حجي جابر: وجه جدة القديم منح «سمراويت» جائزة الشارقة للإبداع العربي
المصدر: مجلة الإسلام اليوم
"منذ أن قررتْ جدة استبدال وجهها القديم بآخر لا أعرفه، قررتُ بدوري أن أكتب رواية".. بهذه الكلمات يشرح حجي جابر الصحفي
والروائي الإرتري أجواء روايته "سمراويت" التي حازت مؤخراً جائزة الشارقة للإبداع العربي في دورتها الخامسة عشرة.
ما بين جدة وأسمرا، عاصمة إرتريا تدور أحداث الرواية الصادرة عن المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء وبيروت، عملٌ يقول عنه صاحبه إنه يعرض للشتات الإرتري خلال العقود الأربعة الماضية، قصة الحرب والحب في حياة الإرتريين.
للتعرف أكثر على رواية سمراويت وكاتبها، كان لنا هذا اللقاء السريع مع حجي جابر.
بداية من هي سمراويت ؟
سمراويت هي إرتريا، بناسها وشجرها وحجرها، هي "التغريبة" الإرترية طيلة عقود الحرب وما بعدها، وهي أيضا جدة الرحبة التي استوعبت جوع الإرتريين للوطن، ولئن كان الاسم يعود لفتاة سمراء فاتنة فإنها مع ذلك تجمع كل تلك المعاني.
لكنك في الرواية تتحدث عن جدة التي غيّرت وجهها القديم حسب وصفك.
أفعل ذلك بحنو. أستخدم مفرداتٍ خاصة تليق بجدة وإن غيرت وجهها بآخر لا أعرفه. سمراويت تتحدث عن جدة التي كانت، بنوع من الحنين، وهو بالمناسبة نفس ما حصل مع مصوع على الضفة الأخرى من البحر، فالرواية تستدعي أجمل ما فيها وتترك للقارئ ربما أن يكتشف وجهها الجديد.
اعتمدت على تقنية "الفلاش باك" في عملية السرد، و حشدت أحداثك في خطيين متوازيين ما بين جدة وأسمرا..
هل أردت قول شيء من خلال هذا ؟
نعم. بالإضافة إلى ما تحدثه هذه الطريقة من تشويق، أردت وضع القارئ أمام هذه الثنائيات بشكل دائم: جدة - أسمرا، إرتريا - السعودية، كمشتاتو - النزلة اليمانية، بحيث يصل الشعور مكتملاً بوطنين لا يمكن التمييز أين يبدأ الأول أو أين ينتهي الثاني.
ربما لهذا صدّرت فصول الرواية بقصائد للشاعرين الإرتري محمد مدني والسعودي محمد الثبيتي.
بالضبط. هذا ما عنيته. أتمنى أن أكون قد وفقت و أنا أختار قامتين في الشعر في كل من إرتريا والسعودية، فالاثنان لا يتشابهان فقط في الاسم الأول، بل يجمعها مشوار طويل من الجمال والنضال لأفكار ذات قيمة. كما أن القصائد المنتقاة تدعم بشكل أو بآخر فكرة الفصل الذي تتصدره.
أدرك أنك قد تواجه بهذا السؤال كثيراً، ولكن لا بأس من طرحه: هل سمراويت هي سيرة ذاتية ؟
نعم هي سيرة ذاتية ولكن ليس لحجي جابر، بل للإرتريين في جدة، أتمنى أن أكون قد منحتك إجابة مختلفة (يقولها ضاحكاً).. إذا وجد فيها الإرتريون المقيمون في جدة أشياء تشبههم فقد نجحت في مهمتي. هي أصواتهم وآمالهم، وخيباتهم أيضا. هي الصرخات التي أطلقوها وتلك التي تمنوا. وهي في النهاية محاولة لوضعهم تماماً أمام ما يرونه ويعرفونه لكن بطريقة مختلفة.
فوز إنتاجك الأول بجائزة عربية هامة، هل عجّل بدخولك إلى عالم السرد من أوسع الأبواب ؟
أصدقك القول ورغم سعادتي الغامرة بهذا الفوز لا تشغلني هذه الزاوية من الأمر كثيراً. اكتفيت بما زرعه الفوز في نفوس الإرتريين من بهجة، واكتفيت بأن يكون العمل فرصة للحديث عن إرتريا مجدداً في محيطها العربي الذي كاد ينساها، واكتفيت بأن يفكر الإرتريون وخاصة الشباب منهم أن بالإمكان فعل شيء رغم ظروف الغربة القاسية. ومع هذا من يدري قد تكون "سمراويت" فاتحة لأعمال أخرى.
إذن لابد من سؤالك عن إنتاجك القادم.
إرتريا بلد غني بناسه وعاداته، ورغم أني حشدت كثيراً من ذلك الغنى في سمراويت فإن ما تبقى أكثر، لذا لو كررت التجربة فستكون عن إرتريا مجدداً، لكن التحدي هو إيجاد زاوية جديدة مع الحفاظ على نفس القدر من الالتفات إلى هموم الفرد وآماله.