العيوب الأساسية (السياسية والقانونية) في دستور النظام الارتري - الحلقة الرابعة
بقلم المناضل الأستاذ: عثمان صالح - كاتب ومفكر سياسي
الملاحظات التفصيلية: 13 الفقرة (1) من المادة (27) أعطت الرئيس حق إعلان حالة الطوارئ، والفقرة (2)
من نفس المادة علقت سريانها على مصادقة المجلس بثلثي أصوات جميع أعضائه خلال يومين إن كان في حالة إنعقاد أوخلال (30) يوما في جلسة طارئة يدعى لها لهذا الغرض.
وملاحظتي الأولى أنه ينبغي سريان حالة الطوارئ بمجرد إعلانها وإلاَ لا فائدة من إعلانها. والملاحظة الثانية يجب عدم اشتراط ثلثي المجلس لذلك والاكتفاء بثلثي الجلسة ولاسيما أن قانونية الجلسات بحسب الفقرة (3) من المادة (36) هي بحضور النصف واتخاذ القرارات حسب الفقرة (4) هي بالأغلبية المطلقة للحاضرين وكلاهما لا يتطلب ثلثي عدد المجلس. والملاحظة الثالثة إن الدستور لم يضع حلاً للمسألة في ما لو رفض المجلس المصادقة على إعلان الطوارئ.
14. المادة (33 المصادقة على مشاريع القوانين) تنص على (مشروعات القوانين التي يصادق عليها المجلس الوطني تحال الى رئيس الدولة الذي يقوم بالتوقيع عليها وينشرها في الجريدة الرسمية خلال ثلاثين يوماً). لي ملاحظات ثلاث على هذه المادة: الأولى مصطلح (يصادق) ليس في محله والكلمة المناسبة هي (يقرها). وثانيها أن المجلس يناقش مشروعات قوانين ثم يقرها وحينئذ تتحول من (مشاريع) الى (قوانين) وبالتالي الذي يحول الى الرئيس هو (قانون) وليس (مشروع) قانون. والثالثة ما هو الحل لو رفض الرئيس التوقيع على هذه القوانين ؟.
15. الفقرة (4) من المادة (36) تنص عل (ما لم يرد نص مخالف في هذا الدستور أو أي قانون آخرفإن كل ما يعرض على المجلس للتصويت عليه يتم حسمه بأغلبية أصوات الحاضرين). ما هو هذا القنون الآخر الذي يخالف الدستور ؟ هذا إفتراض غير واقعي إذ ليس هناك قانون آخر يمكن أن يخالف الدستور في تنظيم عمل المجلس.
16. الفقرة (1) من المادة (30 تمثيل الشعب) تنص على (يتمتع كل مواطن ارتري بلغ الثامنة عشر أو أكثرمن العمر بحق التصويت).عبارة أو أكثر ليست لازمة لأن القانون يحدد سن إبتداء الحق ولا ضرورة للنص على ما بعد سن البداية من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الأداة (أو) هي للتخيير بين العمرين ما قبلها وما بعدها وهذا ليس مطلوبا بالطبع.
17. فقرة (11) من المادة (32) تنص على (يقوم المجلس الوطني بتعيين لجنة دائمة تنظر في شكاوى المواطنين) ما طبيعة هذه اللجنة (سياسية / قانونية) وأي أنواع من الشكاوي تستقبل ؟ وما حجية قرارتها ؟.
18. في الفصل الرابع (المجلس الوطني) حدد الدستور معظم الضوابط الأساسية المرتبطة بعملية الانتخاب والصلاحيات والنصاب وسكت عن عدد المجلس الوطني وهو شرط ومعلومة أساسية مطلوب معرفتها من قبل المواطن وينبغي أن يكون عدد أعضاء المجلس فقرة دستورية غير قابلة لأي اجتهاد.
