معوقات الدعوة الإسلامية في إرتريا - الجزء الثاني والأخير
تأليف الأستاذ: عبده حسبو محمد آدم
خامساً - دور الدول الإسلامي التي بسطت نفوذها على المنطقة:
في مختلف العصور على نشر الإسلام في بلاد الطراز الإسلامي
أولاً - الدولة الأموية:
لما تقدم المسلمون في أرض الروم ولم يعد بإمكان الروم الثبات في ميادين الحرب أمام المسلمين قاموا، يحرضون الأحباش على التحرك من جانبهم عسى أن يخف الضغط عليهم، ووجد الأحباش الفرصة مناسبة للأحداث التي وقعت في المجتمع الإسلامي من فرقة في الكلمة، وخلاف في الرأي فقاموا يريدون إثارة الفزع لدى المسلمين الآمنين البعيدين عن المعارك، فشجعوا بعض القراصنة الأحباش على الإغارة على جدة، فقاموا بالسطو عليها، وتدمير السفن الراسية هناك، وقتلوا من استطاعوا قتله ونهبوا أموالا كثيرة، ولاذوا بالفرار تحت جنح الظلام، وذلك في عام 83هـ أيام عبدالملك بن مروان الذي أرسل حملة استولت على جزيرة (دهلك) وجعلتها قاعدة لها إذ أقامت فيها حامية لرد أي عدوان فدب الرعب في نفوس الأحباش ولم يحركوا ساكنا ولم يقفوا أمام تجارة المسلمين الذين استوطنوا دهلك ثم أمتد نفوذ الدولة الأموية إلى مصوع وازدهرت في مصوع ودهلك حضارة إسلامية لا تزال أثارها باقية إلى اليوم. وقد ساعد سيطرة الأمويين على مصوع ودهلك على نشر الإسلام إذا أوقف الحملات التي كانت تشنها الحبشة على التجارة الدعاة فوجد المسلون تربة خصبة لنشر الإسلام في هذه العدوة الأفريقية.
وقد لعبت الأحداث السياسية في عهد الدولة الأموية درواً كبيراً في هجرة بعض الطوائف الدينية وخاصة بعد الصراع الذي حدث بين الأمويين والعلويين والذي نتج عنه هجرة القبائل المعارضة للأمويين وخاصة العلويين الذين ازدادت هجرتهم بعد سيطرة الأمويين على السلطة والحكم.
ومن الطوائف التي هاجرت إلى الساحل والجزر الإرترية الطائفة الزيدية
2. الدولة العباسية:
بعد سقوط الخلافة الأموية على يد العباسيين وقيام الخلافة العباسية آلت السواحل إلى السيادة العباسية، انتقلت أعداد غفيرة من المسلمين إلى هذا الإقليم فارتفعت نسبة المسلمين في الإقليم وغدو أكثرية وأنفصل أهله شعوريا عن سكان باقي الحبشة، وقد عرف إقليم إرتريا إبان الحكم العباسي بإقليم باضع.
ونظراً لتفوق المسلمين من حيث العدد في الإقليم فقد انتشروا على مساحات واسعة في الداخل مما أدى إلى انحصار المسيحية في قلب الهضبة أما بقية المرتفعات والمنخفضات فقد دانت بالإسلام.
ثالثا - دولة المماليك:
بعد ضعف الدولة العباسية واستقلال أجزاء واسعة من أقاليم الدولة الإسلامية، قامت في مصوع مملكة إسلامية، ثم خضعت بعض الإمارات الإرترية للسلطان بيبرس بعد أن إحتج أمير دهلك لدى السلطان بيبرس حول التعرض لأموال التجار المصريين. وقد نشط الدعاة في نشر الإسلام في هذه الفترة حيث استقرت الأوضاع وآل الحكم إلى المماليك، وكان العالم الإسلامي في تلك الفترة يشهد صحوة عامة بعد انتصار المسلمين على الصليبيين والمغول مما أثر إيجابا على الدعوة الإسلامية في هذه الأقاليم، وشعر المسلمون بنشوة الانتصار وبروح الإسلام التي توحد المسلمين على إختلاف أجناسهم وتباعد مناطقهم.
وقد استفاد مسلموا إرتريا من تجاربهم السابقة فنبذوا الاختلاف وتوحدوا تحت راية الدولة الإسلامية (دولة المماليك بمصر) التي أعادت الخلافة الإسلامية للعباسيين بعد سقوطها في بغداد على ايدي التتر، وكسب مسلموا إرتريا جراء هذه الوحدة أعدادا كبيرة من الوثنيين والمسيحيين الذين اعتنقوا الإسلام.
رابعاً - الدولة العثمانية:
في عام 1541م وصل المستعمرون الصليبيون البرتغاليون إلى المنطقة بعد أن التفوا حول القارة الأفريقية، وانتصروا على المماليك أصحاب النفوذ البحري في تلك الجهات وقد آلت الخلافة إلى الدولة العثمانية بعد دخولها مصر عام 923هـ فسيطرت على البحر الأحمر، وأسست أسطولا فيه، وطردت البرتقاليين وجعلت مدينة زيلع قاعدة لأسطولهم، فقوى ذلك عزيمة المسلمين، وقاموا يهاجمون الأحباش النصارى، واستعادت سلطنة عدل مجدها، فضمت إليها الصومال والدناكل، وأسلم أهل بالي، وشارخة وأيفات، فطلبت الحبشة من اروبا عامة ومن البرتغال خاصة المساعدة، وعرضت على أن تكون كنيسة الحبشة تابعة للكنيسة الكاثيوليوكية مع الاحتفاظ بالمذهب الأرثوذكسي وذلك عام 942هـ، وبناء على ذلك جاء جيش أروبي برتغالي، ونزل في مصوع عام 1540م–949هـ بقيادة (كريستوفر ديقاما) الملاح المعروف الذي التف حول افريقيا، والصليبي المشهور، غير أن هذا الجيش قد هزم أمام جيش سلطنة عدل، وقتل قائده ـ ولم ينج من الجيش البرتغالي إلا من تمكن من الفرار فالتحقت فلول هذا الجيش البرتغالي بقوات الحبشة.
وكانت اليمن قد مدت سلطنة (عدل) بقوة عندما دعمت البرتغال الحبشة فاستطاع الإمام أحمد أبن إبراهيم سلطان (عدل) فتح مقاطعة تجراي عام 945–947هـ وقد أقام الأتراك العثمانيون عدداً من القلاع في مختلف أرجاء إرتريا في مصوع والهضبة وفي مدينة كرن وغيرها..
وقد شهدت إرتريا في عهد الدولة العثمانية استقرارا لم تشهد مثله من قبل فقد توقفت الحرب بين المسلمين والنصارى ونشطت الدعوة الإسلامية من جديد فأسلمت الكثير من القبائل المسيحية والوثنية.
خامسا - السلطنة الزرقاء:
بسطت السلطنة الزرقاء نفوذها على أجزاء واسعة من ارتريا، حيث حاربت دولة البلو التي كانت في وادي بركة وضمت اراضيها إليها فنزح من بقى من البلويين إلى السواحل القريبة من مصوع ثم أقامو دولتهم الثانية فيها.
وبعد فترة من الزمان استطاعت السلطنة الزرقاء الوصول إلى مصوع والتوسع نحو الهضبة حتى وصلت إلى المنحدرات الغربية للهضبة الإرترية وقد ساهمت السلطنة الزرقاء في نشر الإسلام في حوض نهري بركة والقاش حيث اعتنقت القبائل التي تقطن تلك المناطق الإسلام ما عدا البازا الذين ظل معظمهم على الوثنية، ورغم ذلك إلا أنهم تأثروا بالمسلمين.
كان ذلك في عام 1508م عندما قام السلطان (عمارة دنقس) (1) المسمى (صاحب السلطنة الزرقاء) سلطان (الفونج) العربي (في سنار) السودانية ببسط نفوذه على جهات القاش ومنخفضات البركة وسيتيت وأخذ يجمع الزكاة من مشايخ بني عامر، وكانت هذه القبائل تدفع الزكاة لمندوب عنها، ليقوم بايصالها إلى السلطان الذي يحمل المندوب كساوي شرف من (الدمور) وسيوفاً من سلطان سنار ليقدمها هدايا من السلطان إلى المشايخ والعمد والزعماء الإرتريين، ورغم كل الضغوط الحبشية والحروب القبلية التي كان يشنها نجاشي النجاشية على الأقاليم الإرترية في هذه الفترة إلا أن السلطة الحقيقية ظلت في أ يدي الحكام المحليين والذين حملوا ألقاباً مختلفةمثل (نائب) في مصوع (وسلطان) في دنكاليا، و(دقلل) في المنخفضات الغربية (ورأس) في الهضبة، و(كنتيباي) في المرتفعات الشمالية، وقد كان كل هؤلاء مسلمون ماعدا حاكم الهضبة الذي يحمل لقب رأس وقد أسهمت السلطنة الزرقاء إسهاما فاعلاً في نشر الإسلام وتوطيده في المنخفضات الغربية من إرتريا.
سادسا - الدولة المصرية:
في عام 1283هـ تنازلت الدولة العثمانية عن إرتريا (2) والصومال إلى واليها على مصر الخديوي إسماعيل أبن ابراهيم بن محمد علي، وكان يحب التوسع حيث تغلغل إلى داخل الأرض الإرترية حتى مدينة كرن وحلحل.
وقد أرسل الحملات من مصر إلى سواحل البحر الأحمر فخاف الأحباش النصارى مرة ثانية بسبب وصول تلك الحملات إلى تلك الجهات إذ توقعوا عودة انتشار الإسلام، ولكن النفوذ المصري لم يدم طويلاً في المنطقة إذ اشتعلت الحرب بين مصر والحبشة، وهزمت مصر عام 1296هـ في ثلاثة معارك وتخلت عن بعض الأجزاء، ولما ظهر ضعف المصريين تقاسمت الدول الكبرى المنطقة فيما بينها وأعطوا الحبشة جزء من تلك القسمة بصفتها دولة نصرانية.
وقد استمر أنتشار الإسلام أيام المصريين فانتشر بين القبائل التي تسكن المرتفعات الشمالية والساحل الشمالي.
خامسا - دور الجماعات والطرق الصوفية في نشر الإسلام في ارتريا:
لقد لعبت الجماعات الدينية والطرق الصوفية دوراً في نشر الإسلام في ارتريا، وكان من أهم هذه الجماعات.
1. الطريقة الصوفية:
لقد قامت الطرق الصوفية بنشر الإسلام في بعض السواحل، ومعظم الأجزاء الداخلية، لا سيما الطريقة الختمية التي يمثلها المراغنة (آل الميرغني) الذين قدموا من مكة المكرمة بغرض نشر الإسلام في المنطقة وقد أسلمت علي أيديهم جماعات كثيرة في مختلف أرجاء إرتريا، وخاصة في مناطق سمهر والساحل الشمالي، ومنطقة كرن، الهضبة والمنخفضات الغربية ويدين بعض سكان هذه المناطق بالولاء لآل الميرغني ويسمونهم الاسياد والأشراف، وقد لعب المراغنة دوراً سياسياً واجتماعيا بارزاً في إرتريا تمثل أهمها في تأسيس حزب الرابطة الإسلامية على يد السيد جعفر ميرغني.
كما قامت كل من الطريقة الشاذلية والقادرية، بنشر الإسلام في الهضبة والسواحل التي تقع جنوب مصوع ويتمتعون بتأييد لا باس به في تلك المناطق.
2. الأسر الدينية:
وقد قامت الأسر الدينية بالدعوة إلى الإسلام وهي أسر وفدت من الجزيرة العربية في الغالب، ووجدت قبولاً من الشعب الارتري حيث استجاب لدعوتها وأسلم على أيدي هذه الأسر الكثير من الإرتريين خاصة في الساحل الشمالي والمرتفعات الشمالية.
3. الجماعة السلفية:
وقد تمثل دور الجماعة السلفية في دعم المعاهد والمدارس والمراكز الإسلامية دعما مادياً ومعنوياً، كالمساعدات المالية والمنح الدراسية، وأدوات مدرسية من كتب وغيرها، وقد ساهمت بهذا في الحفاظ على الهوية الإسلامية لهذا البلد المعرضة للضياع حيث تخرج المئات بل الألوف من تلك المعاهد والمدارس ودرسوا بالجامعات العربية والإسلامية. وكان أهم هذه المعاهد التي قاموا بدعمها ما يلي:-
1. المعهد الديني الإسلامي بأسمرا.
2. مدرسة النهضة الإسلامية بأسمرا.
3. المعهد الديني الإسلامي في مصوع.
4. المعهد الديني الإسلامي بكرن.
5. معهد أصحاب اليمين بكرن.
6. معهد عنسبا الإسلامي بكرن.
7. معهد الضياء الإسلامي بكرن.
8. معهد النور الإسلامي بكرن.
9. معهد الرشاد الإسلامي بكرن.
10. معهد الأمام البخاري بكرن.
11. المعهد السلفي بحقات.
12. المعهد الديني الإسلامي باغردات.
13. المعهد الإسلامي بمنصورة.
14. المعهد الإسلامي بوادي شلاب.
15. المعهد الإسلامي بأفعبت.
وهذا على سبيل المثال لا الحصر، فإن الجماعة قد قامت بدعم أي مؤسسة إسلامية سواءاً كانت معهداً أو مدرسة أو مركزاً.
هذا بالإضافة إلى ما قام به الأزهر الشريف من تبني بعض المعاهد والمساجد وهذا أيضا دور مقدر يضاف إلى ما سبقه من إنجازات الجماعات والطرق الصوفية في مجال الدعوة إلى الله.
سادسا - معوقات الدعوة الإسلامية في ارتريا:
1. دور إثيوبيا في إعاقة الدعوة الإسلامية والوقوف ضدها:
لقد حارب الأحباش الإسلام منذ تول وهلة وعند هجرة الصحابة الأولى إلى الحبشة ثم الثانية وعندما بعثت قريش بوفد إلى النجاشي لرد المسلمين اليهم رفض النجاشي ذلك بشدة، فأنكر عليه بطارقته ذلك (وهم رجال كنيسة) المتحكمين في أمور الدولة وقالوا له (والله لئن سمعت الحبشة بهذا التخعلنك) فقال النجاشي في حزم (ردوا إليهما هداياهما فلا حاجة لي فيها فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد على ملكي، فأخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فاطيعهم فيه).
ومنذ ذلك الحين حقدوا على الإسلام وعلى المسلمين حسداً من عند أنفسهم، وتجلى هذا الحقد عند ما حرضت الكنيسة بعض قطاع الطرق والقراصنة بالإغارة على المراكز الإسلامية في البحر الأحمر. وقتل من فيها من العلماء والدعاة والتجار والتنكيل بهم ونهب الأموال، وإحراق سفن المسلمين مما أضطر الدولة الأموية إلى أن ترسل حملة لتأديب هؤلاء القراصنة.
ثم كلما وجدوا سانحة كانوا يغيرون على الأقاليم الإرترية المجاورة فيقتلوا المسلمين وينهبوا أموالهم، مما اثر سلباً على الدعوة الإٍسلامية خاصة في الهضبة التي كلما وجد الإسلام فيها موطئ قدم، سارعت المملكة النصرانية إلى التربص به والانقضاض عليه في اللحظة المناسبة، وهكذا ظلت مملكة الحبشة عقبة كأداء في طريق الدعوة الإسلامية في مختلف العصور.
2. تناحر الأمراء المحليين وحروب القبائل بين بعضهم البعض:
لقد أضعف تناحر الأمراء المسلمين بحكم التنافس الذي كان قائماً بينهم قوة إماراتهم الإسلامية وأثر بالتالي على أداء هذه الإمارات في جانب الدعوة الإسلامية التي كانت في حاجة ملحة إلى وحدة الكلمة ووحدة الصف من هذه الإمارات، وسبب اختلاف هذه الإمارات في الغالب يعود إلى تبعية بعض الإمارات لبعض الدول الإقليمية القوية كما حدث لإمارة دهلك أيام السلطان ظاهر بيبرس الذي ضمها إلى أملاكه مع إعطاء الإمارة حكماً ذاتياًُ بقيادة الأمير، وإمارة مصوع التي كانت مستقلة في ذلك الوقت.
كما أن الحروب القبلية التي كانت تنشب بين الحين والأخر بين القبائل المسلمة أو بينها وبين القبائل الوثنية أضعفت المسلمين إلى حد كبير. وبضعف المسلمين يقل أداء الدعاة مباشرة ويقل الداخلون في الإسلام.
3. دور الدول الاستعمارية في إعاقة الدعوة الإسلامية:
عندما سيطرت البرتغال على مصوع عام 1541م وتوغلها نحو الداخل، أرغمت القبائل المسلمة لا سيما تلك التي تسكن المرتفعات الشمالية على اعتناق المسيحية وبنو كنيسة لكل قبيلة. وجلبوا إليها القساوسة، وقد استمر الوضع على هذا الحال إلى أن جاءت الدولة العثمانية فأزالت الوجود البرتغالي في المنطقة وعاد المسلمون إلى دينهم من جديد وهدموا الكنائس.
وعندما ضعفت الإدارة المصرية في القرن التاسع عشر احتلت إيطاليا إرتريا وقد قامت إيطاليا الفاشية بقمع المسلمين ومنعت بناء المساجد والخلاوي القرآنية، ونفت العلماء والدعاة إلى جزيرة نخرة في البحر الأحمر.
وتعمدت تجهيل الشعب الإرتري ومنعت التعامل باللغة العربية وأحلت محلها اللغة الإيطالية في محاولة منها لطمس الهوية العربية ولسلخ الشعب عن دينه الحنيف.
وفي الوقت نفسه أطلقت يد الكنيسة والمنظمات التبشيرية التي إنطلقت تبشر بالمسيحية في طول البلاد وعرضها.
وقد أثرت هذه السياسة الإيطالية على المسلمين وجعلتهم متخلفين عن أقرانهم المسيحيين الذي ن درسوا على أيدي الإيطاليين وتبوءوا وظائف لا يستهان بها في فترة الاحتلال.
وفي 1941م عندما انتصرت بريطانيا في الحرب العالمية الثانية زعمت أن المسلمين والمسيحيين في ارتريا نسبتهم متساوية أي 50% لكلا الفريقين وذلك في محاولة خبيثة لاغتصاب حقوق المسلمين، والحيلولة دون استقلال إرتريا ذات الأغلبية المسلمة، وقد تأسس حزب الرابطة الإسلامية على أيدي النخبة المثقفة والزعماء المسلمين وذلك من أجل مواجهة هذه المؤامرة الصليبية الدنيئة.
وفي نهاية المطاف تواطأت الدول الكبرى مع بريطانيا على تسليم إرتريا إلى هيلاسلاسي إمبراطوري أثيوبيا، الذي أرسل كبير القساوسة الأثيوبيين إلى إرتريا وذلك بهدف توحيد جهود المسيحيين للقضاء على المسلمين وعندما احتلت أثيوبيا أر تريا عملت كل ما بوسعها لإنهاء عمل الدعاة والدعوة وفصل إرتريا عن أمتها الإسلامية فمنعت السلطات الأثيوبية التدريس باللغة العربية في المدارس الإرترية واستبدلتها باللغة الأمهرية، كما صادرت الأوقاف التي تتبع المساجد وقد حولت بعضها لصالح الكنائس، وأعملت القتل والتشريد في المسلمين بهدف إبادتهم أو تشريدهم لتخلوا لها الأرض حيث أحرقت أكثر من الفي قرية من قرى المسلمين التي قتل بعض من كان فيها في مجازر وحشية، وهرب من بقى من السكان إلى السودان واليمن والصومال والسعودية وجيبوتي وباقي الدول العربية والعالمية.
وقد قامت جبهة التحرير الإرترية بتعليم الطلاب الإرتريين وإرسال البعثات إلى الدول العربية من أجل المحافظة على الهوية العربية الإسلامية لهذا البلد. وقد حفظ هذا الأجراء الهوية الإسلامية فعلا وظل الشعب الإرتري مسلماً يكافح ويناضل من أجل دينه وعرضه وأرضه.
4. دور المنظمات التبشيرية:
حيث أنتشرت هذه المنظمات أنتشاراً واسعاً، واستغلت ضعف المسلمين وفقرهم وضعف نفوذهم، فقامت بإغراء الفقراء بتوزيع المواد الغذائية والأموال والملابس وما إلى ذلك، وجعلت الحصول على هذه المواد العينية مقابل اعتناق المسيحية، وقد نجحوا في استقطاب افراد قليلين جداً من الفقراء الجهلة ومن ضعاف الإيمان إلا أن المسلمين واجهوا هذه المنظمات بمقاطعتها وعدم الاستماع إليها. وعندما فشلت لجأت إلى أسلوب أخر تمثل في الاتي:-
1. بناء رياض للأطفال ومدارس ابتدائية ومتوسطة حتى ا لثانوية.
2. توفير المنح الدراسية لمن درس في مدارسهم للدارسة في الجامعات الأروبية.
3. بناء المراكز الطبية لأغراء المرضى.
4. الترويج لقضايا المرأة وحقوق الإنسان
5. استغلال أوقاف الكوارث الطبيعية أو الناجمة عن أعمال البشر كالحروب وغيرها.
ورغم أنها لم تحقق أهدافها إلا أنها تعد من معوقات الدعوة الإسلامية لمنافستها لها وصد كل ثغرة ينفذ منها الإسلام بشتى الوسائل. ويضاف إلى هذا كله عدة عوامل من أهمها.
أ) إهمال الدول الإسلامية لهذا القطر وعدم اهتمامها بدعم المسلمين في إرتريا مما أخلى الساحة للدول الغربية ومنظماتها الكنسية.
ب) عدم عودة الخريجين المسلمين من الجامعات العربية والإسلامية إلى بلدهم وأدى هذا إلى بقاء المسلمين على جهلهم أو أغلبهم.
ج) ضعف المسلمين اقتصادياً وسياسياً وتخلفهم اجتماعيا كان له دور كبير في إعاقة عمل الدعوة الإسلامية.
الخاتمة:
إن الإسلام في إرتريا ومنذ الوهلة الأولى التي دخل فيها إلى إرتريا مر بمراحل مختلفة مر بشد وجذب، وجزر ومد، وقد كانت هناك عوامل إيجابية تساعد في انتشار الإسلام، كما كانت هناك عوامل سلبية تحول دون نشر الإسلام، وعلى كل فإن الإسلام ظل ينتشر بوتيرة بطيئة إلى أن عم كل أرجائها. لقد كان من العوامل التي تساعد على نشر الإسلام الصلات العربية القديمة بإرتريا، وأصول السكان العربية، وهجرة الصحابة، وهجرة الكثيرين من الدعاة التجار إلى المنطقة فضلاً عن القبائل والأسر التي كان لها القدح المعلى في نشر الإسلام في ربوع هذا البلد وفوق هذا كله سماحة الدين الإسلامي وقابليته للانتشار في أي بقعة من الأرض لأنه دين الفطرة، وقد اتسمت علاقة المسلمين مع المسيحيين المحليين بالود والاحترام، إلا أنها كانت تتأثر كلما قامت المملكة الحبشية بشن غارات على مناطق المسلمين، وعندما جاءت الدول الاستعمارية الأوربية بذرت بذور الفتنة بين المسلمين والمسيحيين مما ثر على الشعب الإرتري وأدى إلى انقسامه إبان فترة تقرير المصير،وزاد الإمبراطور هيلي سلاسي من حقد المسيحيين على المسلمين فحرضهم على الانتقام من المسلمين. حيث كون لهم عصابات الإرهاب الإجرامية التي قامت باغتيال زعماء المسلمين وعلمائهم مما أضطر المسلمين إلى حمل السلاح للمطالبة بحقوقهم.
وقد أثرت تلك الأحداث على وقتنا الحاضر حيث تدهور أداء المعاهد والخلاوي لأسباب كثيرة، أهمها توقف الدعم المادي وقلة الكادر البشري في المعاهد والمدارس الإسلامية والكتاتيب والمراكز القرآنية.
المصادر والمراجع:
1. عثمان صالح سبي، جغرفية إرتريا، دار الكنوز الأدبية، بيروت 1983.
2. جـ، ك، ن. - تريفاسيكس ترجمة جوزف صعير، إرتريا مستعمرة فى مرحلة الإنتقال (1941-1952م)
3. س،ف، ناديل، التركيب السكاني فى إرتريا العناصر والقبائل، ترجمة جوزف صغير دار المسيرة بيروت 1977م.
4. جميس بروس هو الرحالة البرطاني المشهور ومكتشف منابع النيل الأزرق وبحيرة تانا فى القرن الثامن عشر.
5. محمد عثمان أبوبكر، تاريخ إرتريا المعاصر أرضا وشعبا، القاهرة 1994م.
6. حامد صالح تركي ،إرتريا والتحديات المصيرية دراسة وثائقية للشعب الإرتريا وكافحه المسلح، دار الكنوز الأدبية ط (1) بيروت 1977.
7. محمود شاكر، التاريخ الإسلامي، الطبعة الأولى، 1993م، المكتب الإسلامي بيروت.
8. الإمام الذهبي، تاريخ الإسلام، السيرة النبوية.
9. محمود عثمان إيلوس، ارتريا ومشكلة الوحدة الوطنية، الطبعة الأولى، 2003م، مطابع السودان للعملة المحدودة، الخرطوم.
10. محمد سعيد ناود، اتريا طريق الهجرات والديانات ومدخل الإسلام إلى إفريقيا، الطبعة بدون، 2001م دار الكويت للصحافة (الانباء).
11. عثمان صالح سبي، جذور الخلافات الإرترية، وطرق.
12. ارتريا بركان القرن الأفريقي، جبهة التحرير الارترية، الطبعة الثانية، تاريخ بدون. أنترناشيونال برس، القاهرة.