حكومة إسياس أفورقي عشرون عاما من الحكم الدكتاتوري المتسلط - الحلقة الثالثة

بقلم الأستاذ: جلال إبراهيم

(6) تهميش المسلمين والمسيحين غير التقرنية: كتب في هذا الموضوع الكاتب أحمد راجي سلسلة من مقالات تحليلية تحت عنوان

"قوس قزح المفقود" مدعومة بالأدلة الكافية بما لا يدع مجال للشك من عدم المساوات بين التقرنية وغير التقرنية، وإن المسلمين والمسيحين غير التقرنية في إرتريا يعانون من تهميش متعمد في الوظائف الحكومية وفي التعليم، ووصف المسيحين غير التقرنية هنا يشمل المسيحين من بين التقري والبلين والكناما والساهو.

رجع الأستاذ راجي في مقاله الثاني إلى فترة الحكم الإنجليزي والفترة الفيدرالية وقدم الأدلة والبراهين عن أعداد واسماء الموظفين التي توضح التوازن التام الذي كان يصود بين المسلمين والمسيحين في المناصب الحكومية على عكس حكومة إسياس في إرتريا المستقلة حيث تستحوز قومية واحدة على كل المناصب الحكومية بنسبة 92%.

يمكن كذلك مراجعة وثيقة العهد لمجلس المختار والتى إحتوت على مراجعة كاملة وتحليل وافي لأوضاع المسلمين والمسيحين غير التقرنية وسياسات التهميش التى تتبعها حكومة إسياس.

يمكن ذكر بعض من السياسات المتبعة والإجرات التعسفية التي تقوم بها الحكومة ضد المسلمين والمسيحين غير التقرنية:-

• إغلاق المدارس الإهلية والمعاهد الدينية والخلاوي القرآنية

• إعتقال وتغيب معلمين المعاهد وائمة المساجد والقضاة وأعيان البلد وخريجين الجامعات العربية.

• التجسس على المساجد والجوامع ومراقبة خطب صلاة الجمعة.

• حجز كل البعثات الدراسية في الخارج للتقرنية وتعطيل البعثات العربية مثل بعثة البنك الإسلامي وبعثة الحكومة المصرية وبعثة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

• منع بعثة الأزهر الشريف الرمضانية من دخول إرتريا وإحياء الليالي الرمضانية في مساجد العاصمة أسمرا كما كانت العادة في عهد الإحتلال الإثيوبي.

• تغير أسماء القرى والمناطق إلى أسماء تقرنية مثل جزيرة شيخ سعيد والتى غيرا إسمها الى حَمْلاَيْ دَسِيتْ، ومنطقة رأس مدر إلى رأسي مدري، وعد عمر الى عدي عمر وعد إبرهيم إلى عدي إبرهيم وحقات الى حقاز والأمثلة كثيرة.

• الإهمال المتعمد للأثار والمعمار والمساجد الإسلامية القديمة مثل التي توجد في مصوع في محاولة واضحة لطمس هويتها المسلمة، وهدم بعضها كما حصل في عدي خوالا. وهدم الأحياء السكنية مثل أماتري في مصوع وأحياء مدينة كرن.

• الإستيلاء على الأرض والإستيطان (سوف نفرد لها مساحة خاصة).

إن ما حصل وما يحصل في إرتريا المستقلة تحت حكم الشعبية لتهميش دور المسلمين و المسيحين غير التقرنية في كل مرافق الدولة الوليدة لم يكن أسبابه عدم وجود الكفاءات المسلمة كما يدعي أنصار النظام التقرنية ولكنه نتيجة سياسات إقصائية متعمدة يمارسها النظام ضد المسملين والمسيحين غير التقرنية وإنها ليست إلاَّ سياسية طائفية متطرفة هدفها هو تمكين التقرنية من الإستيلاء على السلطة السياسية وإحتكار المرافق الإقتصادية للبلاد حتى يكونوا النخبة الحاكمة.

(7) إنتهاكات حقوق الإنسان و تعزيز السطة من خلال الإعتقالات:

مثل كل الأنظمة الشمولية الدكتاتورية يعتمد نظام إسياس أفورقي للبقاء في الحكم على إرهاب المواطن من خلال شبكة ومنظومة متطورة من البوليس والمخبرين وكوادر الحزب ورجال الجيش ورجال المخابرات، وإن سجله في إنتهاكات حقوق الإنسان موثق بكل تفاصيله وهناك تقارير كثيرة من منظمات حقوقية ودول غربية عن إنتهاكات حقوق الإنسان في إرتريا سوف نشير إليها في هذه الفقرة.

(7.1) الأجهزة الأمنية:

نشأت الأجهزة الأمنية في إرتريا من جهاز أمن الشعبية قبل التحرير الذي عرف في حينه بـ "حالوا ثورة" ومعناها "حرس الثورة" وجهاز المخابرات والتجسس المعروف بـ 72 (سبعان كلتي) والذي قام بنتفيذ عمليات إغتيالات لشخصيات وطنية كثيرة في السودان ولاحقاً في إثيوبيا. والأجهزة الأمنية هي مثل حبة البصل تحتوي على طبقات متتعددة ووحدات متقاطعة لايُعرف الكثير عنها، فهناك جهاز الأمن العسكري وجهاز البوليس السري وجهاز أمن الرئاسة وربما أجهزة اخرى غير معروفة.

هذه الأجهزة منتشرة في البلاد بين المواطنين وموظفين الحكومة تراقب كل واردة وشاردة، ويقدرعدد المخبرين الذين يعملون في أجهزت الأمن بالألآف من إناس بسطاء إلى محترفين في عمل المخابرات. كتب الكاتب بَانـَا من أسمرا في موقع أسنا قائلاً أن 60% من أصحاب التكاسي في العاصمة اسمرا يعملون مخبرين لجهاز المخابرات ويقول كذلك إن عدد المخبرين الذين نشروا في الأقليم الأوسط بما فيها العاصمة أسمرا في إحتفالات عيد الإستقلال لعام 2010 م وصل إلى 40 آلف مخبر.

