تقرير للامسيه التاريخيه بغرفة البالتوك مع المناضل إبراهيم قدم - الحلقة الأولى

إعداد: فريق ادارة المنبر الارترى للحوار الحر

من اجل تعميم الفائدة وكذلك نريد ان يكون خطا توثيقا فنحاول نسطر اللقاء عبر هذا المقال المتواضع للامسيه التى كانت بالمنبر

الارتري للحوار الحر بغرفة البالتوك مع الاستاذ المناضل ابراهيم قدم بتاريخ 2012/2/24 اليكم البطاقه الشخصيه للمناضل ابراهيم قدم:

إبراهيم محمود صالح قدمالاسم الاستاذ ابراهيم محمود صالح قدم من مواليد مدينة كرن درس الابتدائيه والوسطى بمدينة كرن والثانوى بالعاصمة اسمرا ثم سافر فى عام 1964 الى القاهرة لطلب العلم والتحق بقسم الهندسة الكهربائيه، وفى العام 1965 إلتحق بحركة تحرير ارتريا و كان احد اعضاء اتحاد العام لطلبة ارتريا فرع القاهرة ومن مؤسسي اتحاد عام طلبة ارتريا بدمشق مابين العام 1968 - 1969 وكان احد ابرز قيادة الاتحاد التى انبثقت من مؤتمر دمشق، وفى العام 1970 إلتحق بالميدان بجهة التحرير الارتريه وفى عام 1971 كان احد اعضاء اللجنة التحضيريه للمؤتمر الوطنى الاول.

سوف نحاول نشرع معه فى رحلة تاريخيه تحمل الامال والاشواق والآلام ونحلق معه عبر الذاكرة الثوريه هبوطا وصعودا بين ثنايا التاريخ واليكم القراءة فى سطور:

اشار عند بدأ الامسيه عن شخصه والإدلاء بشهادته فى الشأن الارتري يرجع ذلك لمعاصرته للثورة وانه كشاهد على تلك الاحداث ولا تندرج قرأته هذه فى اطار المختص والمؤرخ.

وتسأل فى مدخل الامسيه هل من سوء الحظ ام من حسن الحظ تواجده فى هذه االمحطة من تاريخ ارتريا اى الواقع الراهن؟ وثم اشار الى النضال الذى قام به الشعب الارتري فى الثلاثين عام المنصرمه لم يكون من اجل استبدال شخص بشخص اخر (اى منقستو باسياس افورقى) وانما كان من اجل الاستقلال والديمقراطيه لقد فُرض علينا دوامة واستمرار النضال واشار الى ان هذه الامسيه هى مدخل لفترة ما قبل جبهة التحرير الارتريه اى كخلفيه تاريخيه وتمهيدا للحقبة التى تليها ولمعاصرته فترة الحكم الفدرالي واشار كذلك الى انه من المحظوظين لانهم عاصروا تلك الحقبة التاريخيه التى خطى فيها الوطن ليكون وطن مشترك وطن يسع الجميع، واردف قائلا على ان هذه الفترة كانت عبارة عن تجديف عكس التيار اى عكس رغبة الاثيوبيين والدول التى كانت لها اطماع فى ارتريا.

وعندما طالبت امريكا وبريطانيا بضم ارتريا الدولة الوليدة الى اثيوبيا وربطها فدراليا اعادت ارتريا الى العصور المتخلفه اى الى الإقطاعيين والامراء وبذلك كان تجنى فى حق الشعب الارتري المستنير المتطلع الى الديمقراطيه. ولم يكون للشعب الارتري خيار سوي الانضمام الى اثيوبيا المتخلفه التى تعود الى العام 1800 ويرجع ذلك الى العوامل والامكانيات كانت اكبر من حجم الارتريين بينما كانت الدول الافريقيه فى حالت ثبات ولم يكون هناك اى مبادرة فى اتجاه الاستقلال والتحرر، فكان للارتريين قدم السبق فى حركة التحرر، فكانت هناك بعض القيادات فى منتصف الاربعينات تنادت من اجل الاستقلال وعدم الارتباط بالقاطرة البريطانيه وبما ان المدة التى كانت تفترض ان تقضيها بريطانيا فى ارتريا عشرة اعوام وبعد ذلك كان يجب على ارتريا ان تكون مثل ليبيا والصومال اى هاتين الدولتين نالتا استقلالهما مبكر من الاستعمار الايطالي.

ما نراه اليوم فى الصومال يرجع ذلك الى توحيد اجزائه طوعا وبمحض ارادته فى الاربعينات بينما كان مقسم الى خمسه اجزاء على حسب الاطماع الاستعماريه وكان هناك قسمين رئيسين لدولة الصومال من الاقسام الخمسه وهما (البريطانى والايطالي) ونالوا استقلالهم على اساس انهم صومالين ويعملون من اجل ان يكونوا صومالين، وحققوا ما ارادوا وكانت دولة الصومال الاولى بقيادة ادم عبدالله عثمان ومن ثم عبد الرشيد شرمات الى ان وصلت الى سياد برى وانتهت على يده احلام الصوماليين.

ولولا المؤامرات والأطماع الامريكيه والبريطانيه ورغبة الاثيوبيين فى منفذ بحرى لكانت ارتريا جزء من العالم المتقدم مبكرا. وكان هناك اعتقاد (كأن من ليس له منفذ بحري سوف يموت) واذا كان ذلك صحيح لكانت ماتت النيجر وتشاد وغيرهما، والمؤسف كانت نظرت الاثيوبيين لارتريا والى الآن ان ثمانيين مليون نسمه ليس لهم منفذ بحرى وهناك دولة لا يتعدى تعداد سكانها خمسة ملايين نسمه يملكون اكثر من منفذ ويعتبرون ذلك ليس من العدل والإنصاف.

وما يكذب ويفند هذه المقولات هاهى اثيوبيا اليوم تواصل حياتها ولا تموت وعبر ممباسا وجبيوتى والسودان تستورد ما تريد عبر البحر بمعنى ان كل ما كان يتردد على لسان الكثيرين من الاثيوبيين انتهى دون حاجه الى ارتريا.

كما اسفلت فى السابق القيادات الوطنيه تنادت واسست جمعية حب الوطن (فقري هقر) لارتريا ولم يكون الامر متعلق باثيويبا ولكن الظروف والعوامل المحيطه بارتريا كانت اقوى من التيار الوطنى وجرفت هذه القوى وابتلعت كل شيء له صلة بالوطنيه. وبالرغم من تواضع امكانية اثيوبيا فانها تظل دولة استعماريه وتملك حلفاء.

لقد كلف الامبراطور احد عناصر إستخباراته وهو الكونيل (نقا) منذ فترة تقرير المصير الى الاهتمام بالِشان الارتري وخلق مجموعات تناصره من الارتريين. وكان الكونيل عبارة عن حلقة وصل وربط بين فقرى هقر وقصر الامبراطور اى فقري هقر التى تحولت فيما بعد الى حزب الانتدنت المطالب بالانضمام الى اثويبا وبمجرد ان تحول الحزب الى الانتدنت خرجوا منه الوطنيين ومن ثم اسسوا حزبهم الذي يعبر عن رغبتهم كارتريين وكانت الرابطة الاسلاميه من تلك الاحزاب واسلف الاستاذ ابراهيم قائلا لقد ذكرت انفا نحن كنا محظوظين حقا لقد عاصرنا عهد الفدراليه وكان احساسنا ننتمى الى دولة ديمقراطيه متقدمة ولم نحس بما يدور فى المراكز العاليا من الدولة وقد تجسد الاحساس فى الاناشيد الوطنيه فى المرحلة الابتدائيه وكان شعورنا بالانتماء قوى، اما فى مرحلة الوسطى استوعبنا مايدور فى المراكز العاليا.

وفى هذه الفترة اذا كان هناك شيء يستحق الثناء للاستعمار فانه يعود الى الاستعمار الانجليزي وبرغم ان الاستعمار لا يستحق الثناء، لقد اتاح لنا فرصة التعليم، بينما كان الايطاليون يستعمرون ارتريا لستين عام لم يتجاوز التعليم المرحلة الابتدائه وبالتحديد الصف الرابع وينحصر فى التدريب المهنى او قليلا من يجيد الايطاليه بغرض استخدام الارتريين للترجمة.

اما الانجليز بعد انهزام ايطاليا قدموا الى ارتريا بإساتذة وإداريين وهذا اتاح فرصة التعليم لعدد كبير، ويرجع اسباب هذه الصحوة التعليميه على وجه الخصوص للمعلمين الذين جلبوا من السودان من بختا الرضا والادرايين الذين قدموا من بريطانيا، لقد ساهموا فى خلق كوادر وكثفوا من اجل ان يخلقوا جيل متعلم ويساهم فى التدريس ولهم مقدرة فى التربيه والتنشأة وهذا ما كنت اقصده من شكرى للمستعمر.

وعبر هذا البرنامج التعليمي المتطور لقد برزت شخصيات تملك الروح الوطنيه ولها مقدرة وإرادة حتى استطاعوا من خلق جيل متشبع بالروح الوطنيه، وقد كان اول استاذ درسنى فى الصف الاول هو الاستاذ عبد النور عمر و فى الصف الثاني الاستاذ محمد ادم اقليواى كنا نشعر بالانتماء وكنا نردد قصيدة بلادي بلادي وكان هذا النشيد يبعث فينا روح الانتماء دون ان ندري انه نشيد وطنى للمصريين.

واول من التزم بخط النضال وجبهة التحرير ارتريا هم الاستاذة الذى كانوا غرسوا الحس الوطنى فى التلاميذ وكانوا وقود الثورة وشعلتها وقد امتلأت بهم السجون والمعتقلات الاثيوبيه وكانت تعلم السلطات الاثيوبيه بدورهم واثرهم على الساحه. لقد كانت اللغة العربيه حاضرة فى التعليم، وكان التعليم الى الصف الرابع باللغة العربيه ومن الصف الخامس كانت الانجليزيه لغة التعليم.

لقدت كانت هناك مدرسة وداخل هذه المدرسه مدرستان ابتدائتان وناظر احدى هاتين المدرستين كان الاستاذ عبد القادر ابراهيم خنفس واتى بعده نور احمد سر برهان وكانت تدرس باللغة العربيه والمدرسه الثانيه كانت تدرس باللغة التقرنيجه وكان ناظرها هابتى مرايم وتسفى مرايم، وكانت المدرستين تلتقيا عند الصف الخامس ويدرس الجميع بالانجليزيه بدلا من التقرنجيا والعربيه وكانت كل المواد تدرس بالانجليزيه اما العربي والتقرنيجا تدرس كلغات فقط الى ان اتوا الاثيوبيين فى 1958 ومنعوا التعليم باللغة العربيه والتقرنيجه وفرضوا الامهريه بدلا لهذه اللغات وكان ذلك تمهيدا لما سوف ياتى تباعا.

ولزم علىّ لكى اعود بكم عبر الذاكرة الى مقارنة بالواضع الراهن اى الاستعمار الانجليزي واثره فى التعليم، الانجليز فى خلال عشرة اعوام خلقوا جيل مسلح بالتعليم ومستنير وكوادر ساهمت فى تعليم اجيال فما بالكم فى النظام القائم فى اسمرا لمدة عشرين عام لم يستطيع ان يخلق جيل يقرأ ويكتب ناهيك عن كوادر ومعلمين.

وهذا لايعنى ان فى السابق كانت هناك رغبات وعقول قابلة لذلك بل الامر يرجع الى النظام الحاكم وعدم رغبته الحقيقه فى التعليم والتاهيل لقد حاربوا اللغة العربيه وهدموا التعليم واغلاقوا المعاهد التى كانت تساهم فى الوعي والتعلم.

لو كانت تلك المعاهد التى تخرجنا منها قائمة لكنا اليوم نملك اجيال تجيد العربيه والتقرنجيه والانجليزيه وهذا يعتبر غباء وتبلد سياسي من قبل الزمرة فى اسمرا ويريدوا ان يعيدوا الشعب الارتري الى التخلف والجهل ويتمثل ذلك فى فرض لغة الام وللاسف هذا يعتبر تمهيد للتقسيم وشرخا للوحدة الوطنيه. وها انا اليوم استطيع ان اتفاهم مع كل الذين يتحدثون بالعربيه والانجليزيه والتقرنيجيه بينما لغة الام تظل فى محلها دون ان تنتقص او تزيد من شأنى.

الوضع الراهن فى ارتريا اذا لم نستطيع ان نعالجه بسرعه سوف تكون هناك مشكلة فى المستقبل وهاهو النسيج الوطنى يتأكل ويتعرض الى الشرخ، اذا رجعنا الى بداية الكفاح المسلح وجبهة التحرير كانت هناك روح وطنيه والكل كان يدعم ويساهم ويقف مع هذا الكيان الى العام 1975 ونجحت الجبهة فى توجيه السلاح وتوحيد الهدف نحو العدو الاثيوبي. وفى بدايه الثورة كانت الجبهه تخوض حرب نفسيه من قبل المستعمر وكانوا يطلقوا عليهم ان هؤلاء جهلا لا يدركون ماذا يفعلون.

وكانت رؤية الجبهة ان هذا السلاح الموجه الى صدور المناضلين يجب ان يوجه الى صدور العدو وقد نجحت فى استقطاب وجلب البوليس والمليشيات اليها (الباندا) (والجرغوا) وهؤلاء كانوا ارتريون يعملون لصالح اثيوبيا وحتى الكوماندوس الذين التحقوا بالثورة فيما بعد وهذا تحقق بجهد جبهة التحرير. وربما البعض يري ان هذا السرد عبارة عن سياحه وليس له صله بالتاريخ، القصد من هذه الجولة عبارة عن تمهيد لمرحلة الثورة وجبهة التحرير الارتريه التى تعتبر مرحلة هامة من تاريخ الشعب الارتري.

ننوه القراء الكرام لكى لا يطول المقال حاولنا التوقف عند هذه النقطة ونكمل ما تبقى ان شاء الله فى جزء اخر اذا مد الله فى الاعمار.

Top
X

Right Click

No Right Click