في حوار مع رئيس مركز سويرا الأستاذ ياسين محمد عبدالله
حاوره الإعلامي الأستاذ: عبدالله محمود هيابو - كاتب وصحفي ارتري المصدر: عدوليس
وجدنا تجاوباً كبيراً في السويد و نستعد لتدشين حملة عالمية لإطلاق سراح المعتقلين - تشهد إرتريا انتهاكات جسيمة في مجال حقوق
الإنسان تبرز في مقدمتها قضية الاعتقالات التعسفية بكل تفاصيلها التراجيدية الموثقة في التقارير الدولية وعبر شهود عيان، فضلاً عن سائر الانتهاكات المتمثلة في حرية التعبير والتنظيم والاعتقاد وغيرها، كان حوارنا هذا مع الأستاذ ياسين محمد عبدالله رئيس مركز سويرا لحقوق الإنسان.
عقب عودته من زيارة عمل إلى السويد لنقف على حقيقة أوضاع حقوق الإنسان في إرتريا بالتزامن مع الذكرى الثامنة والخمسين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولنتعرف على نتائج زيارته إلى استوكهولم وانعكاساتها على ملف حقوق الإنسان في إرتريا على وجه العموم وعلى مركز سويرا بصورة خاصة، فإلى الحوار:
قمتم مؤخراً بزيارة عمل إلى السويد.. نرجو أن تحدثنا عن الهدف من الزيارة ؟
تمت الزيارة بدعوة كريمة من الرابطة الإرترية للوفاق بالسويد للمشاركة في سمنار نظم بالاشتراك مع المعهد السويدي الصومالي وبمشاركة جاليات القرن الإفريقي الأخرى، عقد السمنار في الفترة من 17-19 نوفمبر (تحت شعار السلام والوفاق في القرن الإفريقي.. مساهمتك سوف تحدث التغيير).
بدأ السمنار أعماله مساء الجمعة 11/17 بأمسية غنائية قدمت فيها أعمال فنية وغنائية من مختلف دول القرن الإفريقي، البداية الفعلية لأعمال السمنار كانت صباح يوم السبت حيث بدأ بكلمات، الكلمة الأولى كانت للسيد شاشتن روندقرين عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان السويدي من حزب الوسط ثم كلمة (أكاديمية فولكه برنادوت) التي قدمها السيد يوئيل البرج رئيس الأكاديمية وهي المؤسسة التي تقدمت بالدعم المادي الأساسي للمهرجان ثم قُمت بتقديم ورقة بعنوان (حقوق الإنسان في القرن الإفريقي.. إرتريا نموذجاً) و قُدمت أوراق أخرى لمحاضرين من دول القرن الإفريقي إثيوبيا، الصومال جيبوتي السودان وأعقبت الأوراق مناقشات ومداخلات جادة ومفيدة، وفي اليوم الثالث عُقدت ورشة عمل حول قضايا القرن الإفريقي ومشكلاته واختتمت الورشة بتداول حول كيفية تعزيز التعاون بين جاليات القرن الإفريقي ومنظمات المجتمع المدني العاملة في السويد.
وفي اعتقادي يعد هذا السمنار الأول من نوعه لجاليات القرن الإفريقي في السويد وكان ناجحاً و متميزاً من حيث الإعداد والتنظيم ويدل على اهتمام أبناء الجاليات لما يجري في أوطانهم ومدى طاقاتهم وإسهامهم فيما يحقق السلام في دول القرن الإفريقي.
بعد انتهاء السمنار عقدنا العديد من اللقاءات مع الإرتريين وجهات سويدية، فعلى صعيد اللقاءات مع الإرتريين التقيت بمجموعة من الناشطات الإرتريات باستوكهولم يبلغ عددهن 15 ناشطة بدعوة منهن واستمر الاجتماع لمدة ساعتين وعُقد في قاعة تم إيجارها خصيصاً للاجتماع، وشرحت خلال اللقاء أوضاع حقوق الإنسان في إرتريا ووجهت إليّ أسئلة من الحاضرات حول الانتهاكات التي يتعرض لها الإنسان الإرتري وحول عمل المركز وأنشطته وأبدين استعدادهن للتعاون مع المركز في أداء رسالته، وقامت بالمبادرة الأستاذة عيشة قعس ونظمت اللقاء وأدارته، كما عقدت لقاءاً مع مجموعة من الناشطين الإرتريين (قرابة 40 شخص) من مختلف ألوان الطيف السياسي الإرتري حيث تبنى فكرة اللقاء ودعا إليه الأستاذ نقاش عثمان وأقيم بنادي أدال باستوكهولم واستمر لأكثر من 4 ساعات، ولفت انتباهي أن النقاش الذي دار تمحور حول كيفية دعم المركز من خلال هذا اللقاء وطرحت العديد من الأفكار وتم الاتفاق بينهم في خاتمة اللقاء على تكوين لجنة من 3 أشخاص لوضع تصور حول كيفية دعم المركز ومن ثم دعوة بقية الحضور للتفاكر حول التصور.وطرحنا خلال اللقاء أهمية تنظيم حملة لإطلاق سراح المعتقلين الإرتريين بمشاركة جميع منظمات المجتمع المدني والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان وقد وجدت الفكرة حماساً واستعداداً لتنفيذها.
تداولنا أيضاً خلال اللقاء حول استعداد الإرتريين للمساهمة في النضال من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال بلورة حركة نشطة للدفاع عن حقوق الإنسان على الأقل في السويد، وطرح الإخوة في ذات الاجتماع ضرورة استغلال الفرصة لتقديم التبرعات للمركز وجمعت بعض التبرعات لصالح هذا الاتجاه. على الصعيد الإعلامي أجرينا لقاءاً مع تلفزيون أدال المحلي أداره الأستاذ محمد نور كراني كما شاركنا في لقاء تأسيسي في مدينة أوبسالا بدعوة من الأخ إبراهيم قدم لكيان إرتري باسم (التجمع الإرتري من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان) وهي منظمة مجتمع مدني تضم أعضاء من مختلف التنظيمات السياسية، وشرحتُ خلال اللقاء تطورات أوضاع حقوق الإنسان في إرتريا وأجبت على أسئلة الحضور واتفقنا على الشراكة مع التجمع بعد أن يكملوا إجراءات التسجيل وأبدى الحضور استعدادهم للتعاون في مختلف المجالات. وكانت الزيارة فرصة للقاءات عديدة مع الأشخاص المهتمين بأوضاع حقوق الإنسان.
بخصوص اللقاءات مع السويديين قمنا بزيارة مركز نوردوك (The Nordok Africa institute) وهو مركز يهتم بإفريقيا ويشمل دول شمال أوروبا (النرويج، الدنمارك، فنلندا، السويد) ويستضيف باحثين حول قضايا مختلفة وأصدر العديد من الكتب حول القرن الإفريقي القديم والكبير، والتقينا مدير المعلومات بالمركز سوزان لاندروس التي أوضحت لنا طريقة عمل المركز واهتماماته بأفريقيا ثم كلفت مسئولة المكتبة لإطلاعنا على محتويات المكتبة والموقع الإلكتروني وأهدت لنا كتباً من إصدار المركز وقمنا بتسليمها نسخة من تقرير مركز سويرا ووعدت بإضافة موقعنا الإلكتروني إلى روابط موقعهم الإلكتروني ,ورافقني في الزيارة الأخوين أحمد محمد صالح وعبدالرحيم حاج علي.
كما قمنا بزيارة وزارة الخارجية السويدية برفقة الأخوين زين العابدين شوكاي ومحمدنور كراني والتقينا بالسيد أندرياس أرسامر مسئول في قسم إفريقيا قام بزيارات عديدة إلى إرتريا وأطلعناه على أوضاع حقوق الإنسان في إرتريا والانتهاكات التي تقوم بها الحكومة، وطلبنا منه الإهتمام بأوضاع اللاجئين الإرتريين في المعسكرات بالسودان وبينا له خطأ إجراءات الفحص القانوني، والمفارقة الغريبة أن الإتحاد الأوروبي ظل يقدم 107 مليون يورو منذ عام 2003 حتى 2007م لدعم الديمقراطية والحكم الراشد في إرتريا وطالبنا المسؤول أن لا تتجدد هذه المساعدة ما لم يتم تحسين سجل حقوق الإنسان.. على الأقل أن تقوم بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، من جانبه وعد أرسامر برفع هذه القضايا إلى الجهات المختصة كما وجه لنا سؤالاً عن أوضاع الصحفي الإرتري الأصل السويدي الجنسية داويت اسحاق المعتقل في السجون الإرترية و استمر اللقاء لمدة 45 دقيقة.