لا يقتصرعمل الأجهزة الأمنية في داخل إرتريا بل يمتد فروعها إلى سفارات إرتريا في الخارج في جميع الدول التي يتواجد فيها الإرتريون بكثرة مثل السودان والسعودية ودول الخليج ودول شرق وشمال أفريقيا والدول الإوروبية وشمال أمريكا. ويتجسس المخبرون في هذه الدول على الأفراد والجاليات الإرترية في المناسبات الدينية والإجتماعية العامة وفي الكنائس في الدول التي توجد بها كنائس إرترية ويرفعوا تقاريرهم إلى الجهات العليا في أسمرا، ومن جراء هذه العمل المخابراتي هناك الكثيرين من الإرترين المهاجرين الذين ألقي القبض عليهم في زياراتهم لإرتريا والتنكيل بأهلهم وأقاربهم ومصادرت عقاراتهم وممتلكاتهم. وهناك إختطافات تحصل في داخل المدن السودانية ومن المحتمل جداً أن يكون لها تنثيق مع عناصر فاسدة في الأمن السوداني. وكان موقع أسنا قد نشر في القريب الماضي أسماء بعض المخبرين في الولايات المتحدة الذين يعملوا لمخابرات الحكومة.

(7.2) السجون والمعتقلات السرية وبيوت الأشباح:

قبل الإستقلال وفي سنين النضال المسلح كانت الجبهة الشعبية تشرف على سجون كثيرة في قواعدها الخلفية في الساحل ومن هذه السجون يمكن ذكر سجن بليقات سيئ السمعة وسجون أخرى في تبح ونقفة وعرارب وأفعبت، ونزلاء هذه السجون كانوا خليط من المقاتلين والمواطنين الذين كانت تختطفهم منظمة "حرس الثورة"، وكانت معظم السجون قباب محفورة تحت الأرض يصاب من يسجن فيها بالأمراض الجسدية المزمنة والأمراض النفسية وفقدان البصر بعد شهور وأعوام يمضيها السجين في الظلام الكامل تحت الأرض.

وبعد الإستقلال لم يختلف الوضع، بل وبالعكس ذادت منظومة السجون في العدد والأحجام، فمثلا ً غير السجون الرسمية المعروفة التي يقيدها القانون وتشرف عليها الشرطة توجد شبكة كبيرة من السجون في طول البلاد وعرضها، بعضها تابع للجيش وبعضها للمخابرات وبعضها تدار راساً من مكتب الرئيس.

في بحث قام به موقع عواتي دت كوم في سبتمبر عام 2009 م تمكن من حصر 38 سجناً وكذلك تقرير لهيئة هيومان رايتس وج يوجد من بينها سجن عيراعيرو سيئ السمعة الذي يوجد فيه من تبقى على قيد الحياة من مجموعة الخمسة عشر والصحفين وسجناء الضمير، وسجن ويعا بالقرب من مصوع في منطقة تصل درجة الحرارة فيها فوق 40 درجة مئوية، وسجن ساوا، وسجن تسني، وفي أسمرا وحدها هناك أكثر من خمسة سجون معروفة من بينها سجن سمبل وسجن ونجل مرمرا وسجن أجيب وسجن ماي تمناي، وفي القرب من أسمرا هناك عدة سجون منها سجن عدي أبيتو وسجن حلحلي وسجن دباروا وسجن ماي دما وسجن ماي سروا، وبالقرب من دقمحري وسجن ماي عداقا، وسجن قحتيلاي، وسجن دهلك كبير في جزر دهلك.

وهناك قصص مأساوية عن الأوضاع داخل هذه السجون يوجد القليل منها في تقرير كتبه مُوسِي حدقو لموقع اسمرينو في مارس 2010.

يتعرض المعتقل لصنوف متفرقة من التعذيب الجسدي والنفسي وقد اورد تقرير البروفسور تِرُونْفول عن خرق حقوق الإنسان في إرتريا تفاصيل وافية مصحوبة بالرسومات الموضحة عن أنواع التعذيب التي يتعرض لها المعتقل ومن هذه الأنواع يذكر:-

• هليكوبتر

• أوتو (الرقم 8 باللغة الإيطالية)

• فيرو (معناها الحديد باللغة الإيطالية)

• تورج او الرقم 8

• الماز (أو الماس)

• قوما ومعناها إطار السيارة الكبير

• جيسوس ومعناها اليسوع عيسى حيث يوثق السجين في صليب

وهذه كلها وضعيات يوثق فيها السجين بحبال البلاستيك في أوضاع مختلفة والأسماء تشير إلى مظهرالشخص المربوط.

• ويتعرض المعتقل كذلك الى "الغرق المفتعل" والضرب المبرح.

• تستعمل حاويات الشحن الحديدية للسجن في سجون مختلفة منها سجن ساوا وسجن ماي سراو وسجن دهلك وكل هذه السجون توجد في مناطق يكون فيها الطقس حاراً

• وفي تقارير سنوية متواصلة صادرة من مركز سويرا لحقوق الإنسان الإرتري هناك تفاصيل دقيقة عن السجون وطبيعة الإنتهاكات غير الإنسانية التي يتعرض لها السجناء.

• وغير السجون توجد بعض بيوت الأشباح في داخل العاصمة أسمرا وهذه البيوت فيلات إيطالية أنيقة تبدو عادية من الخارج ولكن تزهق الأرواح في داخلها.

• وتقرير من يكي ليكس يشرح ظروف الإعتقال والتعذيب الذي يتعرض له السجناء.

(7.3) إستهداف المسلمين - الإعتقالات والإحتطافات والتغيب والإعدامات:

المسلمين بمختلف قبائلهم وقومياتهم وإنتمائتهم الأثنية المختلفة مستهدفون من قبل حكومة إسياس ولا تفرق بين العفر والبلين والجبرت والساهو والتقري والكناما والنارا والحدارب والرشايدا لأنها ترى فيهم تهديداً لهيمنتها ومشروعها الطائفي. وفي غالب الأحيان تستهدف الشريحة المتعلمة من بينهم حتى يتسن لهم طمس الهوية المسلمة في إرتريا وتجنيد أبناء الفلاحين منهم في مؤسستها العسكرية حتى تتمكن من تزويب هويتهم في ثقافة ولغة التقرنية.

مباشرتاً بعد الإستقلال قامت أجهزت الشعبية الأمنية بحملة واسعة من الإعتقالات ضد معلمين المعاهد الدينية الإسلامية والمدارس الأهلية والقضاة والائمة والوجهاء واعيان البلد المسلمين في كل أقاليم إرتريا ومدنها بحج مختلفة ومنها مساعدتهم لتنظيم الجهاد الإرتري وتارة أخرى بحجة وجود لهم علاقات بالحكومة السودانية وتارة ثالثة لرفضهم السياسات التعليمية وتمهميش اللغة العربية ولكن السبب الأساسي كان ترويع المسلمين وتهميش دورهم في إرتريا وتمرير سياسات طائفية تخدم طائفة معينة.

كانت الإعتقالات والإختطافات تتم في ظلمة الليل من قبل إناس ملثمين يجوبون المدن في سيارات اللاند كروزر يختطفون الناس من بيوتهم في ظلام الليل وفي بعض الأحيان من امام المساجد بعد الصلاة، ومن يقع في أيديهم كان يُغيب تماما ولا يعرف له مكان، ومعظم هذه الإختطافات كانت تجري بدون علم الشرطة أو أجهزة البوليس المحلية، والأجهزة الأمنية الموكلة بهذه الإعتقالات كانت تنفي أي علم بها ومن سأل عن قريبه المعتقل كان يُنصح أن يكف عن السؤال وإلا َّ سوف يواجه نفس المصير.

هذه الأعتقالات كانت تحصل في أوقات متفرقة على مرالسنين ولم تكن محصورة في فترة زمنية محددة وهذه بعض الأمثلة منها:-

أول حملة إعتقالات تمت في كرن في 1991م بعد التحرير مباشرتاً حيث إعتقل فيها القاضي محمد مرانت مع مجموعة من الوطنين ولازال القاضي محمد مرنت مغيب في السجن.

• واحد هذه الحملات من الإعتقالات على سبيل المثال حصلت في يوم 5 ديسمبر 1994م عند قطع العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السودانية.

• وحملة أخرى من الإعتقالات في 1995م ثم في 1996م في أغوردات وفانكو وساوا وفي مدن وقرى البركا والقاش.

• وحملة اخري في 23 يناير 1997م قادها أبرها كاسا أعتقل فيها حوالي 150 مسلم واعدموا بعد ستة أشهر في 18 يونيو 1997م بأمر من إسياس افورقي.

• إعتقلت مجموعة من أصحاب الأعمال الحرة وموظفين الحكومة العاملين في الإعلام والتعليم والشرطة والإدارة يصل عددهم الى عشرون شخص في نهاية نوفيمبر وبداية ديسمبر 2005 م من بينهم الفنان إدريس محمد علي ولا يعرف عنهم أي شيء منذ إعتقالهم.

• لا يعرف بالضبط عدد المعتقلين العفر والذين تستهدفهم الحكومة بصفة خاصة نسبة لوضع أقليم دنكاليا الإستراتيجي وثرواته الطبيعية ومحاولة حكومة إسياس بسط سيطرتها التامة على الأقليم ومرافقه الإقتصادية مثل تجارة صيد الأسماك وإستخراج الملح، وقد قامت بتصفيات جسدية بين المعتقلين يصل من قتل فيها الى عدة مئات.

• تتم بصفة منظمة حملات الإعتقال ضد شباب العفر في دنكاليا وخصوصا بعد تذايد عمليات منظمة عفر البحرالأحمر في الأقليم.

• حملات إعتقال مماثلة تم فيها إعتقال مشايخ ووجهاء الساهو في فترات متفرقة واحدة منها حصلت في عدي قيح في 8 سبتمبر 2008م.

أعداد المسلمين الذين إعتقلوا في هذه الحملات والذين لا يعرف إي شيء عن وجودهم على قيد الحياة يصل إلى الألآف وليس هناك حصر دقيق لأعدادهم وأسمائهم وأماكن وظروف إعتقالهم ولكن توجد تقارير كثيرة صدرت بهذا الشأن من المنظمات الحقوقية الإرترية ومواقع الإنترنت والتنظيمات السياسية حوت الكثير من التفاصيل وقد تعطي فكرة عن حجم الجريمة ولكن الأرقام الصحيحة لعدد المختطفين والمغيبن كثيرة جداً مما تحتويه هذه التقارير لأن حكومة إسياس تعمل في السر والخفاء وكل صغيرة وكبيرة تعتبر من أسرار الدولة وعليه أن الكثير من الجرائم التي ترتكب بحق المواطنين البسطاء تبقى في طي الكتمان إذا لم يكن الشخص المختطف معروف في أوساط المجتمع. ولكن مهما كان الأمر أن هذه التقارير في غاية الأهمية وتعتير عمل مقدر من جانب القائيمن عليها.

التقارير الصادرة من مركز سويرا لحقوق الإنسان تحتوي على بعض الأسماء من معلمين المعاهد الدينية الإسلامية الذين ألقى القبض عليهم في النصف الأول من التسعينات بعد التحرير مباشرة، ويورد تقرير مركز سويرا أسماء الكثرين من القضاة والمعلمين المسملين ولكن الرقم الحقيقي للمعتقلين يقدر أكثر مما يحتويه التقرير.

وعلم في مارس 2004م من محاري يوهنس وهو جندي هارب خدم في حراسة السجون في إرتريا في مقابلة أجريت معه في تلفزيون زَتي من السويد أن سجناء مسملين يقدر عددهم بـ 150 معتقل قد اعدموا بدون محاكمات في يوم 18 يونيو 1997م.

هناك الكثيرين من المعلمين والدعات وأئمة المساجد ورجال الأعمال والفلاحين والمناضلين والموظفين المسلمين الذين غيبهم نظام الشعبية في سجونه المظلمة وأعدم بعضهم من دون محاكمات وسوف لا نذكر أسمائهم هنا لأنها من الكثرة بحيث لا يمكن حصرها هنا، ولكن نهيب بكل الكُتاب والباحثين ومواقع الإنترنيت والمنظمات الحقوقية ومنظمات المقاومة أن يفردوا مساحة خاصة لهم وإجراء حصر كامل لكل المعتقلين المسلمين من كافة المراجع المتوفرة في الإنترنت وفي غيرها.

(7.4) إستهداف الفئات المسيحية:

لم تنجى بعض الفئات والشخصيات المسيحية من الإجرأت القمعية لحكومة إسياس ويوجد أعداد كبيرة تقدر بحوالي ألف سجين من فئأت مسيحية محددة في السجون والمعتقلات نذكر بعض منها هنا:-

• إعتقال الأنبا أنتونيوس راعي الكنيسة الأرثدوكسية في يناير 2006 م بعد تنحيته من منصبه اللاهوتي في خرق واضح لتعاليم الكنيسة ألتي تحرم تنحية البابا إلاًّ أن يُذنب في حق تعاليم الكنيسة والدين المسيحي، وإن الشخص الذي ينفذ أوامر إسياس في داخل الكنيسة هو يـِفـْتـَحْ دِيمِطـْرُوسْ وهو إبن القشي ديمطروس ويعمل مدير الإدارة في الكنيسة.

• فيئة الـ "جهوفا ويتنس" أو" شهداء يهوه "المسيحية هي اول فئة مسيحية تعرضت للقمع من قبل أجهزت الشعبية، وبداية المشكلة كان رفض أعضاء فئة الجهوفا اولاً المشاركة في الإستفتاء الوطني للإستقلال ثم الخدمة الوطنية لأن المشاركة السياسية محرمة في عقيدة الجهوفا الذين لا يعترفون بأي سلطة دنيوية غير سلطة الخالق. وعليه إعتقلت الحكومة بعض منهم وعلقت رخص المؤسسات التجارية والدكاكين والمطاعم المملوكة للجهوفا ويتنس، ولا زالت هذه الفئة مستهدفة من قبل حكومة الهقدف ويوجد الكثرين من أتباعها في السجون بدون محاكمات.

• الفئة المسيحية الثانية التي تتعرض للقمع هي فئة الـ "بينطي كوستال" البروتستانية وهذه فئة إصولية مسيحية ترفض التوجه العلماني للدولة ويرفض أفرادها الإشتراك في الحملات العسكرية الحكومية حيث يحرمون حمل السلاح والمشاركة في الجيش ولا زالت هذه الفئة مستهدفة من قبل الحكومة. وهناك الكثرين من أتباعها وبعض من قساوستها من هم رهن الإعتقال وإغلقت العديد من كنائسهم. ومما يمكن ذكره هنا هو تذايد أعداد البروتستانت مما يشكل خطر على الكنيسة الأرثدوكسية وبالتالي سكوتها عن ما يجري للمسحين الأخرين.

• أستهداف التقرنية من أقليم أكلي كوزاي وهذه ظاهرة حديثة نتيجة التصدع الذي حصل في داخل تنظيم الجبهة الشعبية بعد عام 2001م، بالإضافة إلى ظروف الحرب التي يعاني منها أقليم أكلي كوزاي، وهناك هجرة كبيرة لسكان الأقليم وبصفة خاصة شريجة الشباب إلى إثيوبيا وبالتالي تشك حكومة إسياس في ولائهم.

(7.5) رفض الإعتراف بقومية الجبرت:

في إرتريا وقبل حكومة إسياس لم يكن يوجد أي جدل حول موضوع الهوية حيث إرتضى الشعب الإرتري من قديم الزمان ثنائية الهوية المسلمة والمسيحية بصفة أساسية وهوية اللغة والقبيلة والفرع والمنطقة والقرية بصفة ثانوية. ولذا أن هوية الإنسان الإرتري ليست محصورة في لغته ولكنها تمتد إلى عوامل موضوعية وذاتية بعضها عوامل أساسية وبعضها ثانوية تحدد هوية المجتمع وبالتالي هوية الفرد. وإن مفهوم القوميات المبني على اللغات كمعيار وحيد لتحديد الهوية في إرتريا هو من صنع الجبهة الشعبية وفيه تبسيط كبير لمفهوم معقد مثل مفهوم الهوية.

وإنطلاقا من هذ الفهم الناقص والقاصر وربما المتعمد فقد أعلنت الشعبية إعترافها بتسعة قوميات في إرتريا وهي على حسب التسلسل الأبجدي: البلين والتقري والتقرنية والحدارب والرشايدة والساهو والعفر والكناما والنارا. وهذا التصنيف يجعل من الجبرت جزء من قومية التقرنية في محاولة متعمدة لطمس هويتهم وإلحاقهم قصراً بقومية التقرنية لمجرد أن لغتهم هي التقرنية متجاوزاً كل العوامل الدينية والإجتماعية والتأريخية والسيكلوجية التي تحدد هوية الجبرت كقومية قائمة بحالها لها إرث ثقافي وتأريخ زاخر مستقل تماماً من ثقافة وتأريخ قومية التقرنية.

