الإسياسية: من حلم إقامة دولة أكسوم وحكم الدولتين إلي انهيار الخيال وحكم الفرد - الحلقة الثامنة
بقلم الأستاذ: الحسين علي كرار
تحديات الاسياسية: أخطر ما يواجه الشعب الارتري هي التحديات التي أفرزتها الاسياسية من أجل تحقيق أهدافها المحددة والمبرمجة،
تحديات نشأت نتيجة لتنفيذ سياستها مثل التجرنة وتحديد هوية الدولة والتهجيروالتوطين ونزع الملكيات - وتحديات نشأت نتيجة ممارساتها الخاطئة المتعددة مثل ما ترتب علي تعميق مفهوم القوميات - واللغة الأم - وتحديات ظهرت كردود فعل لانتهاكاتها مثل شعور المسلمين بالظلم والغبن و مطالب القوميات - وتحديات ناشئة عن ضعف المعارضة - التي لم تستطيع الحسم - وتحديات تدب داخل الجسم الارتري بالانقسامات والانشقاقات السياسية والاجتماعية، وما أوجدته الاسياسية من خلل اقتصادي عام، ومتعمد في المناطق الإسلامية - وتحديات علاقة الدولة الارترية بأثيوبيا بعد الاستقلال حيث كانت الدولتان دولة واحدة وتتلاعب الاسياسية بطبيعة هذه العلاقة لطموحاتها المشبوهة، وتحديات العزلة الدولية التي فرضتها علي الدولة ومحاربة أصدقاء الثورة العرب المخلصين الذين وقفوا مع الثورة عند الحاجة.
ولكن أخطر تلك التحديات التي ستعصف بالدولة الارترية إذا لم يتدارك المعنيون بالأمر في علاجها بالجدية والحزم والواقعية خاصة أطراف التحالف وهم مقبلون علي المؤتمر الوطني ودون مجاملة فإن ارتريا ستواجه مخاطر حقيقية جليلة في وحدة ترابها، وهو أن الاسياسية أوجدت في الأرض واقع جديد مرفوض من أكثرية الشعب الارتري، ومفروض بالقوة الأمنية المتغطرسة، خلق جبالا من الأحقاد في مجتمع أصلا كانت تحكمه توازنات توافقية، فما حصل للمسلمين في ارتريا لو حصل علي الجانب المسيحي لقلبت الدنيا داخل ارتريا وخارجها، ولكن هذا هو قانون الأقوياء الذي يحكم العالم.
وبإيجاز جعلت الاسياسية بمنهجها الأصولي من ارتريا الدولة الواحد البسيطة ارتريتان :- ارتريا المرتفعات و ارتريا المنخفضات - وتشمل المنخفضات هنا إقليم دنكاليا - ارتريا المرتفعات الحاكمة الظالمة وارتريا المنخفضات الخاضعة والمظلومة، ارتريا المرتفعات التي تفرض هيمنتها وثقافتها ولغتها وتراثها وتتصرف كأنها دولة أوروبية استعمارية غازية، وارتريا المنخفضات المنزوعة الهوية والثقافة واللغة و التراث وتقاوم كأنها تحت نظام أجنبي استعماري، ارتريا المرتفعات التي ترسل بمواطنيها كمستوطنين وتنزع لهم الأراضي بالقوة، وارتريا المنخفضات التي تقاوم المستوطنين من أجل البقاء وحماية أراضيها، ارتريا المرتفعات التي أمنت وحدتها القومية وارتريا المنخفضات التي تمزقها الاسياسية بالقوميات، ارتريا المرتفعات التي لم تتأثر كثيرا مدنها وقراها في حرب التحرير وأكملت لها الاسياسية بعناية مدروسة بنيتها التحتية بعد التحرير، وارتريا المنخفضات التي تلعق جراح ودمار حرب التحرير في مدنها وقراها وهمشت الاسياسية تنميتها وبنيتها التحتية بعد التحرير وبقصد مدروس، ارتريا المرتفعات التي تتمتع بطرق المواصلات التي شقت في الجبال الوعرة والاتصالات، وارتريا المنخفضات التي حرمت من طرق المواصلات ومعظمها في السهول وحرمت من الاتصالات، ارتريا المرتفعات المخدومة بمشاريع السخرة والثروات المنهوبة وارتريا المنخفضات الخادمة الخاضعة للسخرة والاستنزاف، ارتريا المرتفعات الظافرة بحذوة المستشفيات والخدمات والتعليم وارتريا المنخفضات المحرومة من المصاحي والخدمات وأبجدية التعليم، مجتمع مرتفعات مسيحي ملكته الاسياسية السيادة والسلطة والإدارة والثروة والثقافة والاقتصاد والأرض، ومجتمع منخفضات مسلم حرمته من كل ذلك في وطنه وهمشته ووضعته في المرتبة الثانية لم يوضع فيها حتي قي زمن الاستعمار، وبذلك جعلت الاسياسية من نفسها كدولة عنصرية تفرز بين شعبها نقول ذلك دون مواربة ولا تزييف و من الواقع المعاش علي الأرض علي ماذا يتقاتل البيض والسود في أفريقيا الجنوبية العنصرية مثل زمبابوي أليست الغطرسة والشعور للبيض بالتفوق أليست الحرب علي ملكية الأراضي أليست علي الثقافة أليست علي السلطة وفرز المجتمع، أليست هذه العوامل نابعة من التفكير الاستئصالي. فالاسياسية تتعامل بهذه الممارسة كأنها مجموعة أوروبية قادمة تؤثر نفسها علي الآخرين، ويحق لها أن تنزع الأراضي وتطرد منها سكانها وتتركهم في العراء وتقيم فيها مشاريعها الخاصة وتأتي بمن يهمونها للاستيطان وتوزع عليهم نصيبهم من هذه المشاريع، ما هو الفرق بين هذه الممارسات وممارسات البيض في أفريقيا الجنوبية، أليس ظلم الأقربين أشد وقعا وإيلاما ؟.
ببساطة نسأل عن مدن وقري أحرقتها أثيوبيا في زمن التحرير التي تغرق الاسياسية اليوم بالدعاية في المناسبات بفرقها الذهبية وبمهرجاناتها الاحتفالية أسماع الدنيا وتنفق عليه الأموال الطائلة علي الرغم حاجة الشعب لتلك الأموال أين من التعمير المدن التي أحرقتها اثيوبيا أين أغردات أين نقفة التي بقي منها اسمها علي ورق البنك نوت أين أم حجر أين إمبيرمي أين حلحل وصنعفي مدن أحرقت في الحرب أين سكان القرى التي أحرقها الجيش الأثيوبي وبالمئات شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وأصبح سكانها لاجئون في دول الجوار في السودان واليمن وجيبوتي يعيشون تحت الصفيح وتحت الخيم والقطاطي وهم الذين كانوا وقود نار التحرير ونسأل كذلك وببساطة أين عائلة الشهيد عواتى قائد الثورة حتى من باب المجاملة ماذا فعلت لهم الاسياسية إنها لا تجهل الواجب ولكن تفعله لمن يهمها أمرهم، حتى في المرتفعات مناطق المسلمين مهمشة من التنمية، كل هذه المناطق التي دفعت فاتورة التحرير كان من الواجب أن تأخذ الأولوية في التعمير والبناء ولكن أحيلت في قاموس الاسياسية إلي مناطق أمنية مهمشة تحكم بالحديد والنار وبظروف استثنائية وبقيادات عسكرية لا تعرف الرحمة ووضعتها في ظروف تعتبر امتدادا لما كان في زمن حرب التحرير. بينما قري المرتفعات حتى فوق الجبال الوعرة تم شق الطرق لها وتم تأمين الكهرباء و الاتصال والماء والمدارس والمستشفيات ومراكز الشرطة لها، لأن كل مسئول منهم و هم الحكام خدم قريته.
هذه الفجوة الكبيرة والتحدي الكبير الذي أحدثته الاسياسية وشقت به المجتمع الارتري إلي مرتفعات مسحية مهيمنة ومنخفضات مسلمة مظلومة تشعر بالغبن وبالنكران من الصعب جدا حصول الوصفات الطبية لعلاجها بسهولة حتى مجتمع المرتفعات المسيحي الذي خدمته أدخلته في قفص الاتهام وحملته وزر آثامها وأخطائها، ومع تقدير مواقف الشرفاء من المسيحيين الذين يعلنون رفضهم لسلوكها وممارساتها التي لا تخدم الوطن.
و من ضمن التحديات وجود بعض الأطراف في المعارضة سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين يطلبون أن لا يتناول أحد مثل هذه المسائل للنقاش لحساسيتها ولوحدة الصف الارتري وأن الظلم من النظام حاق بكل الأطراف سواء كان مسلما أو مسيحيا وهذا خلط واستنتاج غير صحيح، لأنه ليس من المنطق أن تطلب من المظلوم أن يقبل الظلم و يكتم غيظه وآلامه مجاملة لأقرباء الظالم الذي يقفون ضده، أليس من واجب العزاء أن يقدر أقرباء الظالم بكاء أهل المظلوم، فلا يستوي من أخذ صفعة في وجهه مع من أخذ هذه الصفعة وقطعت يديه ورجليه وفقأت عينيه من الظلم أن يستويان، هذا إذا كانت النية الصادقة للإصلاح. وقد يقول قائل مثل هذا النقاش يؤجج الأحقاد ولكن الحقيقة ما تمارسه الاسياسية علي واقع الأرض هو الذي يؤجج المشاعر.
ومن التحديات ضعف المعارضة الارترية ومن الإنصاف أن أن نقول أولا شيء بحقها قبل أن نقول شيء بحق الآخرين عليها، عندما كانت الاسياسية تأكل من موائد التقراي الذين تسميهم اليوم الوياني، وتشرب من كؤوسهم في أديس أبابا وقبل أن تسقط من يدها قنائن المؤاخاة لم تكن هذه المعارضة من يفعل ذلك وإنما كانت من رفض ذلك ووجه الضربات القوية لها رفضا لنهجها، وأصبحت الركيزة الأساسية لكل الرافضين لقمع الاسياسية عندما سقطت ورقة التوت الناعمة من يدها وانكشف وجهها الطائفي الحقيقي، إن الذين رضعوا وترعرعوا وشبوا علي النضال والكفاح المسلح ليس هم الذين يبيعون ارتريا لأثيوبيا ولا للإسياسية ولا لبقية دول العالم ومهما قالت الاسياسية ومن ائتمر لأمرها فحقيقة التاريخ لا تساعدهم في ذلك، فأثيوبيا دولة إقليمية كبيرة في المنطقة وتراعي مصالحها وتعرف مصالح شعبها ولكن الذين أضاعوا مصالح شعبهم في سبيل مصالحهم لم ترفعهم المصالح الفردية التي يرعونها فوق مصالح الشعب إلي مصاف الوطنيين والأحرار فاليقولوا ما يشاءون.
أما حق الآخرين عليها فإن هذه المعارضة التي هي الأداة الأساسية لإسقاط النظام والتغيير والتي رفعت رايته قد أصابها الضعف والافتراق وأصبح ضعفها من ضمن التحديات التي تحير الشعب فقد بدأت قوية عندما كانت قاعدة المعارضة قليلة وتقلصت قوتها عندما توسعت هذه القاعدة وهي تعرف مواضع ضعفها وهذه من غرائب الأمور فيجب عليها أن تتدارك أخطائها، فهذه الفصائل سواء كانت علمانية أو إسلامية لم تستفد من تجاربها السابقة ولا من تجارب الآخرين فقولبت نفسها في قوالب معينة ضيقة سواء كانت تنظيمية أو مذهبية فالإسلاميون كان بإمكانهم أن يفعلوا ما فعله الإخوان المسلمون في السودان عندما حلوا حزبهم وشكلوا حزبا عريضا أطلقوا عليه الجبهة القومية الاسلامية بعد أن حشدوا كل القوي الإسلامية التي عززوا بها مواقعهم وفيما بعد أطلقوا عليه المؤتمر الوطني - هذا المثل للتدليل فقط وليس للمطابقة - كذلك فصائل جبهة التحرير الارترية توقفوا عند حاجز الحساسيات القديمة فيما بينهم وما كان مطلوبا منهم كان فوق هذا الحاجز النفسي، وعندما قام التضامن استبشر الجميع بحصول شيء جديد ولكنه ذبل كأوراق الخريف ولم يمكث طويلا وبقي منه ما يكتب من بيانات عن ذكراه، ولا يدر ي أحد علي ماذا تضامن أهل التضامن ؟ والإنقاذيون كل يوم يأتون بإنقاذ جديد، والمؤتمر الإسلامي سعي بلا كوابح ولا حدود، كل ذلك يجعل من هذه الفصائل التي كانت الأمل في التغيير معطوبة المكنات ومبنشرة العجلات وهي تقف عاجزة علي حافة الطريق، ومصيبة الشعب أنه أصبح يحتاج إسعافا للمسعفين وإنقاذا للمنقذين أليست هذه مفارقة.
إن أطراف المعارضة يبكون ليلي وهي بالعراق مريضة ولسان حالهم يقول يا ليتني كنت الطبيب المداويا ويقول النحاة ليت إما لطلب المستحيل - ليت الشباب يعود يوما - أو ما فيه عسر - ليت المعارضة تنجح - إن الشعب الارتري الذي أرهقته الاسياسية ينظر إلي المعارضة بانها خلاصه من النظام ويقف خلفها علي الرغم من ضعفها وهي مقبلة علي المؤتمر الوطني ومفوضيته وينظر بأمل كبير أن يحقق النجاح ولكن غير السار في المعارضة ضبابية مواقف أطرافها وعدم وضوح رؤيتهم وعامل الخوف المهيمن عليهم لاتخاذ القرارات الجريئة والواضحة ويبدوا أن القيادة التي سينتخبونها ستكون أشبه بمنظمة التحرير الفلسطينية، جسم هامد، ويعلم أهل المعارضة أن الاسياسيين ليسوا غافلين عما يفعله التحالف وهم سيبنون السدود والموانع المستقبلية معتمدين علي القلاع العسكرية والاقتصادية والأمنية والإدارية التي أقاموها وما يكتبه التحالف برؤيا ضبابية غير واضحة المعالم للمستقبل بحبر جاف أو سائل سيقلبونه إلي حروف مكتوبة بماء بلا حبر ولا لون، فهل يستطيعون قراءته بعد ذلك ؟ لا يريد المسلمون أن يكونوا المضحيين دائما لوحدة أرتريا، ولا يعقل أن يكون التجرنية دائما الرافضون والهاربون من الوحدة إذا لم يجدوا مطالبهم، ولا يعقل كذلك أن يكون المسلمون اللاهثون دائما وراء وحدة الوطن ويفاجئوا من قياداتهم بأن المرحلة مرحلتهم وواقع الأمر في يدهم، يجب أن تكون الصورة واضحة بما أحدثته الاسياسية من خلل في المجتمع فيما يتعلق بالسلطة والدين والثروة والثقافة والأرض والمستوطنين واللاجئين بعيدا عن الفاظ الحرية والديقراطية المطاطة في التفسير، فلا يعقل أن يكون نضال شاق وقاسي ثم تكون نهايته مأساوية بسبب المجاملة وعدم الوضوح ثم الاضطرار لجولة جديدة من الكفاح، فإذا كانت قيادات المعارضة لها إرادة حقيقية لتمثيل الشعب بالرؤيا الواضحة وغير الخاضعة للضغوط لحل المشاكل الداخلية فقد تكون جنبت الشعب المشحون نفسيا من الممارسات الاسياسية الخاطئة كثيرا من الويلات وإن عجزت عن ذلك فإن قطار ها الجامد ستتجاوزه الأحداث، فإذا فشل المؤتمر الوطني القادم في تصور الحلول المستقبلية للمعضلات الأساسية وعجز أن يقدم شيء مقنع مما يطمح إليه الشعب ماذا تتصور المعارضة بما سيفعله المتضررون ؟ بالتأكيد إنهم سيعودون إلي قومياتهم وقبائلهم لحماية أنفسهم من هيمنة الاسياسية، وستدخل ارتريا في نفق مظلم من الصوملة، ويقول البعض أن المرحلة تقتضي التضامن لإسقاط النظام فإذا كان النظام القادم مثل هذا النظام ظالما فلا ضرورة لإسقاطه، فظالم يعرفه الجميع أفضل من ظالم لا يعرفه أحد، وإذا كان هدفها التغيير فالتوضح المعارضة طبيعة هذا التغيير في المسائل الجوهرية المختلف عليها مقدما في أدناه رؤيتها في أسس العدالة والمساواة أما المطالبة بالديمقراطية والحرية فلا يختلف أحد عليها والمطلوب منها توضيح برنامجها فيما اختلف فيه ويثار حوله الجدل لأن الجميع يعلم من هي الفئة الحاكمة المتنفذة في الحكم والتي ستقاوم التغيير إذا حصل، ولكن ماذا يريد التحالف هل يريد تغيير الأشخاص وإحلال آخرين مكانهم ؟ هل يريد تغيير آلية عمل جهاز الدولة ؟ كيف ؟ وكيف يعالج الشرخ في المجتمع - الثقافي والاقتصادي والإداري ؟ كيف يعالج موضوع الأراضي والمستوطنين هل يعودوا لمناطقهم أم هو أمر واقع كما أرادته الإسياسية ؟ كيف يعالج موضوع التوظيف ومحاربة البطالة ؟ كيف يعالج اختلال البنية التحتية والفروقات بين الأقاليم هل ستؤجل ويكون التنظير فيها بعد تغيير النظام ؟ وإذا كان هذا هو المرجح يعني ذلك إن التحالف ليس له دليل عمل وبرامج سوي إسقاط النظام وتبؤ السلطة مكانه والاجتهاد بعد ذلك، إذن ما هي الفائدة إذا سقط النظام وبديله مثله، كل ذلك ناتج لصغر أحجام المعارضة وعدم وجود قائد كاريزمي بينها وافتقارها لتنظيم كاريزمي قائد وعدم ثقتها ببعضها وضبابية رؤية فصائلها ولهذا فلتبكي البواكي علي رؤوس الضحايا والمظلومين.
من التحديات الصعبة التي تواجه المعارضة هي تحديد علاقتها مع أثيوبيا وتحفظها من توضيح هذه العلاقة، فأثيوبيا دولة اقليمية كبيرة لها مصالحها في المنطقة وبعد إستقلال ارتريا أصبحت دولة داخلية وبعض الارتريون يتهمها بإثارة القوميات لأطماعها وخاصة في ميناء عصب، ويتهم النظام المعارضة بأنها العوبة في يد الأثيوبيين ولكن ننظر صفحة النظام السابقة فقد كان هناك اتفاق وقعه الرئيس ملس زناوي وإسياس أفورقي في 1991/8/2م يحدد العلاقة بين الدولتين وبموجبه نالت ارتريا استقلالها ولكن الإسياسية إنقلبت عليه لاحقا عندما فقدت ما كانت تطمح إليه من الزعامة وحاليا تتهم المعارضة بالعمالة لأثيوبيا وتسميهم بالوكلاء وكان قد نشر بنود هذا الاتفاق في جريدة الحياة في 1991/8/3م، وهذا هو النص والتعليقات كما وردت في جريدة الحياة.
(وقع الرئيس الاثيوبي ملس زناوي والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير ارتريا اسياس افورقي أخيرا وثيقة اتفاق بين الحكومة الانتقالية الاثيوبية والحكومة الارترية المؤقتة اعترفت بموجبها اثيوبيا بان ارتريا يجب ان تتمتع بحق تقرير المصير أسوة بالمستعمرات الايطالية السابقة في افريقيا وذلك تحت اشراف دولي، وبموجب الوثيقة - الاتفاق فصلت ارتريا نهائيا ورسميا عن اثيوبيا للمرة الاولي إذ نص علي تعيين الحكومة الارترية المؤقتة ممثلا لها في أديس أبابا برتبة سفير كما وضع الإتفاق النقاط علي الحروف في ما يتعلق بجملة مسائل مبدئية وفنية أبرزها تحويل ميناء عصب الارتري منطقة حرة الأمر الذي يسمح لأثيوبيا بأن يكون لها منفذ علي البحر، وهنا نص بنود الوثيقة - الاتفاق:-
1. تعترف الحكومة الاثيوبية الانتقالية بحق الشعب الارتري في تقرير المصيرعلي قاعدة الاستفتاء باشراف دولي.
2. ارتأت الحكومة الارترية المؤقتة ارجاء الاستفتاء لمدة عامين لاسباب فنية ولاعطاء الحكومة الأثيوبية وقتا لتنفيذ برنامجها بنجاح وخدمة لمصلحة البلدين وللسلام والاستقرار في المنطقة.
