ارتريا، اريتريا، إرترا، ارترا ثالسا، ﺳﻨﻴﻮﺱ ﺍﺭﺗﺮﻳﻮﺱ - الجزء الاول
بقلم الأستاذ: حامد ود عد - كاتب وناشط سياسي إرتري
دولة إرتريا (بالتيغرينيّة: ሃገረ ኤርትራ؛ إرترا)، هي دولة أفريقية عاصمتها أسمرة، يحدها البحر الأحمر شرقا والسودان من الغرب،
إثيوبيا من الجنوب، وجيبوتي من الجنوب الشرقي. يمتد الجزء الشمالي الشرقي من البلاد على ساحل البحر الأحمر، مباشرة في مواجهة سواحل السعودية واليمن. وتصل مساحتها إلى 118,000 كم² وعدد سكانها 4 مليون نسمة، وتتصف اريتريا بأجوائها وأراضيها الخلابة.
سبب التسمية:
اسم إرتريا مشتق من التسمية اليونانية للبحر الأحمر (إرترا ثالسا ἐρυθρὰ Θάλασσα؛ erythra thalassa) وتعني البحر الأحمر، وقد أطلق اليونانيون ذلك الاسم على إرتريا في القرن الثالث ق.م. تخليدا لاسم جزيرة في اليونان تحمل اسم إرتريا، وتقع في الشاطئ الشرقي لبلاد الإغريق، كما أطلق الرومان نفس الاسم على البحر الأحمر عندما خضع لهم ميناء عدوليس التاريخي الشهير. وعندما احتل الإيطاليون إرتريا أطلقوا عليها اسم إرتريا تجديدا للتسمية القديمة، وذلك بالمرسوم الذي أصدره الملك همبرت الأول ملك إيطاليا في الأول من يناير (كانون الثاني) 1890م. كما أطلق المؤرخون المسلمون على الإقليم قديما أسماء مثل بلاد الزيلع وبلاد الجبرته، وقال عنها ابن حوقل: بلاد ال إرتريا، وذكر أن بها كثيرا من المسلمين وعليها ملك عظيم.
الموقع الجغرافي:
تقع إرتريا في الجزء الشمالي الشرقي من قارة أفريقيا، على الشاطئ الجنوبي الغربي للبحر الأحمر بين خطي عرض 15-18درجة شمالا، وبين خطي طول 36_43 درجة شرقا وهي تأخذ شكل مثلث، تحادِّ قاعدته السودان من الغرب وضلعه الأيسر يحادِّ السودان بطول 605 كم حتى إلى اقصى شمال إرتريا عند راس كسار ملتقى الحدود البرية مع شاطئ البحر الاحمر، وإثيوبيا من الجنوب حيث قاعدة هذا المثلث بحدود تصل إلى ما يقارب 912 كيلو متر، وجيبوتي من الجنوب الشرقي بحدود تصل إلى 113 كيلو متر ومن الشرق البحر الأحمر بشاطئ يزيد طوله على الألف كيلو متر.
تبلغ مساحة إرتريا (124,320) كيلومتر مربع وتتألف من اليابسة ومجموعة من الجزر تزيد على الثلاثمائة وستين جزيرة أكبرها جزيرة دهلك كبير، وتمتد الجزر الإرترية إلى منتصف البحر الأحمر وإلى الشمال مباشرة من باب المندب مثل جزيرة حالب الاستراتيجية ودميرة المتنازع عليها مع دولة جيبوتي، وتتحكم سواحلها الممتدة على طول ألف وثمانين كيلومترا في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر شمال باب المندب مباشرة.
المناخ:
تتمتع إرتريا بمناخ مميز يختلف حسب فصول السنة وتختلف الحرارة والبرودة بين إقليم وآخر فنجد أقاليم حارة وأخري دافئة في فصل واحد، فالهضبة الوسطي والشمالية من إرتريا تتمتع بفصل ربيعي دائم برياحه المعتدلة وهوائه العليل وشمسه الساطعة، أما السهل الساحلي فمناخه معتدل في الشتاء، شديد الحرارة وترتفع فيه الرطوبة في الصيف، ويضيق السهل الساحلي في الشمال بينما يتسع في الجنوب مع انخفاض في بعض الأماكن إلى مادون سطح البحر كما في جنوب دنكاليا حيث ينخفض إلى عشرات الأمتار.
يتراوح متوسط هطول الأمطار في إرتريا على مدار السنة مابين 5-20 بوصة (130-510 ملم) في الهضبة الإرترية، و15-25 بوصة (380-640 ملم) في سهل القاش وسيتيت، و3 بوصات (80 ملم) في عصب، و7 بوصات (180 ملم) في مصوع.
تتميز إرتريا بفصلين مطيرين يمتد أحداهما من يونيو (حزيران) إلى سبتمبر (أيلول) تتأثر بالرياح الموسمية الجنوبية الشرقية حيث تسقط الأمطار الصيفية في جميع أنحاء إرتريا باستثناء السهل الساحلي، وتمد الهضبة الإرترية أثناء هذا الموسم السهول الشرقية والغربية بالمياه المندفعة عبر الأنهار والوديان الكثيرة. أما الفصل الآخر فيمتد من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مارس (أزار) حيث تهب الرياح الموسمية الشمالية الشرقية وتسقط الأمطار على معظم السهل الساحلي.
