حوار مع الفنانة بخيته على
حاورها الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبدالله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ
• تم إستدعائي أكثر من مرة للإلتحاق بالفرقة الغنائية التابعة للوحدات المقاتلة.
• كل الجهود التي كانت تبذل من أجل الحرية والفنان الإرتري كان يركز في كيفية دعم الثورة.
• حلم إصدار الألبوم لم يتحقق لإعتبارات كثيرة و رغبتي أكيدة لإصداره متى ما توفرت الظروف الملائمة.
• الفن في عهد الثورة له تاريخ خاص به لا يمكن أن يمحا وسوف يتم توريثه الأجيال.
ولدت الفنانة/ بخيته على عامر بمدينة كرن، وقضت بها بعض سنوات الطفولة حيث درست بها الصف الثاني الأبتدائى، غادرت مدينة كرن مع أسرتها وإستقر بهم المقام بمدينة كسلا السودانية حيث درست هناك حتى الصف الرابع الأبتدائي بمدرسة الثورة، فى تلك الفترة كانت الروح الثورية متأججة والفرق الفنية كانت تأتي الى كسلا من داخل الميدان ومن بعض المدن السوداينة ألأخري، الجماهير الإرترية كانت تحضر تلك الحفلات الغنائية التي كانت تقيمها تلك الفرق، وفي إحدي المرات تم الأعلان بأن الفرقة المركزية القادمة من الميدان سوف تقيم حفلاً غنائياً ساهراً بقرية "أديبرا" الحدودية، ولمشاهدة الحفل والإستمتاع بالأغاني الوطنية ذهبت الى هناك برفقة زميلاتها في المدرسة، وبعد الإنتهاء من الحفل قررت الإلتحاق بالثورة ووصلت الى منطقة ساوا، حيث تم إستقبالها هناك، ظلت مع الكتائب العسكرية التى كانت ترابط هناك لمدة معينة، ولم يلحقوها بالتدريب العسكري نظراً لصغر سنها، خلال تلك الفترة بدأت تغني اغاني كبار الفنانين التي كان يحفظ إغنياتهم الكبار والصغار، لم تكن تعرف أي شيئ عن الثورة والسياسة حين قررت الإلتحاق بالثورة، وبعد ذلك بدأت التدريب العسكرى بمنطقة ساوا بعد أن وصل عدد المتطوعين فوق المائة.
وعن حبها للغناء تقول: لم أحلم بأن أكون يوماً ما مغنية بالرغم من سماعي للأغانى الوطنية الإرترية لمختلف الفنانين أيضاً كنت إستمع للأغاني السودنية، وأذكر كنت أحفظ أغاني بعض الفنانين مثل أغنية "هوباي سما" للفنانة/ زينب بشير وأغاني الفنان/ محمد عثمان مثل "هيبو الله هيبا" وأغاني الفنانة/ خديجة أدم وأخرون كثر، وأثناءالتدريب كان يتم تجميع المستجدين الذين لديهم مواهب غنائية فى فرقة غنائية، وتم إختياري ضمنهم وبدأت أغني مع فرقة المستجدين في المعسكر، غنيت أغنية خاصة لى ولكن للأسف الشديد الأن لا أتذكر إسمها ناهيك عن كلماتها.
وبعد الإنتهاء من التدريب العسكري تم توزيعنا في القوات المقاتلة، الذين كانوا معي بمعسكر التدريب بلغوا القيادات العسكرية بأنني أجيد الغناء، وغنيت العديد من الأغاني خلال فترة التدريب العسكري، تم إستدعائي أكثر من مرة للإلتحاق بالفرقة الغنائية التابعة لوحداتنا المقاتلة وكنت ارفض الغناء، ولكن بمرور الزمن وصلت وحداتنا الى مدينة نقفة وهناك تم تكوين فرقة غنائية وأصبحت أحد أعضائها، بدأت أحفظ كلمات أغنية جديدة كتب كلماتها أحد المقاتلين وبعد أدائي لتلك الأغنية تم سحبي من قبل المسؤولين الذين كانوا يشرفون على الفرقة الغنائية التابع للفرقة 70.
وعن أول أغنية غنتها بالثورة تقول: كان ذلك أثناء مشاركتي ضمن الفرقة الغنائية 70 في مهرجان "عرريب"، حيث غنيت في المهرجان أغنيتين جديدتين بإسم "سفاللكو، وجيشنا الشعبي"، وقبل السفر للمهرجان أقمنا حفلاً غنائياً بمدينة نقفة وهناك إكتسبت الشهرة وأصبحت معروفة لدى القوات التي كانت ترابط في نقفة . رغم تلك الشهرة لم أكن مقتنعة بإنني يمكن أن أكون مغنية، لأن التشجيع الذي كنت أجده من قبل الشعب والمقاتلين كنت أعتقده روتيني نتيجة للظروف التي كانت تمر بها الثورة والإنتصارات التي كانت تتحقق.