19. الفقرة (1) من المادة 34 (رئيس المجلس الوطني) تنص على (ينتخب المجلس الوطني بالأغلبية المطلقة في أول إجتماع له رئيساً له من بين أعضائه تستمر ولايته خمسة أعوام). وتنص الفقرة (3) من ذات المادة على (يمكن استبدال رئيس المجلس الوطني بالأغلبية المطلقة لأصوات جميع أعضاء المجلس الوطني). أولاً ليس هنالك من سبب لتحديد مدة ولاية رئيس المجلس في الدستور لأن التحديدات الدستورية غير اللازمة تشكل قيوداً تصعب من سهولة التصرف من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن مدة رئاسة رئيس المجلس ليست قضية وطنية مركزية بهذه الأهمية بحيث ينص عليها في الدستور وهي مسألة داخلية يمكن تنظيمها في اللوائح الداخلية للمجلس. أما الفقرة (3) من المادة تقرر إمكانية استبدال رئيس المجلس من غير تحديد الظروف التي تستدعي ذلك وهو خطأ قانوني إذ أن الدستور قد ثبت مدة ولايته بمجرد انتخابه في الجلسة الأولى (خمسة أعوام) وهذا النص الدستوري إما أن يحمي بوضع شروط لاستبدال رئيس المجلس أو يلغى التحديد للولاية في الدستور. من ناحية أخرى سمح الدستور باستبداله بنفس شروط انتخابه أي الأغلبية المطلقة فلو كان مهماً لقيَد استبداله بشروط كما فعل بالنسبة لتنحية رئيس البلاد الذي اشترط له أغلبية الثلثين من أصوات المجلس وفي تقديري يحسن أن يتم استبداله بالثلثين لأن العملية لا تعدو أن تكون (سحب ثقة / تعديل قرار سابق /عزل) وعلي الأفضل إشتراط الثلثين لذلك. وهناك تقصير ورد في الدستور، ففي الوقت الذي قرر فيه انتخاب رئيس للمجلس أغفل إنتخاب نائب أو أكثر له يعينه على أداء المهام وينوب عنه في حالة الغياب وخاصة في حالة انتداب رئيس المجلس إلى منصب الرئيس بسبب خلو موقع رئيس البلاد.
20. المواد (31) فقرة (4) و(32) فقرة (8) و(41) فقرة (2) حددت مدة ولاية رئيس المجلس وكذلك عمر المجلس الوطني وولاية رئيس الدولة ومدة بعض الأجهزة التي يعينها بخمس سنوات يبدأ سريانها كلها في وقت واحد وبالتالي تنتهي في وقت واحد مما قد يخلق فراغا في أهم مؤسسات إدارة الدولة وعليه الصحيح أن يبدأ سريان المدة بفروق حيث تنتهي مدة أحدهما وتكون ولاية الآخر مستمرة (كأن ينتخب المجلس رئيس البلاد بعد مرور سنة من إلتئامه وبالتالي تنهتي مدته بعد السنة الأولى للمجلس القادم) وهكذا.
21. الفقرة (2) من المادة (36) تنص على إن الاجتماعات الطارئة تعقد بطلب رئيس البلاد أو رئيس المجلس أو ثلث المجلس. وهنا يفضل أن يدعم طلب رئيس المجلس بموافقة رؤساء لجان المجلس.
22. المادة (41) قررت انتخاب الرئيس وأغفلت انتخاب نائب له. ولا جدال في أهمية النائب سواء كانت صلاحياته مستمدة من الدستور مباشرة أو مستمدة من الرئيس.
الفصل الخامس - السلطة التنفيذية:
23. المادة (40 أهلية الشخص المرشح لمنصب الرئيس) تنص على (يجب أن يكون عضو المجلس الوطني المرشح لمنصب الرئيس إرتري الجنسية بالميلاد) الشرطان الوحيدان المطلوب توفرهما في من يترشح لرئاسة البلد هما (عضو مجلس / وارتري الجنسية بالميلاد) في الحقيقة السوآل الذي يبرز هنا بخصوص الشرط الأول هو لماذا يشترط أن يمر رئيس البلد عن طريق مرحلتين من الانتخاب. ألا يكفي أن يمر بمرحلة واحدة بإحدى طريقتين الأولى أن ينتخب من الشعب مباشرة ولاسيما أن النظام حسب الفقرة (1) من المادة (39) والفقرة (أ) من المادة (47) والفقرة (2) من المادة (46) من الدستور التي تعطي الرئيس حق اختيار الوزراء وتخضعهم للمحاسبة أمامه هو نظام رئاسي، والثانية أن يتم إختياره من المجلس ولكن من خارج أعضائه. لأن أختيار الرئيس لا يرتبط بمسائل قانونية فقط بل أمر سياسيي يتطلب التوافق والتفاهم بين القوى السياسية ومن يملكون حق الاختيار أو الانتخاب. أما بخصوص الشرط الثاني فهذا تبسيط لمسألة هامة هي (رئاسة البلد) وهو عيب كبير في الدستور وخطورته تكمن في أن هذا الشرط سيسمح بمرور رجل أجنبي الى موقع الرئاسة لأن الدستور يعتبر حسب الفقرة (1) من المادة (3) المولود من أم إرترية (إرتري الجنسية بالميلاد) بغض النظر عن جنسية والده وكما أسلفنا في الملاحظات على هذه المادة فإن إبن الارترية المولود من رجل أجنبي يمكن أن يحمل جنسيتين ويوالي بلدين فكيف يسمح الدستور بمرور رجل أجنبي لرئاسة إرتريا. وكذلك بموجب هذين الشرطين فإن سن المرشح غير داخل وهوما يسهل أن يمر من هو في (سن) أقل من اللازم لقيادة بلد وإدارة شئونها (18) سنة من العمرمثلا. وكان ينبغي التشدد في الشروط التي تؤهل الشخص لتولي رئاسة البلد وكان المدخل البديهي أن يكون النص (أن يكون إرتريا بالميلاد و من أب و أم إرتريين بالميلاد أيضاً بالإضافة لمجموعة شروط أخرى كالعمروغيرها) وهناك دول تتشدد فيمن يتبوأ هذا الموقع وتضع مجموعة شروط وقيود تضمن سلامة هذا الموقع الهام. من ذلك مثلا ما ورد في المادة (61) من مسودة الدستورالتي تقدمت بها جبهة التحريرالارترية - المجلس الوطني - التي سبقت الاشارة اليها حيث تنص بهذا الشأن على يشترط في من يتم ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية الآتي:-
أ) إرتري بالميلاد ومن أبوين إرتريين بالميلاد،
بـ) ألاَ يقل عمره عن أربعين عاما/ج غير متزوج من أجنبية،
د) غير محكوم عليه في جناية مخلة بالشرف أو الأمانة أو خيانة الوطن،
هـ) متمتعاً بالأهلية والمزايا التي يقررها القانون لجميع الارتريين.