تتشابه الأحوال المناخية والنباتية للمرتفعات الشمالية مع الأحوال السائدة في الهضبة الوسطي. ومجمل القول إن إرتريا تتميز عن سائر البلدان المحيطة بها باستثناء إثيوبيا بتنوع المناخ واختلاف التضاريس الطبيعية فإلى جانب سهول الجزء الغربي التي تتشابه مع صحاري السودان الشمالي نجد غابات السافانا الغنية في مناطق القاش وهضاب مرتفعة في الوسط وتلال أو هضاب بركانية في مناطق دنكاليا في الجنوب.
التضاريس:
تتخذ تضاريس إرتريا أشكالا متعددة كـالصخور الجبلية المرتفعة والسهول الصحراوية وذلك يظهر جليا في التأثير على مناخها كما أسلفنا. ونستطيع تقسيمها على النحو الآتي:-
1. المرتفعات: والتي تتكون من الهضبة الوسطي والتلال والهضاب الشمالية المنحدرة نحو الأراضي الإرترية المنخفضة في شمال وشرق إرتريا وهذه المرتفعات مجتمعة تشكل الهضبة الإرترية التي تمثل امتدادا طبيعيا للهضبة الإثيوبية.
2. الأراضي الساحلية: والتي تمثلها الشواطئ الواقعة على البحر الأحمر على امتداد ألف كيلو متر، وعلى الرغم من أن البحر الأحمر قليل التعرجات والخلجان إلا أن الشاطئ الإرتري يتمتع بخلجان أهمها خليج عصب الذي توجد به مجموعة من الجزر يزيد عددها عن العشرين جزيرة أكبرها جزيرة حالب التي تشرف على مضيق باب المندب ثم جزيرة فاطمة التي يقع عليها ميناء عصب. وتتبع لإرتريا نحو 360 جزيرة أكبرها جزيرة دهلك التي تبلغ مساحتها 185 كيلو مترا مربعا، ويقطنها نحو ألف نسمة.
3. الأراضي السهلية وتشمل:-
• السهول الشرقية التي تقع شرقي إرتريا حيث إقليم دنكاليا وتمتد إلى الشمال حيث إقليم الساحل وهذه السهول تتخللها سلسلة من الهضاب والجبال المختلفة.
• السهول الغربية وهي المناطق الواقعة في غرب إرتريا ابتداء من منحدرات الهضبة الوسطي وامتداد إلى الحدود السودانية وهي تمثل أوسع الأقاليم الإرترية وجزء من مراعي السافانا التي تكثر فيها الماشية باستثناء الأجزاء الغربية من منطقة حوض نهر القاش وسيتيت.
ملامح السطح:
إن إرتريا تتميز بتنوع كبير في تضاريسها ومعالمها البيئية، وحسب المعطيات الجغرافية يمكن تقسيم سطح إرتريا إلى ثلاثة معالم طبيعية كما يلي:-
1. المرتفعات: والتي تتكون من الهضبة الوسطى والتلال والهضاب الشمالية المنحدرة نحو الأراضي المنخفضة في شرق وشمال إرتريا وهذه المرتفعات في مجملها تشكل الهضبة الإريترية التي تمثل امتدادا طبيعيا للهضبة الإثيوبية.
2. الأراضي الساحلية: والتي تمثلها الشواطئ الواقعة على البحر الأحمر، على امتدادا 1000 كم، وعلى الرغم من أن البحر الأحمر قليل التعرجات والخلجان إلا أن الشاطئ الإريتري يتمتع بخلجان أهمها خليج عصب الذي توجد به مجموعة جزر يتجاوز عددها 20 جزيرة وكذلك سواحل الجزر التابعة ل إرتريا ومن أهمها جزر دهلك.
3. الأراضي السهلية وتشمل:-
• السهول الشرقية: وهي المناطق التي تقع شرق إرتريا حيث إقليم دنكاليا وتمتد إلى الشمال حيث أقاليم الساحل وهذه السهول تتخللها سلسلة من الهضاب والجبال وكذلك الارخبيلات.
• السهول الغربية: وهي المناطق الواقعة في غرب إرتريا ابتداء من منحدرات الهضبة الوسطى وامتدادا إلى الحدود السودانية، وهي تمثل أوسع الأقاليم الإريترية، وتمثل جزءا من مراعي السافانا الحارة التي تكثر فيها الماشية باستثناء الأجزاء الغربية من منطقة حوض القاش وستيت.
