اهدار الكرامة الإنسانية في إرتريا: شهادة الأخ حروي سعيد
حاورته الدكتورة: سعاد دنكلاي - ناشطة سياسية ارترية
أجرت الدكتورة/ سعاد دنكلاي في برنامج (نافذة) مقابلة مع الشاب (حروي سعيد) في تلفزيون أدال
في القسم العربي، وذلك بمناسبة يوم المعتقل الإرتري.
ادلى الأخ/ حروي بشهادته في ثلاث حلقات سرد فيها تجربته المريرة مع المعتقلات في ارتريا.
وسوف نحاول تلخيص هذه الشهادة بدون إطناب ولا تقصير:-
١) أكّد أن المعتقلات كثيرة ومنتشرة في اغلب مناطق إرتريا.
٢) كان سبب إعتقاله محاولة الخروج خارج البلد وذلك إلى جمهورية السودان المجاورة.
٣) تم القبض عليه في المنطقة الغربية ولم ينكر أنه كان يحاول الذهاب إلى السودان، وكان وقتها طالبا! وتم القبض عليه مرة اخرى وهو جندي مجند وقد افلت في المرة الثالثة وخرج من البلد.
٤) كونه تم القبض عليه في المنطقة الغربية فقد أخذ إلى معتقل في مدينة أغردات ثم إلى مركز المخابرات العسكرية في نفس المدينة.
٥) تم تحويله مع اخرين في سيارة مظللة إلى معتقل سري في مدينة بارنتوا ويبدوا من الخارج كأنه مكان ورش وقراشات للسيارات، يقول: والغريب في الأمر مع أننا كنا مقيدين وتم إحضارنا للتو لكن الجنود لم يكترثوا لإحضارنا ربما لانهم يعيشوا معاناة لا تقل عن المعتقل أو ربما لأنهم اعتادوا في هذه الظاهرة المتكررة يوميا.
٦) فور دخولنا إلى هذا المكان تم التحقيق معنا ولم يخرج عن الأسئلة السابقة التي وجهت لنا في اغردات.
٧) تم توزيعنا في الزنازين وكنا نسمع اصوات تصدر من غرف تحتية وكان معي خمسة أشخاص وكنا نتلاصق وننوم من ضيق الزنزانة، وكان هولاء الشباب اثنان من أسمرا وإثنان من المنطقة الغربية، وقد تم تعذيبي بالضرب فى هذا المعتقل السري من أجل معرفة من كان يهربنى ومن كان من زملائي من يفكر في الهروب من البلد! وعندما دخلت لغرفة التحقيق سمعت أصوات معذبين (صراخ وعويل) ولم أر أي شخص لست ادري إن كانت هذه أصوات معمولة لإرعاب الإنسان أم كانت تصدر من غرف مجاورة!
٨) لا يعرف أسماء العساكر الذين كانوا يعذبونه.
٩- تعرف من خلال فتحة في الغرفة على رجل مسن كان معتقل في غرفة إنفرادية وكان يسمع قراءته ودعواته، ومن خلال هذه الفتحة تم تبادل الحديث معه.
١٠) تم تحويله بعد ذلك إلى سجن (بريما كنتري) في نفس المدينة وبعد يومين احضروا أيضا ذلك العم المسن وتعرفنا وهو كان مسؤول في منطقة من المناطق في ارتريا وخلال هذه المدة كلها لم يتم سؤاله عن أي شيء ولم توجه له أي تهمة وبعد ذلك تم إخباره أنه اعتقل خطأ وافرج عنه، ومن شهامة هذا العم ذكر أنه زاره في سجن في اسمرا.
١١) السجن الذي في بارنتوا كان المعتقلون فيه إما جنود وضباط محكوم عليهم بسنوات وإما شباب مقبوض عليهم اثناء محاولة العبور إلى السودان ومن الغرائب كان هناك شاب محكوم عليه ست سنوات وبعد فترة جاء الضابط الذي حكم عليه بالسجن متهم في سرقة دقيق وأخبره أنه حكم عليه فقط بخمس سنوات! وكان أسوء ما في هذا المكان لا يوجد فيه إلا حمام واحد فقط لعدد 400 معتقل من العساكر وإضافة إلى اعداد اخرى وجودهم مؤقت! ويتم إخراج المعتقلين مرتين في اليوم خارج المعتقل وهم حفاة وذلك من أجل قضاء الحاجة تحت حراسة مشددة... ويتم تقديم شاي وخبزة في الصباح ثم مرتين عدس وخبز.
ومن المشاهد المؤلمة في أحد الأيام تم أخذ مجموعة من الشباب خارج المعتقل لإحضار حطب فما كان من هولاء الشباب إلا الفرار فإذا بالجنود يطلقون عليهم النار ولم يفلت منهم إلاّ واحد وكان بعضهم جريح وبينما هم ينزفون تم جلبهم لساحة السجن وضربهم بالعصى والركل والصفع وهو مشهد يصعب علىّ نسيانه.
١٢) تم نقله بعد ذلك إلى (سجن عّدي ابيتو) في أسمرا وأيضا لا توجد فيه حمامات كافية وتنتشر الحشرات والقمل في كل مكان، وأيضا شاهدت في هذا السجن محاولة هروب من بعض الشباب الذين كانوا قد أخرجوهم لقضاء الحاجة وللأسف لم ينج منهم إلا القليل وتم تعذيب هؤلاء الشباب في بلاعات القاذورات حيث تم ادخالهم فيها وجعلوهم يغطسو فيها.
١٣) تم إرسالي إلى معسكر (ويعا) للتدريب العسكري وفي مرة طلب منا ونحن عشرة شباب إيصال ماء إلى مكان قريب من معسكرنا في منطقة جبلية وهناك دخلنا إلى غرف تحت الأرض فوجدنا فيها مجموعة من النساء اقدر أن عددهم حوالي عشرين ولم نستطع الكلام معهنّ وسمعنا ربما هنّ معتقلات بسبب إعتناقهنّ لمذهب ديني جديد، وكانت حالتهنّ مزرية جدا.
١٤) وبعد إكمال التدريب تم توزيعه كمجند في الجيش ولكنه هرب مرة أخرى وتم القبض عليه ومرّ بنفس الماساة ولكن هذه المرة كجندي وذكر أنّه كان محطم نفسيا ومنهار معنويا وخاصة عندما تم إدخاله إلى معتقل (تراكبى) في اسمرا وهو معتقل عسكري تحت الأرض توجد فيه غرف جماعية وإنفرادية ومليئ بالحشرات، وضيق جدا ولا توجد أي تهوية ولولا وجوده في أجواء أسمرا الباردة لما خرج منه أي معتقل، وكان يوجد فيه ايضا عساكر محبوسين انفرادي منذ سنوات وذكر أنه بقي فيه عشرة أيام قاسية.
١٥) تم تحويله إلى دفعته وهنا عليه أن يخضع للتحقيق والمحاكمة من قائده وربما يتم تعذيبك واستعبادك كما تم قتل شاب اسمه جمال في ويعا بنفس الاساليب والضغط والتعذيب... فكان لابد من الهرب قبل هذا اليوم المشؤوم فتمكن من الإفلات من العسكر بل الخروج من البلد في المحاولة الثالثة.
تنسيقية يوم المعتقل الإرتري: اقول للأخ (حروي) الحمد لله على سلامتك وتشيد بشجاعتك وادلاءك بهذه الشهادة المهمة وتأمل أن تكون محفزة لجميع شبابنا الذين عانوا مثلك أو أكثر منك أن يدلوا بشهاداتهم، ونشكر قناة ادال والدكتورة سعاد وبرنامجها المتميز (نافذة).
رؤية قانونية للشهادة:-
١) لا يوجد في إرتريا قانون ضبطية محدد المدة بحيث يتم تحويل المتهم إلى القضاء مع ملف الاتهام وإلاّ لابد من إطلاق سراحه إذا لم تكن هناك جريمة تتطلب عرضه في القضاء للتحقيق معه.
٢) لا يوجد قضاء مدني ينبغي أن يعرض عليه المتهم وخاصة الطلاب وكبار السن والاحداث.
٣) يعتبر محاولة نزع الاعتراف بالتهديد والتعذيب جريمة ضد الانسانية.
٤) تعتبر محاكمة الانسان المدني في محاكم عسكرية ضد القانون الدولي وظلم وانتهاك لسلامة الانسان.
٥) إرهاب المعتقل وزجه في غرف ضيقة أو تحت الأرض أو تعذيبه أو حرمانه من حذائه وملابسه أو قضاء حاجته أو استحمامه وغسل ملابسه أو تقيده أو تعريضه للاهانة والاذلال أو استخدامه كسخرة وغيرها من الممارسات تعتبر إهدار للكرامة الانسانية ينبغي أن يعاقب مرتكبها وعلى راسهم رئيس البلد ووزير الداخلية ووزير العدل وكل الضباط والعساكر الذين ينفذون قرارات عسكرية على مدنيين.
٦) عدم إعطاء المتهم حق الدفاع عن نفسه وإذا لم يستطع أن يمنح حق توكيل من يدافع عنه يعتبر حقا شرعيا وفي حالة الحرمان منه حري بإبطال كل القرارات التي تم اصدارها وتنفيذها وينبغي أن يحاسب كل من قام بمثل هذه المحاكمات الظالمة.
٧) يعتبر اخفاء المعتقل تحت الأرض أو تقييده بسبب راى مخالف أو معتقد مخالف لدين الدولة جريمة وانتهاك لحرية وادمية الانسان.
هذه وغيرها جرائم يمكن وصفها بأنها ضد الانسانية وينبغي محاسبة مرتكبيها.
تنسيقية يوم المعتقل الإرتري
دكتورة سعاد دنكلاي
• بكالوررس صيدلة – اليمن،
• دبلوم العلوم الشرعية معارج – جدة،
• دبلومة الصحافة والاعلام، المركز الدبلوماسي – القاهرة،
• دبلوم اخصائي تخاطب – جدة.