بعد التحرير كانت في داخل الوطن وخارجه حيث توجد الجاليات الإرترية مطالب شرعية للجبرت للإعتراف بهم كقومية مستقلة، وفي 1991م أرسلوا لجنة لتقديم مطالبهم لإسياس أفورقي ولكنه امر بإعتقال أعضاء اللجنة وزج بهم في السجن، وفي إنتهاك واضح لحقوقهم الوطنية لا زال الجبرت غيرمعترف بهم كقومية مستقلة.

(7.6) إستهداف القوميات المختلفة:

إذا كان الهدف من مفهوم القوميات وتقسيم الشعب إلى كيانات صغيرة هو من أجل الحفاظ على حقوق القوميات والحفاظ على لغاتها وإرثها وثقافتها لكان أمر مقبول ومحمود، ولكن الهدف منه في نظام إسياس هو من أجل تفتيت وحدة الشعب وإجترار الفوارق الثانوية ووضعها في المقدمة وكأنها فوارق أساسية، وبدون التجني على حقوق القوميات والإعتراف بها كاملة وغير ناقصة وبدون أي شروط مسبقة إلاّ أن غياب الديمقراطية يجعل منها أداة في يد النظام الطائفي وتوظيفها لما يخدم مصالحه وأهدافه المعلنة في وثيقة "نحنان علامانان" وفي المستقبل إذا لم يحسن التعامل معها ستكون سلاح ذو حدين.

• الكناما والعفر من القوميات المستهدفة من قبل أجهزت الأمن ومن جراء ذلك يوجد الألآف منهم في معسكرات اللجؤ في إثيوبيا. قومية الكناما مستهضفة في أرضها وهناك إستيطان في أرض الكناما سوف نتطرق إليه في فقرة أخرى. هناك تقارير تؤكد أن سجناء قومية الكناما في الغالب يُحتجزون في سجن ماي دما والذي تشرف عليه المخابرات العسكرية للكتيبة الـ 25 وان مجموعة من السجناء من قومية الكناما قد قتلوا في داخل هذا السجن في أبريل 2007م. في عام 1995م كان هناك تعاون عسكري بين حكومة إسياس في أسمرا وحكومة ملس في أديس أبابا ضد مقاومة العفر ولكن هذا التعاون توقف مع تدوهر الأحوال في المناطق الحدودية. العفر يعانون من تهميش متعمد وسيطرت تامة على موراد أقليم دنكاليا من قبل حكومة الشعبية سوف نتطرق إليه في فقرة أخرى.

• قوميات الحدارب والنارا قوميات مهمشة ومنسية ومستهدفين في أرضهم وخيراته وفي ثقافتهم ولغتهم وليس لهم أي وجود على الإطلاق في أجهزت الدولة والمؤسسات التعليمية والإجتماعية ووجودهم محصور في المهرجانات والكرنفالات الشعبية حيث تقدم فيه رقصات وأغاني هذه القوميات في شكل مشوه ومزيف ولكنهم محرومون من أي نشاطات ومشاريع إنمائية وبالعكس يجري مشاريع إستيطانية في أرضهم ويعانون من نزع الأراضي من قبل الحكومة لمشاريعها الزراعية.

• وكذلك القوميات الأخرى مستهدفة في إرضها وثقافتها ولغتها، وإن هيمنة قومية التقرنية وإمتيازاتها في فرص التعليم والمجال الإقتصادي وأجهزت الدولة والجيش اصبح امر مسلم به ولا يُعرف كيف سيكون تأثيره على مستقبل التعايش السلمي بين قومية التقرنية والقوميات الأخرى وبالتالي إستمرارية الدولة الإرترية سوف يكون في المحك.

(7.7) قمع المحتجين والمتظاهرين:

لا تتسامح حكومة إسياس أبداً مع أي شكل من أشكال العصيان المدني، وتمنع المظاهرات والإحتجاجات منعا باتاً ولم تحصل الإحتجاجات سوى مرات قليلة وكانت عواقبها وخيمة للمتظاهرين والمحتجين قتل بعضهم وإنتهي البقية في السجون والمعتقلات لفترات طويلة.

مظاهرت المقاتلين في أسمرا:

حصلت اول مظاهرة للمقاتلين في أسمرا في 20 مايو 1993م عند قيام المقاتلين بإضراب عام بعد ما اصدرت حكومة الشعبية قرارات تطلب فيها المقاتلين الدخول في الخدمة المدنية بدون دفعيات مالية أو رواتب مستقرة وأجتمعوا المقاتلين في إستاد أسمرا وقرروا إستدعاء الرئيس لإحتجاج على القرار المعلن. ذهبت مجموعة منهم إلى مكتب إسياس وإقتادوه إلى مكان الإجتماع في إستاد سابا مشياً على الأقدام. بعدما إستمع إلى مطالبهم إستعطفهم في خطبته وزرف الكثير من الدموع الكاذبة ووعدهم بأنه سوف ينفذ جميع مطالبهم.

بعد أسبوع من الإنتفاضة قام جهاز الأمن بإعتقال أعداد كبيرة من بينهم وزج بهم في سجن عدي خالا. وبعد ثلاثة سنوات من السجن بدون محاكمة أرسل إليهم سيئ السمعة ناي إزقي كفلو نائب جهاز الأمن في ذلك الوقت وقراء عليهم قائمة من الأسماء والأحكام التي أتخذت في حقهم وكان أدناها ثمانية أعوام في السجن وأعلاها الإعدام الذي حفف إلى السجن خمسة عشر عاماً.

