اريتريا ما بين نصرة الاسلام واضطهاده

بقلم الأستاذة: سيلين سارى المصدر: العاصمة

إرتريا ثان أرض تصلها دعوة خاتم الأنبياء بعد مكة المكرمة.. وأول أرض يهاجر إليها المسلون.. وأول أرض يأمن فيها المسلمون

فكافأوها بنور الإيمان.. كان الأمن أول.

تدلا بايرو 1

ما ذاقه المسلمون.. والآن يتجرعون مرارة الخوف.. في البداية حملتهم أمواج البحر إليها.. والآن تتقاذفهم أمواج الظلم والاضطهاد.

ماذا فعلت الاقدار بأرض قدمت الامن والامان للمسلمين فكافأها العالم الغربى المدعى التحضر محاكم تفتيش صليبية جديدة تعيد محاكم التفتيش فى الاندلس.

تبدأ قصتنا بالحروب الصليبية على العالم الاسلامى فاحتلت القوات البرتغالية بالتعاون مع ملوك الحبشة السواحل الإرترية (مما دفع بالدولة العثمانية للتدخل في الصراع دفاعاً عن المسلمين وإدراكاً منها لخطورة هذا الاحتلال وتهديده للأماكن الاسلامية المقدسة في الجزيرة العربية مما جعلهم ينازلون البرتغاليين حتى أجلوهم عن المنطقة عام 1557م ونصّبوا أحد ابناء الاسرة الحاكمة نائبا عنهم).

وبذلك بقيت إرتريا ضمن الخلافة الاسلامية ثلاثة قرون قبل ان تتعرض للاستعمار الاوربي حيث ظلت تحت الخلافة العثمانية من 1557م-1865م وتحت الحكم المصري من 1865-1885م بناء على فرمان أصدره السلطان العثماني سنة (1281هـ = 1865م)؛ فتحسنت أحوالها بعدما أصبح الساحل الإفريقي للبحر الأحمر في حوزة مصر.

وفى عام 1885 وقعت ارتريا تحت الاحتلال الايطالي وفى عام 1941م وقعت هزيمة ايطاليا في الحرب العالمية الثانية لتوضع ارتريا تحت الانتداب البريطاني وكان وراء الاحتلال البريطاني لارتريا دوافع صليبية ومنطلقات استعمارية كثيرة منها استغلال ثروات البلاد الطبيعية وغيرها.

استمر الاحتلال البريطانى لاريتريا عشرة سنوات (1941م-1951م) كانت كلها تآمر على حق الشعب الارتري في تقرير مصيره حيث سلمت بريطانيا ارتريا الى اثيوبيا عبرالاتحاد الفيدرالي المشؤوم عام 1952م رغماً عن إرادة الشعب الارتري وتطلعاته في الحرية والاستقلال.

بعدما سلمت كل الممتلكات الإرترية من موانئ ومطارات ووسائل مواصلات إلى الجيش الإثيوبي، ولم تترك للحكومة الإرترية ما يمكن أن تؤسس عليه دولتها الوليدة.

وتشكلت أول حكومة إريترية برئاسة تدلا بايرو السكرتير العام لحزب الاتحاد مع إثيوبيا، ولم يستطع هيلاسلاسي أن ينتظر طويلاً ليرى تصرف الإرتريين في إطار الفيدرالية، فتعجل في تطبيق مخططه الاستعماري، وأصدر في نفس العام قرارًا يقضي بتطبيق القوانين والنظم الإثيوبية على إرتريا، كما نفذ خطة أخرى لتغيير التركيبة السكانية في إرتريا؛ فسلم الأراضي الخصبة في منطقة وادي زولا الإسلامية إلى نصارى الحبشة، وبنى لهم كنيسة وتكرر ذلك في المناطق الأخرى، ثم وقّع معاهدة مع الولايات المتحدة في مايو 1953م مُنحت بموجبها واشنطن الحق في إقامة قواعد ومنشآت عسكرية على أراضي إرتريا.

وهنا ياتى دور محاكم التفتيش الارثوذكسية:

فبعد ان صادر الامبراطور الاثيوبى هيلاسيلاسى معظم أراضيها، وأسلمتها لإقطاعيين من الحبشة، كان الإقطاعي والكاهن مخولين بقتل أي مسلم دون الرجوع إلى السلطة، فكان الإقطاعي أو الكاهن يشنق فلاحيه أو يعذبهم في الوقت الذي يريد .. كما سن تشريعات لإذلال المسلمين منها أن عليهم أن يركعوا لموظفى الدولة وإلا يقتلوا. كما أمر أن تستباح دماؤهم لأقل سبب، فقد وُجِدَ شُرْطِيٌّ قَتِيلاً قرب قرية مسلمة، فأرسلت الحكومة كتيبة كاملة قتلت أهل القرية كلهم وأحرقتهم مع قريتهم، ثم تبين أن القاتل هو صديق المقتول، الذي اعتدى على زوجته.

حاول أحد العلماء واسمه الشيخ عبد القادر أن يثور على هذه الإبادة فجمع الرجال، واختفى في الغابات، فجمعت الحكومة أطفالهم ونساءهم وشيوخهم في أكواخٍ من الحشيش والقصب، وسكبت عليهم البنزين وأحرقتهم جَمِيعًا. كما أصدر هيلاسيلاسى أَمْرًا بإغلاق مدارس المسلمين وأمر بفتح مدارس مسيحية وأجبر المسلمين على إدخال أبنائهم فيها ليصبحوا مسيحيين. كما عَيَّنَ حُكَّامًا فجرة على مقاطعات أرتيريا منهم واحد عَيَّنَهُ على مقاطعة جَمَّة، ابتدأ عمله بأن أصدر أَمْرًا أن لا يقطف الفلاحون ثمار أراضيهم إلا بعد موافقته، وكان لا يسمح بقطافها إلا بعد أن تتلف، وأخيرًا صادر 90% من الأراضي، أخذ هو نصفها وأعطى الإمبراطور نصفها. ونهب جميع ممتلكات الفلاحين المسلمين..

وأمرهم أن يبنوا كنيسة كبرى في الإقليم فبنوها .. ثم أمرهم أن يعمروا كنسية عند مدخل كل قرية أو بلدة ولم يكتف بذلك بل بنى دُورًا للعاهرات حول المساجد ومعها الحانات التي كان يسكر فيها الجنود، ثم يدخلون إلى المساجد ليبولوا بها ويتغوطوا، وليراقصوا العاهرات فيها وهم سكارى.

وامعانا فى نغريب المجتمع الارترى المسلم السنى عن هويته ققى عام 1956م تم تعديل الدستور بناء على اقتراح حكومي، وألغيت اللغتان الرسميتان العربية والتجرينية، وحلت مكانهما اللغة الأمهرية، وألغي العلم الإريتري، ونص التعديل الجديد أن يعين رئيس الوزراء الإريتري من قِبل الإمبراطور مباشرة، فقوبلت هذه الإجراءات بغضب شديد، وتبين للإرتريين أن الأمم المتحدة لا تريد أن تتدخل في حل المشكلة الإرترية الذي كان قرار الفيدرالية السبب المباشر في قيامها.

لم يستسلم الإرتريون لحركة القمع الإثيوبية فظهرت حركات التحرر الاسلامية وكان شعارها (العنف الثوري هو الطريق الوحيد للاستقلال).

فشلت إثيوبيا في القضاء على الثورة الإريترية المسلحة، فاتجهت إلى الشعب ومارست معه العنف حتى يبتعد عن مساندة الثوار، فازداد الشعب التصاقا بالثورة التي أصبحت تتمتع بالتأييد الشعبي المطلق.

لكن كانت المشكلة التي تواجه الثورة الإريترية تكمن في تناحر قياداتها، والتوجهات اليسارية التي تسللت إلى الثورة فكان اليساريون والماركسيون وراء كل انشقاق وكل شرخ يحدث في صف الوطنيين (كالعاده دائما فهم الطابور الخامس) ولكننا شعوب لا تقرأ التاريخ.

وفى عام 1993استطاعت إرتريا أن تنفصل عن إثيوبيا وتستقل سياسيًا بعد ثلاثين عاماً من الكفاح السياسي والعسكري، ولكن للاسف وكعادة الاحتلال لا يخرج قبل ان يطمأن ان الحكم سيكون بيد مواليه له وليس للشعب فأن الرئيس أسياس أفورقي قاد بلاده بتوجهات بعيدة عن الإسلام لاعتبارات تتعلق بتوجهاته الماركسية التي تعززت بفرضه اللغة التيجرينية لغة رسمية للبلاد بدلاً من اللغة العربية، وتجاهله لقوانين الأحوال الشخصية للمسلمين، وعلاقاته الوثيقة مع إسرائيل.

وتستمر الحكايه داخل الدائرة المغلقه.

Top
X

Right Click

No Right Click