بعد تحرير البلاد وطرد المستعمرين ما هي الجهود التي قمت بها لتدعيم مسيرتك الغنائية؟
بعد تحرير البلاد ودخولنا إلى المدن بدأت في تسجيل أغاني مع عدد من الفنانين وطبعت تلك الأغاني في أكثر من شريط، وتلك الأغاني كنا نرددها في المناسبات الوطنية، وأما أول ألبوم خاص بي كان بإسم "يما" أي الأم، وكان ذلك في عام 1997م.
وأضافت الفنانة بخيته علي عن أحوال أسرتها وفنها قائلة: الفن لعب دور كبير في حياتي وفي الإطار الأسري تحديداً، بعد التحرير شجعتني أسرتي لمواصلة الفن، لم يعترضوا على ذلك، بل كانوا يشجعوني دائماً حتى وصلت إلى هذا المستوى، أما على صعيد الأسرة الصغيرة فأن زوجي عازف تعرفت عليه منذ بدايتي للغناء، ووجدت منه التشجيع والمتابعة منذ صغرى حتى هذه اللحظة التي أتحدث فيها معك الأن، زوجي كان له دور مهم في مسيرتي الفنية.
وهناك من دعم مسيرتي الغنائية منذ البداية، وخلال مرحلة الثورة وحتى عام 1995م كان الفنان/ صالح إبراهيم كان يكتب لي الكلمات ويلحنها لي، أيضاً غنيت أغنية "مندي لهي" مع عدد من الفنانين وكان ذلك في عام 1993م بقيادة الفنان/ أحمد ود شيخ، وبعد ذلك غنيت أغنية "عونا" للفنان/ أحمد ود شيخ، ثم أغنية "ميراث" التي كتب كلماتها الفنان/ ود عبدالله ولحنها أيضاً الفنان/ أحمد ود شيخ، أستطيع أن أقول في هذه المقابلة بأن كل الفنانين والشعراء الذين يغنون ويكتبون الشعر بلغة التقري تعاونوا معي وأذكر فيهم الفنان/ سعيد عبدالله، الفنان/ أحمد ود شيخ، والفنان/ صالح إبراهيم. كما لعب الشاعر/ باولوس ناتاباي دوراً كبيراً في ظهور ألبومي الأول الذي صدر بعنوان الأم "يما".
وعن أغنياتها الجديدة تقول: منذ سنوات خلت أعلنت عن موعد صدور ألبومي الغنائي الثاني ولكن حلم إصدار الألبوم لم يتحقق لإعتبارات كثيرة، ولأن ذلك يتطلب إستقرار وهدوء وإن ظروف العمل والسفر في داخل الوطن أو خارجه وتعاقب المناسبات حال دون صدور الألبوم، ولكن رغبتي أكيدة لإصدار الشريط متى ما توفرت الظروف الملائمة، وأقول أنني مازلت في بداية الطريق، ومشوار الفن عموماً والغناء خصوصاً يحتاج إلى التفرغ لإنتاج أعمال غنائية جديدة، سأبذل قصارى جهدي حتى أسعد عشاق فني وفن التقري.
كيف تقيمين الوسط الفني سواء كان ذلك في عهد الثورة أو الأن؟
الحديث عن الوسط الفني يقترن دائماً بالظروف التي تحيط به، وكل شييء له زمنه، كان الهم الاول للوسط الغنائي في عهد الثورة تحقيق الحرية، لأن كل الجهود التي كانت تبذل من أجل الحرية، والفنان الإرتري كان يركز في كيفية دعم الثورة وتحقيق الحرية. وإن الفن في عهد الثورة له تاريخ خاص به لا يمكن أن يمحا وسوف يتم توريثه لكل الأجيال.
كما تميز الوسط الغنائي في عهد الثورة بالعمل الجماعي الذي كان عاملاً مهماً لتحقيق النصر وغناء أجمل الأغاني من كل النواحي، ولم يكن للفردية مكان وبالتالي فأن الأعمال التي كانت تغني رائعة ولا ذكريات في النفوس، وفي عهد الإستقلال إستطاع الفنانون أن يجدوا المناخ الملائم لإظهار إبداعاتهم، والحرية خلقت لنا أجواء جديدة، وتنوعت الإبداعات الغنائية لتشمل الجوانب العاطفية والإجتماعية والقيم الجمالية، أما الأن فأن الوسط الفني تأثر بالحياة المعيشة والكل أصبح يتفرغ لهمومه اليومية وتسيير أمور حياته، ولذلك كل فنان بدأ يهتم بالكيفية التي يستفيد من فنه وأقول لك لا يوجد أحد من فناني لغة التقري إستفاد من فنه لدعم حياته.
ولذلك فأن الفن يرتبط بالزمن والظروف التي يولد فيها العمل الفني، ويجب أن يكون هنالك تنافس إيجابي بين الفنانين، لأن السباق نحو الإبداع يحفز كل الفنانين لإيجادة أعمالهم.
ما هي الأغنية التي تحبيها وتردديها من أغانيك؟
أحب الأغاني التي غنيتها ولكن أغنيتي عونا ومندي لهي محببتان إلى نفسي وأرددهما دائماً.
فنان تستمعي له من فنانين التقري: أستمع لكل الفنانين الذين يغنون بلغة التقري دون تميز.
هل حاولت أن تغني الأغاني التراثية التي كانت يتغنى بها في المناسبات الإجتماعية؟
لم أغني من قبل أي أغنية تراثية، ولكن الفكرة من حيث المبدأ جيدة ولكن تحتاج إلى بحث وتمصيص وتدقيق، كما أتمنى من كل الذين يحفظون الأغاني التراثية أن يقدموها لي لكي أغنيها وهذه دعوة مفتوحة للكل.
ما هي العوائق التي تواجه فناني التقري والتي تحول دون إصدار ألبومات غنائية؟
كل الفنانين لديهم الرغبة في إصدار ألبومات غنائية خاصة بهم ولكن هناك ظروف تحول دون ذلك ذكرتها من قبل، بالإضافة إلى أن الشرائط بعد وصولها إلى الأسواق لا تباع، مما يسبب خسارة مادية للفنان، ويجب على المستمعين تشجيع الفنانين عن طريق شراء الألبومات الغنائية.
ما هي العوائق التي واجهتك أثناء تجوالك خارج الوطن من قبل المعجبين؟
حقيقة يجب توجيه كلمة شكر لكل الإرتريين الذين يقيمون بالخارج لتشجيعهم كل الفنانين دون تمييز، وحب المعجبين وتكاتفهم معنا يخفف علينا الكثير من المتاعب التي تواجهنا أثناء السفر، وأذكر في إحدى المرات أن بعض المعجبين بالسعودية قالوا لي وهم يمزحون يا بخيته جئتي إلى السعودية لتحاربينا عن قرب بعد أن أعلنت الحرب علينا في أسمرا، وهم بالتأكيد يقصدون الأغنية التي غنيتها بعنوان "حرمت"، والكل يسأل عن تلك الأغنية المؤثرة التي تدعوا إلى نبذ الإغتراب والعودة للوطن للإهتمام بشؤون الأسرة.
كما هو معروف إن أغنية "حرمت" هي للشاعر والفنان الشاب/ عبدالقادر بلح،
ما هي أخر المشاريع الغنائية بينكم؟
الشاعر والمغني الشاب/ عبدالقادر بلح لم يقصر يوماً ما في التعاون معي، ولكن الوقت أصبح عائقاً أمام إنتاج أعمال غنائية، والأمر يحتاج إلى وقت ليتم اللقاء والتعاون في أعمال غنائية جديدة، ولضيق الوقت أحياناً نلتقي صدفة في المناسبات المتعددة،ولكن إنني أعتبر المخزون الغنائي والشعري لدى الفنان والشاعر/ ود بلح هو ملكلي أخذ منه ما شاء وهو جاهز للتعاون معي في أي مكان وأي زمان.بهذه الكلمات ختمت الفنانة/ بخيته علي حديثها معي.
حقيقة إنني سعدت بمقابلتها وسعدت أكثر بإسلوبها في الحوار معي الذي تخللته عبارات قمة في الصراحة والوضوح، أتمنى للفنانة بخيته كل النجاح، ومعجبي صوتها وفنها في إنتظار أعمال جديدة رغم الظروف التي ذكرتها في حديثها،
وفي الختام وبنبرة صوتها المميز والبحة التي لاتخطئها الأذن قالت: شكراً لأسرة تحرير صحيفة إرتريا الحديثة لإتاحتهم لي الفرصة. نحن بدورنا نشكر الفنانة بخيته علي حسن الإستقبال بمنزلها العامر بأسمرا وحتى نلتقي مع مبدع أخر لكم مني كل الأمنيات الطيبة.