قمع مظاهرت معوقين الحرب من معسكر ماي حبار:

بعد التحرير نقلت الشعبية معسكرات معوقين الحرب من الساحل إلى أسمرا وضواحيها ومن بينها ماي حبار. معسكر ماي حبار كان يضم حوالي 500 من المعوقين ولكن مرافق السكن فيه لم تكن متكاملة وكانت الأحوال المعيشية في المعسكر صعبة وقدموا المعوقين طلباتهم بتحسين أوضاعهم إلى الجهات المسؤولة.

في 11 يوليو 1994م قاموا معوقين الحرب المقمين في معسكر ماي حبار بإضراب عام إحتجاجا على ظروف المعيشة في المعسكر بعد رفض الإدارة الإستماع إلى مطالبهم ورفض الرئيس إسياس زيارتهم في المعسكر كما طلبوا، وقرروا الذهاب الى أسمرا مشياً على الأقدام لمقابلة الرئيس شخصياً ولكن إسياس بدل مقابلتهم والإستماع إلى شكواهم أصدر أوامره بالتصدي لهم وإلقاء القبض عليهم. وقابلتهم فرقة من الأمن على ضواحي أسمرا وأمروهم بالرجوع إلى مكان إقامتهم وعندما رفضوا المثول للأوامر والرجوع إلى ماي حبار أطلق عليهم النار وقتل عدد غير معروف من بينهم، ثم تبع ذلك حملة واسعة من الإعتقلات شملت العديد من معوقين الحرب الذين أمضوا عدة سنوات في المعتقلات.

قمع سجناء عدي أبيتو:

يقوم الجيش بين الحين والأخر بحملات التفتيش في المدن بحثاً عن الشباب الذين لم يسجلوا للخدمة العسكرية الإجبارية أو الجنود الذين لم يرجعوا إلى مواقعهم بعد إجازاتهم أو الذين هربوا من وحداتهم في الجبهات المختلفة، وتُعرف هذه الحملات بالـ "قِـفـَا"، وتنشط حملات القفا في العاصمة أسمرا بصفة دائمة.

واحدة من هذه الحملات حصلت في 4 أكتوبر 2004م وإعتقلت عناصر من الجيش الألآف من الشباب ونقلتهم إلى سجن عدي أبيتو إلى الشمال من أسمرا. ولكن حصلت في داخل السجن مصادمات دامية بين المعتقلين وحراسهم مما نتج عنه مقتل 54 من الشباب المعتقل وجرح حوالي مائتين منهم. وهذا المعسكر أقيم أول مرة لإعتقال اللاجئين الذين أعيدوا من ماطا في 2002م.

قمع سجناء معسكر ويعا:

يوجد سجن أو معسكر ويعا في شمال دنكاليا حيث يحتجز الألآف من الهاربين من الخدمة العسكرية والذين يقبض عليهم وهم يحاولون الهروب إلى دول الجوار السودان وإثيوبيا، وفي 10 يونيو 2005م تمت اكبر محاولة للفرار من المعسكر قتل فيها الحراس 161 من المعتقلين في المعسكر.

(7.8) الإعتقالات في داخل الجبهة الشعبية:

ماهو معروف عن الجبهة الشعبية في سنوات النضال إنها كانت قاسية جداً مع محاربيها وإن جهاز "حلوا ثورا" كانت له صلاحيات تامة بإعتقال أي محارب أو كادر مهما كان موقعه في التنظيم وكان يتم إعتقال المحاربين للأسباب بسيطة بعضها معروف وبعضها الأخر مجهول. وبعد التحرير لم تُغير من ممارساتها التعسفية ضد المقاتلين سوف نسرد بعض الأمثلة هنا.

أول المعتقلين بعد التحرير كان المناضل بتودد أبرها الذي أمضى العشرون السنة الماضية في السجن. بتودد هو مناضل قديم إنضم إلى الشعبية في عام 1973م وعند التحرير عمل نائب مدير مدينة عصب. من ضمن أشياء أخرى عارض إسياس في إمور تخص التجارة مع إثيوبيا واعتقل في أكتوبر 1991م وبعد عشرون عاما لا يُعرف إذا كان لا زال على قيد الحياة.كانت والدته تأتي كل صباح إلى مكتب إسياس حتى منعها رجال الأمن من الإقتراب من مكتب الرئيس وماتت بعدما أنهكها الحزن على إبنها الغائب.

مسؤول أخر أمضى سنين طويلة في السجن هو المناضل إرمياس دبساي الملقب باباي وكان إرمياس باباي من المقربين من إسياس ويقال كانت تربطهم صداقة مقربة. عمل إرمياس في مكتب الشعبية في لندن وكان مسؤول النشاط التجاري للجبهة الشعبية في بريطانيا وكذلك في دول الشرق. لا يعرف بالضبط سبب إعتقال إرمياس ولكن على الأرجح ربما لأنه يعرف الكثير من الأسرار التي تخص المال. إعتقلت معه كذلك شقيقته المناضلة سنايت دبساي وهي طليقت بيني رئسوم السفير في كينيا، وسبب إعتقالها ربما يشك في إنها تعرف بعض من أسرار شقيقها دبساي ويقال إن زوجها بيني رؤسوم هو من أفشى بها للبوليس بقصد الإنتقام بعد طلاقهم.

سجينة أخرى غُيبت في سجون الشعبية هي المناضلة أتسير يوهنس زوجة الوزير المسجون بيطروس سلمون عضو مجموعة الـ 15. إعتقلت أستير في مطار أسمرا عند عودتها من أمريكا في 11 ديسمبر 2003 م لتكون مع أبنائها بعد إعتقال زوجها. يقال إن السفير قرماي أسمروم طمنها من إنها سوف لا تتعرض للإعتقال إذا عادت إلى إرتريا ولكن أجهزت الأمن كانت في إنتظارها في مطار أسمرا.

