المناضل ود قشش فى حديث الذكريات - الجزء الثامن والاخير
حاوره الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبد الله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ
بدءأ من عام 1975م، وحتى تاريخ دخول الجبهة للسودان أين كنت،
وماهي الظروف التي أدت الى دخول الجبهة الى السودان ؟
بعد الإنتهاء من المؤتمر الثاني لجبهة التحرير الإرترية إستقرت الأوضاع نسبياً في الجبهة، وأن قوات التحرير الشعبية أصبحت واقعاً ملموساً، وقوات التحرير الشعبية إنقسمت جزئين، وولدت الجبهة الشعبية، وفي تلك الفترة بدأنا الهجوم على المدن الأرترية، وجرى تنسيق بين الجبهة الشعبية وجبهة التحرير الأرترية، ونحن إستطعنا تحرير مدن أم حجر وقلوج وتسني والقوات الأثيوبية تجمعت في مدينة بارنتو، والجبهة الشعبية والجبهة إتفقوا لتحرير مدينة بارنتو والقضاء القوات الإثيوبية الكبيرة كانت تتمركز في مدينة بارنتو، وفي تلك الأثناء الشهيد/ عثمان صالح سبي كان يكون جيشه في منطقة ”حشنيت“ وطبعاً فشلت الخطة المشتركة التي وضعتها القيادة العسكرية المشتركة من التنظيميين وسبب الفشل يعود لإنسحاب قوات الجبهة من المعركة ولم تشارك إلا كتيبة الشهيد/ إدريس رمضان الذى رفض اوامر القيادة وشارك في المعركة بكتيبته وأستشهد في تلك المعركة. والمدينة لم يتم تحريرها وإنسحبت قوات الجبهة الشعبية بعد فشل الهجوم على مدينة بارنتو.
أنا وقتها كنت مع فصيلتي في مدينة أم حجر المحررة، والقوات الإثيوبية شنت هجوماً على قوات وياني تقراي التي كانت تتمركز في مدينة حمرا، نحن خرجنا من مدينة قلوج، وتحركنا بإتجاه منطقة ”بركتات“ وكان معي كتيبه أخرى يقودها المناضل/ شاوش مالك، ووصلنا الى أسفل جبل ”بركتات“ وهناك واجهنا القوات الإثيوبية، وإستطاعت القوات الإثيوبية على إجبارنا للتراجع للخلف وأيضاً قوات وياني تقراي إنسحبوا من مدينة ”حمرا“ نتيجة للهجوم الأثيوبي الكاسح ضدنا وضدهم، وتراجعنا نحن وهم أيضاً للخلف ومواقعنا كانت قريبة من مواقع وياني تقراي، واخيراً قوات وياني تقراي وصلت الى مشارف مدينة أم حجر، وفي تلك الأثناء جاء الينا قيادات عليا من جبهة التحرير الإرترية ووجدوا قوات وياني تقراي داخل الأراضي الإرترية وقالوا لهم سوف نسمح للجرحى والمعدات العسكرية والسيارات بدخولها الى المناطق المحررة داخل الأراضي الارترية، أما الجنود يجب أن يغادروا أراضينا ونمنعكم من خوض معارك ضد القوات الأثيوبية داخل الأراضي الإرترية، وعليكم فوراً مغادرة الأراضي الإرترية، وحصلت خلافات بين قيادات الجبهة ووياني تقراي، وهذه الخطوة التي إتخذتها الجبهة ضد قوات وياني تقراي كانت بداية الخلاف بين الجبهة ووياني تقراي كما أدت الى القطيعة بينهما لاحقاً وتحالف ووياني تقراي مع الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا.
وفي نهاية عام 1981م، أنا خضت معارك ضد وحدات مشتركة من قوات وياني تقراي والجبهة الشعبية، وإستمرت المواجهات بيننا وبين وياني تقراي حتى وصلنا الى مناطق ”تكروري“ بإتجاه كسلا، وحتى اليوم توجد في تلك المنطقة عظام جنود وياني تقراي الذين قتلوا في تلك المواجهات، وبعد تللك المواجهات دخلت قوات جبهة التحرير الإرترية الى الاراضي السودانية.
وأخيراً جاء الينا المناضل/ عبدالله إدريس أثناء تجواله فى المنطقة وقال لي: أجمع لي المليشا الشعبية الذين يتواجدون في هذه المنطقة، وقوات المليشا كانت أعدادهم كبيرة جداً، وفعلاً جمعت له أعداد ضخمة من المليشا الشعبية وسألهم المناضل/ عبدالله إدريس عن موقفهم وقال لهم: ماذا ستفعلون ؟
قالوا له بالحرف الواحد الأن موسم الخريف على الأبواب وسوف نقوم بزراعة أراضينا، وحين ننتهي من الزراعة إذا رجعت الجبهة من السودان نحن سنكون معكم، وإذا لم ترجع الجبهة من السودان سوف نسلم أسلحتنا للجبهة الشعبية ونساندهم ونكون معهم.وقال لي عبدلله إدريس مارأيك إنت يا ود قشش ؟
قلت له أنا مع رأي الشعب، وقال لي مرة أخرى: هل ستسلم أسلحة الجبهة للجبهة الشعبية ؟
قلت له إذا لم ترجع الجبهة بنهاية الخريف سوف أسلم الأسلحة للجبهة الشعبية، وقال لي غاضباً سوف تحاسب على هذا الموقف.وذهب عبدالله إدريس ولم يرجع لنا حتى اليوم. وقال لي وهو يغادر المكان الآن لاتوجد لدي فرصة للحديث معك ؟
ولكن سوف أحاسبك على هذا الموقف يوماً ما. وغادر ولم نلتقي حتى اليوم. وقلت لعبدالله إدريس وهو يغادر المكان، إنتم سلمتم أسلحة الجبهة للسودان، وحين يتم محاسبتكم على فعلكم هذا أنا سوف أحاسب على سلاحي الذى سوف أسلمه للجبهة الشعبية.
وإنتهى موسم الخريف، وحصدنا المحصول ولم تأتي الجبهة وجاءت الينا الجبهة الشعبية وجمعت لهم المليشا وتحاوروا معهم وأخيراً قررنا تسليم كل الأسلحة للجبهة الشعبية وأتذكر الآن إن إسم الشخص الذي سلمناه الأسلحة كان يقال له / ودي شقع وهو من الأمن أو الإستخبارات العسكرية لا أدري، وفي نهاية عملية تسليم الأسلحة قمت بتسليم سلاحي الرشاش للمسؤول الذي جاء الينا لجمع الأسلحة وهو ودي شقع.
بعد تسليم أسلحتكم للجبهة الشعبية، هل واصلت نضالك مع الجبهة الشعبية أم ماذا ؟
نحن سلمنا أسلحتنا إستناداً للنداء الذي وجهته الجبهة الشعبية ودعت فيه كل جندي أو أي شخص يملك السلاح بأن يلتحق بالجبهة الشعبية، وفعلاً سلمنا أسلحة المليشا للجبهة الشعبية، وبعد ذلك كنت أتعاون معهم في أي شئ يطلبوه مني، وقيل لي في إحدى المرات سوف نجعلك مسؤول لجنة شعبية في ضواحيكم، وقلت لهم أنا لا أملك الإمكانيات التي تجعلني بأن أكون مسؤول للجنة شعبية، ولكن سوف أتعاون معكم في أي شئ تطلبونه مني، وحين كان يأتون إلينا مسؤولي الجبهة الشعبية في المناطق التي كنت أعيش فيها، كنت أجمع لهم الشعب ليتحدثون معهم، وبعد دخول الجبهة الى السودان ظللت أعمل داخل إرتريا ولم أغادرها أبداً حتى فجر التحرير، وبعد تحرير البلاد رجعت الى منطقتي القديمة وبدأت أعمل بالزراعة والرعي، وفي عام 1994م، تزوجت مرة أخرى ولدي أطفال من زوجتي الأخيرة.
حدثنا عن عائلتك ؟
تزوجت أول مرة عام 1965م، ثم تزوجت مرة أخرى بعد التحرير ولدي أطفال صغار من زوجتي الأخيرة وأحد أبنائي إستشهد معارك الحرب الأخيرة ضد وياني تقراي في الحملة الثالثة بعد تحرير البلاد، تلك الحرب التي أرادت أن تنقص من سيادتنا وبمجرد إعلان إثيوبيا الحرب على إرتريا ذهب أبنائي الإثنين للخدمة والواحد إستشهد والثاني مازال على قيد الحياة وموجود الآن في الجيش.
وأخيراً مرضت ورحلت الى قرية شيخنا/ حامد شيكاي الموجود في” بكو” وسكنت معه في القرية.
وبعد تحرير البلاد تم تسجيل أسماء الرعيل الأول وأرسلوه الى كسلا والذين قامو بتسجيل المناضلين هو المناضل/ دنقس أري وجماعته، وفي تلك الأوقات أنا لم يكن لي علم بذلك، والمناضلين من الرعيل نالوا إستحقاقهم وأنا لم أنال أي شئ من ذلك.
ولذلك الآن جئت الى اسمرا لإستلام إستحقاقاتي بإعتباري مناضل قديم وواحد من الرعيل الأول.
أين كنت أيام تحرير البلاد وكيف تلقيت بناء تحرير البلاد ؟
حين تحررت إرتريا أنا كنت أعيش في إرتريا وحقيقة شعرت بفرح غامر يوم تحررت إرتريا وفرحت كثيراً لأن جهود الأجيال لم تضيع هدراً، وكنت أعمل وقتها كفلاح عادي أحصل على قوت يومي من جهدي وعملي الخاص.
أين تعيش الآن ؟
أعيش في قرية ”بكو“ بجوار شيخنا/ حامد شيكاي.
كم أنجبت من زوجتك الأول ؟
لدي منها 3 أولاد، و 2 بنت، أما زوجتي الحالية لدي منها أربعة أفراد، ثلاثة بنات و ولد واحد.
الثورة الأرترية عبرت محطات كثيرة حتى وصلنا الى مرحلة الإستقلال ؟
ماذا تقول للجيل الحالي بإعتبار مناضل من الرعيل الأول ولم تفكر في مغادرة بلادك حتى اليوم ؟
أقول للجيل الحالي تمسكوا بوطنكم والظروف الحالية سوف تتغير مع الزمن.
وفي الختام اتذكر إن الهدف الذى جاء من أجله ودقشش الى اسمرا لم يتحقق ولم يستلم اى مبلغ بعد ذهب الى وزارة الدفاع برفقة المناضل/ عثمان عبدالله وقيل له إسمك لا يوجد في قائمة الرعيل الاول للثورة.
حاولوا الاستعانة بالمناضل/ رمضان محمد نور ولكن لم تنجح ايضا تلك المحاولة.
وأخيرا رجع بخفي حنين كما يقول المثل الى المنطقة التى أجاء منها حاملا معه بعض الهدايا التى جمعها له بعد اصدقائه ومعارفه في اسمرا.