الشيخ حامد دلشاي: حزب العمل قتل جبهة التحرير الارترية، وبعض السلفيين قتل وحدة المسلمين في حركة الجهاد - الحلقة الأولى
حاوره الإعلامي الأستاذ: باسم القروي المصدر: وكالة زاجل الارترية - زينا
• أما آن لجماعة فقه جواز الانشقاق و جواز الغدر بالعهود أن يعودوا إلى رشدهم.
• الوطن يباع على يد النظام الحاكم لكن قضايا الشعوب لا تموت والانتصار قادم.
• حركة ”الإخوان“ مستهدفة عالمياً لأنها تمثل المشروع الإسلامي القادر على البقاء والريادة والتعايش بين شركاء الوطن.
• السودان الرسمي يتخذنا سلعة للمساومة والشعب السوداني عمقنا الطبيعي آوانا ونصرنا.
نحن اليوم نتحاور مع 70 عاماً، شخصية خبرت الوطن؛ شعباً و قرية ومدينة وسلمًا وحربًا واستعمارًا وثورةً وجهادًا، وهجرة، شاهد البيوت تشتعل على أهلها بفعل الجيش الإثيوبي كما شاهد الأقدام الحافية من المواطنين تهرب إلى قسوة الغربة من نيران الوطن، تقلبت بين الجندية والقيادية وكانت توالي لجبهة التحرير الأرترية إلى درجة التعامي عن سلبياتها ثم تحول الضيف إلى الفكر الجهادي في إطار السلفية المنقحة ثم انتهى به المطاف إلى جماعة الإخوان المسلمين الأرترية. ومعتز بكل مراحل تجربته لأنها مكسب معرفي وفكري وسلوكي.
شهد حلو الجبهة ومرها، كما شهد وحدة الإسلاميين، بل كان من مؤسسيها، ثم شهد فشل تجربة الوحدة الإسلامية؛ التي حمل وزرها الطرف السلفي، ويتحدث الضيف الكريم عن حزب العمل محملاً إياه هزيمة جبهة التحرير الأرترية وانسحابها من الميدان أمام الجبهة الشعبية، وعن السودان الرسمي محملا ًإياه خذلان الثورة الأرترية في كل مراحلها؛ مؤكدًا على أن السودان الشعب وبعض مكونات هذا البلد الطيب من أحزاب صديقة وشخصيات سوف يظل الخلفية الآمنة للشعب الأرتري، والعمق الطبيعي، وأن في السودان أصدقاء وأنصار القضية الأرترية كثيرين في كل مراحلها؛ كانت تقيهم بعد الله من شوك السلطان الرسمي القاسي الذي كان يغلب مصالحه الآنية دون النظر إلى البعد الاستراتيجي للقضية الأرترية والشعب الأرتري، وهذا موقف ساقه إلى سيرة سيئة تجاه الثوار والمجاهدين فهو استقبل المهاجرين وفتح ذراعيه لهم في كرم وضيافة وأمن وإقامة لكنه سلم أعضاء من الثوار إلى عدوهم، ومن المجاهدين كذلك، في مساومة سياسية، وصادر الأسلحة والممتلكات وأغلق المكاتب وحظر الأنشطة دعما لعدو الشعب الأرتري من الأنظمة الإثيوبية المتعاقبة أو نظام الجبهة الشعبية الحاكم الآن فالصفحات السياسية لحكومات السودان تجاه ارتريا سوداء قاتمة غادرة في كثير من مشاهدها لا غافرة ولا داعمة كانت تستعين بالقانون والعهود مع العدو لضرب الضعفاء وإيذائهم إنها سياسة تناصر الذئب على الغنم الوديع إن تبدت لها المصلحة في هذه المناصرة الظالمة لا تتورع أن تمد يدها الظالمة إلى من يلوذ بها مهاجراً معارضاً وكثير ما يكون هذا التصرف من جهات وأطراف نافذة دون قرار مركزي من الحكومة السودانية.