مناضل أخر تم تغيبه هو البريجدر جنرال هبتي ظيون حدقو (قائد سلاح الطيران وطيار إسياس الخاص) الذي أعتقل في عام 2003م. أسباب إعتقال الجنرال هبتي ظيون يرجع لرفضه التوقيع على وصولات وكشوفات مالية لأموال قالوا له إنها صُرفت لشراء معدات لسلاح الجو لم يكن طرفاً فيها. دسو تسفاظيون كان مدير 09 مؤسسة البحر الأحمر أعتقل بعد ما سأت علاقته مع رجال الهقدف ولكن أطلق صراحه بعد ستة أعوام في السجن ويوجد تحت الإقامة الجبرية.

سجينة أخرى هي المناضلة مريم حقوص التي إلتحقت بالشعبية من أمريكا في عام 1977م وعملت في جهاز الإعلام وبعد التحرير كانت مسؤولة قسم السينما وأعتقلت في أكتوبر 2001م، وسجينهة اخرى هي المذيعة سعدية أحمد من الفضائية الإرترية سجنت في فبراير 2002م.

غير هؤلاء هناك الكثرين من الشخصيات من داخل الشعبية أعتقلوا في فترات متفرقة سوف نذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر: تولدي مدهن تسفا ماريام (نائب سفير)، كلونيل فيوري (الشرطة)، سلمون هبتوم (الإتصالات)، أكليلو سلمون (مراسل صوت أمريكا)، أحمد على برهان (سفير)، إبراهيم سعيد (مفوضية اللاجئين)، د. عبدالقادر سعيد (بروفسور جامعي )، د. ألكسندر ناتي (برفسور جامعي)، عائشة شاكر (مديرة)، محمد عثمان (برلماني)، عبدالعليم عبدالحي (صحفي وباحث) وأخرون لم تعرف أسمائهم او مناصبهم (94).

(7.9) التصفيات الجسدية في داخل التنظيم وخارجه:

التصفيات الجسدية في داخل تنظيم الجبهة الشعبية هي من الأشياء المسلم بها واحد الطرق التي يتخلص بها إسياس من خصومه السياسين والمشكوك في ولائهم، وقبل التحرير كانت التصفيات في الميدان من الإمور العادية، وفي الغالب كانت إشاعة الإنتحار أو الإستشهاد تستعمل للتغطية على عمليات التصفية ضد الأفراد والتي كانت تجري في الجبهات الأمامية والخلفية على السواء، ومن أشهر التصفيات داخل الجبهة الشعبية كانت تصفية معارضين وإصلاحين منهم:-

• مجموعة "منكع " ومعناها "الخفافيش" بلغة التقرنية في عام 1973م.

• ومجموعة "يمين" (1978)

• ومجموعة "ديساوي منقسقاس" (1979) وحملات غير هذه لم يعلن عنها.

تلك التصفيات راح ضحيتها المئات من المقاتلين، وهي غير عمليات الإغتيال على مستوى الأفراد التي كان يقوم بها جهاز "حالوا ثورا " وفرقة 72 بين أوساط المواطنين والتي يقدر عدد ضحاياها بالألآف.

التصفيات داخل التنظيم كانت تطال حتى شخصيات في مواقع قيادية كما حصل للمناضل الشهيد إبراهيم عافة وكوادر أخرين مثل دكتور بإمنت ودكتور موكنن هيلي. والتصفيات الجسدية لم تتوقف مع التحرير وكان اول ضحاياها المناضل الشهيد عبدالله داود وكذلك مات المناضل علي سيد عبدالله في ظروف غامضة وكذلك المناضل محمد سعيد باره والمناضل عندي مكائيل كحساي والمناضل صالح مكي، ومن خارج الحكومة والتنظيم مات في ظروف غامضة السيد أحمد سيد علي (إبن عم المناضل علي سيد عبدالله) ورجل الأعمال المهندس محمد صالح حقوص ورجل الأعمال فقري ومدير مدرسة الجالية الإستاذ محمد داود شقيق المناضل عبدالله داود والمناضل طه محمد نور والشهيد حكيم محمود الشيخ والشهيد عمار محمود الشيخ وكثيرين غيرهم لم يعرفوا لأنهم لم يكونوا شخصيات عامة.

(7.10) الخدمة الوطنية:

صدر قانون الخدمة العسكرية في 23 أكتوبر عام 1995م ومن أهداف الخدمة المعلنه يوجد من بينها بناء قوات دفاعية قوية تعتمد على المواطنين للدفاع عن سيادة إرتريا وللمحافظة على إرث البطولة والتصميم وتمليكه للأجيال القادمة ولخلق جيل جديد يقدس العمل والإلتزام ويكون على إستعداد للمشاركة في البناء والتعمير ولتوطيد الوحدة الوطنية بين المواطنين، ويشمل القانون كل المواطنين الذين تبلغ أعمارهم من 18-50 عاما لمدة 18 شهراً (المادة 8 من القانون) ويمضي المنتسب للخدمة 6 أشهر في التدريب العسكري و12 شهراً في الخدمة في داخل الجيش أو في المشاريع الإنمائية.

