سيدي هل لي أن أختلف قليلا؟ اللغة أداة لممارسة السلطة وليست مجرد وسيلة للتفاهم - الجزء الرابع
بقلم المناضل الأستاذ: إدريس سعيد أباعري - كاتب وقاص إرتري | سماديت كوم Samadit.com
صحيح أن لغات كثيرة في العالم اندثرت وجماعات عدة انقرضت أو امتزجت لتشكل ملامح مختلفة
لجماعات أخرى تجمع بين كل السمات، إلا أن ذلك لم يتم خلال عقد أو عقدين أو حتى قرن وبرغبة سياسية أو جهد كادر تنظيمي، بل كان نتاج لتمازج تلقائي استمر لقرون.
والمعروف أن الشعب الإرتري مر بمثل هذا التصاهر خلال عدة قرون دون أن يكون أي تدخل إداري في هذا السياق. ومثل هذا السياق التمازجي كان أيضا يتم في زمن التبادل السلعي والدويلات الإقطاعية، وليس في عهد الدولة المركزية والعملة والقوانين والنظم والأحزاب والأيديولوجيات ومنظمات المجتمع المدني.
وفي ظل هذه الوضعية كيف يمكن أن تكون اللغة متروكة لآلية السوق وهي التي تربط علاقة المواطن بمسؤوليات الدولة والإدارات والمؤسسات التجارية التي لها دور حيوي في حياة إنسان إنسان اليوم.
وفي حين أن العالم يشهد انتشار منظمات تهتم بتنظيم شؤون الأسرة لتحدد صغر خلية المجتمع، كم طفل عليها أن تنجب وكم سنة ينبغي عليها أن تكون الفواصل بين طفل وآخر، وفي حين أيضا إن دقة تحديد الأشياء تصل إلى الإتفاق حول لغة النقاش في المؤتمرات التي تستغرق أكثر من بضع ساعات.
إنني لا أدري أي منطق علمي في تناول مسألة اللغة على هذا النحو، ومع ذلك فكلي آذان وعقل مفتوح لسماع تجارب ناجحة بهذا الشأن على الأقل خلال القرن العشرين، لأنني لا أؤمن بمسلمات جامدة يتعرض من يخالفها إلى كل أنواع التهم.
أما في إرتريا وحسب علمي وفهمي لم يتأكد نجاح ”تعويم اللغة” على حد حد تعبير أحد المسؤولين، بل على العكس من ذلك خلق واقع ومشاعر لم تكن مألوفة لدى الشعب الإرتري خلال تاريخه، وهي مسألة تحتاج إلى التدارك العاجل والتجاوب وليس بالتكابر على الواقع.
اعتقد أن القضية عندنا في غاية البساطة، هناك تعددية لغوية، وهناك مبادئ عامة ودستور يقران بالمساواة بين هذه اللغات والمسألة البسيطة والعويصة في نفس الوقت هي بأية آلية يمكن تحقيق هذه المساواة على المستوى العملي؟
إنها مسألة إدارية بحتة وقانونية تتعلق بوضوح التعامل بين الدولة ومواطنيها، وبين الجماعات اللغوية التي تموت حبا لهذا الوطن، لكنها أي اللغة - اللغة قد تتحول بالتاكيد إلى قضية سياسية وهو ما تؤكده تجارب شعوب كثيرة إذا شعر جزء من المجتمع بأن حاجز اللغة يحرمه من حقوق اقتصادية وثقافية وتعليمية مشروعة.
ولهذا فإن المطلوب المطلوب هو إيجاد آلية تنظيمية وإدارية وقانونية تتناسب ومسؤوليات الدولة العصرية تجاه مواطنيها، وليس السكون إلى فلسفة البقاء للأصلح كما كان الحال في زمن إقطاعيات القرون الوسطى. إن الشيء المؤسف جدا هو أن مفوضية الدستور الموقرة، الموقرة، وبرغم من أنها كانت تتكون من صفوة المجتمع الإرتري إلا أنها لم تنجح في مخاطبة الواقع الإرتري في هذا الشأن.
ثانيا - اللغة والهوية الهوية وما أدراك ما الهوية:
هناك اهتمام زائد بموضوع اسمه الهوية، والأخوة المسؤولين الذين تحدثوا عن التعليم بلغة الأم الأم وعن قضايا اللغة فى الصحافة الخاصة والإعلام الحكومي ربطوا ربطوا لغة الأم، رغم الاختلاف الواضح في الرؤى وطروحات الحلول، بضرورة الحفاظ على الهوية.
• السؤال هو أي هوية هذه؟
• أهي الهوية الوطنية؟
• أم الهوية القومية للجماعات الإثنية واللغ واللغوية؟.
إذا كان المقصود هو الهوية الإرترية فالأمر مفروغ منه. فإرتريا هي نتاج لوجود هوية إرترية وليس العكس، والهوية الإرترية التي تشكلت بشكل تلقائي وقبل ميلاد الجيل الحالي ليس بمسألة مكتسبة بل هي مسألة طبيعية، والإرتريون على اختلاف لهجاتهم ومعتقداتهم الدينية يعتبرون أنفسهم من أقوى شعوب. الأرض افتخارا بإرتريتهم.
نواصل بإذن المولى... في الجزء القادم
* تم رفض نشره في وسائل الاعلام داخل ارتريا فأرسله الكاتب الي مواقع خارج البلاد وأنه أحد أسباب سجنه - بجانب تأييده لمجموعة الخمسة عشر (G15) - منذ عام 2001 كونه يعكس عن رأي مغاير لما دأبت عليه السلطة القهرية بخداعها للشعب ببرنامج تطوير "لغات الأم".