وفي الحديث يرد ذكر الصادق المهدي وحزب الأمة بأنه علماني خذول، ويستثني الأمير نقد الله الذي دافع عن اللاجئين ردًا على إثيوبيا التي زعمت أنهم عرب رحل، وأكرم المهاجرين، واستقبل وآوى، ويشيد بالدكتور حسن الترابي - رحمه الله تعالى - موضحا أن آراء الترابي الصائبة كانت فوق طاقتنا وفكرنا.
ويثني حديث الضيف على دور الإخوان المسلمين في السودان والطرق الصوفية عامة والختمية منهم خاصة فقد استقبلوا المهاجرين وكانوا نصيرًا قوياً سبق السلطات الرسمية قدم الطعام والدواء والكرم الأصيل إلى جانب فتح الباب أمام أبناء المهاجرين إلى ما لدى هذه الأطراف من خير علماً وتربية وفكرا في مساجدها ومعاهدها ومنابرها المختلفة.
الحوار وثق لأسباب هزيمة جبهة التحرير كما وثق لأسباب انشقاق الإسلاميين ويتهم في الأولى حزب العمل الشيوعي الذي نال العذاب على يديه الإسلاميون والوطنيون الأحرار ويتهم في الثانية جماعة فقه الانشقاق وعدم لزوم الوفاء بالبيعة والميثاق السلفية ويروي مشاهد من ممارساتها المشينة في شق الصف الإسلامي وما كانت تتصف به من القصور في الفهم وسوء الطوية وقلة التجربة السياسية وسوء الأخلاق الذي سمح لها أن تكذب تبريرًا لخروجها عن العمل الجماعي وأن تتصرف ضد خصومها بقسوة وغدر، وفي المال بسرف وحزبية، وفي الإدارة بفوضى وشغب، وعدم الاحترام للقيادة.
وهو السلوك نفسه مورس ضدها بعد أن خرج عنها بعض أنصارها فقد (جنت على نفسها براقش) ويقدم نصيحة مخلصة لجماعة فقه جواز الانشقاق أن الزمن الماضي والتجربة الأليمة كافية لتكون العقول قد نضجت لتدرك أن الوفاء بالعهود واجب، وأن ترك الاجتهاد الخاص في فهم النصوص من أجل العمل بالاجتهاد الجماعي دين، وأن احترام القيادة وطاعتها في المعروف من أسس أي عمل جماعي، وأن النظم الإدارية واللوائح والمواثق يلزم أن تحكم مسار العمل التنظيمي وأن مما تؤلف به القلوب وتتعافى به الجماعات حسن الظن بالآخرين وعدم الاغترار بالنفس، وأن الاعتذار واجب عن وضوح الأخطاء لا الإصرار فيها والاحتماء بتأويلات ظالمة لأخطاء فادحة.
ضيف ”زينا“ اليوم هو الشيخ حامد إدريس دلشاي العضو القيادي بالحزب الإسلامي الأرتري للعدالة والتنمية. امتد الحوار إلى خمس حلقات ننشرها تباعاً.
مساحة للتعريف بالسيرة الذاتية، تفضل الشيخ الكريم حامد دلشاي.
بسم الله الرحمن الرحيم
في البدأ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ومن ثم أتوجه بالشكر لوكالة زاجل الأرترية للأنباء ”زينا“ على جهدها المتواصل خدمة للقضية الأرترية في زمن قل فيه النصير.
وأسأل الله تعالى أن يوفقني للردود على أسئلتها لبيان مواقف ومشاهد وشهادات مني كأحد من شهود النضال والجهاد الأرتري وأتمنى أن تكون الأسئلة مرنة وسهلة بحيث يكون الرد كافياً وشافياً ومفيدًا بإذن الله تعالى كما أتمنى أن يوفقني المولى بإدلاء الشهادة وألا أكتمها حتى لا أكون آثم القلب.
الاسم: حامد إدريس دلشاي، ولدت في عام 1949م و مسقط الرأس مدينة أم حجر، جنوب غرب أرتريا ومتنزوج ولي ذرية بنين وبنات والمهنة مزارع، بشقيها النباتي والحيواني، بالإضافة على ذلك مهنة ”خياط“ ترزري. ومن حيث الدراسة فقد أكملت الثانوية العليا وقد التحقت بالثورة وعمري 18 سنة وكنت مع الشباب الآخرين من أبناء ام حجر أبناء مدينتي الحبيبة، كنا نجمع التبرعات، ونوزع المنشورات، سرًا داخل المدينة، من عام 1965م إلى عام 1967م وفي شهر مارس من هذا العام، كان اللجوء إلى السودان، عن طريق ”حامدايت“ المدينة و”زهانه“ - وهي نقطة حدودية فيها شرطة سودانية، وبعد وصولنا إلى ود”الحليو“ لاجئين تم تكليفي بإدارة العمل الجماهيري للشعب.
ماذا عن تجربتك النضالية ؟
بالإضافة إلى ما ذكرت تجربتي النضالية غالباً كانت في المجال الاجتماعي والإنساني حيث تم اختياري رئيساً لرابطة اللاجئين الأرتريين منذ عام 1973م حتى عام 1986م ولم انخرط بشكل ثابت ودائم في وحدات جيش التحرير الأرتري وإن كنت مدربا مثل معظم الشعب الأرتري في العمل العسكري فقد تلقيت دورات عسكرية في الميدان كثيرة، أما آخر عهدي بالعمل العسكري فيعتبر في عهد حركة الجهاد الإسلامي الأرتري حيث كنت ضمن الإدارة العسكرية للمجاهدين أثناء معركة ”فانكو“، و ”بولتوبياي“ ومن بعدها تم تكليفي من الأمير الشيخ عرفة أحمد محمد - رحمه الله - للإشراف على معسكر التدريب بمنطقة ”قوز رجب“ وقد تخرج من هذا المعسكر آلاف الشباب وحتى كبار السن أيضاً قد تدافعوا إليه رغبين من أجل الجهاد والاستشهاد والاستعداد حماية للدين والعرض والحرمات التي تنتهك على يد الجبهة الشعبية وكانت هذه أجمل فترات المؤمن التي تتمحض فيها النيات لله، والجهاد لله، والحياة لله، والموت لله، والقلوب مليئة بالإيمان والقيم النبيلة، وفي حمايتها تحلو العذابات وتطيب التضحيات.
لقد شاهدت أوضاعًا ومواقف سلبية في الساحة تبدو في تكتلات قطرية مستوردة ومحلية مثل الشيوعية والبعثية والعلمانية والقبلية والإقليمية إلى آخره.. حدثنا عن ذلك ؟
لم تَدْعُنِي أي جبهة من تلك الطوائف لفكرتها بالرغم من وجود إخوة تربطني بهم صلات قرابة وهم كانوا من البعث إذ لم يوجهوا إلي دعوة للانضمام إليهم، وكذلك لم يفعل الآخرون.
وكنت أشارك في دورات كبيرة سياسيه للجهة في الميدان حسب موقعي التنظيمي رئيساً لمنظمة المتجمع المدني (رابطة اللاجئين الأرترية) وبصراحة يبدو أن التجنيد وعملية الكسب لتلك التيارات الفكرية كانت تتم وفق معايير معينة وبما أنني كنت مولعاً بالجبهة وكان حبها مسيطراً على مشاعري العاطفية وفكري لم أر فيها ما يراه الآخرون من التصرفات والانحرافات لمسيرة الجبهة حتى عام 1982م.
