الأستاذ أحمد القيسي في حواره مع زينا - الحلقة الأولى

حاوره الإعلامي الأستاذ: باسم القروي  المصدر: وكالة زاجل الأرترية للأنباء - زينا

• لا توجد ثورة مخملية في العالم توزع الورد والياسمين ويكفي الجبهة الشعبية شرفا أنها حققت الانتصار

أحمد صالح القيسي

وأتت بالاستقلال.

• انقبضت عندما اطلعت على أسئلة هذه المحاورة لكني ألزمت نفسي أن أتعامل مع الحالة.

• تجربة الجبهة الشعبية ليست كلها قبيح يستحق الرجم وإنما هي تجربة جديرة بالاحترام.

• الدين عنصر اساسي في المجتمع الأرتري لمعاجلة الأزمات الوطنية.

• من إيجابيات النظام الأرتري أنه لم ينتزع العقارات من ملاكها لتوريثها قوما آخرين.

• يجب أن يتجاوز الإسلاميون والعلمانيون دوائرهم الضيقة من أجل الوصول إلى فهم مشترك.

• شيء رائع أن يقبل الإسلاميون بالرأي الآخر وأدعو أن يتحول الشعار النظري إلى الواقع العملي.

اكتوى بنار التنظيم الذي وهبه شبابه وجهده وعرقه، نعم قال عن نفسه: إنه لم ير الشمس لمدة عامين قضاهما معتقلا بسبب خلاف مع أفورقي في مسألة ثانوية، وعندما أفرج عنه خاطبه أفورقي بقوله: كنت ضحية لمعلومات خاطئة، وعند شريعة النظام ليس للمظلوم الحق أن يطالب الإنصاف من ظالميه ويقاضيهم ومع ذلك يحب الجبهة الشعبية، ويفرق بينها بين النظام الحالي.

الأستاذ أحمد القيسي اخترناه في ضيافة ”زينا“ لكونه المثقف الوفي للتجربة والمثقف الفاعل بين اصحابه الذي يسجل الحضور في وسط الجيل الصاعد يروي تجربته للجميع بقصد إشاعتها وغرسها ونشرها رجاء الاقتداء بها في الصمود والمبادرة لمناصرة قضية الوطن والمواطن.

كثيرون كانوا معه في النضال قادة وأصحاب مناصب لكنهم يتوارون عن الأنظار بينما هو واضح في طرحه، وواضح بالاعتزاز بتاريخ نضاله حاصرته الأسئلة ليقر بأخطاء التنظيم الواضحة فاستعصم بالدفاع المستميت، مؤكدًا أن أخطاء الثورة تتضاءل امام انجازاتها، ويدعو إلى وحدة الصف الوطني ولا مانع لديه أن يتخير المواطنون أي شريعة لتحكمهم مستقبلا، ولا يستبعد أن يتراضى المواطنون على أولويات تحقق المصلحة للجميع، يتجنب الأستاذ القيسي ان يذكر صلة الجبهة الشعبية بالمسيحية حاضنة ملهمة ومناصرة، وإنما تمضي المقابلة في شيطنة النظام دون غيره من شرائح اجتماعية تؤيده وتناصره وتثبت أركانه.

المقابلة مضت تنقب في أعماق الضيف من حيث الفكر والسلوك والمواقف السياسية والتاريخ وبحثت عن إجابة لسؤال: هل لا تزال عناصر حزبي العمل والشعب الشيوعيين الذين أوردا الثورة إلى متاهات على قيد الحياة من الممكن ان يظهرا بثوب جديد لتكرار المأساة مرة أخرى؟. وأجاب الضيف انه لا حجر على أحد ليظهر من جديد محافظاً على مكاسبه ومحترما تجربته ومع ذلك لا يرى وجها أن تعود تلك التجربة من جديد، المقابلة دافعت عن تلك المرحلة وجزمت أن الفكر والتجربة تتغير حسب الزمان والظروف.