3. تعترف الحكومة الارترية المؤقتة بما لميناء عصب من أهمية حيوية لاقتصاد أثيوبيا وتري أنه سوف لا يكون مصدر خلاف أو نزاع بين البلدين ولذا تقرر أن يكون ميناء عصب ميناء حرا.
4. توصل الجانبان إلي إتفاق ينهي الحرب ويكون بداية عهد جديد قائم علي التعاون والدفاع المشترك ضد أي عدوان أو عامل عدم الاستقرار أو التخريب.
5. لا يتورط أي طرف من الطرفين في أعمال من شأنها أن تمس أمن الدولة الأخرى ويعمل الجانبان علي استقرار الأمن والسلام في بلديهما.
6. اتفق الطرفان علي انشاء لجان خاصة بالامن والنشاطات الاقتصادية وحركة المواطنين من دولة إلي أخرى ونقل البضائع بين السوقين.
7. وصل الطرفان إلي قناعة تامة بضرورة اجتثاث كل أسباب النزاع والعداء والشكوك وخلق أساس لعلاقات صحية ونقية وتعزيز الثقة المتبادلة بين الشعبين الارتري والاثيوبي وتشجيع حركة انتقال الافكار والتبادل الثقافي وخلافها من النشاطات.
8. اتفق الجانبان علي أن يوجد في أديس أبابا ممثل ارتري رفيع المستوي لتسهيل الاتصالات بين البلدين.
وعلمت الحياة من مصادر ارترية مسئولة ان هيلي منقريوس عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير ارترية سيتولى مهمة تمثيل ارتريا في اثيوبيا، ويري المراقبون أن هذا الاتفاق سيسمح للأمين العام للأمم المتحدة خافيير بيريز ديكويلار بأن يرفع إلي مجلس الأمن طلب إشراف الأمم المتحدة علي عملية الاستفتاء في ارتريا المتوقعة 1993 إذا لم يطرأ ما يعكر العلاقة الحالية بين الحكومتين الاثيوبية والارترية. انتهى).
هذا هو اتفاق الاسياسية الذي وافقت عليه ووقعته والتزمت به، ويحدد العلاقة بين ارترية وأثيوبية بعد استقلال ارتريا، ثم غسلت عنه يدها وستعود إليه عندما ترى حاجتها إليه، ولكن أثيوبيا والأطراف الدولية لم ينفضوا عنه أياديهم وهو ما يعتبرونه استحقاق الاستقلال ويعرف النظام ذلك ولهذا يحاورهم سرا وعلانية وهم لا يرغبون ولا يشجعون حكم المعارضة أملا في استقطابه، وفي كل الأحوال ستنفذ هذا الاتفاق أي سلطة ارترية قادمة.
فهنا في هذا الاتفاق كما هو واضح لا عصب ولا بادمى ولا حدود ولا يحزنون. فالاتفاق أعتقد وهذا رأيي لا غبار عليه ممكن كان أن يقبل به الآخرون فهي مساومات وضغوطات ومصالح مشتركة خاصة أن أثيوبيا دولة كبيرة وفي حاجة إلي الموانئ الارترية وكذلك أن الموانئ الارترية مغلقة يتم استخدامها فقط من قبل أثيوبيا فأخذ المصالح للطرفين في الاعتبار وارد، ولكن أن تدخله الاسياسية في طموحاتها القومية وهيمنتها ثم أن تخون الآخرين فهذا دأبها، وأثيوبيا تعلم ضعف المعارضة وقد تحاول تحقيق هذا الإتفاق بطرق ملتوية كما يلتوي النظام، ولكن أي نظام يحكم ارتريا فهذا الاتفاق سيكون ملزما له فأثيوبيا نفذت تعهدها ولهذا يقف الغرب إلي جانبها والمطلوب من الجانب الارتري تنفيذ تعهداته.
فتحديد العلاقة مع أثيوبيا وحاجتها للموانئ الارترية من التحديات الكبيرة التي تواجه المعارضة التي لم تستطيع أن تتخذ قرارا بشأنه في هذه المرحلة الدقيقة. وإن كان أصلا محددا بهذه الاتفاقية المذكورة لدي كافة الأطراف سواء كانت ارترية أو أثيوبية أو دولية.