شعب البجا في شرق السودان - الجزء السادس والأخير

تأليف الأستاذ: سليمان صالح ضرار

الحرية التي لا تقدر بثمن:

إن ما يجب أن يدركه الحكام هو أن شعب البجه لم يتمتع أبدا بحق تقرير المصير في علاقته بالشمال،

وهو حق تمتع به الشمال دائماً في علاقته بمصر، وتمتع به الجنوبيون في اتفاقية السلام الأخيرة (1997). ولم يمثل البجه في اتفاقية القاهرة المعقودة في فبراير عام 1953م والتي مثلت فيها كافة الأحزاب السياسية الشمالية وأبدت موافقتها على الدستور المؤقت الذي وضعته مصر وبريطانيا وقد أدى هذا الدستور الذي أطلق عليه (لائحة الحكم الذاتي) إلى اعلان الاستقلال في أول يناير عام 1956م. إن مشكلة بلاد البجه ليست إثنية فحسب، ولكنها في المقام الأول سياسية. فقد قام الاستعمار التركي عام 1842م بانتزاع استقلال بلاد البجه بالقوة وضمها لما يعرف حاليا (بالسودان). والآن نحن نطالب بإعادة استقلال بلادنا المغتصب. لقد خيرت بريطانيا زعماء البجه بين أن تكون دولة قائمة بذاتها تحت الحماية البريطانية، ثم ينالوا استقلالهم كدولة مستقلة ذات سيادة، أو الانضمام إلى (السودان)، فخدعهم الساسة الشماليون بالانضمام إلى السودان، وقد تم هذا دون أخذ رأي شعب البجه مما حرمهم من حق تقرير مصيرهم وهذا خطأ جاء الوقت لتصحيحه. لا شك أن بلاد البجه تستطيع أن تعيش مستقلة عن الشمال، ولكن الشمال لا يستطيع أن يعيش منفصلاً عن بلاد البجه البوابة الوحيدة لصادراته ووارداته ومصدر خيره ورفاهيته.

إن القول بأن بلاد البجه لا تستطيع أن تشكل دولة مستقلة لإفتقارها إلى الموارد الاقتصادية والتعليم، قول لم يعد يستند إلى أساس، إذا ما أخذنا بالمستويات السائدة الآن في أماكن كثيرة من العالم. وقد وضعت التقارير المعتمدة للخبراء الاقتصاديين بلاد البجه بين الدول الأفريقية التي تملك إمكانات اقتصادية هائلة، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي الاقتصادي. غير أن هذه الإمكانات تحتاج إلى تنمية، وهذه بدورها لن تكون طالما أن السلطة في أيدي غير بجاوية. ولم يعد البجه في حاجة لأن يبلغهم أحد عما اذا كانوا يملكون الثروة أم لا يملكونها، لأنهم أصبحوا يعلمون الحقيقة في هذا الشأن وإن كان هناك قول مأثور يؤكد أن (الحرية لا تقدر بثمن) وإننا على ثقة بأن البجه يؤثرون الحرية مع الفقر على العبودية مع الرخاء الحالي المزعوم حتى ولو كان حقيقياً، وقبل هذا العنصرية التي تتجلى في هيمنة الشماليين على السلطة والثروة.

إنه من الناحية الجوهرية مهما بلغت روح الثورة عند شعب البجه فإن الجيش والشرطة وأجهزة القمع الشمالىة الأخرى المتشبعة تماماً بالروح الاستعمارية، والتي اعتادت أن يعهد إلىها بسحق الانتفاضات الثورية، مثل ما يحدث في جنوب (السودان)، وغربه وشرقه، وأن تطلق النار على المتظاهرين والمضربين (مثل الذي حدث للعمال البجه في ميناء بورتسودان عام 1965م واستشهاد خمسة منهم). وما حدث للمتظاهرين البجه عام 1948م وبإختصار فهي تؤدي بشكل عام العمل القذر لحكام الخرطوم الشماليين.

وبالرغم من ضعف هذه الأجهزة بالنسبة للاعتداءات الخارجية، لكنها تلعب دوراً رئيسياً في (السودان) حيث أنها الأكثر تنظيماً القادرة على إتخاذ إجراء حاسم بغض النظر عن وطنية أو عمالة هذا الإجراء.

إن بلاد البجه بحاجة إلى تنظيم سياسي قادر على مواجهة الظروف الحالىة والمستجدة والتي تتطلب حزباً طليعياً ذا أيدلوجية أكثر ثباتاً وتحديداً، وأعظم وضوحاً وذا آفاق ديمقراطية اشتراكية. وبإختصار يتطلب الوضع الحالي خلق تنظيم ثوري وطني يعتمد على مصادر البجه المحلية بعيدا عن أي هيمنة خارجية تتحكم في قراراته وتملي عليه إرادتها أو تستغله لتحقيق مصالحها القومية، وهذا التنظيم الثوري يمكن أن يساعد في خلق دولة ثورية قوية وقوات مسلحة ثورية أعظم قدرة، تكون كل منها مكرسة جهودها لغرض الدفاع عن الاستقلال الوطني لشعب البجه، ومقاومة الاستعمار العنصري والاستغلال الاقتصادي والسياسة والامبريالىة بكل أشكالها.

التقدم الاقتصادي والاجتماعي:

إن الحل التام والنهائي لمشكلة البجه في جوانبها السياسية والقومية رهن بتحقيق الاستقلال السياسي، وإنتصار القوى الديمقراطية لإقامة نظام اجتماعي يوفر الكفاية ويحقق العدالة والحرية ويطبق المساواة.

فالاستقلال السياسي أمر حتمي للقضاء على الاستغلال الاقتصادي وهو بمفرده لا يحقق التقدم الاقتصادي. فعندما يتم الحصول على الاستقلال السياسي تولد التناقضات بين مسيرة الكيان الجديد لتحقيق التطور المستقل وبين ما تبقى من تبعية اقتصادية، وذلك لأن التنمية الاقتصادية السابقة لبلاد البجه لم تخضع لمتطلباته، بل هي خاضعة لمصالح السلطات الشمالية الحاكمة في الخرطوم والاحتكارات الأجنبية المرتبطة بها. وبالرجوع إلى تاريخ بلاد البجه الحديث تتضح هذه الحقيقة جلية في التشويه والتخلف اللذين يعاني منهما الإقتصاد. وللتحرر من التبعية الاقتصادية لا بد من القضاء على التناقضات الموجودة بإقامة أسس علمية واقتصادية مناسبة. فتحقيق الاكتفاء الذاتي الشامل ليس الهدف البعيد، إنما الهدف هو بلوغ مستوى اقتصادي يحقق للبلاد مركزاً أفضل في خارطة العالم من خلال الإمكانات والموارد المتاحة. إن لب القضية هو الوسائل التي يجب اتخاذها لتحقيق تقدم سريع متعدد الجوانب ينقذ إقتصاد البلاد من التخلف في أقصر وقت ممكن.

ففي بلاد البجه يعيش 95% من البجه حياة فقر وجهل ومرض فرضت عليهم، كما أن جعل التعلىم باللغة العربية (كلغة أولى) قصد به اخراجهم من المنافسات المرحلية للسلم التعلىمي، فاستعادة الاستقلال السياسي ليس بالهدف الوحيد لهم، بل لا بد من القضاء على الاستغلال الشديد والتبعية الاقتصادية خاصة في مجال الزراعة والتعدين وغيرها، وتوفىر حياة إنسانية حقيقية لهم. وبالرغم من أن هناك بعض شعوب تعاني من حياة في مثل قساوة حياة البجه إلا أنهم لا يعانون إضطهاداً قومياً وأن لهم دول تتمتع بسيادة شكلية.

ويوضح هذا بأن الاستقلال الاقتصادي ليس حل المشاكل الاقتصادية العاجلة كما أن الجانب الاقتصادي لا يظهر بوضوح إلا بعد الاستقلال السياسي، وعندها يصير الجانب الاقتصادي المعيار للتطور اللاحق في البلاد.

التناقض والادعاء:

يلاحظ المرء أن الموقف الذي تتخذه السلطات الشمالية الحاكمة في الخرطوم متاخماً للفصام العقلي إذ هي تقدم دائماً وجهتي نظر متناقضتين تماماً.

فعندما تتعلق المسألة بتقديم تفسيرات عن لماذا يعيش شعب البجه بعد قرابة نصف قرن من خروج الاستعمار البريطاني في تخلف شديد، ويحصل أفراده على أجور الكفاف، ويعانون نقصاً في التغذية، ويتردون في الأمية، ويرتدون الأسمال البالىة، ويفتقرون إلى المسكن الملائم، ويقعون فريسة للأمراض. يقال في وقار إن البجه فقراء لأن بلادهم فقيرة، وتعاني نقصاً في الموارد الطبيعية اللازمة لتوفىر مستوى معيشة أعلى.

