حوار مع المناضل محمد احمد عوض عجيب - الحلقة الأولى
المصدر: أومال
بسم الله الرحمن الرحيم
المناضل أحمد عوض عجيب من المناضلين الذين التحقوا بالقائد الشهيد حامد إدريس عواتي في مارس 1962م مع رفاق دفعته الشهيد
عثمان صالح على والمناضلين الحسن أبو بكر ومحمود ماي بتوت قضى 14 عاماً في سجون النظام الاستعماري منذ اعتقاله ورفاقه في مدينة كرن تنقل بين السجون في كرن وأسمرا وعدي خالا وقد أجرت أومال نت مع إطلالتها على قراء ومتابعي الشأن الإرتري في الشبكة العنكبوتية لما تشكله تجربة المناضل الكبير أحمد عوض من تفرد كسجين سياسي قضى السنوات الطوال خلف القضبان وباعتباره من بين القلة التي على قيد الحياة من سجناء الثورة والذين لازالوا على طريق النضال الذي لم تستكمل أهدافه بعد واليكم محتويات اللقاء.
المناضل أحمد عوض بداية نريد منك نبذة قصيرة تعرف بها القراء على شخصك الكريم العائلة مكان وتاريخ الميلاد ؟
بداية أشكركم على هذا اللقاء آملاً النجاح لأومال نت إسمي الكامل أحمد عوض عجيب من مواليد وسكان مدينة أغردات وكان والدي شيخاً ومعلماً للقرآن الكريم ويتنقل بين جاقي وحريناي و أغردات درست حتى الصف الرابع كتاب وختمت القران الكريم وأنا أب لبنتين وولد واحد ولي شقيق واحد موجود على قيد الحياة الآن هو الشيخ عثمان عوض عجيب.
حدثنا عن البدايات الأولى لالتحاقكم بالنضال ؟
بدأت النضال داخل مدينة أغردات قبل إندلاع الكفاح المسلح بقيادة الشهيد القائد حامد إدريس عواتي وكانت البداية ضمن تشكيلات العمال وكان رئيس تشكيلتنا المناضل الشهيد محمد صالح عمار وكان العدد 7 أشخاص وكلما توسعت التشكيلة نقوم بإنشاء أخرى وبعد أن توسعت تشكيلتنا أصبحت اثنتان قدت أنا واحدة والأخرى بقيت تحت قيادة الأخ محمد صالح عمار وكنا نقوم بتوعية المواطنين بأهداف الجبهة ونجمع المعلومات عن العدو ونمد القيادة من خلال أفراد مخصصين لتلك المهام يتنقلون عبر قرى الريف بين المدن وإداراتها والقيادة الميدانية والإدارية للثورة.
متى التحقت بالثورة في الميدان ؟
إلتحقت بالثورة المسلحة في الميدان في مارس 1962م وكان دفعتي كل الإخوة الشهيد عثمان صالح علي والأخوين الحسن أبو بكر ومحمود ماي بتوت.
كيف إنضممت للعمل الفدائي ؟
طلبنا في منطقة عملنا في بركة بالدعوة لإجتماع لقواتنا وكانت قليلة العدد وقلنا في ذلك الاجتماع إن أسلوب العمليات القتالية في الريف النائي ليس كافياً ولا ينقل الثورة وأهدافها بالسرعة المطلوبة للمدن ولتحقيق هذا الـــهــدف علينا نقل العمليات للمدن من خلال العمل الفدائي حتى يكون العمل النضالي بين الناس هناك ونكسر هيبة النظام الإستعماري وصادق الجميع على الفكرة وكلفونا نــحـــن أبناء المدن للقيام بتلك المهام بحكم معرفتنا للمدن وبإننا لن نلفت النظر عندما نكون هناك إذ سنتصرف بشكل طبيعي ومنذ ذلك الوقت انطلقنا نحن نحو أهدافنا.
كيف كانت بدايات العمل الفدائي والاعتقال ؟
اتجهنا لمدينة أغردات وواجهتنا في البداية ظروف مالية صعبة للغايـــــــة تغلبنا عليها ونفذنا عملية فدائية في المدينة وخرجنا إلى الميدان ومكثنا فترة من الوقت فيه ثم إتجهنا إلى مدينة كرن بناءًا على طلب من تشكيلاتنا إتجهنا إلى مدينة كرن رغم عدم معرفتنا التفصـيـلـيــة بالمدينة دخلنا المدينة ولسوء الحظ لم نجد من يستقبلنا من الأفراد الذين إتفقنا معهم ونحن في هذه الحال تقدم إلينا المناضل الشهيد عبده محموداي وكان طالباً فطلب منا الذهاب إلى منزلهم وهو يجهل من نحن خفنا عليه وطلبنا منه أن يفتش لنا عن مكان نستأجره ونحن في هذا الوضع جاء إلينا الأخ أحمد دافر وهو أخ الشهيد حسين دافر وقال أرسلتني قيادة الجبهة لاستقبالكم فبتنا معه الليلة الأولى وفي اليوم الثاني وجدنا بيت إيجار في حيهم بحلة حباب، مرض أحد رفاقنا بالملاريا و أجل هذا الحدث الطارئ القيام بدراسة الهدف الذي نريد تنفيذ العملية عليه لمدة يومين قمنا بعدها بمعاينة مكان الهدف وايسر السبل للوصول إليه وقد قام مرافقنا بتوفير سيارة لتنقلنا لحظة الخروج من المدينة بعد تنفيذ العملية وكانت العملية تستهدف رئيس قسم التحقيقات وهو جنرال أثيوبي بالغ القسوة وأثناء الاستطلاع لموقع الهدف وقد كلفت أنا به وفي هذا الوقت تسربت معلومات عن حقيقتنا عن طريق الجيران نتيجة لتبجح الأخ أحمد دافر نتيجة لسكره و يبدو أن كلامه قد وصل لمسامع أجهزة الأمن، هرعت قوات الأمن وتمركزت بالقرب من الدار الذي كنا فيه وأخذت تراقب الموقف لحين وصول ود دافر ونحن كنا نياماً عدا الحرس وكان داخل البيت كنا ثلاثة وأسلحتنا مسدسات وعندما تأخر من كانوا ينتظرونه جاءوا إلى الباب ونقروا عليه وطرحوا على الحرس الكلمة التي اتفقنا عليها وهي مين أمين ود دافر ففتح الباب فأشهروا عليه السلاح وجردوه وقبل أن نتبين ما هو حاصل وجدنا القوات وهي تشهر علينا السلاح وتضع في أيدينا قيود الحديد هكذا تم إعتقالنا دون أن نتمكن من إستخدام سلاحنا.
هل تعتقد بأن كشف هويتكم كان نتيجة لعملية إختراق أم ماذا ؟
لا أعتقد دلك رغم أنا أعتقلنا وأعتقد أن روح التفاخر وحب الظهور والسكر وعدم السيطرة كانت وراء إعتقالنا وفشل مهمتنا في مدينة كرن.
كيف كانت التحقيقات في مركز إعتقالكم ؟
نحن اعتقلنا في نهاية شهر نوفمبر عام 1962م وأدخلنا مركز التحقيقات في سجن كرن ومنذ الوهلة أنكرنا أننا قمنا بأية عمليات حربية وقلنا إننا قدمنا من طوكر لتجنيد شعبنا من أجل القضية الوطنية وحقه في تقرير المصير وجئنا هنا لنشر الوعي الوطني واستنهاض همم الشغب وحتى اللحظة لم نقم بأية عملية وعمل المحققون بالضغط علينا بكل ألوان القهر والتعذيب بالضرب والركل واستخدام الماء البارد والطعن بإبر الخياطة لإ رغامنا على الاعتراف بكل العمليات الفدائية التي جرت استمر التحقيق على هذا المنوال حتى أوقفوه من أنفسهم بعد أن اقتنعوا بعد جدواه.
ماذا تم بعد إنتهاء التحقيقات معكم ؟
بعد إنتهاء التحقيقات معنا حولنا إلى السجن العمومي ووضعنا في صالة واحدة وكانت المعاملة جيدة بسبب العقيد الإرتري صالح من أهلنا المنفري والذي أثر عليه الشهيد سعيد حسين بعد أن ناقش معه الأمر كما كانت معاملة الملازم أول خوجلي {وهذا إسم شهرته} وهذا الملازم مواطن إرتري من أهلنا الحماسين في المرتفعات الإرترية وكانت معاملته رائعة وقد كان يصرف علينا في بعض احتياجاتنا وخاصة الحليب من جيبه الخاص، وكان المحققين يترددون علينا ويهددننا ويقولون لنا إذا لم تعترفوا هنا في كرن فسوف تعترفوا بكل اللازم في اسمرا واخذوا ينقلوننا بين اسمرا وكرن حتى عام 1964م وبينما كنا في السجن في كرن أرسل المقدم أرداجو المسدسات التي قبضت معنا إلى أسمرا بطلب من رئيس البوليس الإرتري تل عقبيت وبعد يومين إتصل بالهاتف يسأل عن اعترافاتنا وعندما أخبروه بأنها ذات الاعترافات الأولى لم تتغيير قال لهم أرسلوهم للسجن خلاص فجاءنا المقدم قائلاًً أنتم محظوظين فالجنرال لأول مرة يعطف على الناس ثم حولنا إلى السجن العمومي في كرن.
ألم تقدموا لمحكمة وقضاء ومتى تم ذلك ؟
في كل تلك الفترة لم نمثل أمام قاضي وهذا كان متجاوزاً للقانون المعمول به في تلك الفترة وأخيرا تم استدعاؤنا للمثول أمام المحكمة بعد عامين من المعانا ة، قال المدعي العام أن لديه معلومات بأننا مجرمين ويجب محاكمتنا على هذا الأساس بالمادة 11 وهي تحكم بالإعدام أو المؤبد فردت عليه المحكمة طالبة منه تحضير مستنداته ووثائقه التي تثبت إدعائه ونقلنا فور إنتهاء الجلسة إلى أسمرا وبعد وصولنا إليها نقلنا إلى مركز البوليس في أجب الساعة 11 ليلاً وهذا الوقت المتأخر جداً لا يسمح فيه عادة بنقل المعتقلين لأي مكان ونحن لم نعرف السبب وحدث أمر غريب إذ سألتنا إدارة السجن إن كنا نجيد السلاح وقالوا لنا إذا كنتم تجيدون التعامل بالسلاح فسوف تشتركون معنا في انقلاب وعقدت الدهشة ألسنتنا وتابعوا قائلين انتم استعجلتم ونحن لحقنا وهذا الطرح أكد لنا صدقهم فعرفناهم بأنواع الأسلحة التي نجيد القتال بها وكان هؤلاء يمهدون لإنقلاب البوليس بقيادة الجنرال تل عقبيت الذي فشل لأن معلوماته كانت متاحة حتى بين أهل أباشاول ثم نقلنا إلى غرفة أخرى وجدنا فيها مجموعة من الضباط وكانوا كلهم إرتريون قالوا لنا أنتم نفذتم كل العمليات بما فيها بما فيها تصفية أحد الضباط من البوليس ونحن أنكرنا الأمر كله فقاموا بضربنا بلكمات أيديهم ونحن مقيدي الأيدي والأرجل وقد بلغ الأمر حداً لا يطاق هنا تدخل ضابط التحقيقات وكان أصغر رتبة وقال لهم توقفوا هذا الأمر مهمتي ولولا رتبكم لطلبت منكم التوقف منذ الوهلة الأولى ولكن الأمر بلغ الآن حداً يرتب علي مسؤوليات ويفرض علي محاسبة كبيرة وأنتم تعرفون ولحسن حظنا تجاوبوا معه و توقفوا فنقلنا إلى غرفة مكتب آخر داخل المركز وكان معنا الشاويش حامد آغا الذي تأثر كثيراً بما جرى لنا وبكى فسحبه زملائه حتى لا يشعر الضباط في ذلك المكتب و كانت هناك نافدة صغيرة بمستوى الرأس يأتينا عبرها الهواء في صباح اليوم التالي جاءت الدبابات الأثيوبية وحاصرت مركز البوليس وفي تمام الساعة الثامنة صباحاً تم تصفية الجنرال تل عقبيت وقد أطلق عليه إسرات كاسا شخصياً النار من مسدسه بعد أن رفض التسليم لاسرات ولمدة يومين لم نكن نعلم تفاصيل ماكان يجري وكانت هناك إمرأة مكلفة بإعداد وجبة واحدة لنافي اليوم وإطعامنا بالترتيب عبر النافدة بيدها وكانت علامات الحزن بادية على عينيها في اليوم الثالث سألتها ماذا حصل قالت بإستغراب ألم تسمعوا قلت لها لم نسمع شيئاً فقالت سيد إرتريا وسيد سراي قتله هؤلاء الحمير وأشارت إلى الدبابات وغادرت المكان فقمنا بالمناداة على عسكري كان ماراً بالقرب منا وقلنا له نريد أي ضابط مسؤول فذهب وأتى إلينا بضابط قلنا له نحن في هده القيود منذ ثلاثة أيام فقام بفتح القيود وعلمنا أن الشاويش حامد آغا قد أعتقل وأودع السجن استمر فك القيود عنا لثلاثة أيام متوالية كانوا يرتبون خلالها أوضاعهم وكانت حادثة تصفية الجنرال تل عقبت في نهاية عام 1964م.
كيف كانت الترتيبات الجديدة للبوليس عقب تصفية قائده وكيف إنعكس عليكم التغيير الكبير الذي حدث ؟
أصبح الجنرال زرئ ماريام أزازي قائداً للبوليس وكان أثرا الأسف على فقدان زميلهم الجنرال تل عقبيت بادياً عليه فقدمنا للضابط المسؤول عن قسم التحقيقات وكان من أبناء سراي وكان أشد إنفعالاً بحادث إغتيال الجنرال وكانت معاملته في غاية اللطف قال لنا سوف أكتب تقريري للجنرال الجديد وسوف يكون عندكم تعذيب وقدمنا في اليوم الثاني لنائب الجنرال الذي قال لنا سوف نعطيكم أوراق فلسكاب وأقلام وتكتبوا أنتم ما تشاؤون وبناءاً عليه سوف نحاكمكم فكتبنا نحن جبهة التحرير الإرترية والسلاح لنا وجئنا لتعبئة شعبنا ونحن لم نقم بأية عمليات حربية ونطالب بتقديمنا لمحكمة مفتوحة يشاهدها الشعب في اليوم الثاني بعد إستلام الأوراق حولنا لسجن سنترال داخل أسمرا.
نواصل في الحلقة الثانية كيف كانت المحكمة ؟