وقمت بزيارة مؤسسة فولكه برنادوت برفقة الأخ عبدالرازق آدم رئيس المعهد الصومالي السويدي (صومالي الجنسية) وقابلنا مدير المؤسسة السيد يوئيل ألبرت وعقدنا معه إجتماعاً استمر لمدة ساعة وثلث وقمنا بتسليمه نسخة من تقرير سويرا ووجه لنا أسئلة بشأن المركز وحقوق الإنسان في إرتريا وتعاطف مع أوضاع سجناء الرأي وأعرب عن استنكاره لهذه الممارسات، وكان اللقاء معه مثمراً حيث كان قد قرأ الورقة التي قدمتها في السمنار بعمق ووجه لي أسئلة حول بعض القضايا وأعرب عن اهتمامه بالتضامن لإطلاق سراح المعتقلين تعسفياً في إرتريا.
ما هو مردود الزيارة على صعيد عمل مركز سويرا ؟
تعتبر هذه الزيارة بمثابة تأسيس ثاني للمركز وتمثل فتح جديد له وأفق جديد لعمل المركز مستقبلاً حيث وجدنا طاقات يمكن توظيفها مسلحة بالعلم والمعرفة والوعي والقدرات المتنوعة، ولا يفوتني هنا أن أشيد بجميع الإخوة الإرتريين من جميع الاتجاهات السياسية الذين أسهوا بقدر كبير في إنجاح هذه الزيارة حيث فتحوا لنا دورهم ووضعوا جميع إمكاناتهم تحت تصرفنا وأغرقونا بفيض كرمهم ورعايتهم بدون أي حواجز سياسية أو غيرها، ولابد من إشادة خاصة في هذا المقام بالأخ عبد الرزق آدم رئيس المعهد الصومالي السويدي المنظم للسمنار والأخ ياسين أحمد من الجالية الإثيوبية وأحد المنظمين للسمنار الذي أسهم بقوة لإنجاح اللقاءات.
هل هنالك فرصة لتحريك ملف حقوق الإنسان عبر الناشطين في أوروبا في تقديركم ؟
توجد في أوروبا عدد من المنظمات الدولية يمكن من خلالها تحريك ملف حقوق الإنسان مثل الإتحاد الأوروبي، اللجنة الإفريقية، مجلس حقوق الإنسان، كما أن الجاليات الإرترية تستطيع أن تلعب دوراً كبيراً في هذا الاتجاه، فعلى سبيل المثال في اللقاء الذي عقدته في استوكهولم اجتمع أكثر من 40 من الناشطين الإرتريين وأبدوا استعدادهم للعمل في هذا المجال كما أن هنالك عدد من المنظمات وطلبنا منهم إيجاد صيغة للتعامل مع المركز على شكل شبكة في السويد حتى يسهل التعاون معهم، وكأول تجربة للعمل المشترك سيقوم مركز سويرا بتدشين حملة دولية لإطلاق سراح المعتقلين الإرتريين.
هنالك انتهاكات متعاظمة لحقوق الإنسان في إرتريا.. لماذا وقع اختياركم على قضية المعتقلين تحديداً ؟
بالتأكيد هنالك انتهاكات صارخة لأوضاع حقوق الإنسان بصورة عامة لكن تعد قضية الاعتقالات التعسفية أكثر بشاعة وتحتاج إلى معالجة عاجلة وتتطلب تكريس الجهود لأجل إطلاق سراحهم، و هنالك آلاف الأشخاص منذ التحرير يقبعون في سجون مجهولة لأسباب مختلفة، هذا الملف خطير ونحن بصدد تقديم اقتراح للاتفاق حول مشروع حملة دولية لإطلاق سراحهم.. المقترح جاهز وسيقدم للمنظمات لإبداء الرأي حوله ثم تنفيذه.