أهم الأنهار:
• نهر القاش: يبلغ طوله 440 كلم، ويطلق على القاش اسم مأرب في جزء من أجزائه، ويرى الباحثون أن هذا الاسم إنما يعود إلى بعض الهجرات اليمنية إلى إرتريا، وأن هذا اللفظ إنما استخدمه المهاجرون من اليمن تذكرا لمأرب اليمني الذي بني عليه سد مأرب، ينبع من الهضبة في المرتفعات الجنوبية وينتهي بمستنقع في السودان بعد مدينة كسلا في شرق السودان:-
• نهر بركة: طوله 630 كلم داخل إرتريا، ينبع من الجزء الغربي من الهضبة وينتهي في الساحل الشمالي للسودان وفي مواسم الأمطار الغزيرة يصب في البحر الأحمر.
• نهر عنسبا: وأصل تسميته عين سبأ، يصب في نهر بركة ويعتبر رافدا من روافده، وللعلم أن الأقمار الصناعية الأمريكية اكتشفت مؤخرا في منطقة بركة بحيرة عميقة تتمتع بمخزون مائي لا مثيل له في المنطقة، ويمكنها سد حاجة الشعب الإريتري من الماء والطاقة الكهربائية لمدة 250 سنة قادمة.
• نهر سيتيت: وهذا هو النهر الوحيد في إرتريا الذي لا يحمل صفة موسمي حيث أن كل الأنهار السابقة هي موسمية. ولكن مشكلة هذا النهر هي كونه على الحدود الإثيوبية بل ويشكل الحدود الطبيعية بين البلدين، لذا فإنه لم تتم الاستفادة منه، ويمتد هذا النهر إلى السودان حيث يعرف هناك بنهر (عطبرة) ليصب في النيل عند مدينة عطبرة.
أما الأودية التي تصب نحو الشرق من الهضبة الإرترية، فأهميتها الاقتصادية أقل من تلك التي تصب نحو الغرب، بالنظر إلى ضيق المساحات التي ترويها، وأهم هذه الأودية : وادي علي قدي ويروي سهول زولا حيث أقيم سد صغير. وعلى مقربة منه وادي حداث وكميلي، كما يروي مزارع بدا في منطقة دنكاليا، واٍ يمتد إلى هضبة التجراي. أما مزارع (امبيرمي) و(قد قد) و(سقب) فترويها أودية تصب من هضبة حماسين والهضبة الشمالية. وقد أقام (داندي)، وهو الإيطالي المتخصص في زراعة الموز و الفواكه، سداً في ينقوس بالقرب من قندع يروي المزارع في مرتفعات قندع وأسمرا، وقد أقامت شركة سداو للكهرباء بحيرات اصطناعية في (بلزا) بالقرب من أسمرا لتجميع مياه السيول، واستغلالها في توليد الكهرباء، ويعد مشروعاً ناجحاً يمد أسمرا بالكهرباء إلى جوانب فوائده الزراعية. وتؤكد الدراسات التي خلفها الإيطاليون وجود إمكانيات اقتصادية ضخمة باستغلال مساقط المياه، وبإقامة بحيرات اصطناعية لتوليد الكهرباء وتنظيم الري.
المساحة:
تغطي إرتريا رقعة من الأرض تقدر بنحو 121320 كم 2 بما في ذلك جزر دهلك، واعتمادا على المساحة تصنف إرتريا ضمن الأقطار الصغيرة في حجمها ومساحتها.
تتميز خارطة إرتريا بتباعد في الشكل بين أنحائها وأقاليمها، فبينما يبدو التوازن النسبي في شكل الأقاليم الشمالية والغربية والوسطى فإن إقليم دنكاليا يمثل امتدادا شريطيا ضيقا بمحاذاة البحر الأحمر، وعلى أية حال فإن إرتريا في مجملها تمثل شكلا مثلثا تقوم قاعدته على امتداد واسع مع الحدود السودانية.
المناخ:
يتباين المناخ في إرتريا بين المناخ الحار الصحراوي الجاف في المناطق المحاذية لإثيوبيا إلى المناخ المعتدل الرطب في مناطق الجنوب الغربي. و تسقط الأمطار في كل أنحاء إرتريا صيفا باستثناء الشريط الساحلي (مينائي مصوع وعصب) من يونيو - حزيران حتى سبتمبر - أيلول، وتصل درجة الحرارة في الشريط الساحلي صيفا إلى 45 سنتيجراد وتنخفض شتاء إلى 18 في أقصى حالات البرودة. وترتفع في صحراء دنكاليا صيفا إلى 48 سنتيجراد، وهي أعلى درجة حرارة في العالم، وقد درست بعثة علمية في عام 1970 م إمكانية استغلال حرارة الشمس في منطقة دنكاليا لتوليد الكهرباء بواسطة توربينات خاصة. تبلغ نسبة لأمطار في مصوع 7 بوصات في السنة، وفي عصب 3 بوصات، وتسقط الأمطار شتاء في ديسمبر- كانون الأول حتى مارس - آذار، أما في بركة فيبلغ متوسط سقوط الأمطار 15 بوصة وفي حوض القاش وستيت 25 بوصة، وبالنظر إلى هطول الأمطار شتاء وصيفا فإن منطقتي قندع وفلفل تتمتعان بأعلى منسوب لمياه الأمطار إذ يصل إلى 45 بوصة سنوياً.
نواصل بإذن المولى... في الجزء القادم