الأستاذ أحمد القيسي في حواره مع زينا - الحلقة الثانية
حاوره الإعلامي الأستاذ: باسم القروي المصدر: وكالة زاجل الأرترية للأنباء - زينا
• من سابع المستحيلات نزع الدين من الأرتريين بشقيهم المسيحي والإسلامي وتجربة الثورة الأرترية
لم تكن عديمة القيم الدينية.
• ليس مقبولا المساس بتضحيات هذا الشعب لمجرد أن هناك لحظة في التاريخ سمحت لفرعون أن يحكم بأسمرا.
• لم أسمع أن عوقب شخص في الشعبية لأنه أراد الصلاة، ولم أسمع أن منع شخص من ممارسة عبادته، بل لمعلوماتك، بأن حق العبادة كان مكفولا للأسرى الإثيوبيين.
الثورة انطلقت في الساحة الأرترية سياسية سلمية ثم تحولت إلى ثورية عسكرية حتى انتصرت انتصارًا خاب الفأل الحسن فيه! ألم يكن الدين الملهم حاضرًا في البدايات؟ فلم اختفى في النهايات؟ لِمَ كان الفاتحون عدوانيين على القيم وأهلها، أليس محقا من يتهم الثورة بأنها فقدت المنهج السليم، والتربية السليمة، والاعتقاد السليم فغرق المركب يا استاذ أحمد وأنت الشاهد الناجي؟
صحيح أن الدين والعلم بقوته الروحية لحركة شعبية والثورة الأرترية تحت هذه التجارب، لكن لا علم لي أن الدين انتهى من دوره في تجربتنا، يمكن القول: لم يعط الدين الدور الحقيقي كملهم للشعب للمسلمين والمسيحيين، وذلك طرف سياسي يعرفه القاصي والداني، إن من سابع المستحيلات في تصوري، في هذا العالم المعاصر أن تنتزع إيمان البشر مما يعتبرونه عقيدة توجههم في حياتهم وآخرتهم وسؤالي لك هل تمكن الحكم السوفياتي بكل جبروته من محو عقيدة الروس المسيحية والإسلام؟ ألم يشاهد عودة روح الكنيسة والمسجد في المجتمع؟ وهذه عبرة لمن أراد أن يتعلم.. أنا أخشى من أن تصل بنا الأمور إلى هذه النهايات السيئة للنظام في الحكم لأن المطاف سينتهي بنا إلى ثقافة الكراهية وليس إلى موضوع سياسي نختلف فيه مع النظام: وكأي خلاف سياسيي لا بد أن ينتهي إلى نهاية معينة سلما أو حربا وهذا صراع نحن مجبرون لخوضه، لكن ضمن رؤية سياسية واضحة، تشمل المكونين الإسلامي والمسيحي وحقائق المجتمع أما عن غرق السفينة في سؤالك ليس لدي فكرة عن الغرق، ما أراه وأشعر به بأسى بالغ أن هناك سفينة واحدة تمثل النظام تبحر بشكل آمن في بحر مشروع النظام، أما نحن فاليكن الله معنا، لا زلنا نلهث بحثا عن مشروعنا المفقود، عبر حوارات صماء، حاملين سيوفنا الخشبية، نتجه تارة نحو اليمين وتارة نحو اليسار وفي معظم الأحيان نحو بعضنا، لقد مات الخيال لدينا، وبهتت أحلامنا، وتصدر المشهد من لا يستحق ولا يؤتمن.
الدين منذ عهد الرسالات الأولى وإلى الرسالة الخاتمة جاء يمسك غصن الزيتون وحمامة السلام من جهة وسيف العدل وقوة الجهاد لردع العدوان عن الحرمات والمصالح من جهة أخرى، والأنبياء كانوا قادة ورواد أقوامهم يحملون هدايات السماء، والحوار الفكري أهم وسيلة لغرس القناعات على الأتباع ولا إكراه في الدين، الأمر الذي يوضحه نصوص شرعية كثيرة ترفض أن يكون الاعتقاد على كره أو على نفاق بخلاف مسيرة الثورة الأرترية التي أجبرت المواطن على عقيدة النظام، وسلوك النظام، وحزب النظام الواحد. وساقت إلى ذلك بالقوة الباطشة والجبر الجائر. فهل تجد ما تمدح به المسيرة الظالمة وأنتم جزء منها وتفتخر؟
لا يمكن المقارنة بين رسالة سماوية حملت للإنسانية رسالة حب وسلام منهجا للحياة إلى يوم الدين وبين نظام سياسي ينتمي إلى العالم المتخلف، بكل ما يحمله من تفاصيل، اعتقد أن هذه المقارنة ليست في محلها.
ثانيا - لم يبدأ الانحراف السياسي تجاه المبادئ الشريفة والعادلة للشعب الأرتري من هذا النظام الذي يتمترس في أسمرا بل التجربة البشرية، والإنسانية مليئة بهذا النوع من الانحرافات أما الوقوف على التجربة وإعادة قراءتها وتقييمها فهذا حق للإنسان فيما يراه ويقتنع به، يكفي لو أن النظام تمسك بنسبة 25% من المبادئ والمنطلقات التي كنا نحملها في الميدان أبان التحرير كانت كافية لإرساء قواعد معقولة، لمستقبل أفضل، لكنها الخيانة التي أساءت لكل ما هو جميل في أحلام هؤلاء الذين استشهدوا ومن بقي على قيد الحياة، حاملا ذلك الحلم والمبدأ دون تزييف وهنا الفرق بين ماض جميل حمل حلما لهذا الشعب وبين سرقة تمت في جنح الظلام، وفي غفلة الجميع، من يتنكر لذلك الحلم في تصوري بالتأكيد ليس فكرا يحترم وجوده هذا العالم، وأضيف مجرد ملاحظة، هل هذه الصورة البيضاوية والجميلة التي ترسمها تنطبق على الدول الإسلامية التي تزعم بأنها المثال في تطبيق الإسلام المسألة بحاجة إلى نقاش في تصوري. ولذا اتفق معك في مقدمة هذا السؤال واختلف جذريا مع ما جاء في آخر السؤال.لا يمكن في تصوري لمن عاش في تلك التجربة ومثلها ومحطاتها، وعظمة الإنسان فيها تحديا وصبرا أن أقف بكل بلادة في محطات مريرة في هذه التجربة لأجعل منها مقياسا واصب اللعنات هنا وهناك وفي المشهد الطويل لهذا التجربة المعمد بالدم وبأرواح خيرة الرجال وفي كلتا التجربتين: الجبهة والشعبية ممن أنجبهم هذا الشعب، يقف الإنسان حائرا أحيانا حين تجد الأحكام القاسية دون أي اعتبار باعتبار ذلك موقفا للسلطة في أرتريا أو ضد تيار سياسي إنها المأساة بعينها. وشخصيا وكابن وفي لهذه التجربة والتزاماً منهجيا وموضوعيا في النقد. وإبراز الحقيقة كما أستمع لها وأعرف سلفا أن نقدي للنظام وسلبيات التجربة ورموز تلك المرحلة، والمسؤولية الجماعية لنا جميعا هي السهم الموجع للنظام وليس لغة الافتراء والادعاء والعبث بعواطف الناس، وسيبقى إرث هذه الثورة هو الأساس الذي سوف يقوم عليه المشروع الوطني في المستقبل، هذا الإرث التاريخي، الذي يحاول كل دجال ومفتري أن يوظفه أكان النظام أو الأقعازيان أو ممن يدعون البطولة، وهم كثر في المعارضة، في تصوري، ليس مقبولا المساس بتضحيات هذا الشعب والعبث بهذه التضحيات لمجرد أن هناك لحظة في التاريخ سمحت لعصابة وفرعون أن يحكم بأسمرا، إنه تاريخ طويل بحاجة أن يقرأ و يستوعب.
