةِ يَجِبُ أَنْ تحدّدَ لدراسةِ الدينِ وللإستعمالِ والإتصالِ التجاريِ فقط. اللغة الأمحرية ليستعملها الأمحرا، هكذا كان رد أبائنا عن اللغات الرسمية قي ارتريا.

ولكن المسلمينِ الذين يَعِيشونَ في السهولِ الغربيةِ الإرتريةِ وحتى الجبرتة، لقد رفضوا لغة ابأهم الأصلية ولغة هويتهم الإرترية الخاصة بهم، إحتقرَ هؤلاء الناسِ لغةِ التجرِى وأرادو إسْتِبْدالها بلغة أجنبية وهيا اللغةُ العربيةُ وطالبوا أن تكون اللغة الرسمية الثانية الى جانب التجرينية وذلك بسبب الوشوشة (متأثرين ومُوَجّهينَ) مِن قِبل بريطانيا العظمى، السودانيون ومسؤولو الحكومةِ المصريةِ، والبَعْض منهم بدون علم بغفلة طالب بهذا المطلب.

بالتأكيد، منذ القدم أغلبية الشعبِ الإرتريِ كان يستعمل للتفاهم والإتصال اللغتان التيجرينية والتجري.

من المأكدَ بأنّ الساهو والبلين لهم لغاتهم الخاصة مستعملة من قبل العديد مِنْ الناسِ. ولكن لغة التيجري مستعملة من قبل المنسع وفى جميع مناطق الساحل والسنحيت ماعدا البلين، والبركة وحول منطقة السمهرجميعهم يتحدثون لغةَ التجريَ.

إنّ اللغةَ العربيةَ تُستَعملُ أساساً للتعليم الإسلاميِ وتُوْجَدُ في دراسة القرآن الكريمِ فقط.

بخصوص القرآن، يقَرأَ الأتراك القرآنَ الكريم باللغة العربِية ولكنهم لَيسوا عرب وهم يَسمون (أتراك). من له تشابه واشياء مشتركة مع العرب: الأتراك أَم الأرتريون ؟ من ناحية الدينِ والتقاليد الأتراك أقرب إلى العرب. لكن لأن القرآنَ باللغة العربِية الأتراك لن يَصْبَحوا عربًا.

في باكستان، الهند، سريلانكا والبلدان الآسيوية التي يوجد فيها أغلبية مسلمة يتعلمون القرآنِ الكريم باللغة العربية ِولَكنَّهم لا يَدّعونَ بأنهم عرب بسبب الدينِ الإسلامي.

لكن بسبب الإدارة بريطانية التي إخترعت جعل فكرة اللغةِ العربيةِ لغة رسميةِ إرتريةِ الى ِجانب اللغةِ التجرنية، وهدفهم كَانَ أَنْ يَخْلقَوا نزاعَ وشقاق في المجتمع الإرتري، لسوء الحظ حتى الآن اللغة العربية مستعملُة كلغة رسمية في إرترية.

لَيسَ هذا فقط، بل المؤشرات تشير بأن اللغة العربية ربما تَتوسّعُ نحو تجراي وإثيوبيا.

ما هو مدهش هو قبول الناس أثناء الكفاح المسلح اللغة العربية بدون تساؤلات وتكتم على مشاعرُهم الأخلاقيةُ. بسبب سياساتِ زعماءَ الجبهة والشعبية الغير واثقينِ بأنفسهم الذين كَانوا يَدّعونِ بأنّنا عرب، اليوم نحن نوجدُ في مثل هذا الوضع.

حتى اليوم اللغة العربية مستعملة في ارتريا وذلك بسبب اعتمادها من قبل حكومةَ جبهة الشبية للعدالة والديمقراطية وليس بسبب ارادة الشعب الإرتري.

ولكن مَنْ المستفيدُ من ذلك ؟ عما قريب سوف يُصبحُ واضحة أكثر ونحن سَنَرى النَتائِجَ.

* هبتي ماريام أبرها - كاتب المقال كان من جنود وعملاء هيلى سلاسي مثل تدلا عقبيت من بقايا اندنت متشبع بكراهية الإسلام والمسلمين واللغة العربية. التحق بالثورة بعد ان رفضهم منقستو، واليوم يعتبر من (المعارضين!) للنظام ولكنه بما يتعلق باللغة العربية موقفه يتطابق مع موقف الطاغية افورقى، بل اكثر تشددا، وعلى الجميع ان يتنبه بأن ليس كل من يدعي “معارض” للنظام هو عادل ومنصف لحقوق الشعب الإرتري وتطلعاتهم المشروعة.

ذكر لي صديق من السويد عن اجتماع للمعارضة حضره قائلا: لقد حضرت اجتماع للراحل سيوم عوقبى مكئيل (حرستوت) قبل سنين فى السويد وأحد الحضور سأل سيوم قائلا: الحكومة الإرترية تدرّس لغات الأم اليوم ولكن غدا لو نجحت المعارضة وحكمت ارتريا ماذا سيكون برنامجكم بالنسبة للغات التعليم ؟ هل ستعلن اللغتين العربية والتجرنية كلغتين رسميتين، أم ستستمرون بنفس برنامج (لغات التعليم) ؟ اجاب سيوم قائلا: على حسب برنامج حزبنا اللغتين التجرتبة والعربية هما اللغتين الرسميتين لإرتريا، ولكن هذا ليس شيء مقدّس ويمكن ان يتبدل. التجرنية طبعا لغة وطنية ولكن ممكن ان يستفتى الشعب الإرتري بالنسبة بما يتعلق باللغة العربية.

الشخص السائِل كان من المتحدثين بالتجري البروتستنت ومن المتعصبين للتقرايت وسؤاله كان بسسب خوفه من اللغة العربية. من هنا يتضح جليا موضوع اللغة العربية حتى من بعد الأحزاب والتنظيمات الإرترية المعارضة للنظام غير محسومة. الواحد يتساءل “لماذا الإستفتاء للعربية فقط ؟؟؟

III) مسودة ماتنسو ونقاشات حول اللغة العربية فى البرلمان الفيدرالى الإرتري ؟

النقاش حول مسألة اللغات: المادة 40 اللغات (المسودة)

1. يسمح باستخدام اللغات التى تتحدث بها المجموعات السكانية المختلفة فى المعاملات مع الدوائر الحكومية على نحو ما جرت عليه العادة.

2. يسمح باستخدام هذه اللغات للأغراض الدينية أو التعليمية وكل أشكال التعبير عن الرأى.

لم تفسح مسودة ماتنسو مكانا للغات الرسمية، بل تحدثت بصورة عامة عن اللغات الإرترية. وعندما طرح الأمر للنقاش، قدمت توصيتان لتعديا المادة. كانت الأولى تقترح جعل التجرينية والعربية لغتين رسميتين فى إرتريا، على أن يسمح لأى شخص باستخدام لغته للأغراض التعليمية أو الدينية أو لغيرهما من الأمور. أما الثانية التى تلتقى فى كثير من النقاط مع الأولى فقد اقترحت استخدام التجرنية والعربية وحدهما فى المسائل الرسمية (الحكومية) (1)

ونظرا للخلاف حول إجازة أى من التوصيتين، فقد كان يتم تأجيل البت فى الأمر عن طريق التصويت من يوم لأخر. ثم جرى نقاش حاد فى القضية فى الجلسة 32 المنعقد يوم 11 يونيو 1952، لقد قال أوائل المتحدثين هو النزماتش “ولديوهنس قبراقزئ:

أن معظم الدول يستخدم لغة واحدة وعلما واحدا وسلطة واحدة. وبما أنه لا يوجد فى إرتريا من لا يجيد التجرينية، لتكن التجرينية اللغة الرسمية. ونظرا لأن اللغة العربية هى لغة دين، فهى لغة أجنبية. وهى لا ينبغى أن تستخدم فى المعاملات الرسمية.

وكرد مباشر على هذا الكلام، قال برهانو أحمدين من دائرة قزا برهانو (أسمرا):

ما دام الأمر كذلك، فلتكن اللغة الرسمية اللغة العربية وحدها.

وبغرض تقديم صورة متكاملة عما جرى بعد ذلك، فإننا نقدم ملخص النقاشات التى تمت على ألسنة قائليها. ونوردها فيما يلى حسب الترتيب الذى جاءت عليه:

ناصر أبوبكر باشا (الرابطة - أكلى قوزاى): اللغة العربية لغة قديمة وتتداولها دول كثيرة. أما التجرينية فهى لغة المرتفعات (لإرترية) ونحن نستخدمها كلغة تواصل.

حدقمبس كفلوم (الوحدة - أكلى قوزاى): جاءت اللغة العربية مصحوبة بالدين. لتكن التجرينية اللغة الرسمية. ولكن بما أننا سندخل فى علاقة فيدرالية مع إثيوبيا، لتكن اللغة الأمهرية اللغة الثانية. وهذا يعنى أن نستخدم التجرينية فى الداخلية والأمهرية فى الشؤون الفيدرالية. لنستخدم اللغة التجرينية فى شؤوننا الداخلية والأمهرية فى الشؤون الفيدرالية. لنستخدم اللغة العربية لفترة محدودة، وذلك حتى يتعلم إخوتنا التجرينية.

تخلى هيمانوت بخرو (الحزب الديقراطى - أكلى قوزاى): أن آراء الشعب حول هذا الأمر متباينة. لنقرء المادة كما جاءت فى المسودة. وليس كل إرترى يجيد العربية والتجرينية...

تدلا بايرو (رئيس الجمعية - حماسين): رغم أن الشعب ينقسم الى ديانتين، على أعضاء الجمعية أن يكونوا موحدين. أن الانقسام داخل الجمعية ستترتب عليه نتائج سيئة داخل لشعب.

محمد عمر أكيتو (الحزب الديمقراطى - دنكاليا): لا أتفق مع الرأى القائل بأن النقاشات مع الشعب حول هذا الأمر لم تنته. لقد قال الشعب رأيه. إذا أجيزت المادة كما جاءت عليه فى المسودة، فإن ذلك يعنى أن تعيش إرتريا حالة هرج ومرج توجد لغتان - التجرينية والعربية. لنقبل الاثنتين.

إمبايى هبتى (الوحدة - كرن): لنترك الخلافات الدينية جانبا، ولنغلب مصلحة الشعب. لقد وضعت مسودة الدستور بالإنجليزية والعربية والتجرنية. لذلك، لتكن العربية والتجرنية اللغتين الرسميتين. كذلك، فإن اللغات الأخرى يستخدمها الشعب فى معاملاته اليومية مع الدوائر الحكومية.

القاضى على عمر (الحزب الديمقراطى - أكلى قوزاى): ليست العربية أكثر غربة من التجرينية. فأصول اللغتين يمنية. قال مفوض الأمم المتحدة فى نقاشاته الجماهرية أن اللغتين ستثبتان. وكان ينبغى له أن يتبنى ذلك فى المسودة. وإذا أريد إضافة الإنجليزية والإيطالية إلى جانب التجرنية والعربية، فأنا لا أعارض ذلك.

ديمطروس قبر ماريام (الوحدة - سرايى): إن اللغة الرئيسية هى التجرينية. وإذا كان لا بد من إضافة لغة أخرى لتكن هذه اللغة: التجرى أما اللغة العربية فهى لغة دين، وتكون لها مكانتها على هذا الأساس.

ماتينسو: إن هذه هى إحدى النقاط المثيرة للجدل. وهذا ما دعانى لأن أكون حذرا فى صياغة المادة. وانا الآن ألاحظ داخل الجمعية خلافات مماثلة. ينبغى أن يكون الدستور عنصر وحدة. ليست المسألة مسألة صياغة القانون، إنما أن يؤدى القانون إلى الوفاق. وما دامت رغبة قطاع واسع هى أن تصبح اللغة العربية لغة رسمية، فالأفضل هو قبول حل توفيقى…وبما أن هذا الدستور يحاول أن يوفق بين مصالح متباينة فإنه أصبح مثير للجدلب. لذلك، فإننى مدفوعا بروح الوفاق أقبل التعديل القائل بأن تصبح اللغتان التجرينية والعربية رسميتين.

لم يتخذ فى تلك الجلسة قرارا، ورفعت الجلسة لتنعقد فى اليوم التالى.

فى جلسة اليوم الثانى تحدث عضو حزب الوحدة بلاتا دمساس ولدى مكئيل من دائرة أبا شاول (أسمرا) فعندما قال بأنه لا ينبغى الاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية، بدا الأمر على إثره وكأنه عاد إلى المربع الأولى. وفجأة قام الدجزماتش برهى أسبروم عضو الحزب الديمقراطى من معربا (أكلى قوزاى) فاقترح رفع الجلسة لفترة قصيرة، وذلك كى يتمكن الأعضاء من إجراء مشاورات غير رسمية فيما بينهم، ورفعت الجلسة فعلا.

ثم التأمت الجلسة من جديد، وتحدث بلاتا دمساس الذى كان قد اعترض على اللغة العربية. فبعد أن أوضح أنه يتحدث باسم كثيرين من أعضاء الجمعية، أضاف أنه لكى يطمئن الأعضاء ويسود الوفاق بينهم فإنهم يؤيدون إقرار اللغتين، العربية والتجرينية لغتين رسميتين، وثناه الدجزماتش “برهى أسبروم” ثم قدم ماتينسو المادة 39 المدلة للتصويت. وأجيزت بأغلبية الأصوات. وحملت المادة 39 فى المسودة الرقم 38 فى الدستور، وقرئت على النحو التالى:

1. التجرينية والعربية هما اللغتان الرسميتان لإرتريا.

2. تمشيا مع العرف الراسخ فى إرتريا يسمح بإستعمال اللغات التى تتكلمها وتكتبها فئات الشعب المختلفة فى إرتريا فى التعامل مع السلطات العامة وكذلك فى الأغراض الدينية والتربوية وفى كل أشكال التعبير عن الأفكار.

بهذه الطريقة، إذن، أمكن اللغتين التجرينية والعربية أن تصبحا فى العهد الفيدرالى لغتى إرتريا الرسميتين.

وثمة نقطة ذات أهمية فى هذا المجال. لقد حدث الاتفاق على اللغة العربية بعد أن تحدث فى الأمر الدجزماتش برهى وآخرون من جانب وبلاتا دمساس وآخرون من جانب آخر خارج الجلسات الرسمية للجمعية. أما فكيف تم الاتفاق، فهذا ما سيتضح فى الفقرة التالية الخاصة بممثل رئيس الحكومة. (صفحة 171-175 فيدرالية إرتريا مع إثيوبيا من أنسى ماتينسو إلى تدلا بايرو (1951-1955) تأليف: ألم سقد تسفاى (تجرنيا) ترجمة: إبراهيم إدريس توتيل (عربي) الطبعة الأولى 2009 المركز القومى للترجمة (القاهرة) إشراف: جابر عصفور) لقد لاحظنا فى ما سبق أن الاتفاق الذى أبرمه الدجزماتش برهى أسبروم خارج جلسات الجمعية هو الذى أدى إلى حل الخلافات حول اللغات الرسمية.

أن عضو الجمعية عمر أكيتو يشرح النقاش الذى جرى خارج الجلستة على النحو الآتى:

كنا قد قررنا من جانبنا أن نقاطع جلسات الجمعية ونترك كل شئ إذا لم يقبلوا اللغة العربية. وكنا منذ البداية نرفض ممثل للإمبراطور فى إرتريا. وقد أصبحت القضيتان تدريجيا متقابلتين. ثم بدأوا يقولون لنا: (اقبلوا ممثل الإمبراطور لنقبل اللغة العربية) لقد تحادثنا كثيرا خارج الجلسة. وفى الأخير قلنا (إذا كان هذا هو قدرنا فإننا نقبل ممثل الإمبراطور، وذلك من أجل شعبنا ووحدتنا). وقبلوا بدورهم اللغة العربية.

أن ما تم الاتفاق عليه فى فترة الاستراحة خارج الجلسة هو ما كان قد تم التوصل إليه قبل ذلك. (فبخلاف ما قاله بلاتا دمساس أمام الجمعية بعد العودة من فترة الاستراحة بأن تصبح التجرينية والعربية لغتين رسميتين، فإننا لم نعثر على معلومات تفصيلية عن تلك الجلسة - المؤلف).

يقول مستشار الإمبراطور هيلى سلاسى، الأمريكى الجنسية جون سبنسر إنه أمكن وجود ممثل للإمبراطور فى إرتريا لقبول الحكومة الإثيوبية اللغتين التجرينية والعربية ووجود علم لإرتريا. ويضيف سبنسر أنه علاوة على ذلك، فقد اعتبر وجود جيش إثيوبى لحماية وحدة الفيدرالية وللدفاع عنها أمرا مفروغا منه (2). صفحة 178-179 فيدرالية إرتريا مع إثيوبيا من أنسى ماتينسو إلى تدلا بايرو (1951-1955).

ملحق:

جواب مبعوث الامم المتحدة على وضع الحكومة الاثيوبية فيما يتعلق بتفسير قرار الامم المتحدة حول مستقبل ارتريا.

اللغة، أو اللغات الرسمية في ارتريا

بت أن مسألة اللغة الرسمية هى احدى اعوص الامور التى اثيرت اثناء مشاورات المبعوث مع سكان ارتريا ولكثرها اثارة الجدل. وفى الواقع ترغب مقدمة القرار في ان يضمن الارتباط بين اريتريا واثيوبيا لسكان اريتريا اعمق الاحترام والضمانات للغاتهم. ومن خلال عمل المبعوث في ارتريا وجد ان اللغتين التجرينية والعربية راسختان وثابتتان فى البلاد وهو على وعى تام بان التجرينية هي لغة الغالبية العظمى من السكان المسحيين. وبأن العربية هى لغة الطقوس الدينية للمسلمين، الذين يتكلم معظمهم التجرى، لكنه لا يستطيع تجاهل الرابطة الدينية للعربية. وهو واع الى ان الميول الدينية هي عامل هام في هذه المرحلة من الحضارة الاريترية. وبالرغم من ان المسلمين قد لا يستخدمون العربية في اعمالهم اليومية، لكنهم يتعلمونها لارتباطها بدياناتهم. ولهذا تؤلف بالنتيجة لسانا مشتركا بين قطاعات السكان المسلمين يتفاهمون به رغم اختلاف لغاتهم ولهجاتهم. وفق هذا تستخدم العربية كثيرا كلغة تجارة للبلاد.

58- ثمة عوامل أخرى تبين اتساع استعمال العربية في ارتريا. فالجرائد مثلا تصدر بالعربية كما تصدر بالتجرينية، وقد حدثت مشاورات مبعوث القوى الأربعة الكبرى، ثم مشاورات بعثة الامم المتحدة الآولى. ثم مشاورات هذه البعثة، كلها بالعربية والتجرينية، يضاف الى هذا ان التوثيق الرسمي لهذه الهيئات ترجم الى التجرينية والعربية. ومن المستحيل على المبعوث ان يتجاهل هذه الوقائع. صفحة 407-408 وثائق عن أريتريا - طبع وتقديم ونشر جبهة التحرير الارترية سبتمبر (ايلول) 1976.

المشاورات الرسمية مع السلطة المديرية حول موضوع مشروع دستور اريتريا

القرار 390 أ. 5 القسم أ. الفقرة 12

9. فأشار المبعوث الى ان المسألة الثانية (المسألة الأولى - العلم الاريترى) المثيرة للجدل هى المتعلقة باللغة أو اللغات الرسمية. ورأى ان اللغة التجرينية لم تبلغ بعد الدرجة العالية المناسبة من التطور المناسب للدراسة العليا. اما اللغة العربية فقد لاحظ انها مقصورة على قلة ضئيلة تنطق بها فى أريتريا، ولكنها لغة الاسلام ومفهومة لدى الكثيرين. فضلا عن ذلك فأن كلا من العربية والتجرينية لقيتا اعتبارا متساويا في تقرير اللجان السابقة التى زارت اريتريا، كما فى تقرير لجنة ذاتها، وبالتالى فان من الخطورة بمكان تجاهل تلك الوقائع. ولم يقترح ان يتضمن الدجستور اي نص يحدد لغة واحدة أو أكثر كلغة رسمية، وانما اقتصر على تضمينه نصا يؤكد حماية اللغات المتداولة في اريتريا، وذلك وفق بنود القرار. وان الزمن والتجربة سوف يكشفان عما اذا كان ينبغى اعتماد العربية ام التجرينية ام كلتيهما كلغة رسمية. واضاف انه سوف ينتظر ردود الفعل من البرلمان الاريتري.

10. فقال كبير المديرين أن ليس ثمة بد من مواجهة الحقيقة وهى انه ليس في أرتريا لغة واحدة مقبولة من الجميع. وانه يتضح بترك أمر تقرير مسألة اللغة للمستقبل لتبرهن أي من اللغتين ستلقى أعظم الأهمية ولذلك فأنه يوافق على اقتراح المبعوث. صفحة 410-411 وثائق عن أريتريا - طبع وتقديم ونشر جبهة التحرير الارترية سبتمبر (ايلول) 1976.

الامم المتحدة – التقرير الختامي
لمبعوث الامم المتحدة في أريتري

الجمعية العمومية - السجلات الرسمية: الدورة السابقة
الملحق رقم (A/1288) 15 نيويورك: 1952

88- وبخصوص اللغات الرسمية لاحظ المبعوث انه اكتشف، خلال مجريات عمله ان اللغتين التجرينية والعربية كانتا راسختين بقوة فى البلاد ورغم ان اللغة العربية ربما لم تكن قيد الاستعمال اليومي لدى السكان المسلمين، فان لها منزلة دينية قوية لديهم. يضاف الى هذا كله ان كافة مشاورات مبعوث الامم المتحدة وبعثته كانت كلها جرت باللغتين العربيي ة والتجرينية. وانه لا يمكن التغاضي عن هذه الوقائع رغم انه مستعد للموافقة على عدم تضمين مشروع الدستور نصا محددا يتعلغ باللغات، وعلى ترك القرار للجمعية الوطنية الاريترية. صفحة 437 وثائق عن أريتريا - طبع وتقديم ونشر جبهة التحرير الارترية سبتمبر (ايلول) 1976

(5) نقاط عامة:

(أ‌) ما هي اللغات التي يجب أن تكون لغات أريتريا الرسمية ؟

165- في البداية طالبت الاحزاب السياسة المسلمة بالعربية والتجرينية لغتين، بينما فضلت الاحزاب المسيحية ذات العواطف الوحدوية اللغة التجرينية وحدها، مدعية ان العربية هي لغة لا تستعمل الا للأغراض الدينية فقط وأنها غريبة عن المنطقة. كما وردت وجهات نظر فردية أيضا، منها رأي بتبني التجرينية والتجرية. وفضلت أحدى الجاليات الاجنبية تبني الانكليزية لغة ثانية بعد التجرينية واخرى أعتبرت وجوب تبني اللغتين المحليتين يضاف اليهما تبني لغة اجنبية اوروبية لمصلحة الاقليات.

167- ونظرا للموقف الذى اتخذه معظم المسيحيين من اللغة العربية فقد حدث تصلب ملحوظ في موقف المسلمين، فمع انهم اقترحوا في البداية العربية والتجرينية لغتين رسميتين، فأنهم بعدئذ رفضوا التجرينية.

168- أما الحزب الوحدوي،فترك الباب مفتوحا للتوفيق، قائلا في مذكرته الخطية أن الوقائع والعقل يحتمان تبني لغة واحدة لاريتريا، لكن مسألة اللغة يجب الا تسهم في تفريق الشعب الاريتري بدلا من ان بين فئاته، فالحزب الوحدوى يأمل بكل اخلاص، ان يتم الوصول الى اسس مقبولة عند كافة الفئات المعنية. ثم أعلن ان يترك مسألة اللغة لتحلها الجمعية الوطنية. صفحة 448-449 وثائق عن أريتريا - طبع وتقديم ونشر جبهة التحرير الارترية سبتمبر (ايلول) 1976.

القسم الثالث: تحليل مفصل للمناقشات التي دارت في الجمعية الوطنية

حول مسودة الدستور. التعديلات التي أجريت على المسودة..

1.التجرينية والعربية هما اللغتان الرسميتان لاريتريا.

2. طبقا للاعراف الراسخة في اريتريا فان اللغة التي تتكلمها وتكتبها فئات الشعب المختلفة يسمح باستخدامها في التعامل مع السلطات العامة ولللأهداف الدينية والتربوية ولكل اشكال التعبير عن الأفكار. (المادة 40). صفحة 487 وثائق عن أريتريا - طبع وتقديم ونشر جبهة التحرير الارترية سبتمبر (ايلول) 1976.

(1) كان المتقدم بالتوصية الأولى الشيخ محمد الحسين حيلاى (من بركا) وبالثانية الشيخ محمد عمر إبراهيم (من الساحل).

(2) Spencer, Ethiopia at Bay, 1987, p. 245.

IV) جذور الصراع حول لغات التعليم فى إرتريا

تمهيد:

ان المتابع لهذه الدراسة المتخصصة سوف يستنتج بأن المسلمين في إرتريا ما فتئوا يجاهدون من أجل توطـين اللغة العربية المعاصرة في ديارهم وإستخدامها في حياتهم التعليمية والإدارية منذ قرون، بينما القوى الخارجية المسيطرة عليهم ظلت تمنع ذلك لأسباب مختلفة منها ما هو قومي أو ديني أو إستعماري، وما نشاهده اليوم في إرتريا من قضايا مثل لغة الأم ما هو إلا إفرازات لترسبات ذلك الصـراع اللغوي القديم، ولغة الأم يُـقصد بها تعليم أطفال المسلمين الإرتريين بلهجاتهم المحلية المنطوقة وكتابتها بالحروف اللاتينية أو الجئزية، خلافاَ لما كان عليه آباؤهم وأجدادهم الذين استخدموا الأبجدية العربية في تعليمهم التقليدي والنظامي وكما كان إلغاء اللغة العربية من المنهج الدراسي الإرتري من أحد أسباب إنفجار الثورة الإرترية، فإن تهميش اللغة العربية وإستبعادها من الساحة الرسمية والتعليمية كلغة رسمية وطنية ولغة تعليم لكافة المسلمين قد يكون من عوامل التغيير المرتقب لضمان لضمان إستقرار ووحدة الكيان الإرترى.

رأي أغلبية المسلمين الإرتريين في مشروع لغة الأم:
يعتقد المعارضون لمشـروع لغة الأم إن ما فعله هذا المشـروع من دمار بالنسبة لمستقبل أبناء المسلمين وعلاقتهم باللغة العربية لا يمكن أن يعوض بسهولة، وقد فاق كل الأضرار السابقة وترك المسلمون الإرتريون معرضون للتقهقر الثقافي والانعزال عن محيطهم الطبيعي، وإذا لم يستدرك الأمر بسـرعة سوف يستمر الضـرر لعشـرات السنين، بينما يقول القائمون على أمر التعليم في الحكومة الإرترية، إنهم توصلوا إلى هذا الترتيب ليس جزافاً ولكن من خلال دراسات موثقة وإنّ ما توصلوا إليه هو الأنسب لمستقبل الطلاب وإن اختلف عن الثوابت الماضية، ولكن أي الفريقين على صواب ؟ وأيهم على خطأ ؟ هذا ما كان سيحدده الحوار الوطني المفقود (بل المرفوض أصلاً).

قال مسئول مسلم في وزارة التعليم الإرترية لمراسل فضائية عربية إن المنظمات المعنية بالتعليم في هيئة الأمم المتحدة تحث على تعليم الطفل باللهجة التي تنطقها أمّه، و لكن لم يوضح ذلك الشخص عن من الذي يختار الحرف الذي تكتب به اللهجة إذا كانت تلك اللهجة التي تتحدث بها أم الطفل غير مكتوبة من قبل، هذا إذا كان حديثة أصلا منقولا بدقة عن الأمم المتحدة. إن رأي المسلمين الإرتريين في لغة تعليم أبناؤهم كان ثابتاً وواضحاَ منذ عهد الإستعمار الإيطالي، ثم تأكد في عهد الإحتلال الانجليزي، ثم في عهد الفيدرالية المشئوم، ثم في سنوات حرب التحرير، وأخيرًا ثبت بما لا يدع مجالا للشك أثناء استطلاعات الدستور (المجمد) في التسعينيات من القرن الماضي، حيث ثبت للمستطلعين الحكوميين بأن السواد الأعظم من المسلمين وكذلك قطاع كبير من المسيحيين الإرتريين سيما المثقفين منهم يدعمون بل ويطالبون بثنائية اللغة في التعليم كما كان سابقاً وقد تأكد صواب ذلك الرأي من خلال النتائج التي تحققت في مناهج التعليم الابتدائي في المناطق الإسلامية حتى الآن بحسب ما ورد في بعض التقارير الصحفية من داخل إرتريا ثم من الناحية الثقافية إن إرتريا منقسمة إلى ثقافتين فقط، وهي في النهاية وحدة سياسية أوجدها الإستعمار شانها شأن معظم الدول الأفريقية ولابد من مراعاة هذا الواقع من أجل الحفاظ على توازن البلاد كوحدة سياسية. إن توحيد لغة تعليم المسلمين في المرحلة الإبتدائية، وتوحيد لغة التعليم في المرحلة الثانوية على مستوى الوطن، كما كان معمولا به في الماضي هو مطلب شعبي تاريخي ثابتْ وليس مزايدة سياسية آنية ويعتقد إن أي إخلال بهذه الترتيبات التي أمـّن عليها المجتمع الدولي في حينه، قد يضاعف من متاعب البلاد السياسية. وهذا ما بدا يتأكد للجميع يوماً بعد يوم. (من كتاب: جذور الصراع حول لغات التعليم في إرتريا دراسة تحليلية أعدها: الأستاذ/ أبوبكر الجيلاني)

V) تحديات مصرية أمام المجتمع الإرتري:

إن موقف الدفاع ألذي أتصدى له لأن تكون التقرنية والعربية لغتين رسميتين، على الرغم من أن أي منهما ليست لغة أم بالنسبة لي، قد يبدو للبعض نوعا من المفارقة المحيرة. كما أن فرض تطوير لغات لم يطالب بها أصحابها هو شيء محير أيضا. (صفحة 24)

اللغة الرسمية في إرتريا غداة - تطبيق القرار الفدرالي:

وبعد أن بدأت اجتماعات دورته الأولى، كانت أول قضية تصدى لها الدستور الإرتري. وكان منطقيا أن تتأثر المناقشات بالمواقف المسبقة. وكانت قضية اللغة الرسمية في إرتريا من ضمن القضايا الساخنة التي نوقشت فى تلك الاجتماعات.

اقترح المسلمون بأن تكون اللغتان العربية والتقرنية لغتين رسميتين لإرتريا.

ووجه هذا الاقتراح بالرفض القاطع من جانب المسيحيين. والحجة التي استند اليها الرافضون كانت أن اللغة العربية لا صلة لها بإرتريا وهي بالتالي غريبة على المجتمع الإرتري. وتمسكوا بأن تكون اللغة التقرنية، باعتبارها إرترية الأصل ولها حروف تكتب بها, اللغة الرسمية في إرتريا.

وباشتداد المناقشات والطابع التحدي الذي اتسمت به، اقترح المسيحيون بأن تكون التقرينية والتقري لغتين رسميتين. أما حجة المسلمين في دفاعهم عن اللغة العربية فأستندت على أساس أن اللغة العربية هي لغة الدين والدنيا بالنسبة للمسلمين الإرتريين حيث تعاملوا معها منذ اعتناقهم الدين الإسلامي. وإن المعاملات الخاصة والعامة، وعلى وجه الخصوص لغة التداول في المحاكم الشرعية، كانت تتم ولا زالت منذ قديم الزمان باللغة العربية. ويكفي أن أول صحيفة باللغة العربية بدأ صدورها في إرتريا في عام 1907م.

وقد قرأت بنفسي في الريف الإرتري، في قرية طحرا بإقليم الساحل الشمالي، عن قضية نزاع متعلقة بالأرض فصلت فيها المحكمة واصدرت قرارها فيها باللغة العربية في عام 1925م وموقعة من والي كرن الإيطالي غاسبريني. وفوق هذا وذاك فإن لغة التفاهم والمراسلات بين المسلمين بدءا من رحيتا في جنوب دنكاليا حتى الحدود السودانية هي اللغة العربية وخاصة أن للمسلمين ثمان لغات محكية مختلفة يتحدثون بها في مواقع تواجدهم ولا تشكل إحداها قاسما مشتركا فيما بينهم.

واللغة العربية هي اللغة الموحدة بينهم وبالتالي فإن المسلمين لا يشعرون بأن هذه اللغة غريبة عليهم أو مفروضة عليهم من أحد. كمتا أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم وتعلمه هو فرض على كل مسلم ومسلمة. كما أن إرتريا محاطة بالعرب الذين يتحدثون بهذه اللغة فضلا عن أن جزءا كبيرا من الشعب الإرتري يعود في انتمائه الأصلي إلى العرب الذين هاجروا من شرق البحر الأحمر قبل ألفي عام. (صفحة 36 -35)

أما رد المسلمين على دعوة المسحيين في أن تكون التقرينية لغة رسمية، فكان بأن هذه اللغة لا يتجاوز تداولها المرتفعات الإرترية ذات الغالبية السكانية من المسيحيين وهي مساحة لا تشكل سوى مساحة صغيرة نسبة إلى المساحة الكلية لإرتريا. أما التقري فلن يطالب بها أحد لتكون لغة رسمية واهلها يطالبون باللغة العربية كلغة رسمية.

أستمرت المناقشات في البرلمان حول مسألة اللغة الرسمية قرابة ثلاثة أشهر دون أن تحسم ولكنه، أخيرا، حسمت عندما هدد متر أنزي ماتينزو، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى إرتريا بمغادرة الالبلاد لرفع تقريره إلى الأمم المتحدة ما لم يتم التفاهم حول هذه القضية. وتدخل أيضا ممثل الإمبراطور هيلي سلاىسي، بتودد اندلكاتشو ميساي، الذي نبه أعضاء البرلمان من حزب الانضمام الى خطورة التي تنطوي عليها سياسة مسألة الإصرار على رفض اللغة العربية. وحسمت المسألة في النهاية بإقرار اللغتين التقرينية والعربية لأن تكونا لغتين رسميتين للدولة الفدرالية الإرترية.

وفي هذا الشأن أدلى القسيس ديمطروس، كما يقصها المعاصرون لتلك الفترة، بمقولته المشهورة قائلا:

إننا نقبل اللغة العربية وعيوننا تدمع دم.

وفي أول جلسة للبرلمان، بعد أن اتخذ قرار اعتماد اللغتين الرسميتين، وفيما كانت المناقشات تدور حول بنود الاجتماع قال رئيس السلطة التنفيذية السيد تدلا بايرو الى العضو المرحوم ناصر باشا أبوبكر ظنا منه أنه لا يجيد اللغة العربية التي كان يدافع عنها بشدة:

هلا تحدثت باللغة العربية التي ظللت تدافع عنها؟.

فاستدرك ناصر باشا ما رمى إليه الرئيس ورد عليه قائلا:

اعتقدت أو أردت بكلامك هذا إحراجي لأنني دافعت عن لغة لآ أجيدها ولكن عليك أن تفهم أنني اذا لم أتحدث بها اليوم فسيتحدث بها ابني غدا واذا لم يتحدث بها إبني فسيتحدث بها حفيدي في إرتريا المستقبل.

صادف وأن جالست الزعيم الوطني المرحوم الشيخ إبراهيم سلطان سكرتير الرابطة الإسلامية وعضو أول برلمان إرتري في منزله بالقاهرة في مارس 1972م وأغسطس 1974م. وحدثني عن النضالات التي خاضها جيله من أجل استقلال إرتريا. ومن بين المواضيع التي تطرق إليها في حديثه كانت المشاكل التي صاحبت مسألة تثبيت اللغة الرسمية في إرتريا. وبعد أن روى لي كيف كانت المناقشات في البرلمان، قال لي بالحرف الواحد:

إننا ارتكبنا خطأ تكتيكيا في تسرعنا، كمسلمين، في مطالبتنا بأن تكون اللغة التقرينية لغة رسمية إلى جانب العربية، لأن ذلك مثُل موقف إجماع من البرلمان على اللغة التقرينية فى وقت لم تحظ فيه اللغة العربية بتأييد وإجماع مماثل، إذ لم يبادلنا المسيحيون التقدير الذي منحناه أياهم. إذ توقعنا أن يبادلونا نفس المشاعر عندما طالبنا باللغة العربية لأن تكون إحدى اللغتين الرسميتين.

يتضح من طبيعة سير المناقشات حول مسألة اللغة، بغض النظر عن مدى منطقية الحجج التي طرحها كل طرف، بأن الشعب الإرتري انقسم مرة أخرى انقساما دينيا.

هذه البداية المتسمة بعدم الانسجام في صفوف المجتمع الإرتري، غداة تطبيق القرار الفدرالي، زادت في تعميقها التطورات اللاحقة التي سبقت إلغاء النظام الفدرالي.

ففي النظام الفدرالي، وباستثناء البرلمان الذي تشكل من المسلمين والمسيحيين مناصفة، فإن جهاز الخدمة المدنية والشرطة كان يشغلها المسيحيون الإرتريون بنسبة عالية، بصرف النظر عما إن كانوا عملاء أو وطنيين. وكان للاعتبارات الإقليمية والدينية دور في عملية التوظيف.

كان المسلمون يشعرون بغبن مزدوج. فإضافة إلى ظلم السلطة المحتلة الذي كان يعاني منه الجميع، كانوا يعانون من تحيز جهاز الخدمة المدنية الذي كان يتشكل من المسيحيين الإرتريين بصفة أساسية. وفي لإطار تنامي هذه المشاعر جاء الإغلاق التدريجي للمدارس في الريف (مثلا: في هبرو، قامظيوا، حديث، إيرافلي، إيغيلا، هيكوتا، كيرو، كركبت، زولا، إمبيرمي، وقيرون شعب، قلوج) التي كانت لغة التدريس فيها اللغة العربية، ومقامة في مناطق يسكنها المسلمون، وذلك بدلا من توسيعها وفتح فرص التعليم أمام النشء الجديد مما عزز وعمق مشاعر الغبن والاضطهاد لدى المسلمين.

عملت إثيوبيا، في سياق سياستها الهادفة إلى طمس معالم الشخصية الإرترية، على فرض اللغة الأمحرية وإحلالها محل اللغتين الرسميتين العربية والتقرينية. ولتأكيد الأهمية التي توليها لانتشار هذه اللغة قسرا، اشترطت الحكومة الإثيوبية، رسميا، على من يرغب في التوظيف أو الالتحاق بالجامعة من الإرتريين أن يجيد الأمهرية غجادة تامة وإلا أصبح مصيره التشرد والضياع.

احتج المسلمون لدى الإمبراطور ليعيد النظر في مسألة اللغة العربية لأن في إلغائها مس بمعتقداتهم وحقوقهم (1). بيد أنه لم يبال بتلك الاحتجاجات، بل استمر في سياساته . بيد أنه لم يبال بتلك الاحتجاجات، بل استمر في سياساته زاء اللغات الإرترية الرسمية. (صفحة40 -37) كتاب:تحديات مصرية أمام المجتمع الإرتري بقلم المناضل/ أحمد محمد ناصر سبتمبر 1998م.

(1) راجع كتاب كفاح ارتريا الذي أصدرته جبهة التحرير الإرترية في الستينات.

عروبة إرتريا حقائق ووثائق

انحياز الشعب الإرتري المسلم بكل فئاته في فترة تقرير المصير من عام 1944ـ1950م للغة العربية أمام لجان الأمم المتحدة، التي توافدت علي إرتريا لتحديد مستقبلها ومعرفة رأي السكان بين الاستقلال والاتحاد الفيدرالي مع إثيوبيا، وعندما تقرر وضع الدستور الفيدرالي لإرتريا، عينت الأمم المتحدة السيد ما تنزو السويدي لوضع دستور، وقد قام بجولة في كل مناطق إرتريا، لمدة ثلاث عشرة أسبوعا في عام 1950م، وقال أنه وجد إن سكان المنخفضات الإرترية جميعهم، وبلا استثناء عندما سئلوا في موضوع تحديد اللغة لإرتريا، أكدوا بان لغتهم هي العربية، وطالبوا بأن تكون اللغة الرسمية للبلاد، ومن ناحية أخرى يقول (أنه لاحظ بأن الأقلية المسيحية انحازت للغة التجرينية)، بالرغم من أن (الساهو والجبرتة)، الذين يشكلون 50% من سكان المرتفعات انحازوا للغة العربية، مما اضعف موقف المسيحيين هناك، وجعلهم يلجئون إلى أساليب ملتوية لخداع لجان الأمم المتحدة، بأنهم يشكلون الغالبية في المرتفعات، مما دفع (ما تنزو) لاعتبار اللغة العربية لغة الغالبية في إرتريا، وأن اللغة التجرينية تم إقرارها بواسطة المسلمين أنفسهم لاعتبارات سياسية، وللحفاظ علي مشاعر الأقلية المسيحية المدعومة آنذاك من الحكومة الإثيوبية، وللعلم أن الإدارة البريطانية، التي حكمت إرتريا من 1941ـ1952 لم تتعامل أصلا باللغة التجرينية في كافة المعاملات الرسمية، سوي باللغة العربية والإنجليزية في إرتريا، وأن المعاملات الرسمية للحكومة الفيدرالية في إرتريا، في كل المجالات أكدت علي سيادة اللغة العربية في إرتريا، بدليل ان الشهادات المدرسية كانت تصدرها وزارة المعارف الإريترية، في ظل الحكومة الفيدرالية، باللغة العربية ونقدم في عرضنا هذا صورة نموذجية بهذا الشأن في صفحتي ”123،124، وأن ما حصلت علية اللغة التجرينية من دور ومكانة في المجتمع الإرتري، بسبب تسامح المسلمين ورغبتهم في اعتماد التعايش الديني والثقافي، وقفل الباب أمام الصراعات الطائفية، التي تضر بالوحدة الوطنية، ولكن يبدو أن الطرف الطائفي لا زال يعتبر ذلك ضعفا، ويسعى إلى استغلال ذلك التسامح لإضفاء هيمنته الثقافية علي إرتريا المستقلة.

عندما نوقـشت مسالة (اللغة) في إرتريا في أول اجتماع للبرلمان الإرتري عام (1950)، وافقت الكتلة الوطنية الإسلامية بكل سهولة علي اعتبار اللغة التجرينية لغة رسمية ووطنية في إرتريا، ولكن عندما طرحت اللغة العربية باعتبارها لغة وطنية ورسمية، تعبر عن الغالبية الإسلامية في كل مجالات حياتها الدينية والثقافية والاجتماعية، وقف الطرف الطائفي وبلا حياء علي رفض اللغة العربية والاكتفاء بإقرار اللغة التجرينية فقط، وان يختار المسلمون أحد لغاتهم المحلية وهذا من باب التكرم عليهم، بالرغم إن مسودة (الدستور الإرتري)، أقرت في المادة (38) من دستور إرتريا، إن الشعب الإرتري منقسم إلى لغتين (العربية - التجرينية)، وليس لهم أي بديل أخر، وضمن هذه المعطيات اعتمدت تلك المادة المذكورة، إلا انه بالرغم من ذلك الإقرار من المندوب الدولي، رفض الطرف الطائفي اعتماد اللغة العربية، وعطلوا جلسات البرلمان لأكثر من (38) يوما، مما دفع بعض زعماء الكتلة الوطنية الإسلامية في البرلمان، للمطالبة بتقسيم إرتريا للخروج من هذا المأزق.

وفي تلك المرحلة المظلمة عام 1950م وقف المسلمون مع لغتهم العربية، التي لم يكن للمسلمين فيها حلفاء ولا داعمين من الدول العربية، حيث كانت معظم الدول العربية مستعمرات، وتكافح من اجل نيل استقلال بلادها، مما يؤكد بان انحياز المسلمين في إرتريا إلى اللغة العربية، ليس وليد مخططات عربية توسعية، كما تروج بعض الرموز الطائفية في الجبهة الشعبية، وانما هذا موقف له جذور تاريخية لن تحول دون تحقيقه، حتى ولو طال بالمسلمين الجهاد لألف سنة أخرى تتوارثها الأجيال، وهي اكثر تمسكا بهويتها العربية الاسلامية وهذا ما لا يريد الطائفيين أن يعوه.

وإزاء ذلك الموقف المتوتر بين المسلمين ـ والمسيحيين في البرلمان الإرتري، تدخل السيد (ماتينزوا)، معلنا انه إذا لم يتم إقرار المادة 38 كما وردت في مشروع دستور إرتريا، فأنة سيعلن فشله للأمم المتحدة، ويعيد القضية برمتها للأمم المتحدة، لكي تناقش الوضع في إرتريا بأبعاد أخرى، مما أدي إلى تدخل (هيلي سلاسي)، وأوعز للنواب المسيحيين في البرلمان بالقبول بإقرار اللغة العربية، كما وردت في الدستور خوفا من تنفيذ (ماتينزوا) تهديده، وعرض القضية للأمم المتحدة، مما كان سيعرض مخططات إثيوبيا للفشل، وبذلك اعتمدت اللغتان العربية والتجرينية كلغتين وطنيتين في إرتريا، وقفل باب النقاش في هذه القضية الحيوية تماما، إلي أن ضمت إثيوبيا إرتريا وألغت كل مظاهر الاتحاد الفيدرالي، الذي كان أصلا مظهر من مظاهر الاستعمار الإثيوبي.

لقد كانت إرتريا بالنسبة للمسلمين مشروع وطني يتعايش فيه المسلمين والمسيحيين، وضرب الطرفان أروع الأمثلة لهذا التعايش في كثير من الجوانب الوطنية، مما يؤكد بان المستقبل للتعايش الثقافي الديني في إرتريا، بل و أكدت مرحلة الثورة وتلك التضحيات الباهظة، التي قدمت من الطرفان في حرب التحرير، ان المسيحيين الإرتريين اصبحوا اكثر تجاوبا مع اللغة العربية، بحكم وجود أعداد كبيرة من اللاجئين في السودان ـ والمنطقة العربية، وسيفاجئ طغاة الطائفين بان المسيحيين الإرتريين، سيلعبون دورا كبيرا ومؤثرا في إقرار اللغة العربية كلغة وطنية للشعب الإرتري، حيث برز لهم ذلك البعد الحضاري، الذي تمثله هذه اللغة وآثارها الحضارية والإنسانية، وهي اقدم وارقي من كل اللغات الهجينة، وما نريد ان نعلمه لبعض الطائفيين، اللذين يحاولون ان يربطوا اللغة العربية في إرتريا، بصراع الصليبية العالمية مع الإسلام ودوره الحضاري، في قيادة مليار مسلم في العالم، بما يحمله من عقيدة سليمة وفكر نير وتسامح مع كل الأديان، ان (اللغة العربية) كانت موجودة بجذورها في عمق الجزيرة العربية قبل الإسلام، وعرفت بدورها المتميز في مختلف مجالات الأدب والبلاغة والشعر، وعندما (انزل الله تعالي بها الكتاب المقدس)، واختارها من بين لغات العالم، اكتسبت قدسيتها ومكانتها وديمومتها وحيويتها، من كون ذلك الاختصاص الرباني، فالقوي النصرانية اليهودية بحسدهم وحقدهم يحاربون الله تعالي، في رفضهم للغة الإسلام، التي يتدارس بها المسلمون في كل أنحاء العالم كتاب الله تعالي، ومن يحارب لغة الكتاب المقدس عند الإسلام، فأنة يستنفر المسلمون للجهاد، وما إعلان الكفاح المسلح في إرتريا عام 1961م، ببعيد حينما أعلنت إثيوبيا إلغاء اللغة العربية، وإقفال المعاهد الدينية والمدارس.

اعتبار اللغة التجرينية هي اللغة الرسمية والوطنية في إرتريا، وتجاهل اللغة العربية وإلغاء دورها، ومكاتبت الدول والمؤسسات باللغة التجرينية، للتأكيد علي أنها اللغة الوحيدة والرسمية في إرتريا وهذا ما يتعارض مع الثوابت الوطنية وذلك التعايش الذي ارتضاه شعبنا.

من كتاب: عروبة إرتريا حقائق ووثائق
بقلم الكاتب والصحفى/ محمد عثمان علي خير

Top
X

Right Click

No Right Click