القيادي المناضل إبراهيم محمود منتاي في حوار مع زينا - الحلقة الرابعة والاخيرة

حاوره الإعلامي الأستاذ: باسم القروي  المصدر: وكالة زاجل الارترية - زينا

• التيارات العلمانية والتقدمية في الثورة كانت شعارات تقدمية وسلوكاً متخلفاً فغلبها أفورقي بالتخطيط والعمل الجاد.

• المسيحيون أداروا كل شيء بوعي واستثمروا كل شيء لصالح مشروعهم الواحد ولهذا نجحوا بخلاف المسلمين.

• كان السودان أحق بالدور الذي تقوم به الإمارات في القرن الأفريقي لكنه مشغول برزق يوم بيوم.

الثورة الأرترية كانت امتداد للرابطة وللإسلام والمسلمين.. كانت امتداد لتطلعات الشعب ورافعة لواء النضال والاستقلال وصاحبة المبادرات وعندما طلعت كان معها مصحف وكان معها كفن وكان معها صلاة وخير وفجأة تحولت إلى جاهليات بين قومية وعلمانية وشيوعية. ماالذي جرى لها ؟ هل سحرت ؟

جيل الرابطة كان أشرف منا وأحسن ثبتوا اللغة العربية رغم المقاومة الشديدة التي اعترضت طريقهم من قشي بطروس وأذنابه وآباؤنا السابقون ما كان عندهم نصيب من التعليم مثل الذي لدينا الآن ما كانوا يعرفون السعودية ولا غيرها بمنح دراسية وغيرها لكنهم تمسكوا باللغة العربية وقيل لهم: تجري وتجرنية خدعة بقصد تثبيت مشروع اللهجات على حساب العربية فرفضوا واحتجوا أن المسلمين تجمعهم العربية يأتي أحدهم من دنكاليا وغيرها ليختلط مع ناطقين بلهجات أخرى فيتفاهم باللغة العربية لا غيرها.

ثبتوا رغم إرادة حكومة هيلي سلاسي وجيلنا المثقف قلنا: ألف مثل قصة طالب الخلوة الذي ذهب أبوه إلى الخلوة فكتب له الشيخ: (أ) وظل الطالب لا يتجاوز هذا الحرف فعاب عليه بعض العابرين وقالوا: احفظ ألف بدل أن تضرب كل مرة على جهلك به فقال: الموضوع ليس ألف فقط فأنا بإمكاني تعلمه لكن سوف يأتي بعده حروف أخرى فاختار الضرب على حفظ (أ).

نحن تنازلنا في لجنة الدستور من فرض اللغة العربية التي كانت خيار الشعب في تاريخها فظلت ثوابتنا تتناقص دوماً ونحن شهود فلو رفضنا الألف لما سقطنا في الهزيمة.

من أي شيء تنازلت لجنة الدستور ؟

لجنة الدستور التي كان يرأسها د. برخت هبتي سلاسي وهو بالمناسبة كان مستشار قانوني لأمان عندوم قبل اغتياله ثم التحق بالثورة بعد اغتيال عندوم فهو ذو خلفية استعمارية. نعم ساوت بين ما سمته اللغات الأرترية فضاعت العربية لأنها ليست لغة لجميع الارتريين في رأيهم.

وأسياس من ذكائه ما قال: البلد لغته الرسمية لغة التجرنية وإنما سكت عن ذلك وسوى بين اللهجات الأرترية نظرياً ثم عملياً فرض التجرنية وأتاح لها فرص النجاح فانتشرت على حساب العربية.

أنا كنت ضمن لجنة التنظيم الموحد برئاسة صالح إياي، وكانت لجنة الشعبية تتكون من هيلي درع، والأمين محمد سعيد ومحمود حروي مهمة اللجنتين إجراء حوار مصالحة بين الجبهة الشعبية والتنظيم الموحد. كان ذلك قبل التحرير بقليل.

نحن طرحنا قضية اللغة العربية والتجرنية فتكلم باسم الجبهة الشعبية الأمين محمد سعيد قال: نحن الآن في الجبهة الشعبية نتعامل مع كل اللغات الأرترية وبعد الاستقلال الشعب الأرتري من خلال استفتاء عام أو من خلال ممثليه الشرعيين من خلال البرلمان يقرر ما يشاء من اللغات عربية وفرنسية.قلت له: يا الأمين: مسألة اللغة العربية والتجرنية لا تخضع للاستفتاء لأنها محسومة تاريخيًا وشرعياً فهما لغتان رسميتان لارتريا فهذه من الثوابت ا لوطنية.وقامت الثورة من أجل الحفاظ على الثوابت الوطنية..

ولما نزلت إثيوبيا العلم الأرتري وألغت العربية والتجرنية فالأول كان رمز السيادة والآخر من ثوابت الثقافة. ولهذا لا تخضع الثوابت للاستفتاء.ثم قولك: اللغات الأرترية ؟ أيش اللغات الأرترية لا توجد غير اللهجات غير المكتوبة لا تتجاوز محيط الناطقين بها ولا علاقة لها بالثقافة والدين والتاريخ والتراث المعرفي ومصطلح اللغة يطلق على ما يقرأ ويكتب وأما اللغات المحكية فهي لهجات. أغاظ كلامي الأمين محمد سعيد فقال ردًا علي: يا ابراهيم هذا تفسيرك فهو تفسير أكاديمي لا علاقة له بالواقع. وفي مقام مشابه قال لي بادوري: هل أنت تتكلم العربية في بيتكم ؟ وهذا المنطق التدميري الذي يعمل له أفورقي ويستخدم الأشخاص الأدوات من أبناء المسلمين لتنفيذه.

المحضر في هذه الجلسة كان يكتبه محمود علي حروي الذي تم تعيينه سفيرًا فيما بعد قال: كلام منتاي خطير لأن العلم واللغة يمثلان الرمز والهوية ولا يخضعان للنقاش ولجنة الدستور لا تقول: التجرنية رسمية مستفيدين من الدستور الأمريكي الذي لا ينص على لغة رسمية لكن بحكم الواقع أن اللغة التجرنية مفروضة على المواطنين مثل الإنجليزية في أمريكا.

والآن بعد أن تعلمها المواطنون قسرا يمكن أن يحتج أن التجرنية لغة الأغلبية فيحق لها أن تكون رسمية في الوطن فهو يعمل بالتخطيط وليس مثلنا ”كرور“.

ألم تكن تيارات علمانية وشيوعية جارفة اختطفت الثورة ؟

نعم كانت تيارات لكنها اختطفت شيئاً غير مخطط عفوي عاطفي كانا ماشين بعفوية رافعين شعار استقلال أرتريا وبس.. والتيارات التي أتت الثورة لاحقا مثل البعثية والشيوعية والعلمانية والقومية أكيد أنها أثرت على مسار الثورة ومع ذلك كان تأثيرهم أقل من تأثير تيار أفورقي الذي يعتمد على الدراسة والتخطيط والعلم بخلاف التيارات المذكورة فإنها تيارات شعاراتية براقة.

يا استاذ إبراهيم هؤلاء متعلمون خريجو جامعات عربية ؟

نعم متعلمون لكنهم لم يتخرجوا من عقلية الأميين التي صاحبتهم وأثرت في سلوكهم.كانت شعارات تقدمية وسلوك متخلفاً.

من أول من طرح مشروع إحياء اللهجات المحلية ؟

حروي تدلا بايرو كان أول من طرح مشروع إحياء اللهجات المحلية في جبهة التحرير في مؤتمرها الأول.

هل مشروع حروي والجبهة الشعبية واحد ؟

نعم واحد هو لكن جماعة حزب العمل كانوا لا يريدون الظهور باسم الإسلام والدين أمام أسياس خوفاً من تعييبهم بأنهم رجعيون ومتخلفون وكانوا قارئين أبجديات الشيوعية وما متعمقين وافقوا له خوفا من إلصاق تهمة ا لتخلف بهم. وكان الصواب رفض مشروع اللجهات لأنها لا وزن لها في الحياة ولا ترتبط بها الثقافة والتنمية والتقدم.. وكان من حقهم الاحتجاج بما اعتمده الأرتريون في تاريخهم الأول من اعتماد لغتين رسميتين في أرتريا العربية والتجرنية.

وحروي كان له هدف عندما يتبنى مشروع إحياء اللهجات بخلاف أبناء المسلمين المثقفين الذين عززوا المشروع الكائد هربًا من تهمة التخلف والرجعية والشوفونية. كان المفروض قتل المشروع عند ميلاده بوقوف أبناء المسلمين ضده تمسكاً بالثوابت الوطنية. كان بالإمكان إسقاطه في المؤتمر.

ثم تطور الأمر حينما التقفه أسياس وحوله إلى قوميات بدل من صيغته الأولى التي كانت لغات وليست قوميات.

لماذا انزويت بعد التحرير ؟ أين أنت ؟

كنت مثل ما قال الفنان السوداني: (اللكان عملت كان بإيدي) فنحن الذي عملناه كان بيدنا.

لا نتهم المسيحيين نحن ساعدناهم للوصول إلى أهدافهم.

ماذا عن الشيوعية والبعثية في الثورة ؟

كانت نزوة أخذت وقتها وتلاشت في تلك الفترة، لكن في النهاية الأصيل والأصل هو الذي يبقى هو الشعب بما لديه من تراث ودين وخلق هو الذي بقي وانتهت الأفكار الوافدة. كان الأصل هو الإسلام.

لكن تلك التيارات أتعبت الناس وأرهقتهم حينما فرضت فكرها وخاضت الحروب الأهلية ؟

نعم نحن نعدد ونحسب ذلك من أخطائهم.

أيهما كانت أقوى الصراعات الفكرية الشيوعية في الثورة أم القبلية والجهوية ؟

يا ريت تكون شيوعية فكرية كانت أخف بلا شك (يضحك) ويضيف: كان تخلفاً إلى أبعد الحدود حتى الآن عندك الإسلاميون الأرتريون تمزقوا إلى قبائل، أتوا وهم يحملون واقع التخلف الأرتري.. بس غطوه بثوب المدارس الإسلامية سلفية وإخوانية وأصولية وهو في حقيقته صراع قبلي. واقع التخلف حقنا هو الذي ينعكس علينا. الإسلام أنا أعرفه ليس هذا الذي عليه الناس الآن.

أنت شخصياً لو عاد بك الزمان إلى الوراء ما الأخطاء التي كنت تتوقاها...؟

يضحك ويقول: قلت أكثر من مرة أن كل الأخطاء التنظيمية في الثورة الأرترية، كل الانهزام والخسائر التي حصلت أنا جزء منها ولا أتهرب من مساهمتي في صناعة الأخطاء التي أدت إلى خسارة جهود الشعب الأرتري. خاصة ما يعاني منه المسلمون الآن أنا كنت من المساهمين فيها لا أبرئ نفسي من سلبيات ذلك الواقع المرير بجزئياته وكلياته.نعم ساهمنا فيه بكبير جهد وصغيره. لا أبرئ نفسي من ذلك.

المسيحيون يشكلون جسما موحدا بخلاف المسلمين… ما الأسباب ؟

يظهر ذلك حتى في الإعلام الحديث تجد المسيحيين يشكلون مجموعات تتجمع حول موقع إعلامي ووسائل إعلامية يتناصرون ويعبرون عن مبادئهم وآرائهم بزخم كبير بخلاف المسلمين الذين تشتت آراؤهم في مجموعات صغيرة في التواصل الاجتماعي وأفراد صائحين حتى المظاهرات السلمية يتضح جهد المسيحيين المتضامن كما يظهر صوت المسلمين المشتت.

الانجليز يطلقون على أي فئة متفقة منسجمة ”فريق الضأن - أباقع“ بخلاف غير المتفقة وغير المنسجمة فهي عند هم فريق الماعز فالأول ينضم بعضه إلى بعض ويتماسك فراعيها لا يتعب والآخر يتبعثر في البرية فيتعب راعيه، نحن أصبحنا فريق الماعز وكم يتعب راعيها ليجمعها خوفاً عليها من الافتراس والضياع ولهذا فراعيها يتعب جداً لأن الماعز- أعوذ بالله - تتقاذف من حجر إلى حجر ومن موقع إلى موقع.. نحن المسلمين مثل فريق الماعز يتضح لك ذلك من النظر إلى حالنا.والمسيحيون فريق الضأن. وفي فريق الماعز قد تجد أفراداً قليلين متفقين وفي فريق الضان قد تجد أفرادًا قليلين نافرين لكن ذلك استثناء وليس القاعدة.

من خلال تجربة في الثورات التي جربتها أنت جربت العمل مع أكثر من فصائل وفي أكثر من وظيفة وموقع هل لاحظت أن المسيحيين رغم اختلافهم في التنظيمات المتناحرة كانوا ينضمون إلى بعضهم بخيوط مخفية متينة تعزز نجاحهم الحالي في الانفراد بالساحة حاكمين ؟

لا أزعم أن المسيحيين لا توجد في صفهم خلافات لكنها لا تصل إلى درجة العداء لأنهم يديرونها بطريقة حضارية، تعود أسباب خلافهم إلى مناطقية وجهوية مثل أبناء حماسين ضد مناطق وجهات أخرى فهم ليسوا مثلنا نحن ندير الخلافات بطريقة متخلفة وهذا هو الفرق بيننا.

هل لاحظنا خيوطاً كانت تربطهم مع اختلافهم بنتظيمات مختلفة ؟

نعم كان لكل عدد من المسيحيين يعمل مع تنظيم وطني دور مرسوم يقوم به للتمكين للمسيحيين.

وقد ظهر ذلك في مشهد الختام للمسيحيين الذين دفعوا تنظيماتهم إلى تأييد الجبهة الشعبية والاستقلال تحت إدارتها.قلت لك كان عندهم هدف وحققوه خلاف المسلمين فلم يكن يجمعهم هدف واحد تجتمع فيه كلمتهم وجهدهم. نحن فقط كنا جنودًا نقاتل بعضنا أو نقاتل إثيوبيا ويديرنا غيرنا. (يقول ذلك بأسى واضح وصوت مخنوق حتى أشفقت عليه) والمسيحيون فعلوا كل شيء بوعي، وأداروا كل شيء بوعي واستثمروا كل شيء لصالح مشروعهم الواحد ولهذا نجحوا.

بعض قيادات المسلمين كانت تكره أي مظهر من مظاهر الإسلام احترامًا للمسيحيين وكانوا يتمسكون بالشعار العلماني الجامع وعندما يجيء مسلم ملتزم يؤذن ويصلي يتضايقون منه ويعيبون عليه كيف يصلي وكيف يترك الخمر وكانوا يعيبون عليك لأنهم علمانيون.

أي حد ساهم أبناء المسلمين من القيادات إلى إبعاد الإسلام من الساحة والثورة، واسهموا في تخلف المسلمين وتقوية الشريك الآخر ؟.

بدون أي تحفظ كان كل واحد من المسلمين يتودد للمسيحين عشان يرضى عنه، وهم كانوا يطلقون علينا (دقي حليمة) أو (سحبتي جميل) إشارة منهم لتخلفنا ورمينا بالبداوة، وأبناء المسلمين ساهموا دون شك في تقوية الخصم واضعفوا أنفسهم.

توصيتك للجيل الجديد:

الجيل الجديد وضعه وموقفه مختلف فالجيل الجديد سيستفيد من كل أخطائنا التي ارتكبناها فبالتالي يلزمه أن يبدأ صفحة جديدة ويعيد التوازن الذي فقدنا وأوصيهم أن يكونوا عمليين لا كلاميين فالكلام لا يفيد والمطلوب العمل الجاد والصادق ونكون صادقين مع الله ومع أنفسنا.

انتهى الحوار إلى خلاصة مفادها أن أخطاء الجيل القديم أدت الى تمكين المسيحيين داخل البلد والتمكين يتجلى في أشياء كثيرة، كان المسلمون مناطقهم معصومة من السيطرة والانتزاع بخلاف الآن ألا ترى أن المهمة الآن أصعب ؟

نعم سيواجه الصعوبة لكن ما في حاجة مستحيلة اذا كان أحد عنده هدف وحقيقة سيحققه سيواجه صعبات لكنه سينجح إذا عمل جاداً وتعاون وحدد الهدف ووضع الاستراتيجية..

هل انت مقتنع أن الجيل القديم الذي أنتج الجبهة الشعبية وما زال بعضه يحميها ارتكب أخطاء بحق الشعب الأرتري ويتحمل هذه النتائج المرة ؟

نعم توجد أخطاء، نحن نتحمل الجزء الاكبر من الذي حصل، وكل هذه النتائج السالبة التي انتهى إليه الاستقلال زائلة إن شاء الله وسوف ينتهي من جاء بها وصنعها وحماها وأنا لدي أمل كبير في الجيل الجديد لعلها الله يحقق على أيديهم آمال الأمة وطموحات الوطن في الامن والتنمية والعدل والسلام والحرية.

عندك رسائل توجهها الى كل من كاري كاري و رمضان محمد نور و رمضان أولياي والأمين محمد سعيد ؟

أنا أعرفهم حق المعرفة وحتى الآن تجيني معلومات منهم , سوف اتركها بلا رسالة.

هل تحس أن الرعيل الأول راضٍ عن نتائج نضالهم أم هل هم مهزومون عاجزون ؟

هم طبعاً مهزومون يقرون بذلك في أنفسهم ويصرحون لأصحاب أسرارهم، ولديهم مكابرة تمنعهم من الاعتراف الظاهر الشجاع وأنا أعرف ما هم فيه من هزيمة مريرة يشعرون بها.. إذ كيف يعقل أن يحس المناضل بسعادة ورفقاء دربه المؤسسون في السجون، وأهله وشعبه مطارد. وآمل المواطنين غير محققة.

في آخر لقاء بين زياد بري وعثمان سبي قريب للتحرير ”زياد وجه دعوة لسياس ولعثمان فقال انتم على مشارف الاستقلال فلازم تكونوا متفقين فعثمان قال نحن ما عندنا مشكلة و سياس يؤمن بالتعايش المشترك بين المسيحي والارتري واللغة العربية والتجرينية“ نحن مش نعملو رئيس نتوجه امبراطور وفي فرق هو بس يؤمن، كان معه احمد بادوري و جاء لعثمان قال (انت جننتا انت ديب بيتكم مثل امك عربي تتهاقي) ولم يعتبره كبير ولا استاذ كل هذه الاعتبارات وضعها جانب وقال له انت جننتنا.

البادوري عنده كتاب عن الثورة وأراد ان يترجمه وسياس منعه من ترجمته هو يخفي المعلومات وهو رفض ان يترجمه بغير التجرينية يريد ان ان يترك المسيحين على عماهم، لان فيه وقائع تاريخية لثورة ويثبت دور ابناء المسلمين في الثورة.

طيب انت عندك وثائق شنو ؟

مافي شئ كلها تلفت أنا اللي كنت بطبع جريدة الثورة والكتب التي ساهمت في ترجمتها.

كان في خوف من شنو ؟

اسرائيل دخلوا فينا وفي وثائق تاريخية ورسائل بيني وبين عثمان و قلايدوس قديمة كلها قطعتها بيدي, خوفاً من الكتائب و من اسرائيل ؟ اسرائيل دخلوا مكتبنا وكان عندي ملف اسم تغلغل اسرائيل في القرن الافريقي فأخذوا هذا الملف فقط­­­­­­ اما الكتائب فقد دخلوا مكتبنا فأخذوا كل الكتب في اللواري وبلا مؤاخذة (شخو) عليه. ومع ذلك فالإسرائيليون مهذبون والكتائب حاقدون.

انت دخلت البلد ارتريا بعد التحرير منفردًا، لماذا ما دخلت مع تنظيمك ؟

طريقتهم مذلة، من دخلوا مع التنظيم أخذت منهم بياناتهم وسيرهم الذاتية وأنا الحمد لله ما اخذوا مني شيئاً.

دخلت لشنو ؟

من أجل الإدلاء بصوتي في الاستفتاء، فقد أخترت أن أشارك من داخل البلد الذي ناضلت من أجله.

مكثت ثلاثة أيام فقط رجعت بعدها. لأني تضايقت، أقمت في اديس أبابا أكثر من إقامتي في أرتريا. وفي أديس كان عندي صديق كان يسكن معي في القاهرة اسمه أبو بكر شافني في الطيارة ونزل واتصل بمكتب الجبهة الشعبية يطلب منهم استقبالي بناء على أني من التنظيم الموحد، أكملت الإجراءات وأنا طالع أجد سيارة واقفة بالباب... رتبها نائب السفير الأرتري لأن السفير كان في ارتريا لكنه كلف نائبه باتصال هاتفي لأنه يعرفني وسبق أن خدمته إذ اعطيته مبلغا في بيروت ليشتري أجهزة عندما كان في أمريكا، المهم طلعت من المطار فوجدت خدمة السفارة أمامي متاحة وأنا احترقت غضبا لأني فارقت تنظيمي اعتراضا على الدخول الذليل فكيف أرضى بخدمة من الجبهة الشعبية.غضبت على هذا الوسيط الذي ورطني في موقف لا يسرني، ركتبت السيارة التي نزلتني في أفخم فندق بأديس أبابا.أفورقي خريج موسكو.

هل كان للجبهة الشعبية وجود في أديس في ذلك الوقت ؟

نعم، كانت الأوضاع مستقرة وللجبهة الشعبية سفارة في أديس.

قال: نعود إليك مساء للعشاء معنا.

انفجرت على صاحبي الوسيط هذا الذي ساقني إلى خدمة أنا أكرهها وقلت: تجيب الجبهة الشعبية وأنا غاضب على تنظيمي ا لذي ذهب عائدا إليها وأنا بقيت منعزلا عنه محتجا فارقت زملائي رفضت أمشي معهم فكيف الآن تطعلني في موقف غير سار.

ضحك علي.وقال: ألا تعرف السر لماذا أنا فعلت ذلك ؟ لأنك لو سكنت وحدك في الفنادق ستجد صعوبة في دفع 50 دولار لأنك ستدفع كل ليلة 50 دولار لا يقبلون منك العملة المحلية وأنت ما عندك قروش لكن عندهم مع الجبهة الشعبية معاملة خاصة يدفعون بالعملة ا لمحلية البر الإثيوبي.

الفندق كان فخما يقصده العرسان والحفلات الخاصة فهو أفضل من هليتون وشراتون.

بناء على تلك المراعاة كان يأخذ مني 80 بر فقط بما يعادل 20 ريال سعودي أعجبني الفندق فعندما رجعت أقمت فيه 15 يوما. نعم الإجراء أفادني وإن كانت قد قدح في مشاعري.

هل البلد ماشية للعودة إلى إثيوبيا من جديد ؟ ألا تحس أننا دخلنا في استعمار جيد ؟ تحت الراية الإثيوبية ؟

توجد صراعات داخلية، الإثيوبيون متحالفون مع الحزام الأمني: العفر عشان البحر والكونما عشان القاش والامتداد المسيحي والبقية مجرد ديكور، وكل الأطراف تستهدف الناطقين بالتجرايت.

أسياس أفورقي متحالف مع الهدندوة والرشايدة ضد التجري وجبهة الشرق السودانية جواسيس أسياس أفورقي يتقلدون مواقع في الحكومة السودانية بينهم آمنة ضرار وحسين كنتياباي الذي عزمني في بيته واستقبلني بسيارته كان زميلي في النضال.كل هؤلاء أصدقا أسياس هم.

محمد ناود قال: جاءني حسين كنتيباي وهو بشكل فلرنكور لابس جلابية وصديرية وسماديت فقلت: ما هذا ؟ فقال لي: عندي ضوء أخضر من هنا ومن هنا. يقصد من السودان ومن أرتريا.

في أرتريا ضحك عليه ناس عبد الله جابر الذي كان عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية وهو معتقل الآن متهما في حركة 21 يناير. وكانوا متحمسين للساحآل الذي يجمع بينهم.

مصطفى عثمان إسماعيل وزير خارجية السودان الأسبق نقل لي عنه سفير السودان في القاهرة قال: عندما نفاوض أسياس ما كنا نفاوض الجبهة الشعبية، كان ياتي عبد الله جابر ويماني قبر آب وهذا يتحكمان على بعضهما يذكران خصال تنظيم الجبهة ونحن نعرف أن أسياس وحده صاحب القرار وأسياس وضع الآن معارضة الشرق في جيبه يعملون سفراء له لدى الحكومة السودانية. وقوتهم العسكرية موجودة في أرتريا حتى الآن، وإيلاء ولاؤه لأسياس أكثر من ولائه للسودان ولعمر البشير على الرغم من أنه من الجبهة الإسلامية. أسياس جاء به في المنصب الوالي هناك تحالفه مع الهنددوة.

الإثيوبون متحالفون مع العفر والكونما المسيحيين وأفورقي متحالف مع الهدندوة والرشايدة.. السودان متحالف مع من ؟

كنت في بورتسودان استمع ندوة عملت ها قناة الشروق، استضافت القناة مختصين بالشؤون الأفريقية المحاور يسأل أين موقع السودان من التغييرات الحاصلة ؟

قال: السودان لا استراتيجية له السودان يشتغل برزق اليوم باليوم.

ضحكت على ذلك لأن واقع السودان كذلك. الإمارات دولة صغيرة وهي بطموح في مصر نكتة متداولة: الشيخ زايد زار مصر فسألوه عن عدد الوفد الضيف فهم الضيف أنه يسأل عن سكان الإمارات فقال: أحسب في حدود 150 ألف فافتكر المصريون أن هذا عدد الوفد فقال: نازلين في أي فندق.

الإمارات الآن تلعب دورا مرسوما لها وهي الآن تصلح بين إثيوبيا وارتريا والسودان لا يبالي.

كان السودان أحق بهذا الدور لأن ارتريا عمقه الطبيعي ومؤثرة فيه وهو الدولة الكبيرة في المنطقة.

كلمة وداع:

أنا ممنون لكم أتحتم لي فرصة التواصل مع الأرتريين عبر ”زينا“ أنتم تقومون بمجهود كبير دون أن يعرفكم أحد، أنتم تستحقون الإشادة والشكر الجزيل بارك الله فيكم.

Top
X

Right Click

No Right Click