فإذا كانت بلاد البجه (حسب زعم الحكام الشماليين) إلى مثل هذه الدرجة من الفقر، فما السبب الذي يدعو السلطة أن تكافح بكل هذا الاصرار والشراسة كى تحتفظ بقبضتها على بلاد البجه. بيد أنه في الواقع ليس الحجة القائلة بأن بلاد البجه فقيرة حجة زائفة فقط وإنما يفضح مؤيدوها أنفسهم زيفها كل يوم، لأنهم بينما يؤكدون أن بلاد البجه فقيرة عندما يتعلق الأمر بتفسير فقر شعب البجه، أو تبرير رفض منح العمال البجه أجورا أعلى، فإن نفس هؤلاء المدافعين عن نظرية (بلاد البجه الفقيرة) عندما تكون المسألة المطروحة للنقاش هى الاستثمارات أو الاعتبارات الاستراتيجية على البحر الأحمر والقرن الافريقي، يعرضون بأفضل وسائل الباعة الجائلين قائمة براقة بثروات بلاد البجه من الذهب والمعادن والزراعة والغاز والنفط والموقع الاستراتيجي تكفي لأن تذكرنا بالكنوز الخرافىة. أنظر فقط كيف يروجون لمنطقة البحر الأحمر الحرة للسعوديين والإماراتيين في يناير العام 2000.

ولا ريب أن شعب البجه بمجرد أن يصبح السيد الحقيقي لأراضيه الشاسعة الغنية، سيجد ثروات ضخمة مماثلة لتلك التي توجد في أغنى بلاد العالم. إن البجه لم يعد بوسعهم أن يواصلوا العيش وفقاً للنمط السائد حالىاً. فقد امتص المستغلون دماءهم، وأصبحت الحياة بالنسبة لهم أمراً مستحيلاً. إن مظاهر الإذلال الىومية للفرد والأمة على حد سواء لم يعد من الممكن تحملها. وتنتهي كل الطبقات والقطاعات في المجتمع البجاوي بسبب ما أصابها من تأخر اقتصادي وحضاري واجتماعي وسياسي إلى النتيجة التي لا مفر منها، وهي أنها كي تعيش وتنمو فإما الاستقلال التام أو الموت الزؤام.

التبعية الاقتصادية:

إن مشكلة البجه الاقتصادية هي الاستغلال الذي يرتبط بطبيعة الدولة وطبيعة الجماعة المسيطرة. وأن السمة الرئيسية لعملية الاستغلال في مجتمعات الهامش في (السودان) هى وجود طبقة رأسمالىة شمالية وسيطة بين الرأسمالىة الخارجية والقوى الإنتاجية في (السودان). وتكمن هذه الطبقة أساساً في جهاز الدولة ومن ثم فإنها تملك صلاحيات استخدام سلطة الدولة بما في ذلك السيطرة على الإيرادات والمصروفات، وتقوم هذه الطبقة الرأسمالىة الشمالية بالإثراء من خلال علاقتها بالمصالح الأجنبية ومن خلال تولي مناصب الإدارة الاقتصادية للدولة، وكذا تقوم بدورها كوسيط بين المصالح الأجنبية ومجتمعها كأداة في العملية الاستغلالىة لموارد شعب البجه واقتصاده.

إن سيطرة الطبقة الرأسمالىة الشمالية الوسيطة على السلطة فتح لها الباب موضوعياً، فاستطاعت الحصول على شروط أفضل للتبعية واستطاعت أن تنوع مصادر التبعية، كما استطاعت أن تزيد من مصادر الدخل وتوسع السوق المحلية من خلال الانفاق والاستثمار الحكوميين، كذلك استطاعت أن تنوع القاعدة الإنتاجية للمجتمع وأن تبني الأساس لرأسمالىة شمالية اتخذت شكل القطاعين العام والخاص، ولقد وصلت الجماعة الشمالية الرأسمالىة المسيطرة لأهدافها نتيجة للقوة التي تتمتع بها، بحكم مباشرتها للسلطة السياسية على البجه.

كذلك فإن الجماعة الرأسمالىة الشمالية المسيطرة والحاكمة قد تحالفت مع المصالح الخارجية لتكثيف الاستيلاء على الفائض في بلاد البجه، كما تم انتزاع الفائض من القوى الإنتاجية في بلاد البجه، كذلك عملت على تقليص الجزء الذي يذهب إلى المصالح الخارجية وقامت بتركيزه في أيدي السلطة في شكل الدولة وأصحاب المشروعات الشمالية الخاصة مما أدى إلى تركز الثروة في أيدي الجماعة الشمالىة.

إن التحالف الطبقي الذي ترتكز علىه الرأسمالىة الشمالية الحاكمه واستراتيجية التراكم الرأسمالي التي تتبعها أثرت مباشرة على عملية توزيع الدخل في المجتمع، فإن التراكم الرأسمالي من خلال الاعتماد على الخارج يؤدي إلى وجود هرم مقلوب تتركز وفقاً له الثروة والسلطة في أيدي القوى الخارجية في حين أدى منهج التنمية الوطنية المزعومة بدون عدالة توزيع، إلى تركيز الثروة في أيدي الجماعة الرأسمالىة الشمالية الوسيطة الحاكمة. ولما كان التعامل مع قوى الهيمنة الأجنبية لا يتم مباشرة ولكن من خلال هذه الطبقة الرأسمالىة الشمالية الوسيطة فإن علاقات الاستغلال تتغيير من نمط إلى آخر، ففي هذا النموذج الاستعمارى الجديد تقوم الرأسمالىة الشمالية بتعظيم الاستغلال الداخلى لكى تحصل على جزء من الفائض لنفسها. مما أدى إلى تميز العلاقة السياسية في (السودان) بالاستخدام المنظم للقمع والاضطهاد كأداة للتعامل بين الجماعة الرأسمالىة الشمالية المسيطرة وشعب البجه المحكوم. كذلك إبعاد شعب البجه عن المشاركة السياسية بالإضافة إلى تقديم حوافز ضريبية واقتصادية للاستثمارات الأجنبية في بلاد البجه.

إن الجماعة الشمالية المسيطرة لها يد على رأس المال الخارجي وتقوم بالدور الأكبر في العملية الاستغلالىة لشعب البجه وتركز الثروة في أيديها، ونتيجة لضعف هذه الجماعة عددياً واجتماعياً فإن الأداة التي تيسر لها ذلك فهي مرة السياسة ومرة الدين ومرة السياسة المغلفة بالدين والجيش الذي يقيم نظاماً دكتاتورياً مباشراً بحيث يسمح لهذه الطبقة بمقاومة احتجاجات شعب البجه. وهذه استراتيجية غير مستقرة وتمثل نظاماً مؤقتاً.

انهيار النظام الاقتصادي التقليدي:

إن هناك مشكلة عدم مساواة للبجه (البقاء مع العسر Resap)، فالناس وضعوا في مواقع متفاوته في الصراع، وينعكس هذا على كيف يقدم النظام البجاوي الفرص والقيود لمختلف الفاعلين. وهذا يرتبط بمسألة السلطة السياسية والاقتصادية على السواء، بل وأيضاً السلطة الاجتماعية - الثقافية التي بمقدورها التقرير بشأن الحصول على هذه الموارد الرئيسية. ويخلق تعقد النظام انكشافاً لعدد من العوامل المتفاوته، خاصة في فترات الجفاف. وأول أنواع الإنهيار هو الجفاف إلى جانب انهيار السوق أو التدهور في قدرة أسواق العمل المهمة على توفير الوظائف للناس أثناء أشد فتراتهم احتياجاً لها. وتلعب هذه الفترات دور الأحداث الرئيسية في تنمية النظم الرعوية. ويعاد ترتيب الموارد في المنطقة. والبعض يصبحون أكثر فقراً كمتشردين بل ويموتون، بينما يصبح آخرون أكثر ثراء. ومع تزايد أهمية هذه العمليات تقل فرص الناس العاديين في التعامل معها.

الإنتاجية الثرية والاستغلال المركزي:

بإمكان عدد قليل من الناس أن يستخرجوا من هذه البيئة الطبيعية قدر ما يفعل البجه. إن زيادة الإنتاجية لاستيعاب عدد أكثر من الناس ترتبط تماماً بالحاجة لنظام سياسي وإداري يلتزم بإعادة توزيع عادلة للثروة والسلطة، لتجنب مشكلة اللامساواة الإقليمية الواقعة على البجه. لذا يجب البقاء على الأسلوب التقليدي بتنمية الثروة الحيوانية بتنمية المراعي وتوفير العلف والماء لها في فترات الجفاف. وبالتالي تمكين الرعاة الاجراء من اقتناء قطعانهم الخاصة بهم. لذا يجب توسيع مفهوم الإنتاجية ليشمل القضايا الاخلاقية والمعنوية لبقاء مجموعات البجه الهامشية على المدى الطويل في التكيفات الهامشية.

إن هناك مشكلة عدم تكافؤ الفرص في الحصول على الموارد، ومن المؤكد أن الفقراء يخسرون دائماً في هذه العملية. والفقراء هم الرعاة البجه، الذين لا يزالون باختيارهم متمسكون بالعيش في جبالهم رافضين الذهاب إلى المدن والاستقرار فيها حيث يجدون غيرهم في أوضاع أفضل منهم. وقد يصبح بعض البجه أثرياء فيقومون بدور مهم في السياسة المحلية وفي الدفاع عن مصالح أهلهم في المشاريع الزراعية. إذا نظرنا إلى بلاد البجه على أنها منطقة فقيرة فهذا يتناقض تماماً مع الواقع بالرغم من أن أصحابها يعيشون في فقر مدقع. إن مناطق البجه الأخرى غنيه بالموارد والأرض ملك أصيل لهم. ماذا عن مشاريع القاش وتوكر والقضارف والرهد وموانىء بورتسودان وسواكن وبشائر ومناجم الذهب. إن هذه مؤسسات رئيسية مدرة للريع، ولكن لا يستفيد منها أهلها البجه شيئاً، إذ يذهب كل الريع إلى المركز. وهذا النوع من الجدال ينقل تركيز الفقر إلى الساحة السياسية ويطرح قضايا أساسية لفهم (الدولة السودانية) نفسها. وإلى أي مدى يمكن وينبغي للدولة أن تحصل على الموارد الوطنية التي يمكن أن توفر الريع للمزيد من التنمية. وإلى أي مدى تعود ملكية هذه الموارد الى السكان المحليين الذين يعيشون في المنطقة مما يعطيهم حقوقاً حصرية في ريعها. فالفقر ليس هو حالة للأشياء، بل يتم خلقه من خلال آليات توزيع غير عادلة وغير مشروعة تماماً. إن البعد المهم للمشكلة هو استغلال الدولة للبجه وتجاهل مشاكلهم، إذن فالمشكلة سياسية في المقام الأول إذ أن من يملك السلطة يتحكم في الثروة وتوزيعها وطالما السلطة في يد غير البجه فلن يحصلوا على حقوقهم الشرعية.

الهيمنة التجارية:

لقد استطاع المسيطرون الشماليون عن طريق استغلال نفوذهم وسيطرتهم تأسيس شركات تجارية كبيرة هيمنت على التبادل التجاري في بلاد البجه. ولم يجد البجه أمامهم غير مجالات ضيقة لممارسة النشاط التجاري في أحط الأعمال التجارية وأقلها شأناً وصاروا أداة مستغلة في أيدي الشماليين، وإذا نظرنا إلى عدد الرخص التجارية المستخرجة في بلاد البجه نجد أن نصيب البجه منها يقل عن واحد بالمائة، كما أن التجار الشماليين يعملون في بلاد البجه بترخيصات وتوكيلات فرعية للرخص الصادرة من الخرطوم.

إن مهمة الإداري الشمالي في بلاد البجه (يرسل لها الإداريون المتهمون في قضايا الفساد أو المغضوب عليهم كأنها منفى) هى أن يدير وينتج ما يكفى من الموارد لسد إحتياجات سلطات الخرطوم الشمالية الحاكمة ولم يكن التطوير الاقتصادي ذو الأبعاد المترامية هدفاً من أهداف سلطات الخرطوم الشمالية وتعتبر الاقتصاديات النامية بوصفها مهارة تطبيقية إحدى الظواهر الطبيعية الأساسية. ويتطلب تطبيقها في بلاد البجه مجالاً لخدمات الكوادر المدربة فنياً.

وبالإضافة إلى أن التنمية لا تلقى إهتماماً من سلطات الخرطوم الشمالية فإن المساعدة الزراعية تتركز في المشروعات الكبرى التي تطور المنتجات الزراعية من أجل التصدير ودعم سلطات الخرطوم الشمالية بالعملات الأجنبية. ولا تنظر السلطات الشمالية إلى تطوير المحاصيل الغذائية التي يحتاجها البجه. مما جعل البلاد في مجاعة دائمة ونقص في الأقوات. ونسبة لأن جماهير البجه غير المنظمة عاجزة عن رفع أصواتها مطالبة بنصيبها في إيرادات موانيء بورتسودان وسواكن الجديدة وبشائر والجمارك ومصفاة وأنابيب البترول والخطوط البحرية ومناجم الذهب في الأرياب والمحاصيل الزراعية.. إلخ من المصادر ذات الإيرادات الهائلة والتي تمارس نشاطها في أرض البجه بالإضافة إلى المشاريع الزراعية الكبرى مثل القاش وبركة والقضارف والرهد، فلقد استغلت السلطات هذا العجز في المطالبة بحقوق شعب البجه واستغلت خيراته في بناء وسائل الراحة والرفاهية، مثل إنشاء الطرق الجيدة ومد خطوط الإتصالات والقوى الكهربائية والمسارح والقصور.. إلخ التي تعود بالفائدة المباشرة للفئة الشمالية المسيطرة في الخرطوم. ولو أنفق نصف هذه الأموال على بلاد البجه حيث لا توجد طرق بالمرة حتى الآن، لكان ذلك أعظم نفعاً لمجموعة أحق بها من السكان ولها الفضل في هذه الأموال التي تستخرج من أراضيها. إن الواقع في بلاد البجه لم يتغير كثيراً بخروج الاستعمار البريطاني فلا زال الاستغلال مستمراً، بل زاد عليه بتقنينه باسم (الوحدة الوطنية) إذ عمدت السلطات الشمالية المتعاقبة إلى انفاق الدخل الوارد من بلاد البجه على العاصمة والشمال بصورة أكبر بكثير مما تبرره الأحوال هناك. وهذا راجع إلى أن سكان العاصمة من الشماليين وممن وفدوا مع الاستعمار، بما لهم من سلطة وتعليم يستطيعون مباشرة ضغط مباشر له وزنه على الحكومة المكونة من الشماليين، بالإضافة إلى المصلحة المشتركة والفساد.

إن القوى المنتجة في بلاد البجه تعاني من مخلّفات قوية من تأثير الاستغلال والاحتكار ولم تشهد أي تطور في المجال الاقتصادي. وبالرغم من أن البلاد أجبرت على الإعتماد على محصول واحد كمصدر رئيسي للدخل، فإن هذا المحصول الواحد وهو القطن، لم يكن في يوم من الأيام ذا انتاجية كبيرة أو قيمة عالية وفى نفس الوقت فإن المحاصيل والمجالات الاقتصادية الأخرى احتكرت من قبل الشماليين بحكم وجود أهلهم في السلطة. بالإضافة إلى ما سبق أن قلناه عن تقليص المراعي وتدمير البيئة مما سبب المجاعات.

التحول إلى الصناعة:

إن بلاد البجه بحاجة إلى التحول من بلاد زراعية إلى بلاد صناعية حتى تنتج جزءاً كبيراً من الدخل من الصناعة بدلاً عن الزراعة. وحتى تكون الصناعة هي أساس التطور الاقتصادي للفروع الأخرى ويستحيل بدونها توفىر التعليم والمواصلات الحديثة والخدمات الصحية وهذه هي أهم مستلزمات التنمية الأساسية، كذلك فإن الصناعة هي حجر الزاوية لتطوير الزراعة. وبالإضافة إلى هذا فإن إنتاجية الصناعة أعلى منها في الزراعة بكثير، وهذا راجع لطبيعة الزراعة بالذات بالرغم من أن هذا القول ينطبق بصفة عامة على كل بلدان العالم إشتراكية كانت أم رأسمالية فإنه لا يعني أن الإنتاج الزراعي في دولة ما يمكن أن يزيد بنسبة أعلى من الإنتاج الصناعي.

إن زيادة الإنتاج الزراعي في البلاد تقل عن زيادة السكان وهذا يعني أنه لا بد من الاتجاه إلى الإنتاج الصناعي الذي يزداد بنسبة أكبر من معدل الإنتاج الزراعي والسكاني.

لقد أثبت التركيز على الزراعة بأن له مضار كثيرة بعكس الصناعة التي لها آفاق واسعة للتطور، بينما زيادة الإنتاج الزراعي محدودة ومقيدة برقعة الأرض، بالإضافة للسوق العالمية التي تؤلف مشكلة بالنسبة لبلد تخصص في الزراعة، وفى محصول واحد بالذات. وبالرغم من أن سكان العالم في تكاثر مستمر إلا أن الإنسان لا يستطيع إلا استهلاك كمية محدودة من الطعام بالإضافة إلى أن كل دول العالم إتجهت نحو الزراعة بغرض الإكتفاء الذاتي للطعام.

كذلك فإن معدل الزيادة في استهلاك المواد الخام بما فىها البترول قد تناقص في الأعوام الأخيرة، على عكس الإنتاج الصناعي الذي تزايد. وهذا راجع لتقدم التكنولوجيا مما رفع إنتاجية العمل، كذلك استخدام المشتقات الصناعية بدلاً من المنتجات الطبيعية. خاصة في المنسوجات مما أدى إلى الاستغناء عن القطن وتدهور حالة البلاد المتخصصة فيه.

الإصلاح الزراعي والرعوي:

إن كل الدلائل تشير إلى أن التطور المستقبلي للبلاد المتخلفة اقتصادياً يجب أن يرتكز على تطوير الصناعة ومن المهم جداً العناية بالزراعة ثم تحديد النسبة الملائمة في التنمية بين الزراعة والصناعة، وادخال حيوان المرعى في الدورة الزراعية وتحسين المراعي.

وفى بلاد البجه من المهم أولاً تخليص الزراعة من الإنتاج الطبيعي وإجراء إصلاح زراعي جذري لرفع مستوى المعيشة للرعاة والعمال والمزارعين وبقية الفئات الأخرى. بالإضافة إلى ذلك إيجاد الظروف اللازمة لتوسيع السوق الداخلي وزيادة استهلاك المنتجات الصناعية ومن شروط قيام الصناعة الوطنية توسيع السوق الداخلي لأن هذه الصناعة المبتدئة لن يكون بوسعها دخول ميدان المنافسة العالمية في المدى القريب.

إن السلطات الحاكمة عجزت عن إيجاد تسوية نهائية للمسألة الزراعية ولم تعمل على القضاء على الإقطاع الذي يعرقل حركة اليد العاملة لأن السلطات الحاكمة تستمد بقائها في الحكم من هذه الفئات الإقطاعية التي تحد من اتساع السوق الداخلي. ولا ترغب السلطات في أن يحل محل الاقطاعيين في الزراعة آلاف المزارعين الكادحين الذين بلا شك سيتدخلون في شئون الحكم. وفى بلاد البجه يشكل الاقطاعيون الشماليون من المنطقة الزراعية بالقضارف سنداً كبيراً للسلطات الحاكمة ضد شعب البجه.

إن الأرض في بلاد البجه منذ قديم الزمان هي أملاك جماعية وانتزاعها منهم وتمليكها بقانون عام 1925، وقانوني الأراضي لعامي 71 و1973 إلى أيدي الإقطاعيين الشماليين والمستثمرين الأجانب وتحولها إلى الملكية الفردية أدى إلى سيطرة الأفراد على وسيلة هامة من وسائل الإنتاج وحتى ينتهي الاستغلال الشديد لشعب البجه وتزداد إنتاجية العمل في الزراعة لا بد من إعادة ملكية الأرض لجماعة البجه.

إن التعاونيات الزراعية هي الحل الأمثل للإصلاح الزراعي حيث تملّك الأرض للعمال الزراعيين وصغار المزارعين وتقوم الدولة بمدهم بالماكينات الزراعية والأسمدة والبذور والمبيدات إلخ... بدلاً من أن تستمر المزارع الشاسعة من أرض البجه في أيدي الشماليين الذين استولوا عليها عن طريق السلطة والنفوذ وطرد الرعاة البجه من أراضيهم.

إن هذه الإجراءات تتطلب تحول السلطات إلى أيدي البجه لتكون سنداً لتعاونيات البجه الزراعية/ الرعوية. وبمساعدة الأقطار الصديقة يمكن تزويد هذه التعاونيات بالمكائن وتحويلها تدريجياً إلى تعاونيات نموذجية ذات نمط واسع للإنتاج الزراعي والحيواني.

إن الشعور بالملكية الخاصة للأرض لم يسيطر على أذهان الرعاة والمزارعين البجه سيطرة نهائية لأن الأرض كانت ملكية جماعية للقبيلة. ولإدخال التعاون في الإنتاج الزراعي تلعب بعض تقاليد ومخلفات العلاقات القبلية والعشائرية مثل الملكية القبلية للأرض وكذلك التعاون في حقل تربية الماشية والابل والضأن. كما أن هذا لا ينفي إمكانية إدخال النظام العائلي للأرض حيث تعطى إلى الأسرة مساحة تتناسب مع عدد الأفراد الذين سيعملون عليها. وإن لهذا النظام مزايا كبيرة في نمو الإنتاج الزراعي وفى حل مشكلة البطالة في الريف، خاصة في المرحلة الأولى حيث التصنيع لم يتقدم بعد، ومكننة الزراعة باهظة، كما أن مكننة الزراعة حالياً تنطوي على مصاعب عجز الصناعة باديء الأمر عن تزويد الزراعة بما يكفىها من مكائن وأسمدة.. إلخ. بل لأن هناك كذلك نقص هائل في الكوادر التي بوسعها ادخال الميكانيكا وإدارة الزراعة.

والبطالة الكامنة في بلاد البجه تشكل جانباً مهماً من ناحية التخلف الاقتصادي فادخال الجرارات الزراعية يعني في غير منطقة القضارف والرهد، حرمان عدد كبير من البجه من العمل، ويؤدي إلى هجرتهم إلى المدن الكبيرة مثل بورتسودان بحثاً عن العمل الذي هو لا يوجد أصلاً فىتعرضون للعطالة والتشرد والجوع والمرض.

إن المرحلة الأولى هي التركيز على الزراعة الأمر الذي يعني عدم تقدم الصناعة بسرعة تكفي لاستيعاب جميع الأيدي الفائضة عن حاجة الزراعة، مما يتطلب زيادة الإنتاج الزراعي عن طريق تشجيع الاستثمار أكثر من المكننة وذلك بزيادة نسبة الأيدي العاملة وتسميد الأرض. وهكذا تتطلب زيادة الإنتاج الزراعي نسبة أعلى من الأيدي العاملة التي ستزداد خبرة في هذا المجال وتتوسع الأراضي الزراعية ممهدة لإدخال الميكنة.

إن التخلص من نظام الغلة الواحدة ضروري لضمان قسم من المواد الغذائية الأساسية للسكان تفادياً لاستيرادها. بالإضافة إلى أنه ينوع الصادرات مما يحسّن مركز البلاد في السوق العالمية ويؤدي إلى التخلص من التبعية الاقتصادية للبلدان الرأسمالية. وهذا لا يعني تحديد المنتجات التقليدية والتخصص الزراعي الذي وصلت إليه البلاد، بل زيادة منتجات أخرى مناسبة. وتقدم الزراعة في البداية لا يجري بسلاسة وحتى في المراحل المتقدمة للتطور. إن ادخال حيوان المرعى في الدورة الزراعية ضروري لأن اقتصاد البجه في الأساس هو اقتصاد زراعي ـ رعوي، كذلك فإن مخلفات المشاريع الزراعية ومصانعها توفر علفاً جيداً لحيوانات المرعى خاصة في فصل الجفاف، هذا علماً بأن للثروة الحيوانية قيمة أعلى من المحاصيل الزراعية مما يوفر للبجه عائداً جيداً. ونسبة للتخلف الاقتصادي للبلاد فإن استيراد المكائن والآلات الزراعية يستمر بجانب التركيز على تصنيع الأسمدة والمواد اللآزمة للزراعة والأعلاف محلياً.

إن للماء أهمية كبرى في بلاد البجه، وتوفر الأسمنت والجبس ومواد البناء الأخرى في البلاد يشكّل فرصة طيبة لإقامة شبكة شاملة للري وبناء السدود على الأودية لتوسيع الرقعة الزراعية. وهكذا فإن تطور الصناعات الكيمائية والإنشائية يسير سوياً مع التقدم الزراعي.

التصنيع:

إن البلاد تعاني نقصاً في رؤوس الأموال اللآزمة للصناعات الكبرى ومن المناسب التركيز على الصناعات ذات العائدات السريعة والتمويل المحدود، فتقام في البلاد مصانع الاسمنت والجبس وما إليها من الصناعات التي تنتج سلعاً تلقى رواجاً في السوق العالمية لتشتري البلاد مقابلها الآليات الزراعية والتكنولوجيا.

وبعد هذه المرحلة يمكن إقامة صناعات لإنتاج المعدات وليس بالضروري إنتاج مصانع كاملة، بل لإنتاج الماكينات الخفىفة وقطع الغيار.. إلخ كما أن موقع البلاد مشجع لإقامة الصناعات البتروكيماوية.

إن انخفاض تكلفة الأيدي العاملة يتيح للبلاد فرصة استعمال الماكينات المنخفضة الإنتاج التي تحتاج لأيدي عاملة كثيرة مما يساعد على حل مشكلة البطالة. ومثل هذه الماكينات لا يتطلب استيرادها وتركيبها زمناً طويلا، كما أنها تتناسب مع إمكانات البلاد المادية وتكون أساساً لغيرها من الصناعات. بالإضافة إلى أن الماكينات ذات التقنية العالية تتغير من وقت لآخر بسرعة لا تستطيع البلاد ملاحقتها نسبة لعلو تكاليفها.

النهوض بمستوى المعيشة:

إن المستوى المعيشي للرعاة والمزارعين والعمال البجه منخفض بشكل مريع، ولا بد أن تأتي التنمية الاقتصادية بدفعة كبيرة لرفع مستوى حياة السكان ولقد أدى تراكم رؤوس الأموال إلى قسمة الدخل القومي على حساب الاستهلاك. وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة للبلاد فمن الضروري ضمان تزايد تراكم رأس المال نسبياً وبصورة مطلقة مما يضمن زيادة في مخصصات الاستهلاك، مراعاة للزيادة السريعة في السكان. فالرعاة والعمال والمزارعون البجه هم الذين يلعبون الدور الأساسي في تطور البلاد، ولهذا يجب أن ينالوا نصيباً مناسباً من القيم التي ينتجونها، ومثل هذا التوزيع المنصف للدخل القومي يشجعهم على بذل المزيد من الجهد لتطوير البلاد.

إن المعرفة والثقافة والتعليم تطور القوى المنتجة وتزيد الإنتاج مما يؤدي إلى رفع مستوى المعيشة وتوسيع السوق المحلية وزيادة تراكم رأس المال.

التخطيط الاقتصادي:

ويأتي تراكم رأس المال عن طريق المعونات الأجنبية والمصادر الداخلية كما أن للبرمجة الاقتصادية أهمية واضحة لتطوير البلاد، ولقد أثبتت البرمجة الاقتصادية على النهج الاشتراكي فاعليتها على بلاد مثل بلاد البجه تعاني من التخلف الاقتصادي. بينما أثبت الطريق الرأسمالي للتطور الاقتصادي فشله في مثل هذه الحالات لعلاقاته الاقطاعية والرأسمالية وإرتباطه بالاحتكارات الأجنبية التي تعمل وفقاً لمصالحها الخاصة دون أدنى إعتبار لظروف ومصالح البلد المتخلف.

إن التخطيط الاقتصادي هو الركن الاساسى للتطور وهيمنة الدولة على الإقتصاد القومي توسع آفاق التخطيط. ويتطلب ذلك السيطرة على وسائل الإنتاج وإقامة العلاقات الإشتراكية والتعاونية وبلوغ مستوى معين لقوى الإنتاج وتدريب فئة من الطلاب والشباب على المهارات اللآزمة للصناعة.

ويعتبر إقتصاد بلاد البجه بأنه مختلط ويتكون من عدة قطاعات بالرغم من إنخفاض مستوىات الإنتاج التي تميل إلى الانخفاض في معظم البلاد المتخلفة. لقد بلغ معدل النمو السنوي في الإنتاج للسنوات (58 - 1963م) في الأقطار المتخلفة اقتصادياً 6،7% في الصناعة و 3% في الزراعة، وهذا يعني أن هناك زيادة قدرها 5% من صافي الإنتاج القومي سنوياً. ولو فرضنا أن هذه الزيادة مستمرة وغير متأثرة بالأزمات الاقتصادية وبأوجه الركود الاقتصادي، فإننا سنحصل على الصورة الآتية لمستقبل الاقتصاد في بلدان من نفس مستوى بلاد البجه. ويبلغ متوسط الدخل القومي في بلاد البجه الآن حوالى 48 دولاراً في السنة (عام 1974)، ولما كان تزايد السكان يزيد عن 2% سنوياً فإن زيادة متوسط الدخل القومي للفرد لا يمكن أن تتعدى 3% وهذا يعني أننا بحاجة لحوالى مائة عام ليبلغ متوسط الدخل القومي للفرد نصف المستوى الحالي للبلدان المتقدمة مع استمرار الوضع الراهن.

واذا أخذنا الهند كدولة متخلفة ذات إقتصاد مختلط فإن انتهاجها الطريق الرأسمالي للتخطيط الاقتصادي قد فشل في تحقيق أي تطور للبلاد فلا تزال البلاد تحت التبعية الاقتصادية والاحتكارات الغربية ولم تحقق أي تقدم ملموس في مجال التطور الاقتصادي. بينما نجد أن دولة مثل كوريا الشمالية التي تتبع طريقاً إشتراكياً للتطور الاقتصادي قد حققت تقدماً ملحوظاً من التطور والتنمية في زمن قياسي واستطاعت أن تتفوق على بلدان رأسمالية متقدمة مثل اليابان.

الخـاتـم-ة:

إن بلاد البجه، بعد الاستقلال، في حاجة إلى تخطيط شامل يتعامل مع الحياة نفسها، حاضرها ومستقبلها، وهو الأسلوب السليم لحل المشاكل اقتصادياً واجتماعياً وعمرانياً وسياسياً، وهو الإطار المناسب لتنظيم حركة العمران وتوزيع السكان والصناعة وإزالة الفوارق بين الريف والحضر. كما أنه يوفر الفرصة لتعبئة القوى البشرية ثقافىاً وصحياً، كما يوفر الفرصة لتحسين البيئة المحلية والتحكم في استعمالات أرض البجه وتحديد الاستعمال الأمثل لها.

وتتميز بلاد البجه بأنها تنطبق عليها جميع الشروط التي تؤهلها لتكون دولة مستقلة من ناحية الوحدة الطبيعية والتوازن أو التكامل الاقتصادي والتجانس الاجتماعي والإثني ووحدة المشاكل.

وتتكون البلاد من عدد من القرى والمدن الصغيرة والمتوسطة، وعدد من المزارع ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التي تتميز بزراعة محاصيل متعددة. وترتفع الكثافة السكانية على الأراضي الزراعية في بركة والقاش والقضارف والرهد، كما أن مستوى المعيشة منخفض نسبة لندرة المشروعات الإقتصادية والاجتماعية والثقافىة التي لا تحظى بنصيب عادل من معظم هذه المشروعات. كما تعاني من إنخفاض وقصور في الموارد المادية والبشرية ذات المهارة العالية بالإضافة إلى النقص في فرص العمالة لسيادة النشاط الزراعي وبدائية الطرق الزراعية، وبالتالي انخفاض الإنتاجية الزراعية وتخلف القرى والمدن بصفة عامة والهجرة المستمرة من الريف إلى الحضر.

وفى البلاد ثروات طبيعية لم تستغل بعد والمستغل منها لا يستغل استغلالاً أمثلاً، إذ توجد بها المناجم والمحاجر والبترول والغاز الطبيعي والأرض الممكن استصلاحها وزراعتها. بالإضافة إلى المناطق الطبيعية والتاريخية التي توجد بها ثروات سياحية كامنة.

وحدود البلاد هي حدود تاريخية وإدارية وجغرافىة واقتصادية واجتماعية. وتتمثل الحدود الاقتصادية في وجود تكامل اقتصادي بين الموارد الطبيعية للبلاد وثرواتها البشرية وهي بهذا تعتبر مكتفىة ذاتياً. وتتمثل الحدود الاجتماعية في وجود تجانس اجتماعي لسكان البلاد نسبة لانحدارهم من أصل واحد وتواجدهم بالبلاد منذ آلاف السنين - أما الحدود الإدارية فلقد نتجت عن عوامل تاريخية وأمنية وضريبية وبإتفاق الحدود الإدارية للبلاد مع باقي الحدود فإن عملية التخطيط تكون عملية سهلة نظراً لسهولة جمع البيانات وإمكانية التنفىذ.

ومن خصائص التخطيط أن يكون عاماً وشاملاً ومرناً وطويل المدى. وفى داخل الفترة طويلة المدى توضع تخطيطات قصيرة المدى لحل المشاكل العاجلة والملحة والتي تحتاج إلى علاج فوري مثل المجاعة والعطش بالإضافة إلى تخطيطات متوسطة المدى. والإقليم التخطيطي الإداري له حاكم ومجلس نيابي محلي. وفى الدول الديمقراطية تعرض كل أعمال التخطيط على هذا المجلس النيابي.

إن السياسة العامة لتنمية أي بلد تشمل ثلاثة مجالات رئيسية هي اقتصادية واجتماعية وعمرانية - وبالنسبة لطبيعة بلاد البجه الرعوية والزراعية فإن أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية يجب أن تشمل:-

1. خلق عمالة في القطاعات غير الرعوية والزراعية لوقف تيار الهجرة عن طريق تنويع وتقوية الهيكل الاقتصادي.

2. تشجيع إقامة الصناعات التي تتميز بكثافة عنصر العمل وتستخدم الإنتاج الرعوي والزراعي مدخلاً أساسياً في الإنتاج وهو ما يسمى بالصناعات الريفىة أو البيئية أو الصناعات الصغيرة.

3. تنمية القطاع الزراعي رأسياً وتحويله إلى قطاع حديث يقوم على الميكنة الزراعية وزيادة مساحة الرقعة الزراعية عن طريق التوسع الزراعي في الأراضي البور القابلة للزراعة داخل البلاد.

4. العمل على زيادة دخول السكان الرعاة والمزارعين لتقليل حدة الفوارق في مستويات الدخول بين الريف والحضر.

5. تقوية القاعدة الاقتصادية للمدن.

6. توفىر الخدمات العامة التعليمية والطبية والثقافىة والاجتماعية وغيرها.

كما تشمل أهداف التنمية العمرانية تخطيط استعمالات أرض البلاد وتخطيط المدن والقرى وشبكات الطرق وتحسين مشروعات الري والصرف.

ويستطيع الإنسان أن يغير بيئة بلاد البجه فىسيطر على حجم الجريان في مجرى الأنهار والوديان وأن يروض النظام المائي فىه بالشكل الذي يناسب حاجته للاستغلال بدلا عن تدفقها المهدر في البحر - ويتمثل ذلك في إنشاء السدود والقناطر والخزانات وفرض نظام معين من التشغيل بالطريقة التي تفي بمتطلبات الإنسان لري الأرض القابلة للزراعة أو لإقامة مراكز عمران إلخ..

كما يجب الإهتمام ومراجعة التقسيمات الإدارية المحلية والتي أصبحت لا تتلائم مع المتطلبات المتطورة لعمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية حيث أن هذه التقسيمات لم تأخذ في حسبانها في الماضي غير عوامل الأمن والنظام والإدارة وجمع الضرائب.

ويعتمد التخطيط على دراسة السكان التي تشمل تقدير عدد سكان البلاد في الوقت الحاضر والتنبؤ بعددهم حتى نهاية الفترة التخطيطية ثم تتناول الدراسة خواص هؤلاء السكان التي تشمل:

المواليد والوفىات والزيادة الطبيعية - توزيع السكان حسب النوع والعمر - الزواج والطلاق ودرجات الخصوبة وحجم الأسرة - النواحي الصحية والتعليمية - وأوجه النشاط المهني والتوزيع الجغرافي - والكثافة والهجرة - ودخل الأسرة وأوجه الانفاق وغيرها من الدراسات الأخرى.

(77) إن ميزانية (الإقليم) الحالية هي 60 مليون جنية بالإضافة إلى ستة مليون أخرى للتنمية (وزير مالية الإقليم الشرقي في عهد مايو 1983) وهذه المبالغ لا تمثل أية نسبة من إيرادات البلاد والتي لو تم صرفها على البلاد لأصبحت من أكثر بلاد العالم تقدماً ورقياً ولذهب الجوع والجهل والمرض إلى غير رجعة.

البجه والشعر:

نورد هنا مقطعاً من مقال للمؤرخ الأستاذ ضرار صالح ضرار جاء فيه الشاعر الإنجليزي (روديارد كبلنج) الذي ولد في مدينة بومبي عام 1865م وتلقى علومه في وطنه إنجلترا ثم عاد إلى الهند ليعمل محررا في إحدى الصحف التي تصدر هناك وظهر (كبلنج) كشاعر في وقت كانت فيه إنجلترا أحوج ما تكون إلى الشاعر الفذ.

وفي الأعوام بين 1883م - 1885م إشتدت المعارك في شرق السودان بين الجيوش البريطانية والجيوش البجاوية وإمتلأت الصحف الإنجليزية وخاصة التايمز بأخبار هذه الملاحم وأكثر الكتاب من العسكريين وغيرهم في تدوين ذلك الصراع الدموي بين الأمير عثمان دقنه وجنوده البجه من جانب والجنرال جراهام وجنوده البريطانيين والأستراليين والهنود من جانب.

واشترك (كبلنج) في تدوين تلك المعارك وبدلا من تمجيد الجيوش البريطانية وجد نفسه أمام حدث تاريخي جديد فهنالك الجنود الإنجليز بأسلحتهم الحديثة من بنادق ومدافع يجابهون مقاومة عنيفة من الثوار البجه الذين لا سلاح لهم غير الإيمان بالله وبقضية الحرية والسيوف البواتر، وأخرج (كبلنج) قصيدته التي أورد هنا ترجمتها للأستاذ الكبير ضرار صالح ضرار والتي أهداها إلى المحارب البجاوي الذي إستطاع بحد سيفه فقط أن يخترق المربع البريطاني الذي لم يكن قد حدث مطلقا أن استطاعت أمة من الأمم أن تحطم ذلك المربع العسكري، غير المقاتلين البجه الأشاوس وجعل (كبلنج) موضوع قصيدته (البجاوي) أو (فظى وظى) كما يقول الإنجليز: Fuzzy Wazzy

البجاوي ذو الشعر الأشعث

لقد إلتحمنا في معارك ضد كثير من الرجال عبر البحار

وكان بعضهم شجاعا وبعضهم لم يكن كذلك

الباثيون، والزولو، والبورميون

بيد أن البجاوي كان أروع الجميع

لم نستطع أن نحصل منه حتى ولا على نصف بنس

كان يقعى بين الأشجار ثم يثب على فرساننا

كان يلعب بقواتنا كما يلعب القط باليمامة

لهذا فإنني أقدم لك أيها البجاوي في وطنك السودان

هذا الإهداء، إنك وثني جاهل، ولكنك محارب من الطراز الأول

نحن نقدم لك شهادة إذا أردتها ممهورة.

فإننا سوف نجيء إليك وستكون لنا معك جولة في أي وقت نشاء.

لقد أخذنا فرصتنا بين تلال خيبر.

والبوير دوخونا وهم على بعد ميل

البورميون أذاقونا برودة ايروادي

وابن الشيطان - الزولو - نافسنا في طريقتنا

ولكن كل ما لقينا من هؤلاء

كان قطرة إذا قيس بما جعلنا البجاوي نتجرع

ولكن حين إلتقينا بالبجاوي رجل برجل فإنه صرعنا جميعا

لذلك فإنني أقدم لك هذا الإهداء أيها البجاوي لك ولزوجتك وطفلك

كانت الأوامر التي لدينا أن نحطمك، وبالفعل فقد ذهبنا لإنجاز ذلك

نحن أجهزنا عليك ببنادق المارتيني ولم يكن ذلك من العدل

ولكن بالرغم من الظروف القاسية التي كانت ضدك أيها البجاوي

فإنك قد حطمت المربع

ليس له أوراق يملكها

ليس لديه ميداليات وجوائز

لذلك فإنه من الواجب علينا أن نشهد بالمهارة التي أظهرها في إستعمال سيوفه الطويلة.

عندما كان يثب من خلال الأعشاب بترسه المستدير ورمحه العريض

إن هجوم البجاوي في يوم واحد من أيام سعده

لكفيل بجعل الجندي البريطاني السليم

مكتفيا بذلك اللقاء مدة عام

لذلك فإليك هذا الإهداء أيها البجاوي.

وإلى أصدقائك

الذين لم يعودوا أحياء

لو لم نكن فقدنا بعض أفراد ميزنا لكنا شاركناك في أحزانك

غير أن الأخذ والعطاء هو سنة الحياة- وإننا سنقول

بأن الصفقة كانت عادلة

لأنك وإن كنت قد خسرت أعدادا أكثر منا

إلا أنك هشمت المربع

إنه يهجم على الدخان عندما نتوقف عن التقدم

وقبل أن نعرف الموقف نجده قد أعمل سيفه في رؤوسنا

إنه رمال محرقة وزنجبيل حار عندما يكون حيا

وإنه على العموم يكون مرعبا عندما يكون ميتا

إنه زهرة الديزى إنه جوهرة إنه حمل إنه قطعة من المطاط المهووس بالإنطلاق

أنه الشيء الوحيد الذي لا يعطي مثقال ذرة من الإهتمام

لفرقة المشاة البريطانيين

لذلك فإليك هذه القصيدة أيها البجاوي برأسك

ذي الشعر المدبب

أيها الأسود الكبير اللعين لأنك أنت

حطمت المربع البريطاني

قصيدة مؤتمر البجه

هذه القصيدة القيت في احتفال مؤتمر البجه في بورتسودان في اكتوبر العام 1958م، وهي للشاعر البجاوي الدكتور محمد عثمان الجريتلي

اليوم يومك يا قصيدي فانشدي ـ وتغن بالشعر الفريد وغرد

إن لم أكن لبني العمومة منصفاً ـ لا كنت يا شعري ولا كانت يدي

أنا من يجلكم ويفنى دونكم - ويذود عن أرض الجدود ويفتدي

فتحية من شاعر ومواطن - شرفتموه بذلك الحفل الندي

لا خير في شعب يعيش مفرقاً ـ وتسوده الأطماع دون تقيد

بالإتحاد يسود كل مضعضع - ويعز كل مصنع ومشيد

ضموا الصفوف ووحدوا آراءكم - لا خير في ذي الرأي غير موحد

كنتم قبائل لا تساند بعضها - يسطو القوي على الضعيف ويعتدي

حتى اعتدى جمع اللئام عليكم - وسطا عليكم كل وغد مفسد

فبقيتموا مثل اليتامى حقبة - لا الدمع يجديكم وليس بمرشد

حى نهضتم يوم طالب قومكم ـ بالموت فوراً أو جلاء المعتدي

كنتم من السودان خير مناضل -ـ وشعار تضحية وبسمة سؤدد

سالت دماؤكم الزكية حرة ـ برصاصة المفني ودون تردد

ضحيتم بنفوسكم ونفيسكم ـ ووقفتموا في الحق مثل الجلمد

حتى انتهى المستعمرون واذعنوا ـ لإرادة الشعب القوي الأوحد

وتبوأ السودان مركز ماجد - حر بهذا العالم المتبلد

ومضى كسيل جارف نحو العلا - لم يخشى من مرغ به أو مزبد

وتعاقبت فيه حكومات فلم ـ تلقِ لكم غير الفتات المجهد

فصبرتموا حتى تنالوا بعض ما ـ من أجله ضحيتموا بالمرقد

فصبرتموا حرصاً لوحدة قطركم ـ حتى ينال المجد غير مقيد

لكن من حكموا البلاد تنصلوا - عن وعدهم ونسوا جلال الموعد

فالجوع يجتاح البلاد مخرباً - والفقر والآلام والعيش الردي

وهناك في الخرطوم قوم رفهوا - لم يشعروا بالعري والحلق الصدي

يردون من ماء فرات وافر - والماء عندكم سراب مبدد

مات النساء ويتمت أطفالكم - فالكل بين ممزق ومشرد

وسبيل عيشكم بأيدى غيركم - والباب من أرزاقكم كالموصد

يا قوم هبوا مخلصين وناضلوا -ـ في الحق لا تخشوا عدى أو معتد

قولوا لإخوان لكم لم يشعروا - بعذابكم إنا هنا في موقد

ضاقت بنا الدنيا وقل نصيرنا - ونسير حتماً للفناء الأسود

إن تنيلونا الحقوق وتلفتوا ـ أنظاركم نحو الشقاء الزائد

وتخففوا عنا العناء وتخلقوا ـ من أرضنا نهلاً نقي المورد

بالعلم والخلاص والحق الذي ـ هو حقنا بل حق كل مجاهد

وتوفروا سبل الحياة وتوجدوا - خير العلاج لعاجز ومسهد

ونخشى عليكم من جياع شردوا - ونخاف ثورة عاطل مستعبد

إن الفضيلة لا تقيل مطمعاً -ـ أو ترتجى من جائع متشرد

إنا لنعلم أن بلادنا - والبحر كنز زاخر لم ينفد

فلنا المعادن ثروة مخبوءة -ـ والبحر يزخر بالثراء العسجدي

ولنا من السودان فضل زراعة - إن أصلحت فاضت بخير مفرد

كم من مياه عذبة هدارة -ـ ذهبت سدى للبحر دون تهجد

وبطوكر والقاش رزق وافر - يكفي الجياع مدى الحياة ويغتدي

بكل ركن إن أردتم ثروة -ـ إذ ما استغلت ثم لم تتبدد

عمرتموا بدياركم وبنيتموا -ـ وديارنا نهب الفناء الأسود

فهبوا لنا من بعض ما عمرتموا ـ نحميكم يوم النضال المرعد

ونكون حصنكم المنيع على العدى - ونصير في أيديكم كمهند

إن تتركونا للردى سنزود عن ـ أرواحنا في يومنا أو في الغد

فشريعة الدنيا نضال دائم -ـ والنصر للحر الكريم الماجد

اخواننا هذا عتاب صارخ - من مهجة الشرق الكلوم المقعد

هذا عتاب أخ لاخوان له - الفرق بينهم كأطراف اليد

أنتم تفوقتم فشدوا أزرنا ـ فنشد أزركم ولم نتردد

دعوا كلام المفسدين ولغوهم -ـ إنا من السودان فخر المولد

لم ندع يوماً للشقاق ولم نثر - مثل العدو ضغائناً لم تسعد

قد أول الحساد مؤتمراتنا ـ دعوى انفصال بئس قول الحسد

إنا نطالب حقنا من أهلنا - وبني عمومتنا كرام المحتد

سوداننا تفديه كل قلوبنا -ـ يوم الردى جل الفدى والمفتدى

إنا لنهوى أن نراه مخلداً -ـ يختال فخراً فوق هام الفرقد

ونرى بنيه الفاضلين تبوأوا -ـ في عالم الأحرار أحسن مقعد

الهوامش:

1. محمود توفيق - مجلة السياسة الدولية - يوليو 1979 (البحر الأحمر)

2. تاريخ سواكن والبحر الأحمر - المؤرخ محمد صالح ضرار

3. نفس المرجع السابق

4. نفس المرجع السابق

5. نفس المرجع السابق

6. هذه هي الصوفية - عبد الرحمن الوكيل

7. مقدمة في تاريخ الممالك الإسلامية في السودان الشرقي

8. تاريخ الحركة الوطنية - بروفسير محمد عمر بشير

9. تاريخ السودان الحديث - المؤرخ ضرار صالح ضرار

10. مهندس أوهاج إبراهيم موسى

11. د. عبد الله حامد العبادي (بحث عام 1975)

12. توصيات مؤتمر أركويت عام 1975

13. أحمد طه وعبد المنعم عابدين (بحث)

14. الطيب محمد سعيد (بحث)

15. توصيات مؤتمر أركويت عام 1975

16. علي جماع والشيخ ياسين (بحث)

17. عام 1974

18. عام 1974

19. جريدة الصحافة 12/9/1984 - وزير الزراعة الأسبق بالإقليم

20. توصيات مؤتمر أركويت عام 1975

21. د. عمر الشيخ (بحث) 1975

22. مجلة أهلاً وسهلاً (الخطوط السعودية مايو 1984)

23. توصيات مؤتمر أركويت عام 1975

24. توصيات مؤتمر أركويت عام 1975

25. توصيات مؤتمر أركويت عام 1975

26. نصر الدين السيد (بحث 1975)

27. توصيات مؤتمر أركويت عام 1975

28. التخطيط الإقليمي - د. أحمد خالد علام

29. توصيات مؤتمر أركويت عام 1975

30. التخطيط الإقليمي - د. أحمد خالد علام

31. محمد عثمان السماني ومكي المبارك (بحث)

32. د. عبد الله حامد العبادي (بحث عام 1975)

33. توصيات مؤتمر أركويت عام 1975

34. التخطيط الإقليمي - د. أحمد خالد علام

35. توصيات مؤتمر أركويت عام 1975

36. توصيات مؤتمر أركويت عام 1975

37. د. فاطمة عبد المحمود (بحث)

38. مشكلة جنوب السودان - بروفسير محمد عمر بشير

39. السياسة البريطانية واسترجاع السودان - علي بركات

40. الجلاء والاستقلال محمد عامر بشير (فوراوي)

41. تاريخ الثقافة العربية في السودان - د. عبد المجيد عابدين

42. تاريخ الحركة الوطنية - بروفسير محمد عمر بشير

43. تاريخ الثقافة العربية في السودان - د. عبد المجيد عابدين

44. تاريخ السودان الحديث - المؤرخ ضرار صالح ضرار

45. تاريخ الثقافة العربية في السودان - د. عبد المجيد عابدين

46. قبائل من السودان الأوسط والغربي - د. عبد المجيد عابدين

47. تاريخ السودان الحديث - المؤرخ ضرار صالح ضرار

48. تاريخ السودان الحديث - المؤرخ ضرار صالح ضرار

49. تاريخ السودان الحديث - المؤرخ ضرار صالح ضرار

50. تاريخ السودان الحديث - المؤرخ ضرار صالح ضرار

51. قبائل من السودان الأوسط والغربي - د. عبد المجيد عابدين

52. الأستاذ عبدالخالق محجوب

53. تاريخ الحركة الوطنية - بروفسير محمد عمر بشير

54. تاريخ الحركة الوطنية - بروفسير محمد عمر بشير

55. تاريخ الثقافة العربية في السودان - د. عبد المجيد عابدين

56. تاريخ الحركة الوطنية - بروفسير محمد عمر بشير

57. تاريخ الحركة الوطنية. بروفسير محمد عمر بشير

58. تاريخ الحركة الوطنية - بروفسير محمد عمر بشير

59. تاريخ الحركة الوطنية - بروفسير محمد عمر بشير

60. جذور الثورة الأفريقية

61. تاريخ الحركة الوطنية - بروفسير محمد عمر بشير

62. تاريخ الحركة الوطنية - بروفسير محمد عمر بشير

63. تاريخ الحركة الوطنية - بروفسير محمد عمر بشير

64. المدخل لدراسة الأقليات - د. سميرة بحر

65. المدخل لدراسة الأقليات - د. سميرة بحر

66. المدخل لدراسة الأقليات - د. سميرة بحر

67. المدخل لدراسة الأقليات - د. سميرة بحر

68. المدخل لدراسة الأقليات - د. سميرة بحر

69. المدخل لدراسة الأقليات - د. سميرة بحر

70. المدخل لدراسة الأقليات - د. سميرة بحر

71. المدخل لدراسة الأقليات - د. سميرة بحر

72. الإسلام والتمييز العنصري - صلاح الدين الأيوبي

73. نظرات إسلامية في مشكلة التمييز العنصري - عمر عودة

74. المدخل لدراسة الأقليات - د. سميرة بحر

75. المدخل لدراسة الأقليات - د. سميرة بحر

76. المدخل لدراسة الأقليات - د. سميرة بحر

77. كردستان والأكراد - د. عبد الرحمن قاسملو

78. ميزانية الإقليم - 1974

المراجع:

المولفات:

• تاريخ سواكن والبحر الأحمر المؤرخ محمد صالح ضرار

• تاريخ ممالك البجه المؤرخ محمد صالح ضرار

• مشكلات الأقليات في الوطن العربي دكتور جلال يحيى/ د. محمد نصر مهنا

• جذور الثورة الافريقية جاك ووديس (ترجمة احمد فؤاد بلبع)

• تاريخ (السودان) الحديث المؤرخ ضرار صالح ضرار

• الاسلام والتمييز العنصري صلاح الدين الأيوبى

• كردستان والأكراد دكتور عبد الرحمن قاسملو

• نظرات إسلامية في مشكلة التمييز العنصري عمر عودة الخطيب

• هذه هي الصوفىة عبد الرحمن الوكيل

• السياسة والسياسة الدولية سميح عاطف الزين

• مشكلات القارة الأفريقية ل. جراي كوان (ترجمة عبد العليم منسي)

• صراع القوى العظمى حول القرن الافريقي صلاح الدين حافظ

• السياسة البريطانية وإسترداد (السودان) على محمد بركات

• المدخل لدراسة الاقليات دكتورة/ سميرة بحر

• جنوب (السودان) بروفسير محمد عمر بشير (ترجمة أسعد حليم)

• تاريخ الحركة الوطنية في (السودان) بروفسير محمد عمر بشير

• مقدمة في تاريخ الممالك الإسلامية في السودان الشرقي بروفسير يوسف فضل

• الجلاء والدستور محمد عامر بشير

• التخطيط الإقليمي دكتور مهندس أحمد خالد علام

• البقاء مع العسر (مشروع جبال البحر الأحمر RESAP) لايف مانجر وآخرين

ترجمة مجدي النعيم وآخرين:

• من تاريخ البجه الأستاذ محمد أدروب أوهاج

• الهجرة الثانية السيد الصادق المهدي

• البيئة في محافظة كسلا (PEKP) المشروع الهولندي للتنمية

• تاريخ قبائل البجه تأليف أندرو بول، تعريب البروفسير أوشيك آدم علي

• أمن البحر الأحمر - الأستاذ عماد قدورة

• جغرافية وتاريخ السودان - نعوم شقير

• يوميات باحثة مصرية في حلايب - الدكتورة نادية بدوي

• هجرة القبائل العربية إلى السودان ومصر ـ الأستاذ ضرار صالح ضرار

• الختمية - الأستاذ محمد أحمد حامد

• الثروة الحيوانية - الدكتور محمد أبو العزائم مدني

• حتى متى - الأستاذ خليفة خوجلي

• البحر الأحمر - مركز الدراسات الاستراتيجية السوداني

• تقديرات الزكاة - مركز الدراسات الاستراتيجية السوداني

البحوث:

• تنمية دلتا أربعات الأستاذ محمد كرار كجر

• الزراعة الآلية المطرية بشرق (السودان) عوض الكريم أحمد - محمد الجلابي

• مشروع القاش مجتبى محمد ابراهيم

• المراعي بمديرية البحر الاحمر محمد عثمان محمد

• مصدات الرياح والزراعة الآلية على حسن سليم

• عينات الأعلاف محمد حسن محمد

• تحسين المراعي ودلتا القاش فريد داود إسكندر

• التعليم والتنمية في مديرية البحر الأحمر محمد عثمان صبحي/ د. علي الشيخ

• مشروعات التخطيط بشرق (السودان) دكتور عبد الله العبادي

• مشروعات التخطيط بشرق (السودان) دكتور عبد الله العبادي

• مشاكل الهجرة والإسكان بشرق (السودان) مهندس اوهاج ابراهيم موسى

• الموارد الطبيعية والخدمات محمد عثمان السماني / مكي المبارك

• التخطيط الاجتماعي ومشروعات التوطين على احمد فرج

• اغراض مؤتمر التجار ورجال الأعمال سليمان عثمان

• التصنيع الإقليمي وشرق (السودان) عباس حمور

• الحيوانات الوحشية في شرق (السوادن) محجوب عبد الله البدوي

• الإنتاج والتسويق والتصنيع الزراعي أحمد فضل

• الرحل بمديرية البحر الأحمر الباقر عثمان سيد دبلوب

• المؤسسة العامة التجارية بشرق (السودان) عبد الله سليمان/ محمد أ. ابراهيم

• المياه الجوفىة بمديرية البحر البحر الأحمر الطيب محمد سعيد

• البحث عن البترول في (السودان) دكتور عمر الشيخ

• البحوث الجيوفىزيقية بشرق (السودان) مصطفى متولي

• عمال الشحن والتفريغ - الأستاذ محمد عثمان شيباي، بحث

• تنمية البجه - الأستاذ الخضر محمد عبد الله، دراسة 1975

• دور المرأة في شرق (السودان) دكتورة فاطمة عبد المحمود

• التخطيط الاجتماعي لشرق (السودان) إدارة الشئون العامة

• العمالة في مديرية البحر الأحمر إدارة البحث والمسح الاجتماعي

• العوامل والبدواة بشرق (السودان) علي جماع / الشيخ ياسين

• مصادر المياه بشرق (السودان) شادول احمد شادول

• التنمية الصناعية بشرق (السودان) محمد صالح السباعي

• وثائق مؤتمر تنمية وتعمير منطقة البحر الأحمر (ديسمبر 1992)

• كتيب نمط الحياة جمعية الثقافة البجاوية - القاهرة

• موسوعة ولاية البحر الأحمر (1999) الصندوق القومي لدعم الولايات

• طقوس العبور عند قبيلة البني عامر - الأستاذ صلاح الدين إبراهيم آدم (دراسة)

• عمال الشحن والتفريغ - محمد أوهاج آدم (دراسة 1993)

• إدارة العمل ودورها في التنمية - حسين عبد الرحمن، دراسة

• المياه في بورتسودان - مكتب مياه بورتسودان، دراسة

• كهرباء البحر الأحمر - المهندس عبد المجيد سيد أحمد، دراسة

• كهرباء البحر الأحمر - المهندس عبد الله عبد القادر قرشي، دراسة

• السياحة - الأستاذ هاشم خورشيد، بحث

• السياحة - الدكتور أبوبكر عبد الحميد، بحث

• الكوامن والأسرار - الكابتن عبد الحليم محمد، بحث

• التنمية الاجتماعية - الأستاذ محمد الأمين حمد، دراسة

• العمل التعاوني - الأستاذ حسن خليل، دراسة

• تنمية المرأة في الولاية الشرقية -- الأستاذة حليمة شنان، دراسة

• دور المنظمات الطوعية - الأستاذ عثمان فقراي، دراسة

• احصائيات التعليم - وزارة التربية الإتحادية 95/1996

• احصائيات التعليم - وزارة التربية بولاية كسلا

• احصائيات التعليم - وزارة التربية بولاية القضارف

مؤلفات المؤرخ محمد صالح ضرار:

ـ تاجوج والمحلق
ـ تاريخ سواكن والبحر الأحمر
ـ تاريخ ممالك البجه
ـ تاريخ الحباب والحماسين
ـ تاريخ بورتسودان
ـ رحلاتي

مؤلفات المؤرخ ضرار صالح ضرار:

ـ تاريخ السودان الحديث - الحب في شعر العقاد - هل كان عنترة سودانياً - العرب من معين إلى الأمويين - الحجاج بن يوسف - هجرة القبائل العربية إلى وادي النيل مصر والسودان -ـ حرب النهر (تعريب)

مؤلفات القاسم صالح ضرار:

ـ تنمية المهارات الإدارية
ـ فاعلية مدير التدريب في عصر العولمة
ـ تنمية المهارات الإشرافية
ـ تحديد الاحتياجات التدريبية
ـ طريق المدير إلى بناء
ـ المشرف والموظف الجديد
ـ الترقيات ونظام المستقبل
ـ إدارة شؤون الموظفين
- الاتجاهات الحديثة في إدارة شؤون الموظفين.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click