ألم يكن لك تواصل مع الاتجاه الإسلامي في الجبهة أمثال الشيخين: أبي نوال وأبي ماجد رحمهما ؟
لا، ومعرفتي بهم لم تكن كبيرة، وكنا نلتقي، ولم أدرك فعلهم إلا بعد الاعتقال عرفنا أنهم إسلاميون في تنويرات من خصومهم كانت تزعم أن لديهم أفكاراً معادية للجبهة وقيادتها، كنا نسمع ذلك من قيادات الجبهة ولهذا لم تظهر أصوات متعاطفة مع السجناء والمعتقلين مع أن مبادئهم وسيرتهم التي عرفناها لاحقاً كانت تستحق المناصرة وما ذلك إلا لأنهم كانوا محجوبين عن المناضلين عمدًا لتبقى الجبهة حكرًا لحزب العمل الذي كان يسيطر عليها. والسجناء لم يكن لهم جماهير مؤيدة لأن فكرهم كان محاصرًا في قلوبهم وسلوكهم الشخصي ولم تتح له فرصة لتمريره إلى الجماهير ومن كان شأنه هكذا حرم من نشر مبادئه إلى مناصرين وبالتالي حرم من تعاطف الجمهور معه والدفاع عنه وتأييده واعتناق فكرته وإذاعتها وتوريثها وكسب الجمهور لها.
ألم تجد ما يدفعك للتعاطف مع المعتقلين ؟
القائد جعفر أسد كان ضمن المعتقلين وهو بعثي عضو القيادة القومية في العراق ولأنه ابن خالتي أخذت له أغراضاً واحتياجات من الأسرة فذهبت إلى القيادة أستأذن في زيارته مندوباً عن الأسرة فلم يستجب لطلبي، لم يسمحوا بالزيارة، ولم يستلموا الهدية لتوصيلها إليه بواسطتهم، فعلمت مدى القسوة التي تحكم سلوك السجان ضد المسجون، وقد أخذت في نفسي، لكني لم أغضب لأن حب الجبهة كان أكبر من أن تزعزعه تصرفات قيادات عدوانية ضد خصوم سياسيين.
هل من إعطاء خلفية عما تعرض له الاتجاه الإسلامي في جبهة التحرير على يد حزب العمل ؟
نعم كثير من التيارات السياسية اليساريه كلها مثل الجبهة الشعبية تضيق بالرأي والفكر المخالف.
نعم كثير من المبادئ غير الإسلامية تضيق بالصوت المعارض والفكر المخالف إلا الإسلام فهو الذي يتيح لغيره من الأفكار أن تعيش وتسعى في كسب أنصار حتى الشيطان أمهله ربه إلى قيام الساعة وهو يعلن أن لديه مشروعاً مضاداً لشرع الله ورسل الله وأولياء الله سوف يضلل الناس ويجري بينهم مجرى الدم بقصد الإضلال المغلف بالتلميع المزيف والتزيين الباطل (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (37) إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) - سورة الحجر. و يظل هو وأتباعه يكيدون بأهل الله كيدًا ويستخدمون سياسة القهر والاستبداد ضد مخالفيهم: حرب وسجن وتشويه و قتل كما حدث للشهيد عثمان حسن عجيب الذي اغتيل في قلب الخرطوم بتاريخ 1980/11/15م و الشهيد محمود حسب الذي اغتيل في كسلا بتاريخ: 1989/9/3م و ابراهيم عافا الذي اعلنت الجبهة الشعبية عن مقتله عام 1987م في مؤتمرها ا لثاني وهو أشرس أنداد أسياس أفورقي و القائمة تطول، وحزب العمل فعل بالإسلاميين والقوميين مثل ذلك لأنهم كانوا ناصحين ومفكرين ومطيعين، لم يشكلوا معارضة مشاغبة وإنما كانوا على خلاف مما يجري للثورة من انحراف ولهذا طالهم الاعتداء الآثم بصفة قاسية وغير أخلاقية.
صحيح أنه قد خرج الشهيد سعيد حسين بعملية مسلحة اتهمت بأنها تتمرد على جبهة التحرير فداهموها في دنكاليا وحسموها عسكريًا قبل أن يشتد عودها وأنا أعرف الشهيد سعيد حسين فقد ربطني به عمل اجتماعي إنساني، عشنا معاً، ونفذنا مهام عمل معاً، وكان مثالاً للمناضل القائد الجسور المتنافي الشرس، وكان معروفا أنه من الإخوان المسلمين، وقد كان مسجونًا في عهد إثيوبيا حرره الثوار، وكان قوي الشخصية شديد التدين، ولهذا كان مهمشاً محاصراً يعمل تحت امرة إبراهيم محمد علي ”شيوعي“ من الدرجة الأساسية في المنظمات الجماهيرية وهو عضو بارز في حزب العمل داخل الجبهة فما كان مستغربًا أن يقوم بمحاولة جادة مسلحة لتصحيح أوضاع الجبهة أو إنشاء عمل مستقل يتناسب مع طموحه الفكري والعسكري.
أما بقية المشايخ أبي نوال وأبي ماجد والمساجين الآخرين فلم يظهر منهم عمل مناوئ لقيادة الجبهة وإنما نقم عليهم حزب العمل أفكارهم الإسلامية واستقامتهم على الطريق فتعرض لهم بالبلاء الشديد لمدة تقارب سنة عاشوها في ألوان من التعذيب كانت آثارها بادية على أجسامهم ودون محاكمة قضائية، واستمر الأذى بهم حتى عجزت الجبهة عن حماية نفسها وتلاشت في أراضي السودان منسحبة مهزومة أمام تحالف وياني تقراي والجبهة الشعبية عام 1980م فساقهم قدر الله إلى النجاة وكتب لهم حياة جديدة ومرحلة من الجهاد حميدة لا زلنا نعيش بركتها.
متى اكتمل شعورك الإسلامي التنظيمي والفكري ؟ ولماذا انهارت جبهة التحرير الأرترية في رأيك ؟
الصحيح والسليم أن تقول لي ما هي العوامل والأسباب التي حولت وجهتك نحو المشروع الإسلامي.
في الحقيقة أولا هداية الله سبحانه وتعالى وتوفيقه ثم هناك كان كثير من المعطيات والممارسات أذكرها على سبيل المثال لا الحصر:-
• فشل القيادات في إدارة العمل النضالي بالشكل المطلوب وتراجع واخفاقات متتالية.
• موالاة المعسكر الاشتراكي ومغازلة أتباعه المحليين (الجبهة، الشعبية) التي أرادت أن تتفرد بالساحة.
• العمل لإضعاف القدرة العسكرية لجبهة التحرير تحت ذرائع كثيرة ولتحقيق ذلك تم تفريغ جيش التحرير من الشخصيات العسكرية الأساسية واستبدال عناصر جديدة كبساوية بهم ليس لها ارتباط اسري يحتاج لدعم ومصروف مادي و مقابل هؤلاء تم التخلص من العناصر القائدة المسلمة تماما وأبعدوا عن النضال والريادة فاتجهوا نحو توفيق أوضاعهم فمنهم من استقر في السودان، ومنهم من ذهب إلى الخليج وأروبا فبعدت بهم الشقة وخلت الساحة لمناوئيهم.
• القيام باعتقال الإسلاميين والبعثيين وتعذيبهم بشكل إجرامي وحشي أمثال الشيخ حامد تركي والشيخ محمد إسماعيل عبده و الأستاذ إبراهيم إدريس محمد آدم ابن الزعيم التاريخي (بعثي) والقائد جعفر علي أسد (بعثي) - رحمه الله - وهو عضو القيادة القوميه البعثيه في القطر العراقي وقد تمت هذه الاعتقالات على يد القادة من حزب العمل أمثال مسؤول جهاز الأمن ملاكي تخلي الذي كان يستمتع بتعذيب المشايخ كما روى لي ذلك الشيخ أبو ماجد حامد تركي رحمه الله. وقد أثمر اعتقال البعثيين ثمارًا مرة للجبهة حيث قطعت العراق كل المساعدات التي كانت تقدمها للجبهة واشترطت لإعادة دعمها الإفراج عن البعثيين المسجونين، وقوبل طلب العراق بتعنت قيادة الجبهة المتمثلة في حزب العمل الذي زعم أن له حق الرفض لأي تدخل في شؤون التنظيم الداخلية ونتيجة لذلك تعرضت الجبهة لضيق شديد ومتاعب جمة تمثلت في قلة المؤن والأسلحة والتدريب والمال والمواقف السياسية الخاذلة وأضيف ذلك إلى ما كان ينخر في جسم الجبهة من هدم داخلي على يد عملاء الجبهة الشعبية مما أدى إلى نمو التنظيم الخصم الجبهة الشعبية المدعومة من وياني تقراي ومن الكنائس العالمية والطابور الخامس فلم يكن غريبا أن ينهار التنظيم الضخم جبهة التحرير الذي كان يبسط سلطانه على امتداد الوطن بنسبة 90 %، وكانت يده الطويلة تهدد المطارات وتفرج عن المساجين وتلتف حولها الجماهير.إن المؤامرات المحلية والعالمية هي التي قتلت التنظيم العملاق وحزب العمل يتحمل الوزر الثقيل لأنه توزع بين العمالة للجبهة الشعبية والعمالة للداعم الخارجي نصرة للأفكار المستوردة الغريبة الشاذة غير النابعة من تراث الشعب الأرتري بطرفيه المسلم والمسيحي.
• إجبار جيش التحرير للانسحاب وترك الساحة للجبهة الشعبية بدون أي مقاومة وهي كانت تمتلك 18 ألف مقاتل هم الذين دخلوا السودان بكامل عتادهم الحربي ووسائط نقلها، ومثلهم 25 ألف من قوات المليشيا موجودون بالميدان إلى جانب بعض السرايا ووحدات مغاوير لم تبرح مكانها من أرض الوطن أصلا حسب توثيق الجبهة لتلك الأحداث.
• سحب الصلاحيات من قيادات الأركان في جيش التحرير مثل القادة محمود حسب وعثمان صالح و حامد مزرت وحامد زبوي وإعطاء الصلاحية لقيادات سياسية في حزب العمل مثل إبراهيم محمد علي وإبراهيم توتيل، ملاكي تخلي - وقد قتل لاحقًا على يد أفراد من جيش التحرير كلفوا بتجريده من السلاح فرفض وحاول الدفاع عن نفسه - فهو متهم بالتآمر على الجبهة والعمالة للجبهة الشعبية والعمل على هزيمة جبهة التحرير من داخل جسمها وكان يتلذذ بتعذيب الإسلاميين حسب ما روى لي الشيخ حامد تركي. وكل شيء في الجبهة كان يخدم الجبهة الشعبية مثل تكليف رئيس المكتب العسكري عبدالله إدريس بمهام خارجية للبحث عن الدعم وجلب المساعدات المادية والعسكرية برفقة أحمد ناصر على الرغم من أن القائد عبدالله إدريس كان يدرك المخاطر بعده وحاول أن يتمنع من السفر لمهام خارجية لكن القرار الجماعي غلبه فاستجاب ويروي لي إبراهيم توتيل عن عبدالله إدريس: هل نحن والمسيحيون شعب واحد متشككا ًلما يرى من سوء السيرة لديهم تجاه النضال وتجاه المسلمين وتوتيل يدافع عن المسيحيين دفاعا مستميتاً وكانت عاقبة إخلاصه للمسيحيين وبالا عليه إذ ألقي في المعتقل القاسي ولا زال يقبع هناك دون محاكمة ودون معرفة أسباب الاعتقال.
• فقدان الأمل لتصحيح المسيرة في ظل وجود هؤلاء القادة في قيادة جبهة التحرير الأرترية صانعة النضال في القرن الأفريقي كل ذلك وغيره مع هداية المولى جعلني أتجه بكليتي نحو الإخوة الذين ينادون لقيام المشروع الإسلامي وقد كان الحمد الله وبالفعل شكل هذا الموقف نقطة تحول مشرقة في حياتي. وامتلأ قلبي بالسعادة الإيمانية وقمت بدعوة الآخرين من زملائي ليحذوا حذوي.
وعندما وصل الخبر إلى الأخ عبدالله إدريس - رحمه الله - أرسل لي رسالة خاصة يطلبني فيها ولكني رفضت واعتذرت له ومضيت في طريقي نحو المشروع الإسلامي وأسأل الله لي الثبات حتى ألقاه وهو راض عني. آمين
نواصل بإذن المولى... في الـحـلـقـة الـقـادمـة
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
باسم القروي: كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم.