من ذا الذى ينسى؟ المناضل آدم محمد قدوف (أبو محمّد) الحلقة الأولى

بقلم الأستاذ: عبدالفتّاح ودّ الخليفة - كاتب ومؤرخ إرتري، المملكة المتّحدة

بسم الله الرحمن الرّحيم

وجدت على جدار صفحتى للتواصل خاطرة معنونة بـ (حتّى لا ننسى) مرسلة من الأخ الصّديق

عامر صالح حقوص محمّد... أعادتنى الخاطرة فى سطورها سنينا إلى الوراء إلى عهد غربتى الأولى ومدينة القضارف فى السّودان وأعادتنى إلى أحضان رجل كان مثل أبى يهتمّ ويسأل ويوجّه ولا يبخل، كان سندا ماديّا ومعنويّا ومشجّعا لى ولكثير من أقرانى قاسمت إبنه محمود المأكل والمشرب والمسكن فى أيّـام الدراسة فى الإبتدائى والمتوسط... هو (العم آدم قدوف)...

كنت أسمع عن نضالاته من الأعمام ومن الأخوال والخالات وهو فى كلّ عهدى به لم يتفوّه بكلمة قط عن كفاحه الوطنى فى البدايات الصعبة...

عرفت الأب المناضل (آدم محمد قدوف) فى منتصف السّبعينيات.. تأخّرت الكتابة وتأخّر التوثيق عنه بالرّغم من أنّه أحد رواد العمل الوطنى والرّعيل الأول من المناضلين، فى مدينة النّضال (كرن) (إعتقادا منّى بأنّ هناك من يعرف نضالاته وعايشها أكثر منّى وليس لأنّ كتابتى وشهادتى قد تجرحها علاقتى الخاصّة بـه لأنّه كان لى الأب الحنون والحضن الهاضم لهمومى فى سنين (غربتى الأولى).. وهذا ما حصل فعلا حيث جاءت الكتابة وجاء التوثيق من أقرب النّاس إليه، بنته، وأخيه الأصغر...

عمّى العملاق (آدم قدوف) كنت أأنس لمجلسه، وأطرح مسألتى أمامه بلا إختشاء، وعندما أعود من إرتريا بعد إنتهاء الإجازة المدرسيّة ونلتقى فى منزله العامر أو أجلس عنده فى (المخبز) فى قرية (تبارك الله) أو فى (حانوته) فى قرية (القريشة) فى الصعيد السودانى كان يسألنى عن كلّ صغيرة قبل الكبيرة وعن مدينته (كرن) وسألنى أكثر من مرّة عن تجربة التحرير الأولى للمدينة فى العام 1977-1978...

كان الكثير ممّا يجب أن يحكيه (العم آدم)، ولكنه لم يفعل، لم يحكى عن نفسه وزملاءه الميامين فى أيّام المحن والسّجون، فتوارات عنّا كلّ قصص الكرّ والفرّ مع الجنرال المعتوه (تدلا عقبيت)...

عرفت (العم آدم) مناضلا عنيدا صاحب رؤيا مستقلة لا يجامل فيها أحدا كان فى الهمّ الوطنى ميّالا إلى (قوات التحرير الشعبية) ومعجبا بالمناضل المعلّم الشهيد (عثمان صالح سبّى) كان يناقش بكل حرية دون خوف ودون إرتباك ففى منزله كانت كلّ التيّارات السياسية ومنزله العامر كان دار المقاتلين والمناضلين، وحرمه هى الشّاهد على كلّ النّشاط وكلّ التأريخ الذى حصل فى ذاك الدّار المناضل فهى شقيقة الشهيد (محمود إبراهيم محمّد سعيد - شكينى) شهيد معركة (دمبوبيت) عام 1972 وشقيقة المناضل/ إدريس إبراهيم محمد سعيد (قريش) (مسؤول جهاز التسليح فى (جبهة تحرير إرتريا) حتّى مطلع الثمانين من القرن الماضى، مدّ الله فى عمره ومتّعه بالصحة والعافية وشقيقة العم المناضل (سليمان إبراهيم محمّد سعيد) الذى عانى ما عاناه فى سجون الملك البائد (هيلى سلاسى) وفى آخر المطاف أجبر ومعه نشطاء (جبهة تحرير إرتريا) على ترك مدينة (كرن) إلى منفى إختيارى داخل حدود (مملكة الإمبراطور وإرتريا) بقرار قضائى وسياسى...

والمناضل (آدم قدوف) هو إبن عمّ المناضل إبراهيم محمود صالح (قدم) لأنّ أبويهما إخوة لأمّ واحدة... فهاهو (العم آدم) محاطا بالنضال والكفاح من كلّ جانب فى سبيل إرتريا الوطن.

كان منزل (عمّ آدم) فى القضارف منزلا ومأوى للشهيد (حسن محمد سعيد باشميل) وكثير من المناضلين غيره، ولا غرابة أن تجد زعامات من التنظيم الآخر فى الحوش لصلات أسرية تربطهم بالأهل والعائلة أذكر منهم المناضل/ عثمان أدحنة... فكان الحوش العامر لكل إرتريا ولكلّ أطياف السياسة بلا تمييز...

كتبت إبنة المناضل المرحوم (آدم قدوف) السيّدة (رقيّة آدم قدوف) فى صفحة التواصل ما يلى: "ذكر الوالد انه ولد في المرتفعات بحكم عمل والده في الجيش الايطالي وذكرت جدتي اكثر من مرة مدينة عدي قيح".

و أعتقد بسبب عمل والده العسكرى ترحّل المناضل (آدم قدوف) من سمهر إلى المرتفعات وأخيرا حطّ الرّحال فى مدينة (كرن) التى أحبها وأحبّته بدأ حياته السياسية مع مجموعة شباب الرّابطة الإسلامية فى مدينة (كرن).

الى اللقاء... فى الحلقة القادمة ”حديث الذكريات“ عن العم المناضل آدم قدوف يرويه لنا المناضل إبراهيم قدم

Top
X

Right Click

No Right Click