أين العفو عند المقدرة؟ الإسلام يدعو المنتصرين من أتباعه في معركة صد العدوان وتحطيم دولة الأصنام العدوانية يدعوهم إلى إصدار العفو العام بعد الانتصار والنص - اذهبوا فأنتم الطلقاء) مقولة نبوية حكيمة وبموجبه تحولت قريش العدو إلى أبطال ووزراء الإسلام وقادة جيوش الفتح الإسلامي إنه دين الرحمة والعفو له القدرة على استيعاب خصومه في مقام الريادة بخلاف الأفكار الأخرى التي تلاحق الخصوم إلى درجة إما في معتقلات أو في تصفيات جسدية أو ملاحقة في المنافي بالاغتيالات.. ألا ترى أن تجارب الثورة الأرترية غير المهتدية بالدين مخيفة وأن مستقبلها كماضيها مخيف لأنها تريد من المواطن (حادي هزبي.. حادي لبي - شعب واحد وقلب واحد) وتطبيق سياسة الفراعنة ”ما أريكم إلا ما أرى“؟
لا يمكن مقارنة بين عقيدة دينية بحجم الإسلام وبين تجارب سياسية بائسة في دول العالم الثالث وكنت أتمنى ان تأتي صيغة السؤال مغايرة لوضعها الحالي، لكن بكل أسف هي مجرد شعارات للاستهلاك السياسي لا غير، ولذا ارجو الابتعاد عن هذه المقارنة السياسية لأنها نشاط إنساني محض عنده ظروف تاريخية معنية ما يصبح في زمن أقرب إلى المعالجة قد يأتي زمن يضعه في الرف وينعته بالخطأ، وينهج طريقا آخر مخالفا له، هذه سنة الحياة والأجيال المتعاقبة، بينما الدين شيء كلي مطلق لكل زمان ومكان، قد تكون صعوبة في التفريق بينهما، ثم لماذا هذه القسوة الحادة على تجربة الثورة؟ سؤالي لشخصك الكريم هل الثورة في أي بلد المنتصر منها والمهزوم أشبه بنزهة وإن الفاعلين في هذه الثورة من جنس آخر وليسوا بشرا حتى ننتظر الممارسة والنتيجة وردية اللون، والحصيلة أن تكون أقرب إلى المهرجان. اعتقد اننا بحاجة إلى قراءة التاريخ كم من ثورات أكلت أبناءها، وأحرقت الأخضر واليابس، لكن العبرة في النتائج، لذا في تصوري لا يجوز أن نتحامل إلى هذه الدرجة ولا يمكن قبول هذا المنطق، مهما كانت الأفعال، هناك ما يحمل مبرراته وهناك ما لا يحمل أي مبرر، وأعتقد أن نهج الدين السليم في الإسلام يرسخ هذه الحقائق، فلا نسبح في اتهاماتنا قد يأتي يوم ينكشف بطلانها، سيما حين تمس شعبا وتجربة نضالية بحجم التجربة الأرترية.
اكثر من 90 دولة في العالم تنص على دينها في دستورها حسب أغلبية شعبها: بينها الأرجنتين (تدعم الديانة الرومانية الكاثوليكية الرسولية) وكمبوديا (البوذية دين الدولة الرسمي)، والدنمارك (الكنيسة الإنجيلية اللوثرية) وهناك دول تتوشح أعلامها بشارات دينها وشعاراته مفتخرة بها مثل الصليب في كل من بريطانيا، استراليا وسويسرا والنرويج، والنجمة السداسية في إسرائيل، فالدين جزء أساسي في تلك الدول ملهم التشريع والعقائد والأخلاق والسلوك وهي سعيدة بذلك على الرغم من وجود مواطنين آخرين يخالفون عقيدة دين الدولة الرسمي..لم خلا برنامج الثورة الأرترية عن التنصيص على الدين؟ ودستور الدولة عمد على تهميش الدين؟
اتفق معك فيما حواه السؤال لكنني اختلف اختلافا جزريا لقد صغت سؤالك بما أن هناك دولة ونظاما في ارتريا ولذا وجب ان يستند علمها وتشريعاتها بما يعكس روح الشعب ومعتقداته قد يبدو هذا معقولاً لو ان هناك دولة ونظاما، قناعتي أني لا أستغرب واقع الحال في ارتريا لأن المسألة ببساطة ليس هناك دولة ولا نظام ولا دستور ولا ميزانية وإنما توجد عصابة وفرعون وأمن وجيش، ولذا لا تطالب ولا تحاكم بالنص لأن الموضوع برمته بلطجة هذه هي الحقيقة المرة فأرجو أن نتعمق في فهم هذه الظاهرة الغريبة في ذلك البلد بدلا من التفتيش والبحث عن الدين وتشريعاته هناك.
الحكم هو الأداة التي تدير شأن المجتمع ويحافظ على أمنه واستقرار وتوظيف طاقته نحو التنمية والمعيشة الهانئة وهو يستلزم وجود شريعة وإدارة حاكمة وشعب ووطن فمن أين تأتي شريعة نظام الحكم في ارتريا المستقبل التي تدير الحكم في البلاد؟
هناك الكثير من الأماني لمستقبل البلد، بعد سقوط النظام، والخيار للشعب الأرتري أولا وأخيرا ولكني اضيف من الاجتهاد بحكم التجربة والمعرفة أن ينطلق نظام الحكم في ارتريا من حقائق الواقع الاجتماعي والاقتصادي والتركيبة العرقية للمجتمع، وأن يكون قائما على الثوابت الراسخة، العدالة والمساوة، والتنمية المتوازنة والتوزيع العادل للثروة وإتاحة الفرص المتساوية للجميع هذه المبادئ مستلهمة من الكتب السماوية، والتجربة الإنسانية جميعا هذا تصوري الشخصي وناضلت وما زلت من أجله وأضيف ملاحظة شخصية:
تبلورت لدي منذ ثمانينات القرن الماضي، وهي ضرورة اشراك رجال الدين من كل الطوائف، عبر التعيين في البرلمان، ليكون لهم رأي وقرار، في التشريع المكون للحياة التشريعية، وفي تصوري ليس هناك موديلات جاهزة يتم فرضها على المجتمع بل حقائقه الواقعية في هذه المرحلة هي التي تحدد شكل النظام، والحكم وما يتفرع عنه من قوانين هي الأساس لبناء عقد اجتماعي يرضى به الجميع، هذه قناعتي وربما يكون هناك اجتهاد افضل وفي النهاية هي رغبة الشعب وليس أشكال تفرض من الخارج.
الدستور الأرتري المهجور (دستور عام 1997م) حدد للدين مساحة ضيقة.. أليس من الظلم أن يحدد السياسي حسب هواه للمواطن مساحة للدين ويحتكر مساحات أخرى في الحياة العامة لعقله وهواه وخلفياته الفكرية قد تكون مجتلبة من دول أخرى أو من تجارب قاصرة لا وحي يسندها ولا عرف سليم يعزز موقفها؟
حقيقة منذ البداية لم أكن راضيا عن هذا الدستور والعجيب انني لم أقرأه إلا مرة واحدة، وفي اعتقادي أن موضوع هذا الدستور في حكم المنتهي، لأن الخلاف ليس في نصوصه ولكن في طريقة إخراجه وأعتقد ان ظروف التعامل مع هذا الدستور اكسبه نوعا من القيمة لأن النظام وضعه في الرف منذ الوهلة الأولى ليس من باب الاعتراض عليه ولكن من باب الا يكون فاتحة متواضعة لدولة القانون، ولذا فالنقاش حول ما حوى ليس ذا معنى أو قيمة.
ارتريا بلد الأديان الثلاثة هل يصلح أن يحكم بالدين الواحد إذا كثر أتباعه والراغبون في تطبيق شريعتهم أيا كانت هذه الديانة: مسيحية أو إسلامية أو وثنية؟
ليس لدي فكرة في الوقت الحالي و لكن كما هو معروف أن الأغلبية تحاول أن تفرض شريعتها، لكن الأغلبية بالمعنى الكاسح وفي مصر الاغلبية المسلمة حوالي 85% نجد الدستور يطرح التشريع الإسلامي بأنه منبع كل القوانين بينما يراعي حقوق الأقلية المسيحية، في حدود القانون وهكذا دواليك.بالنسبة لأرتريا أعتقد سؤال مثل هذا يمكن النقاش فيه في حينه والقرار في نهاية المطاف متروك للشعب الأرتري وخياراته.
في التربية والتعليم: الإسلام يبدأ العناية بالتربية منذ اختيار الزوجة الصالحة والأمر بالصلاة لسبع سنين والضرب عليها لعشر سنين والتفريق في المضاجع بين الأولاد وتمضي التربية معه طوال عمره المديد يلقاها في المدرسة والمسجد والجامعة والوظيفة والعمل والنصح والارشاد الدائم وتذكيرًا بتجارب الثورة الأرترية فقد انحرفت بالتربية إلى مسار آخر منحرف قطعت فيه الأجيال عن العائلة والأرحام والمسجد والخلوة والمعهد واخرجت الدين من المدارس والجامعات والجماعات وكانت تعاقب على الصلاة وتضيق على أصحابها فهل آن الأوان ليترك العلمانيون في أرتريا المستقبل الرغبة في تطبيق الفكر والسلوك الغريب الذي حصدنا ثماره المرة؟
لا أتفق معك فيما ذهبت إليه من اتهامات ولا يجوز صياغة هذه الاتهامات بهذه البساطة وكأن الثورة كانت وكرا للدعارة، هذا عيب ولا يجوز من مسلم، دون أن يتحرى الظروف والملابسات، في زمن الثورة، ولا علم لي شخصيا بكل ما ذكرته من اتهامات في سؤالك. ولم يحدث، ربما هناك بعض التصرفات، ظهرت هنا وهناك وهذا طبيعي، وقد تعالج، ثم إن حياة الثورة ليست طبيعية.
حتى نأخذ المعيار الدقيق بما نراه صحيحا أو خطأ، كانت باختصار حياة ضنك وشقاء ومعاناة، ويمكن أن أجاهر بصوت عال، إن الحياة في الثورة والأخلاقيات التي حكمت مقاتليها، تتجاوز ما نراه، او ما رأيناه أخيراً، في العديد من الدول الإسلامية، بما يجري في الخفاء، ولا يظهر إلى العلن، والأمثلة كثيرة، ولو أن الموضوع لا يجوز الحديث عنه لكني دفعت كي أضع النقاط على الحروف، لم أسمع أن عوقب شخصا لأنه أراد الصلاة، ولم أسمع أن منع شخص من ممارسة عبادته، بل لمعلوماتك، بأن هذا الحق كان مكفولا للأسرى الإثيوبيين وقد شاهدت، بأم عيني ان قطع بعض الأسرى أعمالهم من أجل أداء صلاة الجماعة، فكيف يعقل ان يمنع المقاتل ويسمح للأسير، ثم ما علاقة العلمانيين بسؤالك: وما وجهته من اتهامات لا أدري.
في السؤال لم يرد ذكر للدعارة، لكن فساد الجبهة الشعبية وإفسادها تحدثت فيه كتابات أدبية وتاريخية والميراث القبيح دخل كثيرًا من البيوت الشريفة: كل ذلك ناتج عن فكر وسلوك وسياسة جابرة ولا تزال تلقي بظلالها وليست حالات فردية ما تعرضت له البلاد من محاربة مدارس الدين ومناهجه ومؤسساته ومعلميه ودعاته وإنما منهج وفكر مؤسس لأنتاج أجيال مبتورة الصلة بالأسرة والدين والأخلاق النبيلة هذا واقع مشاهد فهل تتوقع أن يصمد دفاعك أمام قناعات وتقييم الآخرين لتجربة الجبهة الشعبية.
قناعتي مبنية على واقع معايشة هذه التجربة وليس تقديسا أعمى لها قد يستحسن البعض منا أن ينصب من نفسه حكما على مجمل التجربة ويرى في ذلك مثالا راقيا للوطنية، هذا الرؤية والممارسة لا تصنع مستقبلا، وليست نقدا يمكن البناء عليه، نحن لسنا بصدد ان يرضي بعضنا بعضا في رؤانا وحكمنا على التجربة، فالنظام قد تبرع بسخاء بتقديم كل ما يسيء للتجربة ولذلك لا يعتبر موقف هؤلاء إضافة حقيقية في صناعة المستقبل، بقدر ما اعتبره صدى عائد لتجسيد الصورة السيئة التي ينتهجها النظام يوما بعد يوم، نحن مطالبون بفصل الموضوع بين مرحلة التحرير وما بعد التحرير كأساس لبناء حكم واقعي يمكن من خلاله استشراف ملامح المستقبل.
تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
باسم القروي: كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم.