بقلم الإعلامي الأستاذ: إبراهيم محمد عمر سليمان اللولا - كاتب وناشط سياسي ارتري

لا خلاف ان الكتابة هي موهبة، أداتها الألفاظ والاستعارات والإيقاع، تماما كما يتلاعب الرسام

بالألوان والخطوط، والموسيقي بالحانه، تبقى الكتابة فنا ايضا وليس مجرد الهام، فلا وجود للكاتب الملهم الذي يجلس امام الورقة منتظرا هبوط الوحي من السماء، فالكتابة مثل كل فن، هي عملية تقتضي العمل والالتزام بالتطوير والتحسين المستمر.

بهذه المقدمة اود ان اتحدث عن ظهور الكتاب الإريتريين المكثف في العشر سنوات الأخيرة، بالرغم من ان الروايه الأريترية الاولى عمرها يقارب المائة عام، ومثال على ذلك رواية رحلة شتاء (قصة صالح) لعميد الكتاب والروائين الإريتريين محمد سعيد ناود، إلا انهم تأخروا كثيرا عن اللحاق به لظروف ربما تكون موضوعية إذما نظرنا اليها بتعمق.

صحيح المنبع لا يدر بالماء ما لم يكن خلفه بركة ماء محجوزة ليس لها مخرج إلا من خلال فتحة النبع، وبالمثل كل الكتاب او الروائيين الذين ظهروا لم يكن ظهورهم من فراغ بل هنالك رصيد معرفي وذاكرة مخزن بها سلسلة من احداث ضمن واقع ووقائع لأكثر من ستين عاما بين نضالات في سبيل استرداد الارض المسلوبة عنوة من معتدي خارجي وبين مقاومة من اجل الحفاظ على عرض منتهك وموارد مستغلة من معتدي داخلي، احداث مؤلمة مر بها الآنسان الإريتري، ممزقا في كيانه، مشتت في وجوده، مبعثر في كل جغرافية العالم، كل هذه الذكريات كامنة في ذاكرة كل فرد بتفاصيلها الحية، ويكفي ان يدون اي شخص قصة حياتة بأسلوب ادبي شيق لتصبح سرديتة روائيه تمثل حياة كل إنسان اريتري بغض النظر عن مكان اقامتة لان الظروف مشتركة.

كما حدث في رواية سمراويت للروائي المبدع حجي جابر والتي صدرت في 2012 كيف انه اجمع كل من ولد خارج اريتريا بانها تمثله وتتحدث عنه تماما، وكأن حجي جابر يتحدث عن كل من يماثله في الظروف دون ان يدري.

اما ان يظهر تواتر الكتاب برواياتهم بالأعداد الملحوظة هذه، وعلى الرغم من ان الظاهرة صحية وايجابية من النظرة الأدبية الإبداعية وتهدف تدوين ثروة من العلومات لتمليكها للاجيال الحاضرة والحفاظ عليها في ارشيف الميديا، ان هنالك ظروف مهيأة تسهل إظهار الانتاج بان يصبح واقع مدون علي الورق ويعرض في معارض الكتب، وهو ما شجع كل من له رصيد مخزون وله المقدرة على الكتابة بان يبادر في طرح إنتاجه مطبوعا، والفضل يعود في سهولة التوثيق والنشر عبر الشبكة العنكبوتية والرعاية المحفظة والحضن الآمن من دار الطباعة والنشر وعلى رأس تلك المطابع دار النخبة للطباعة والنشر بالقاهرة متمثلا في ادارتها الواعية بأهمية نشر الثقافة في سبيل التواصل والابداع الإنساني المكتوبة بالعربية، وهذا لا يعنى بان كل ما ينشر عمل ادبى متكامل بعيد عن النقد والتعليق المتخصص، انما النقد الايجابي والتصحيح والتصويب الخلاق يفيد الكاتب والقاريء معا، ويثري المحتوى الادبي ويدفع بالإنتاج الهادف، فمرحبا بالنقد المنهجي والناقد المحترف.

• السابق
• التالي