23. الفقرة (4) من المادة (41) تقول إذا خلا منصب الرئيس فإن رئيس المجلس الوطني يحل محله بحكم الدستور وبصورة مؤقتة لمدة (30) يوما يتم خلالها انتخاب رئيس جديد للبلاد. في هذا الحالة ينبغي إشتراط عدم ترشح رئيس المجلس لمنصب رئيس البلد وإلاَ سيكون في ذلك إخلالاً بحرية وإرادة الناخبين. وهوشرط تحوطي يهدف الى حماية إرادة الناخبين من أي ضغوط أو ثأثيرات وقد أوردته مسودة جبهةالتحرير الارترية - المجلس الوطني - المشار اليها آنفاً في المادة في المادة (70) منها.
24. المادة (47)تنص في الفقرة (2) تعطي المجلس ولجانه الحق في استدعاء أي وزير ومساءلته عن وزارته ولكن تشترط ذلك عبر مكتب الرئيس. وهذا يتعارض مع الفقرة (1) من ذات المادة التي تحصر هذا الحق بالرئيس هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لم يتضمن الدستور أي حل فيما لو رفض الرئيس هذا الطلب.
25. في المادة (59) لتنظم طريقة - تعديل الدستور- حصرت الفقرة (1) حق اقتراح التعديل على جهتين فقط الرئيس وعدد لا يقل عن 50% من المجلس. وكان الأفضل أن تضاف إليهم الحكومة باعاتبارها الهيئة التنفيذية الأقرب الى إكتشاف أوجه القصور في مواد الدستور كما أن بقية أجهزة ودوائر الدولة ذات الصلة بالنشاط القانوني مثل القضاء والمحامين والادعاء العام كلها جهات ينبغي ألاَ تحرم من هذا الحق على أن يتبى مقترحاتهم المجلس بالنسبة للتعديلات المطلوبة وطالما أن السير في إجراءات عملية التعديل يتوقف حصرا على المجلس فلا خوف من التقدم بالمقترحات. كما أن النسبة المطلوبة لاقتراح التعديل كبيرة وليست منطقية من عدة نواحي، فمن ناحية أن الرئيس لهذا الغرض يساوي نصف المجلس وهو أساسا أحد أعضائه ومن ناحية أخرى أن نسبة نصف المجلس كبيرة لمسألة الاقتراح فقط وكان ينبغي أن تحدد بنسة الثلث مثلا ذلك أن توفر النصف لمجرد الاقتراح يقلل فرص النقاش حول التعديل لأن الجزء المطلوب لإكمال العديل هو ربع المجلس (التعديل يتطلب موافقة 75% من المجلس الذي منه 50% ستكون مضمونة بحكم الاقتراح). أما الفقرة (ب) من (2) من نفس المادة تنص على (إذا انقضى عام على تقديم إجراء تعديل أي من مواد هذا الدستور يجوز للمجلس الوطني بعد التداول أن يجيز من جديد التعديل بأغلبية أربعة أخماس عدد المجلس). هذه الفقرة لا أعرف لها أي تفسير إلاَ أن تكون المحاولة الأولى للتعديل قد فشلت بسبب عدم توفر النصاب المطلوب. وعليه تعاد محاولة أخرى بعد عام لكن غير المفهوم لماذا تطلب الفقرة نسبة أعلى من ألـ75% المطلوبة للتعديل في المرة الأولى بل المنطقي أن تخفف الشروط للتعديل بعد عام طالما ظلت الحاجة قائمة لهذا التعديل على مدار العام.
تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة