تلخيص كتاب: الطائفية في أرتريا.. أتحتضن النظام أم يستغلها
بقلم الدكتور: حامد محمد حالفا - عضو فريق وكالة زاجل الأرترية للأنباء ”زينا“ المصدر: وكالة زاجل الأرترية للأنباء - زينا
ينفر السواد الأعظم من سياسي أرتريا ومثقفيها من الحديث عن الدين والاستعانة به في معالجة قضايا الوطن
سواء كانوا في الحكومة أو مقاوميها ومعارضيها وكأن الدين مجرم في تاريخه وحاضره فلا يريدون أن يكون له موقعٌ في المستقبل.
ويركز تعريفهم للطائفية على المعنى الديني فقط أما غيرها من التكتلات فلا نكير عليها من غالبهم بل تشكل وجود كثير من الأحزاب والجماعات بوجه معترف به حيث تتداعي قوميات أو سكان إقليم أو قبائل أو معتقدات فكرية ومذاهب سياسية لإنشاء أحزاب فيصبح الاعتراف بها أو التعاون معها مشروعاً عند سوادهم بغير اسم الدين، والبحث (الطائفية في أرتريا... أتحتضن النظام أم يستغلها) يتصدى للتعريف الظالم للطائفية. وهو أتى ليتحدث عما يسكت عنه الآخرون، ويرغب ليعطي الطائفية الدينية بوصفها الإيجابي فرصة للمساهمة في معالجة قضايا الوطن والمواطن في أرتريا كما يرغب أن يجيب على السؤال:
هل تقف خلف النظام الأرتري الطائفة محتضنة أو مستغلة؟
د) مصادر المادة:
اعتمد البحث على بعض المواد المنشورة في الشبكة مرجعًا من وثائق وأخبار وتقارير في مواقعها الأصلية كما اعتمد على مراجع ذات صلة بموضوع المادة المبادرة بلغت أكثر من 50 مرجعاً بين كتب وبين مواد منشورة في مواقع ذات الصلة بالبحث في الشبكة العنكبوتية تعزز معلوماته بالإضافة إلى استنطاق أشخاص فاعلين في الساحة يشكلون حضورًا كثيفًا بعضهم مثقف معارض وبعضهم مثقف كان مع النظام ثم تحول إلى معارض فله تجربة تصلح لتكون شهادة حق في نظر أصحابها والشهادات من أقوى الأدلة وبعض المعلومات تعتمد على إقرار واعتراف المتهم والاعتراف سيد الأدلة.
ب) مشكلة البحث:
يستقبح كثير من الساسة ذكر الدين في العمل السياسي ينظرون إليه بأنه عامل تأجيج مفرق ولهذا يفضلون مصطلح ”الوطن“ على مصطلح الدين وتمضي مسيراتهم تحت هذا الغطاء على الرغم من أن الدين أصيل حاضر لا يمكن إزاحته عن الظهور وعن التأثير كما أنه قابع في قلوبهم يحرك السلوك والمواقف بناء على أنه واقع اجتماعي غير غريب.
ولعل هؤلاء الساسة يفعلون ذلك هربًا من وصف الطائفية الدينية بناء على أنها عند هم مذمة ومسبة ولهذا قد لا يرحب هؤلاء بهذه المادة التي تتحدث عن الدين تريد أن تتأكد هل يقف خلف الرصاصة المستبدة ”قسيس“ أو ”شيخ“ يحتضن النظام المستبد أو هل يستغل النظام دين الطائفة لتحقيق أهداف استبدادية لا علاقة لها بالدين ولا بمصالح الطائفة؟ فهذه هي المشكلة التي يريد البحث أن يعالجها بتشخيصها أولًا وطرح مقترحات وتوصيات علاجية لها ثانياً.
ويذكر البحث تعريفات لباحثين عن معنى الطائفية اصطلاحا فيجد أنها تتباين وتتشعب ويتصدرها التعريف الظالم وهو تعريف الأقوياء للطائفية الذي يتكئ عليه الحاكمون ليتخذوه تهمة تبرر لهم البطش بخصومهم على الرغم من أن المصطلح قد يستوعب السلطان نفسه الباطش إن كان مؤسسًا على حزب خاص أو قبيلة خاصة أو قومية خاصة أو دين خاص به أو فكر خاص ويظلم الطائفة الأخرى لصالح طائفته كما يستوعب المصطلح كل طائفة مظلومة يعطيها حق تكوين كيان يقف في وجه ظالميه تحت راية قبيلة أو دين أو مصالح إن كان فعلًا قد وقع عليه الظلم من الطائفة الحاكمة أو المتسلطة عدواناً.
ومضى البحث يناقش في فصوله ومباحثه الأصلية ومطالبه الفرعية تفاصيل محتواه مستعينًا بتحليل الوقائع التاريخية والحاضر المشاهد وشهادات المختصين حتى وصل في خاتمته إلى نتائج مهمة وتوصيات هادية:-
أولا - النتائج:
1) إن مصطلح الطائفية يفيد أن تنشأ شريحة من المجتمع تكون جسمًا لها تنظيمياً يجمعها دين أو حزب أو قومية أو مبدأ سياسي تسعى لتسيطر على مقدرات الوطن والاستئثار بها مع حرمان بقية المواطنين من حقوقهم فهي تكتل سلبي يجب الوقوف ضده لأنه مؤذي ظالم قد يكون عسكريًا أو مدنيًا يحتمي بالعساكر فهو طائفي على كل أحواله.. ولا وجه لتضييق مصطلح الطائفية في الدين لأن ذلك اعتداء من أصحابه على فئة من المواطنين دون مبرر فقد يكون لها حق التكتل غير المعتدي بمبرر وجيه من وقوع الظلم عليها فمن حقها الدفاع عن نفسها وتتخذ من الوسائل المشروعة ما تحقق بها هدفها ويوصل صوتها إلى الآخرين.
2) إن استهداف النظام الأرتري للمسلمين في أرتريا بدأ منذ الاستقلال وفي عهد الثورة كان الاتجاه المعادي لهم ينمو ويتمدد وهي حالة عاشتها الثورة الأرترية بفصائلها المختلفة وأخذت تشتد في إظهار كيدها لدى الجبهة الشعبية مستغلًة كل شيء لصالح المشروع الطائفي الاستبدادي وهذا انطباع عام يصرح به الكثيرون الذين ذاقوا أذاه سواء من كان منهم ضمن تجربة النظام في الحكم أو كان معارضًا قبل التحرير وبعد التحرير ولم يشهد هذا الاستهداف استنكاراً من الطرف المسيحي - إلا ما ندر - والمنظمات الدولية في البدايات التي عانى المسلمون الأرتريون فيها من وطأة الاضطهاد وبطشه الشديد بنحو من عشرين عاماً قبل أن يصل السوط الظالم إلى الآخرين من منسوبي الكنيسة.
3) إن كل ما وصل إليه الوطن من سوء في علاقاته الاجتماعية بين المواطنين بسبب تركة النظام الثقيلة بين الناهب والمنهوب والظالم والمظلوم، وعلاقته بين دول الجوار واقتصاده المنهار وأرضه المستباحة لكل طامع وتنميته المتوقفة وخدماته المتدنية في الصحة والماء والكهرباء والاتصالات والتعليم والبنية التحتية وتبني سياسات طاردة للمواطنين نتائج طبيعية للحلف المشئوم بين الكنيسة والنظام وما بني على سوء ومكر وحقد لن يستمتع به حارثوه ولهذا عجز النظام وحلفه أن يتجاوزوا محطة الحكومة الموقتة لمدة تزيد عن ثلاثين عاماً. كما عجزوا في تاريخهم أن يصنعوا علاقة ووحدة أبدية بين أرتريا وإثيوبيا مما دعاهم ان ينضموا إلى الاستقلال في وقت متؤخر وهو مشروع في الأساس مبادرة المسلمين الأرتريين ثم لحق بهم غيرهم. كما لم يستطع المسيحيون ان يكونوا قدوة لنظام قادم وإنما كانوا عارًا على الوطن كله - حسب رأي تقييم الآخرين لهم - إنها تجربة فاشلة في قيادة المواطنين تستوجب الاعتذار والمحاسبة والاستحياء حتى لا يطمع أصحابها في محاولة تكرارها وإعادة إنتاجها مرة أخرى.
4) عندما تعاظمت الأزمة في أرتريا وتطاولت انضم إلى قائمة المعارضة الأرترية كثير من المسيحيين الذين امتد إليهم سوط العذاب حتى كثرت مجهوداتهم المشكورة على الرغم من أن النظام لا يزال يقوم على أكتاف سوادهم الداعم في الداخل والخارج سخيًا راقصًا داعمًا موالياً وهو الذي استأثر بما في البلد من خيرات متاحة على قلتها- بسبب سوء التدبير - وعلى يده يتم البطش والتنكيل على الشعب الأرتري وهو نفسه اتخذ بقية مكونات الشعب أدوات قهر لصالح المشروع الطائفي فقد سلط كل الشعب على كل الشعب.
5) إن الكنيسة الأرثوذوكسية الأرترية لا تزال تحوم حولها شبهة دعم النظام الأرتري سواء كانت مستغلة أم موالية بمحض إرادتها فهي المطية المطواعة له إلى جانب دار الإفتاء الإسلامية التي يحرص على بقائها النظام الأرتري لتمرير إيذائه إلى المسلمين في دينهم وأخلاقهم ومصالحهم علمًا أن دار الإفتاء لا تمثل طائفة مسلمة وإنما هي إدارة حكومية تعينها لتمضي حسب توجيهات وسياسة النظام المتسلط ولهذا لا يوجد من يواليها من المسلمين ويرفض موقفها من النظام كل المسلمين في دور الهجرة بخلاف الكنيسة الأرثوذكسية فإنها طائفة دينية في أرتريا يحسب عليها دعمها للنظام سواء كانت موالية أو مستغلة فموقفها اليوم في دعم النظام الطائفي مثل موقفها أمس الداعم لانضمام إرتريا إلى إثيوبيا ضد إرادة وخيار الشعب الأرتري.
6) إن الطوائف المسيحية الأرترية كلها لها امتدادات ولاء ودعم من خارج الحدود إنه دعم وسند غير منكور ولا قدح فيه والنظام الأرتري يسمح لها بالتواصل خاصة الكنيسة الأرثوذكسية التي تحظى بفرص انفتاح كبير نحو الخارج وبفرص تحقيق مصالح في الداخل وبدعم واضح من النظام الأرتري ولا فرق أن يتوفر هذا الدعم للكنيسة بسبب أنها موالية له أو أنه يستغلها لكونها مطاوعة له وعلى صمتها يبني مشروعه الاستبدادي الطائفي علما أن التواصل بالعالم الخارجي حقيقة بينة لكل الكنائس الأرترية فإن لها أنصارًا داعمين من الخارج ولا حرج في ذلك التواصل وإنما الحرج في الحظر على الطوائف الأخرى ما يباح لهذه.
7) يحظر النظام على مسلمي أرتريا أي دعم يأتي من الخارج ويلصق التهم به ويطارده ويعاقب ولهذا ظلت المعاهد الإسلامية يبليها التقادم ويعيق نشاطها من التقدم وقد ذهبت استقلاليتها بالمصادرة والتضييق المستمر بينما النظام يدعم الكنيسة الحاكمة أن تتواصل بنظائرها في العالم الخارجي وتتلقى الشرعية والدعم.
8- الحقيقة الواضحة أن النظام الأرتري يزرع النفرة بين الطوائف الوطنية والخصومة والأحقاد ولهذا يلزمها أن تترفع عن هذه الغاية التي يريدها النظام لها فغير مناسب أن تنشرح طائفة بخدمة يقدمها لها النظام من خلال اعتداءات سافرة يقوم بها ضد مواطنين آخرين فإن الرضى بهذه الاستحواذات مقدمة لعُقَدٍ وطنية قادمة بين من انتزع حقهم في الأرض والمال والمنصب في أوطانهم الأصيلة وبين من جلبوا جلبًا لغرض الاستيطان الناهب.
9- من مقاصد هذا البحث أن يفتح باب الأمل والتفاؤل بين المسلمين والمسيحيين في أرتريا ومفتاح ذلك الصراحة والشفافية وتبادل الاحترام ومحاكمة الواقع والتاريخ بالوضوح دون تدليس أو مجاملات ودون مصادرة طرف حق الطرف الآخر في الوطن ويدعو إلى تجربة الحوار الديني المبرء من الضغوطات السياسية والجهوية والتعصب الطائفي فإن هذا من شأنه أن يحقق التلاقي بين قادة الطوائف الأرترية بهدف صناعة المستقبل الآمن في الوطن الزاهر المبنى على أسس حماية الحقوق وإرساء دعائم العدل والمساواة فليس مفيدًا أن يظل الطرفان بين ضاغط ومضغوط وطارد ومطرود تدير العلاقة بينهما التوجسُ والشكوكُ وسوءُ التفسيرات لما عليه الآخر من سلوك ومواقف لأن هذا نهج عدواني لا يصنع علاقة تعايش بين المواطنين معافاة وإنما يرسخ ويغرس مفهوم تبادل الأدوار الانتقامية بين الأطراف فمن كان مظلومًا اليوم قد يتحول غدًا إلى ظالم - ما لم تضبط الأخلاق بالدين - وهو خلق غير سوي أشبه بأخلاق الغابة لا أهل الوطن والعقل والدين والعلم.
10) الواقع يشهد أن المسلمين الأرتريين ليسوا بعيدين عن الوطن فسوادهم الأعظم لاجئون في دول الجوار، لجوء لم يجدوا فيه من رغد العيش وعذب الأشواق ما ينسيهم أرضهم ودياهم، ولهم تواصل بالوطن على طريقتهم الخاصة وهم راصدون لما يحدث من ظلم في بلادهم ومدركون لفاعله - مهما تعمد التواري عن الأنظار - ومرارة الظلم تورث من جيل إلى جيل لا يمحوها التقادم الزمني ولا الاستغفال السلطاني ودينهم يفرض عليهم الدفاع عن الحق من دين و مال وعرض و أرض و نفس وتاريخ فغير بعيد أن تشهد الساحة الأرترية صراعاً دمويًا بين الظالم والمظلوم خاصة أن السلطان الحاكم الطائفي ليس بيده ما يقنع به مواليه إلى الأبد من تنمية وأمن واستقرار وصون كرامة وتحقيق حرية ورفاهية وليس لديه عبر تاريخه الطويل غير الأغاني والرقص والخمر واللهو الماجن وهي وسائل قد ملها الشعب وأصبحت غير مبهرة بعد الاستقلال وخيبة الآمال ولهذا تظل الحاجة ملحة لينهض أهل الدين بواجبهم الإصلاحي قبل فوات الأوان.
11) شنع البحث على النظام الأرتري وعلى الحاضنة التي تقف خلفه سندًا شنع عليهم ما وقع منهم من اعتداءات على فئات من أتباع الكنيسة المغايرة لهم أو أفراد اختلفت مواقفهم مع مواقف النظام فتعرضوا للسجن أو القتل أوالمصادرة فالإسلام يدين الاعتداء مطلقًا سواء وقع على المسلمين أو على غيرهم وحديثنا الخاص عما وقع من ظلم على المسلمين لا ينكر ما وقع مثله على طوائف أخرى وحديثنا عن ضرورة الحوار الإسلامي المسيحي لا ينحصر على الطائفة الواحدة التي يحتضنها النظام أو يستغلها وإنما يمتد إلى كل الطوائف المسيحية فهي مدعوة إلى الاستجابة لما نقترح من مبادرة حوار صريح نرى أن فيه مصلحة الجميع وطنًا ومواطناً.
ثانيًا- التوصيات:
غير صائب أن تبقى العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في أرتريا قائمة على الاستبداد وهضم الحقوق وإنما الصواب أن يأتي المواطنون إلى مائدة حوار سلمي يعترف كل طرف بحق الآخر في الوطن والمعيشة في أرضه، والحوار من شأنه أن يسوق الناس إلى اتفاق دائم على قانون يدير البلاد والعباد كما أن مبدأ العلمانية المتطرفة التي تقصي الدين يلزم مراجعته على أساس أنه متهم وقد رفعته فصائل أرترية كثيرة فشلت أن تقدم به حلولاً إيجابية جامعة وإنما ضربت أقبح التجارب في التطرف وإقصاء الآخر وكانت حربًا على الدين وأخلاقه النبيلة وسمو تشريعاته لمعالجة القضايا الوطنية كما كانت حربًا على بعضها تحت شعارات العلمانية والديمقراطية ولم تعصم هذه الفصائل - بأقدار متفاوتة - من الاصطفاف الطائفي المؤذي المعتدي ومخرجًا ومنجىً من هذا المأزق الذي صاحب النضال الأرتري تأتي التوصيات التالية:-
1) الاعتراف بالدين بشقيه الإسلامي والمسيحي على أنه أصيل و مساهم إيجابي في معالجة قضايا الوطن ولهذا يجب إيقاف الأصوات الشديدة الخصومة التي تذم الطائفية الدينية ليتجه الذم إلى الطائفة المعتدية حتى لو كانت مجموعة عساكر مستبدين أو قومية واحدة مستبدة أو مجموعة متدينة فكلهم في الذم سواء لأنهم في إيذاء الآخرين والاعتداء سواء.
2) يجب إيقاف التفسير السالب للدين وتحديد مساحة التحرك له والحظر عليه في مساحات أخرى من قضايا الوطن وهذه هي الرؤية العلمانية التي تفرض على الدين قيودًا من عندها وتفسر النصوص الدينية حسب ما يتفق مع هواها يجب أن تتوقف هذه الرؤية فهي اعتداء ظالم لأن فهم الدين مثل كل المعارف يحتاج إلى أهل الذكر فيه فهم أدرى بدلالاته النصية ومضامينه وقواعد الاستنباط فيه فمن الإجحاف أن يتصدر الآخرون من غير أهل المهنة والدراية للحديث عن الدين وفرض الآراء الخاصة بهم عليه ولي النصوص الشرعية لنصرة أهوائهم.
3) يجب إيقاف التدخل السلطاني على المؤسسات الدينية كلها فهي قادرة على إدارة شأنها ومعرفة دينها وضبط سلوك منسوبيها ولها الحق في سن قوانين خاصة وضوابط تنظم شؤونها الإدارية والدينية وفق ما يمليه شرعها ومصالحها لتظل مستقلة بعيدًا عن هوى السلطان وهيمنته واستخباراته كما لها الحق في حماية اعتدالها ووسطيتها من تنطع أو ترخص أو ردة بعض منسوبيها الذين يشرع لها مجادلتهم بالتي هي أحسن بخطاب دعوي فقيه متسامح عاقل رزين بعيدًا عن الغلظة والقسوة والقهر.
4) يجب النظر إلى كل الطوائف الدينية بمنظار واحد لتجد الدعم المناسب محليًا والحق في الدعوة بالتي هي أحسن وإنشاء مؤسسات التعليم والمحاضن التربوية لناشئتها وإنشاء المؤسسات النفعية كما يكفل لها الحق في التواصل مع العالم الخارجي بفرص متساوية للتواصل الإيجابي مع العالم الخارجي بشكل يخدم المصلحة الوطنية الخاصة والعامة بعيدًا عن تهمة التجسس أو الولاءات الخارجية التي تتربص بالوطن والمواطنين والقانون يضبط مثل هذا التواصل حتى لا يكون بوابة لجلب استعمار أجبني مسنود من طائفية محلية.
5) أقترح أن تلتقي إدارات الطوائف الدينية في أرتريا كلها على ميثاق شرف يجمعها تخدم من خلال جمعها الواجب العام وتدافع عن الحقوق وترعى الدين والسلم الاجتماعي وتعمل على تنمية وتطور الوطن وتتفق على تنزيل الارشادات والتعليمات الدينية السمحة على أرض الواقع بصورة مسالمة وتمنع التفسير المعتدي للدين مقابل الحرص على التفسير الإيجابي الجامع المتسامح الذي يدعو إلى التعاون على البر والتقوى ويحارب السلوك المعتدي.
6) يلزم الطوائف الوطنية كلها نبذ العنف السلطاني والطائفي واعتماد الحوار وسيلة لمعالجة قضايا الاختلاف أو قضايا الوطن وبالحوار أمر الله الناس جميعًا وبه تناطح الفكرةُ الفكرةَ والعقيدةُ العقيدةَ والرأيُ والاجتهادُ الرأيَ والاجتهادَ حتى ينتهي الجدال إلى اتفاق بالتراضي والإقناع أو إلى تحويل مسائل الخلاف إلى القضاء والقانون لحسمها أو إلى ترحيل موطن الخلاف إلى قيام الساعة ليفصل فيها أحكم الحاكمين إن كانت من مسائل العقيدة والسلوك الخاص.
7) توجد في الإسلام مساحة واسعة متينة لوضع أسس التعايش السلمي بين المسلمين وأهل الكتاب لأن الإسلام يدعو إلى الإيمان بالكتب السماوية كلها ويفرض التعاون بين أتباعها ويعتبر المواطنين بما فيهم أهل اكتاب أمة واحدة ويحرم الاعتداء على أهل الكتاب فهم معصومو الدم والعرض والمال وحرية الاعتقاد مكفولة لهم وقد وضحت أدبيات المجاهدين - وهم أكثر الفئات المسلمة التي تثير الهواجس لدى المسيحيين - هذه الأسس السلمية التي ترحب بالتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين وأنها أسس تحميها نصوص شرعية وليست متروكة لأهواء الأشخاص أو الأحزاب أو جماعات وأحسب أن الأديان الأخرى لا تخلو من مبادئ تفضل السلام والتعايش على الحرب والاستبداد وإقصاء المنافسين ولهذا أوصي أن يتصدر المشهد السياسي علماء الدين بصورة تنقلهم من درجة التبعية للسياسيين يؤتي بهم للزينة والتتمة إلى المساهمة القوية بما لديهم من أخلاق نبيلة ومفاهيم مستقاة من كتب سماوية تدعو إلى العدل والرشد والتعايش السلمي وصون الحرمات.
8) لا يتأتى التعايش بين الطوائف الوطنية دون أن تفي هذه الأطراف بشروط التعايش من ذلك إقرار الحرية والتعدد والتنوع والاعتراف الصريح بالآخر، واحترام الثوابت والخصوصيات.
9) إحياء أدب الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه صراحة وعدم العودة إليه ووضع الأسس السليمة لعدم إعادة إنتاجه مرة أخرى وتسوية الجرائم المرتكبة بحق الشعب عبر القضاء المستقل وذلك لأن عدم الاعتذار عن أخطاء أو جرائم الماضي يجعل مقترفيها يتصدرون المشهد السياسي مرة أخرى لإعادة إنتاجها مما يجعل حقوق الناس المهضومة تتجه إلى التلاشي والضياع لأن فاعلها يحمي نفسه بالصدارة وجرائمه الماضية غير معترف بها وغير معتذر عنها فلا يوجد ما يردعه من ممارسة السلوك العدواني مستقبلًا وأن يورث المجرمُ السابقُ السنةَ السيئةَ المجرمِ اللاحق.
10) أقترح على أهل الطوائف الدينية أن تؤازر أنسب صيغة لحكم البلاد وهي الاتفاق على دستور غير مستجلب من الخارج وإنما مصدره الشعب من أديانه وأعرافه وتقاليده وتجاربه ومصالحه يتيح لكل إقليم أن يحكم بما شاء من شرائع مع الإيفاء بحق الحكومة المركزية وهذه توصية لا تمنع أن يتحرك المواطن كيف شاء وأن يعيش وأن يعمل وأن يمتلك بجهد طبيعي بريئ غير مقترن بسياسة ترحيل مواطنين من مواطنهم الأصلية إلى مواطن غيرهم من المواطنين الآخرين الأمر الذي يولد العُقَدَ النفسية والخصومة الشديدة الفجور خاصة إذا تبناها سلطان طائفي لا يثق في براءته أصحاب الحق.
11) تحويل هذه المبادرة إلى واقع عملي يتطلب أن تنهض مبادرات من العلماء والقساوسة تدعو إلى التواصل الإيجابي بين المسجد والكنيسة تواصلاً مباشراً من شأنه أن يجمع قيادات الطرفين إلى مؤتمرٍ عامٍ يتفق على وثيقة تحدد أهداف وأسس وآليات وأولويات العمل المشترك كما يتم اختيار إدارة عليا موحدة من الطوائف الدينية الأرترية تدير العمل المشترك وفق الوثيقة التي تتوافق عليها هذه الطوائف ويستحسن أن تسبقها حوارات وخطوات تمهيدية متدرجة لإزالة النفرة والشعور بالانقباض لدى كل طرف تجاه الطرف الآخر وخير المبادرين من يسبق غيره للنهوض بمهمة التواصل الأول ومن يستقبل المبادرة برضى وانشراح وترحيب ودعم.
يضم الكتاب بين صفحاته ثلاثة فصول ومباحث تسعة مقسمة إلى مطالب:-
الفصل الأول - أساسيات البحث وتعريف الطائفية لغة واصطلاحًا:
المبحث الأول - أساسيات البحث:
المبحث الثاني - الطائفية تعريفًا:
الفصل الثاني - الطائفية في الإسلام وموقف المسلمين من النظام الأرتري:
المبحث الأول - مصطلح ”الطائفية“ في الإسلام بين المدح والذم:
المبحث الثاني - موقف المسلمين الأرتريين من النظام المعتدي:
المبحث الثالث - هل رفع المسلمون الأرتريون شعار الطائفية الذميم؟
المبحث الرابع - هل الدعم العربي للثورة الأرترية طائفي إسلامي؟
الفصل الثالث - أقسام الكنيسة الأرترية وموقفها من النظام الأرتري:
المبحث الأول - طائفية النظام:
المبحث الثاني - شهادات كتاب ومثقفين أرتريين بطائفية النظام:
المبحث الثالث - التعريف بالكنائس الأرترية وبيان موقفها من النظام:
وتتابع المطالب التفصيلية لهذه الفصول الثلاثة ومباحثها التسعة وهي قد قصدت بيان الحقيقة ووصف الداء والدواء دون غيرها من مقاصد الهوى السياسي أو الطائفي ويرى الكتاب أن أهل الدين بإمكانهم المساهمة الرائدة في معالجة المشكلة الوطنية وأن المستقبل ينتظر دورهم بعد أن فشلت - مع تقديرنا لجهود أهل الإخلاص والتضحية - في صناعة الوفاق الوطني، والرخاء التنموي، والاستقرار الأمني، فشلت كل المبادرات الوطنية التي قادها العلمانيون أو الشيوعيون أو الموالون لمحاور خارجية أجنبية لها أطماع في خيرات وكنوز الوطن الأرتري ويرى الباحث أن هناك فرصًا لنجاح مبادرات أهل الدين إذا تكاتفت جهودهم في وضع ميثاق شرف يتوافقون عليه وضمتهم مظلة جامعة ترفع من شأنهم وتجعل منهم كيانًا صلبًا يحترم خصوصيات بعضهم ويدفع بهم نحو التعاون في المتفق عليه من المصالح الوطنية العامة ولا يسمح بالامتطاء والتسلق السياسي الجائر الذي ظل يحرك الدين لصالح أهواء سياسية جائرة.
وفي الختام أذكر بأن هذا البحث يعد خلاصة لآراء كثيرين تحاور الكاتب معهم حول المحتوى كما يعد خلاصة لآراء مثقفين كثيرين نشروا آراءهم في حوارات صحفية، بعضهم خاض العمل مع النظام فاكتشف طائفته البغيضة فهرب، وبعضهم منعته قراءته الصحيحة من الانضمام إلى النظام بداية فآثر العمل المعارض فكل هذه الآراء ساعدت في إكمال هذه المادة فلهم شكري العميق ودعائي الطيب بارك الله فيهم وأثابهم.
ويطيب لي أن أشكر شكرًا خاصاً لهؤلاء الباحثين العلماء الذين قدموا قراءة واعية لهذا البحث وقدموا النصائح الغالية له ساعدت في نضجه:-
• د. حسن محمد سلمان ،
• أ. د. جلال الدين محمد صالح ،
• أ. عبدالله إسماعيل آدم .
أثابهم الله وأجزل لهم العطاء فإن قراءتكم النقدية لمادة الكتاب كانت زاداً بعث الثقة به أكثر، ودفع إلى تهذيبه أكثر. وقبل رفع القلم أسجل ملاحظة مهمة وهي أن العمل الكتابي لن يولد مكتملاً مهما بذل فيه صاحبه من فكره ووقته، ومهما بسط فيه من شورى علمية بين الكتاب الباحثين الناصحين.
ثم إن المبادرات الوطنية ليست حكرًا على أحد حتى يدعي أن مبادرته هي القول الفصل في حل مشكلات الوطن مع أنه جوز له إخلاصه أن يحسن الظن بمبادرته ولولا مثل هذه المبادرات المخلصة لماتت الأفكار في صدور أصحابها ومن شيم الأحياء العقلاء البحث عن الحلول لمشكلات الوطن العصية وتقديم مبادرات باسم الله فإن الله إذا بدأت باسمه العمل الصالح بارك فيه ووقف أهله.
ولهذا يسعدني مناقشة هذه المبادرة بوضوح كما كتبت بوضوح لعلنا نتوصل من خلال الآراء الواعية الواضحة إلى مشروع عمل موحد يحقق الأهداف الوطنية ويحترم الدين وأهل الدين والقيم الوطنية الجامعة يتعامل فيه المواطنون بثقة متبادلة لا بتوجس ماكر واعتداءات ممنهجة تقوم بها مبادرات طائفية تستعذب ممارسة العدوان على خصومها. والله من وراء القصد.
د. حامد محمد حالفا - قلم فقيه وأستاذ جامعي يهتم بالسياسة الشرعية والقضايا الفكرية، يكتب البحوث العلمية المحكمة التي تعالج مشكلات المجتمع من الوجهة الإسلامية.
مصدر المادة
https://zenazajel.net/تلخيص-كتاب-الطائفية-في-أرتريا-أتحتضن/