الحملة التي نعتزم تدشينها هي حملة منظمة تستمر لفترة من أجل الضغط على الحكومة من خلال توظيف جميع الطاقات واستخدام جميع الأساليب للفت انتباه المجتمع الدولي لقضية سجناء الضمير، وعملية الإعتقال تتضمن الكثير من الإنتهاكات من تعذيب ومنع للزيارات وعدم التقديم إلى محاكمة وإن قدم إلى محاكمة تكون سرية دون إن يسمح له بتوكيل محام للدفاع عنه، وقد آن الأوان للقيام بعمل منسق لإطلاق سراح المعتقلين.
تقريرمركز سويرا الأول الخاص بأوضاع حقوق الإنسان في إرتريا كان موضع اهتمام الجميع، متى نتوقع صدور التقرير الثاني ؟
نتأهب الآن لإصدار التقرير السنوي الخاص بدراسة أوضاع حقوق الإنسان في إرتريا للعام 2006م والعمل فيه يجري على قدم وساق وقد اكتمل الجانب الميداني منه وتم جمع المواد الرئيسة ونتوقع إصداره في غضون شهرين وسيتضمن معلومات جديدة بشأن انتهاكات الحكومة الإرترية لحقوق الإنسان.
مرت علينا قبل أيام الذكرى السنوية لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر.. ما تقييمكم لأوضاع حقوق الإنسان في إرتريا ؟
قمنا بإصدار بيان باللغتين العربية والإنجليزية لاستغلال المناسبة للفت الانتباه والإشارة إلى أوضاع المعتقلين خاصة وأن ما يجري في إرتريا يعتبر –كما ذكرنا في البيان - إزدراءاً لوثيقة الإعلان العالمي والتي مثلت تطوراً هاماً في مسار حقوق الإنسان في العالم، ونناشد جميع الإرتريين ونشطاء حقوق الإنسان للتضامن مع سجناء الضمير حيث يمارس عليهم الإعتقال التعسفي، منع حق الزيارة، عدم الإقرار بأماكن الاحتجاز، التعذيب دون مراعاة للمشاعر مما يعد تحد سافر للضمير الإنساني وللوثيقة والإعلان، ونناشد العالم والإرتريين المهتمين لممارسة مزيد من الضغوط لإطلاق سراح سجناء الضمير.
وعلى وجه العموم في تقديري أن هنالك اهتماما متزايداً بأوضاع حقوق الإنسان وهذا في صالح القضية، نتمنى أن تتبلور في أعمال نشطة للمساهمة في إيقاف الانتهاكات.
شاركتم في حملة التضامن الإرتري العالمي ضد الطغيان التي أطلقها موقع عواتي.. ماهي أبرز نتائجها ؟
الحملة كانت تتعلق بعقوبات ضد المسئولين ووصل الصوت لعدد من الدول وسلمت التوقيعات التي تم جمعها للعديد من وزارات الخارجية وهي بادرة طيبة في العمل المشترك وتحتاج إلى المزيد من التطوير وتوسيع المشاركة وطرح قضايا أكثر تحديداً وأن نجعل الهدف الرئيس هو تحسين سجل أوضاع حقوق الإنسان في إرتريا.
هنالك حديث يدور عن تجاهل منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية لمظالم المسلمين في إرتريا.. ما رأيكم ؟
المسألة تكمن في قصور المعلومات، بالنسبة لمركز سويرا لا حاجز أمامنا لا سياسي ولا ديني ولا عرقي..الشرط الأساسي هو توفر المعلومات وتوثيقها، كثير من المنظمات الدولية لا تبرز إلا أسماءاً معينة ويعود هذا للأشخاص الذين يمدونها بالمعلومات ولا أتوقع أن هنالك سوء نية وإنما المشكلة الحقيقية تكمن في انسياب المعلومات. عموماً يجب أن يتفق الجميع للتبني الصادق والتعاون من أجل قضية حقوق الإنسان مما يتطلب النأي عن العمل في شكل جزر متقطعة وأن نعمل بشكل جماعي يتجاوز الحواجز السياسية والثقافية لإيجاد صيغ للتعاون، لأن الانتهاكات تمس كل المجتمع الإرتري فيجب الاتفاق على برامج ومشاريع مشتركة وأن ننظر للقضية بشكل مبدئي ونرفض الانتهاكات التي تقع على أي إرتري بغض النظر لمعتقده وانتمائه الثقافي والسياسي.