ذكرياتي مع القائد المرحوم عثمان صالح سبي - الحلقة الأولى

بقلم المناضل الأستاذ: أحمد أبو سعدة

كان لقائي الأول معه في عام 1971 في مدينة الكويت عند حضوري وتمثيلي لجبهة التحرير الإرترية

في ندوة فلسطين العالمية الثانية التي انعقدت في مدينة الكويت كان هذا اللقاء الأول بيني وبين القائد عثمان سبي، ومن يومها بقينا على صلة مع بعضنا رغم الغيوم السوداء التي كانت تخترق علاقتنا النضالية بين الحين والآخر...

وبعد سنوات وفي أحد الأيام دق جرس الباب لمنزلي في مدينة دمشق وعلى غير عادتي فتحت الباب لأجد حسن كنتباي مندوب الثورة في دمشق أمامي وشكله غير طبيعي...

خير يا حسن... (أول كلمة قلتها له) أدخل..

جلسنا سوية وكان في يده (سيجارة) تهتز وحسن شاب مهذب ويعرف الأصول فهو رجل أمين ووفي ومخلص وقد لمست ذلك من خلال عملي وإياه سوية.

هل حصل لأولادك وزوجتك شيء لا سمح الله...؟

وانقضت الصاعقة (مات عثمان يا أحمد)...

وتسمرت في مكاني ولدقائق ونحن صامتان، وقلت له أمس مساء كلمني هو وصالح أياي وأضاف صالح قائلا إن عثمان قد تعافى وسوف نغادر القاهرة إلى السودان حسب ما اتفقنا.

لقد توفي القائد عثمان في يوم 1988/4/4 في مستشفى السلام بالمهندسين بالقاهرة.

قال لي حسن إن عثمان بعد إجراء العملية الأنفية قام بتأدية الصلاة وحدث نزيف في أنفه ومن جراء هذا النزيف توفي هذا كل ما قاله لي صالح أياي على الهاتف.

قال أخبر أبو سعدة واتصلوا بي وأنا موجود في فندق سونيستا في القاهرة وعلى الهاتف قال لي صالح (تعال إلى هنا يا أحمد) أي إلى القاهرة.

كان صالح صديقي الحميم وكان يريدني دائما إلى جانبه وأنا كذلك لكن الأمور لم تكن في صالحنا قلت في نفسي ماذا سأفعل إذا ذهبت إلى مصر وآثرت البقاء في دمشق مع حسن لنفكر ماذا سيحدث لهذا التنظيم؟

رحمة الله عليك يا عثمان والله يساعد الشعب الارتري.

كان القائد عثمان رجلاً وطنياً عربياً ثقافة وعملاً والآن وقد مضت على وفاته قرابة الثلاثين عاماً وأنا أعتبر وفاته بهذه الطريقة أمر غير طبيعي؟؟

وكنت ومازلت أشكك بظروف وفاته واطلعت كافة رفاقي في الثورة الإرترية على ذلك قلت لهم..

هل سمعتم أو شاهدتم إنسانا يموت من جراء عملية جيوب أنفية؟ إن عثمان كما أعتقد بل أجزم بأنه مات مقتولا!! والزمن سيثبت صحة هذا الكلام.

جلست مع الأخ عثمان في الخرطوم في مقهى يقع بالقرب من المقرن (أي لقاء النيلين مع بعضهما) قلت له يا أبا عفان كيف بدأ الكفاح المسلح في إرتريا..

ابتسم الأخ عثمان وقال لي: إنك تعرف أكثر مني لكنني سأنزل إلى رغبتك وأقول لك ما أعرفه:

بدأ الكفاح المسلح يا أخ أحمد عام 1961 في المنطقة الغربية من إرتريا وكان هناك شعور سائد في كل أنحاء إرتريا وهو التركيز على الكفاح المسلح ضد اثيوبيا فأخواننا المقاتلون الأوائل الذين تحملوا عبء النضال وعبء الكفاح المسلح كانوا بسطاء شبه أميين لكنهم كانوا مفعمين بالروح الوطنية.

أنت تعلم يا أحمد إن جبهة التحرير الإرترية أعلنت في عام 1960 أما الكفاح المسلح فكان كما ذكرت لك في عام 1961 ووكان على رأس هؤلاء الوطنيين (حامد إدريس عواتي) والمناضلين (فايد ومحمد علي ابراهيم وكراييب وكبوب حجاج أما البقية فإن الذاكرة لا تسعفني الآن ومن هؤلاء الناس بدأ الكفاح المسلح لكن هؤلاء الأخوة الأبطال كان مستوى التعليم شبه معدوم عندهم والوعي السياسي لم يكن مبلورا لكنهم تحملوا عبء المواجهة السياسية والعسكرية مع إثيوبيا فكان بينهم وبين الاثيوبيين وعملائهم عمليات الكر والفر وخاضوا حربا ضد أعوان اثيوبيا واستطاعوا تعبئة الرأي العام وأقحموه بالروح الوطنية من هنا بدأت الثورة وقد بدأت من المنطقة الغربية كما قلت لك سابقا ومن هنا بدأ إدريس عواتي وإخوانه الكفاح المسلح.

الى اللقاء فى الحلقة القادمة...

Top
X

Right Click

No Right Click