في السنين التي سبقت الحرب الحدودية مع إثيوبيا كانوا هناك أربعة دفعات من الخدمة الوطنية الذين أكملوا الخدمة في الفترة الزمنية المحددة لها بثمانية عشر شهراً، ولكن الدفعات المتتالية بعد إندلاع الحرب لم يسمح لهم التصريح من مواقع الخدمة بعد قضاء الثمانية عشر شهراً المقررة. وفي مايو 2002م أعلنت الحكومة حملة الـ "وارساي يكألو" للتنمية والذي هو برنامج مد الخدمة الوطنية إلى أجل غير مسمى، وهو عمل إجباري غير مدفوع الأتعاب ليس له نهاية محددة حيث يعمل المجند في مد الطرق والبناء والمشاريع الزراعية وحتى في المشاريع الخاصة التابعة لضباط الجيش الفاسدين. وتشرف وزارة الدفاع على حملة الوارساي يكألو ومن يحاول الهرب من الخدمة يعاقب بالقوانين العسكرية، وهناك حالات كثيرة أعدم فيها بعض من منتسبي الخدمة بعد إلقاء القبض عليهم، وحرس الحدود على الحدود السودانية والإثيوبية والجبوتية تحت أوامر إطلاق النار لقتل كل من يحاول عبور الحدود متخفيا كما بفعل كل منتسبي الخدمة.

لا يعرف بالضبط عدد الذين تستوعبهم الخدمة في كل دورة من الدورات لأن الحكومة لا تعلن عن أعدادهم ولكن يقدر أن يكون العدد أكثر من 20 الف في كل دورة. ويقدر العدد الإجمالي لمنسوبي الخدمة العسكرية بين 10-15% من مجموع السكان ولو إفترضنا أن سكان إرتريا يكون 5 مليون فإن مجموع عدد منتسبين الخدمة الوطنية هو في حدود 500 ألف - 750 ألف.

(7.11) المحكمة الخاصة:

وُجدت المحكمة الخاصة المعروفة بـ "فِلـُويْ فِرْدِي بيت" في عام 1996 م بقرار من إسياس أفورقي بدون الرجوع إلى الجهاز التشريعي الغائب بحجة محاربة الفساد للإلتفاف على المحاكم المدنية والجنائية التي تتبع القانون الإرتري المدني والجنائي والتي وجدها إسياس تقف أمامه عائقا لمحاكمة خصومه السياسين والمغضوبين عليهم من داخل المؤسسة. ولم يُنشر القانون أو المرسوم الرسمي التي قامت بموجبه المحكمة الخاصة ولا يعرف عن صلاحياتها القانونية والقضايا التي يمكن النظر فيها.

تعمل المحكمة الخاصة تحت الإشراف المباشر لمكتب الرئيس والرئيس هو الذي يعين القضاة فيها ويتابع أعمالها عن قرب. تفتقر هذه المحكمة إلى أبسط المقومات القانونية لعمل المحاكم أبتداء من القضاة الذين لا يملكون أي موهلات قانونية وكلهم عسكرين لا يملكون أي خبرة تذكر في العمل القانوني وأكثرهم لم يتحصل حتى على الشهادة الثانوية. أما المتهم الذي يقدم إلى هذه المحكمة ليس له محامي للدفاع يمثله ويواجه المحكمة بمفرده وبدون أي مشورة قانونية.

يُجلب المتهم إلى المحكمة مقيد بالسلاسل ثم يستجوبونه القضاة بعد إستماعهم إلى لائحة الإتهامات من الأجهزة الأمنية التي حققت مع المتهم ويجبر المتهم أن يدافع عن نفسه ويحاول أن يقنع القضاة ببرأته بدون الحصول على أي مشورات قانونية وفي الغالب ينطق القضاة بالحكم بعد جلسة أو جلستين وتكون أحكامهم في حدود خمسة سنوات أو أكثر وهناك حالات لم يرضى فيها إسياس أفورقي عن مدة السجن الصادرة بحق بعض الأشخاص إعتقلوا من مؤسسة البحر الأحمر وحكم عليهم مدد إضافية بعد تدخل إسياس.

وفي إنتهاك واضح للعمل القضائي والإجرأت القانونية المتعارف عليها عالمياً أن المحكمة الخاصة تملك الصلاحيات التامة للنظر بأسر رجعي في القضايا ألتي تم النظر فيها ومحاكمتها من قبل في المحاكم المدنية. الأمر الأخر الذي يقلل من مصداقية المحكمة الخاصة أن جميع جلسات المحكمة جلسات مغلقة وليست مفتوحة للجمهور والإعلام، وأحكامها نهائية لا يمكن إستئنافها إلا َّ إذا أمر الرئيس إسياس في إعادة النظر في القضية. ولا يعرف بالضبط الفرق بين المحكمة الخاصة والمحاكم العسكرية ويظهر أن هناك إذدواجية في عمل هذه المحاكم. يقال إن هناك محاكم عسكرية يتم فيها محاكمة أفراد الجيش ولا يعرف الكثير عن عمل المحاكم العسكرية ولكن حالة الإعدامات بين صفوف الجيش كانت متفشية في فترة حرب الحدود في الأعوام 1998 - 2000م.

وغيرالمحكمة الخاصة هناك تدخل متواصل من جانب الرئيس في عمل المحاكم المدنية. في سمينار أكاديمي عقد في أسمرا في 23 يوليو 2001 م شكى رئيس المحكمة العليا المستشار طعمي بيني من تدخلات الرئيس في عمل المحاكم وطالب بإغلاق المحكمة الخاصة لأنها تعارض الدستور وبعد أسبوعين من ذلك التصريح أعفى من منصبه في 10 أغسطس 2001م بحجة تدخله في الإمور السياسية ولا زال مجمداً لأكثر من عشر سنوات وممنوع من السفر.

أما في هذه الأوقات أن عمل المحاكم بكل مستوياتها معطل تماما وأن المعتقلين والسجناء لا يقدمون إلى المحاكم ومتى زجوا في السجون يمضون فيها سنوات طويلة من دون أن يُقدموا إلى المحكمة سواء كانت محكمة خاصة أو محكمة مدنية، ويتوقف عمل المحاكم في شؤون الأحوال الشخصية مثل الطلاق والميراث والقضايا المدنية.

Top
X

Right Click

No Right Click