المقابلة كانت قاسية في بعض الأجوبة لكونها تنكر حقائق واقعية من الحصاد المر للجبهة الشعبية في مرحلتيها: مرحلة الثورة ومرحلة الحكم ومع ذلك يعترف الضيف بصعوبة ببعض الأخطاء، ربما كان ذلك نزولا على ضغط الأسئلة وإلحاحها لكنه يعود للدفاع مبررًا: أن ذلك شيء طبيعي فليس هناك ثورة مخملية سليمة من الاخطاء.

الضيف تضايق من الأسئلة برمتها ومع ذلك كان كريما، نعم لقد أكمل الأجوبة على كل الأسئلة دون أن يتهيب ما يمكن أن تثمره إجاباته من ردود أفعال ربما تكون غاضبة.

1. هذا القاء يريد إجابات صريحة مباشرة، لا نريد أن نقدم للقارئ أفكارأ عائمة في الفضاء يطلقها عادة سياسيون يمسكون فيها العصى من الوسط ينتظرون الكفة الراجحة حتى يحددوا موقفهم!! فهل أنت على استعداد لإتمام هذه المقابلة كما قد عودتنا بحضورك الكثيف المقدر، وصبرك على نقد مر يطرحه عليك مخالفوك؟

في بداية هذا اللقاء لا بد من تقديم الشكر لأسرة زاجل وهي مناسبة.. في الصحافة والإعلام موقف سياسي معلن باعتبار هذا الموقف.. الحقيقة المطلقة ومن خلال هذه القناعة إطلاق الخطاب الإعلامي والحكم على الآخرين لأن عالمهم قائم على الخطأ ويجب التصحيح.

الحقيقة نحن نعيش حالة خاصة بمعنى أننا صحافة طوعية تملي علينا قناعات ومبادئ بما يخدم قضية الشعب في هذه المرحلة .وليس الدخول في المهاترات، تبرر أن طرفا ما يحمل كل الخطايا والذنوب وطرفاً آخر كل الصفاء والبراءة.

في تصوري هذا التنوع من الممارسة السياسية والإعلامية لا يؤدي إلا إلى طريق مسدود وتعميق فجوة الخلافات وضياع البوصلة. ولنا في تاريخنا الحالي ما يكفي، والنتيجة نجدها في ظاهرتين برزتا في مرحلة ما بعد الاستقلال.

الأولى هي الحصيلة: استمرار هذا النظام لثلاثين عامًا ولا يزال الحلقة الأقوى حتى هذه اللحظة.

والثانية بروز حركات طائفية تجاوزت حدود المعقول في الحياة السياسية الأرترية، كحركة الأقعازيان وغيرها من تنوع الحركات الجهوية والمناطقية، هاتان الظاهرتان هما نتاج - في تصوري - لأخطاء في مسلك وعملنا السياسي بالأخص. إذ لا يعقل ان يستمر هذا النظام حاملا كل جرائمه ولا يزال قويا وما يزال مشروعه متماسكاً وفاعلاً.

ولا يعقل أيضا بعد هذه التضحيات والمراحل في التجربة الوطنية الأرترية أن ينتهي بنا المطاف إلى بروز كيانات سياسية تهدد تماسك الكيان وقد تهدد الوطن.

كنت أتمنى أن تصاغ الاسئلة بعيدًا عن إثارة قضايا مصدرها الجهل بكثير من الحقائق الخاصة بالجبهة الشعبية وتجربتها في فترة التحرير وأن تركز على القضايا المهمة في مرحلتها الحالية ولذا فإن إجابتي على سؤالك الأول فإنني على استعداد للإفصاح والإجابة بصدق وأمانة بناء على رؤيتي لأمور أنا عشتها وشاهد عليها . وفي المحصلة كل الامور نسبية. في الحياة لا أحد منا يدعي انه امتلك الحقيقة المطلقة ولا أخفي شعوري بالضيق عندما اطلعت على الأسئلة لكني أخذت الالتزام أدبيًا وأخلاقيا وسياسيا لضرورة الإجابة وهذا عهد قطعته على نفسي بعد أن وصلنا إلى هذه الحال بعد ان كنا نحمل أحلاما وتطلعات لتجاوز المحنة. فجاءت لحظة تاريخنا المأساوي يذكرنا أننا لا نصمت طالما أن هناك شهداء وجرحى ومعتقلين ولاجئين وشعبنا يئن من الظلم والاستبداد ممن امتلأت منهم السجون .كنت أتمنى ان تصاغ الأسئلة مهما بلغت قسوتها بحيث تؤدي إلى تعزيز روح وحدة الصف وتكون حصيلتها تعزيزا للوعي والفعل بدلا من صياغة اتهامات والبحث عن تبريرات.

2. حديث الشعب الأرتري - ونحن منهم - عن الجبهة الشعبية ليس ناتجا عن جهل وإنما يصرخ لشدة إحساسه بالألم مما فعلت في تاريخها ولا يزال الذئب لم يغير ذاته ولا طبعه يفترس بقسوة.. فغير صحيح أن تصف الأسئلة بأنها جاهلة لأنه ليس مهما للمواطن جمال الذئب ونعومة شعره وقلبه الجريء القاسي ورشاقة قوامه المؤذي وإنما المهم نزع المخالب المغروزة في جسم هذا المواطن.. ما رأيك؟

أنا شخصيا لا أنكر المعاناة الشديدة التي عانى ولا يزال يعاني منها الشعب الأرتري جراء سياسات هذا النظام ما هو أرجو فقط توخي الحذر تجاه أحكام متسرعة سيما حينما تتعلق بقضايا تحمل الكثير من الملابسات لأنها تمس جوهر خلافنا مع هذا النظام، حين نقوم بكشف هذا النظام أعتقد ان مما يجب أن نركز عليه هو جوهر القضايا وليس مظهرها الخارجي، لقد كنت وما زلت أركز أن هذا النظام يحمل مشروعًا سياسيًا يقوم على سحق كل المقومات التي يقوم عليها هذا المجتمع وإحلال نموذج يعتقد انه الغاية القصوى لمبرر وجوده والمحزن أن الطريقة التي يعتمد عليها قائمة على الكثير من العبط واللامسوؤلية بحيث تفرض علينا أن نتحلى بالكثير من الدقة بدلاً من الانجرار وراء حادث يقع هنا أو هناك.

3. كثيرون ينظرون إليك باحترام لتجربتك الثرة، وصمودك المتواصل، وحضورك المكثف، ويرى فيك كثيرون أنك رقم بإمكانه فعل شيء إيجابي لأرتريا المستقبل. فهل أنت واثق أنك ترى وجه الأمل ولهذا تطرح الأفكار وتديم الحوار مع الآخرين؟ وما مسوغ هذه الثقة وأنت في زمن كله مثبط، ومحيط كله خاذل؟

أتقدم بالشكر لكل الإخوة ممن يقدرون ويحترمون تجربة الثورة وأقول هناك الآلاف ممن قدموا أرواحهم في هذه الثورة وهناك ايضا ممن يتجاوزون الكثير ممن سقطوا شهداء في معركة التحرير فيعود لهم الفضل - بعد الله - في الاستمرار والثبات أما الأمل فيمكن القول هناك أمل بلا حدود بأن شمسنا سوف تشرق يوما رغم العقبات والزمن الرديء والخذلان، وصيتي أولا وأخيرًا ألا نضيع في المعارك الهامشية، ونسدد أنظارنا نحو الهدف الحقيقي.

4. كتاب لك وعدت بتأليفه، ونشره؛ يروي التجربة كما عايشتها.. أين هذا الكتاب؟ هل تخطى المسافة من العقل إلى الورق ليشهد النشر والتوزيع؟

تأليف الكتاب أمنية أحملها ولعل الكثيرين ينتظرون بلهفة صدور هذا الكتاب، لكنه لا زال حلمًا في الواقع الذي أعيشه فاسمح لي أن أصرح طالما جاءت سيرة هذا الكتاب وبصراحة، أقول بكل أسف طالما استمر الحال في هذه الظروف، فإن الكتاب قد لا يرى النور قريبا، إذ لا يعقل أن يلتزم الشخص بإصدار كتاب يتمنى قدرًا من الأمانة، والصدق، ويعتبره تنويريا لأجيال قادمة ونحن نعيش في كفاح من أجل البقاء، وفي ظل واقع يتعقد أكثر وأكثر، بين ساعة وأخرى، ولعل الله عز وجل أن يأتي لنا بمخرج، وحينها يظهر الحديث عن الكتاب.

5. عقلك مخفي لا يعرفه غير الله ثم أنت، والناس ينظرون إلى تجربة لا زلت تفتخر بها، تجربتك مع الجبهة الشعبية تنظر أنت إليها بإعجاب ورضى، وغيرك يتهمها بأنها خصم للدين والقيم والمصالح.. حدثنا عما تحت الغطاء هل تخفي في عقلك عداء للدين، هل تعتبر الدين خرافة تنزع إلى التخلف تستوجب المحاصرة والتضييق؟

تجربة الجبهة الشعبية في نهاية المطاف هي تجربة الشعب الأرتري كامتداد لبداية الكفاح المسلح لتجربة جبهة التحرير الأرترية، والتهمة التي ألصقت بالشعبية قائمة على أساس أن المكون المسيحي كان هو الغالب من حيث الواقع وما يجهله الكثيرون أن هذا الواقع لم يأت اختيارا طوعيا أن تكون الصورة هكذا بل أملته حقائق واقعية، نابعة من تركيبة المجتمع الأرتري نفسه بمعنى اكثر دقة، إن المجتمع الأرتري برغم من تعدد الأعراف فيه فإنه يقوم على مكونين اثنين المسلمون والمسيحيون، والحقيقة أن هذا الاختلاف لا يقتصر على العقيدة والإيمان بل امتد إلى الاختلاف في المستوى الاجتماعي والاقتصادي بما يحمله كل مكون من عادات وتقاليد وثقافة بعضها استمد من خصوصيات اجتماعية وثقافية وبعضها ما يطلبه الإيمان والعقائد ولعل التدخل الخارجي قد لعب دوراً في تعميق هذا الاختلاف، وفي تصوري الشخصي إن النهضة الاقتصادية إبان الاحتلال الإيطالي وبروز مقومات القوى الاجتماعية الحديثة لعبت دورًا كبيرًا أن تكون صمام أمان للحفاظ على اللحمة الواحدة، للمكونين الإسلامي والمسيحي، على أقل تقدير في المدن وما تحته من بنية تحتية وربطت شرق البلاد وغربها وجنوبها وشمالها، هذا الاختلاف أيضا انعكس على الحالة السياسية، إبان تقرير المصير بعد هزيمة إيطاليا . ولذا فمن المنطقي أن يوضع الدين كعنوان للاختلاف لكن العجيب في الشعب أن كلا المكونين الإسلامي والمسيحي كان - في سواده الاعظم - حريصا على وحدة الشعب الأرتري واستقلال أرتريا وأن العمل الوطني كان مقدما على غيره من الخصوصيات الاجتماعية لكل طائفة.

هذا المدخل البسيط قد يكون مفيدا للتصور الذي جاء لاحقا، لم يحدث أن حملت قوى سياسية راية التعبير عن مكون ذاته مسلما كان أو مسيحيا، ما حدث كان حالة استثنائية تلاشت سريعا هي حزب أندنت وكلنا يعلم دور إثيوبيا و القوى الاقطاعية والكنيسة الأرثذوكسية. فتجربة الثورة وقد أعلنت الكفاح المسلح من قبل شخصيات إسلامية واعتمدت على المكون الإسلامي كحاضنة اجتماعية بحكم الموقع الجغرافي الذي انطلقت منه، لكنها في خطابها السياسي توجهت إلى المجتمع ككل، بكل مكوناته والتحق بها كثير من المكون المسيحي، وعمل الكل جنبا إلى جنب كحركة وطنية، تمثل المجتمع ككل.

ما حدث أن عمق التباين بين المكونين اجتماعياً وثقافيا انعكست الصورة أن كل مكون يحمل رؤية حول المسالة الوطنية نابعة من فهمه وما تمليه عليه خلفيات ثقافية راسخة فعند هذه النقطة يجب أن نحكم على المسألة في الظروف التاريخية حينها وما املته تلك الظروف من تطورات وانتهت إلى تصور وطني مشترك هذا النوع من الخلافات فسر على أنه ديني قاطع بينما الدين لم يكن مطروحا كمصدر للاختلاف ودفع الشعب الأرتري ثمنا حين بلغ الاختلاف مستوى الاستقلال تنظيميًا لتأكيد وجهة نظر كل طرف.

كانت الأفكار الماركسية هي الأفكار الحاوية في ذلك الزمن، المعبرة عن الوطنية والإخلاص، أو هكذا اعتبرها من كان مقتنعا بهذا الفكر، وكان هذا سفرًا بعيدًا لفهم مضمون الوطنية لكنه كان المتاح أمام القوى التي كانت ترفض تجربة الجبهة حينها، حين حصل الانجراف في الصورة المرسومة… عن جبهة التحرير كان الفكر الجاذب للقوى المنصرفة هو الفكر اليساري حينها، اصطف المنصرفون بتنوعهم نحو شكل معين من التنظيم والتنسيق، جاءت ظروف معينة حينها، سقوط هيلي سلاسي وسيطرة اليسار في السلطة في إثيوبيا، وتوجيه الضربات إلى الإقطاعية والكنيسة وعادت جذور الوطنية إلى المكون المسيحي لينخرط في الثورة المسلحة، والعجيب في الأمر أن الانخراط كان إلى كلا التنظيمين الجبهة والشعبية، بمعنى أكثر دقة لم يكن الدين هو الدافع لهؤلاء بقدر ما كانت السياسة وحسب تجربتي الملموسة لهذا الواقع الذي عشته لم يكن الدين موضوعا خلافيا إطلاقا لدى الشعبية ولم يمت من قريب أو بعيد بدليل لقد عشت هذه التجربة مسؤولا للعمل السياسي والتعبوي ومسؤولا عن مدرسة الكادر، وكانت تضم هذه المدرسة إلى جانب المقاتلين المنظمات الجماهيرية، ومسؤولي المليشيات الشعبية وشخصيات تحظى باحترام في وسطهم، وكانت الدراسة تحمل طابعا مثاليا ولكن في الجانب الاجتماعي والاقتصادي العدالة الاجتماعية والمساواة ولم يتم التطرق للدين بأي شكل، وللزيادة في ذلك وللتأكيد أن البعض منا يمارسون معتقداتهم بحرية دون خوف في المسائل الفلسفية المعقدة، إذا أين العداء للدين، أنا عشت وعاصرت شخصيا، ربما كان نوع من الحظر للتطرق للمسائل الدينية وهذه حقيقة ومصدرها بصورة مقصورة كانت في المجتمع المحافظ ويجب إدراك ذلك .وما يثار هناك وهنا قائم على المناكفات السياسية لكن الحقيقة التي يجب ان نقر بها هناك اختلاف حقيقي بين المكونين بناء على اختلاف العادات والتقاليد والثقافة وهذه تجري ضمن حقائق تأسيس كيان مشروع وطني يهتدي بحقائق الواقع.

6. سمعتك تقول في مقطع صوتي متداول باستنكار؛ على نطاق واسع أنك مسلم وتزعم أن التاريخ الإسلامي وتجربته الحاكمة لا عدل فيها سوى 11 عاما لا غير. فهل كنت تقصد أن الإسلام لا يصلح للحكم وليس فيه نظام سياسي يعالج مشكلة إدارة المجتمعات بكل نواحيها هل تقصد ان الدين عاجز في رأيك؟

مسالة تأويل الحوارات لغرض في نفس يعقوب، أصبحت عادة في حياتنا السياسية من المحزن في الموضوع أن الغلاة ممن فرغوا أنفسهم كمدافعين عن الدين قد أصبحت إحدى طقوسهم المحببة، شيء مؤسف حقا، سؤالي ما علاقة أن أكون مسلما في التا ريخ الإسلامي في الحكم؟ ما قيل في هذه المسألة مسألة متداولة، في الشرق الأوسط، وغيرها وبعض الدول الإسلامية، وغيرها، نتفق أو نختلف مع هذا النوع من الطرح، نحن امام تجربة فشل فيها الصواب والخطأ، ولا تمثل عقيدة لا من قريب من ولا من بعيد، ربما اتفق شخصيا مع بعض الإخوة أن هذا الطرح ليس ضروريا إثارته في وسط ومناسبة لا تستقيم وطبيعة المتلقين باللغة التجرنية، فنتيجة الجهل بالدين الإسلامي وكذلك البحث عن ثغرات لتطويعها سياسيا في صراع أجوف، لكني من المؤمنين بشكل مطلق أن كلا المكونين الإسلامي والمسيحي في أرتريا، إن لم يكسروا الحاجز القائم على الجهل بينهما، فإن ما قدم باسم الوطنية الواحدة سوف يذهب هباء، والبحث عن وطن واحد يسع الجميع سوف يصبح اضغاث أحلام، إن المدخل الحقيقي لبناء مشروع وطني لا يقوم أساسا إلا بكسر حاجز الجهل، وضرورة المعرفة العامة في الحد الأدنى، أما أن يصلح الإسلام أو لا يصلح للحكم فإني اختلف تماما مع هؤلاء الذين أرادوا أن يحصروا الإسلام بشموليته للحياة على حكم بلد أيا كان، لأن الإسلام أكبر بكثير من نظام حكم، وأن الإسلام بكل عظمته عمل بجدارة في اخضاع إمبراطوريات في الزمن الغابر الإمبراطورية الفارسية والرومانية، واخضاع حضارة الرافدين، والحضارة الفرعونية وهلم جرا، كان الإسلام رحمة. لكن الآن للأسف جاءت لحظة (سيئة) أنجبت تجارب تتذرع باسم الدين الإسلامي لتقدم ما هو كل منكر وسيء في جوهر الإسلام، داعش على سبيل المثال فالقضية ليست مطروحة، للمزاودة السياسية تقبل أو لا تقبل، بل هل ما عشناه ونراه وتدفع الأمة الكاملة ثمنه، يمثل الإسلام في جوهره، حبذا يا أخي العزيز، أن تضيء لنا الطريق للتجربة في عالمنا لحالي تستحق أن يطلق عليها بأنها المثال، باختصار الموضوع ليس في الإسلام كعقيدة شاملة لكل مناحي الحياة والعلة الحقيقية في الفيئة الذين وجدوا مرتعا في العقيدة لغايات بعيدة عن الإسلام، اكتفى بهذه الإجابة لأن الموضوع قد يطول بنا مع إضافة ضرورية انني أعيش في بلد يعيش حربًا ضروسًا بينما كل أطراف الصراع في هذه الحرب ترفع راية إسلامية، كل طرف يكفر الآخر.

تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

باسم القروي: كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم.

Top
X

Right Click

No Right Click