الفنان الهرم/ الأمين عبداللطيف في حوار خاص مع الإعلامي الأستاذ أبوبكر عبدالله صائغ - الجزء السادس

حاوره الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبدالله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ

- في أغردات لأول مرة شعرت بالخوف على المسرح بسبب استقبال الجماهير لي.

- أثناء تأديتي لأحدى الأغنيات شاهدت فتاة تدخل الى الحفل وجلست وسط الفتيات.
- فتاة عادية جداً في لبسها ولكن غير عادية في جمالها وغنيت لها مباشرة.
- كلمة فاطمة زهرة " لبسي" شكلت البداية لأغنية فاطمة زهرة الشهيرة.

خلال فترة الستينيات هل كنت تكتب أغنياتك اعتمادا على خيال معين أم عشت قصص حب حقيقة جعلتك تكتب تلك الأغنيات الرائعات ؟

أحب ان أحدثك في هذه السانحة عن أغنية فاطمة زهرة، وتلك الاغنية لم تكن متكاملة كما قدمتها للجمهور، ففي عامي 1963- 1964، دعيت لأحياء حفلة عرس في مدينة اغردات، وكان معي في تلك الحفلة الفنان الكبير/ جابر محمود والفنان/ عبد الواحد على صالح وكان معنا أيضاً فنان من تسنى كان يجيد العزف على العود لا أتذكر إسمه الأن.

وحضرنا الى مدينة اغردات، والعريس كان قادماً من السعودية وله محلات تجارية في أغردات التي كانت وقتها مزدهرة جداً جداً، والجمهور هناك كان ينتظر سماع أغنيات الأمين عبد اللطيف رغم وجود فنانين كبار معي وهذه ليست مبالغة.

غنى الفنان الكبير/ جابر محمود والجماهير كانت تردد الأمين عبد اللطيف، وحين سمعت هتافاتهم استقربت ! لأنني لأول مرة أسمع جمهور يطالب باسمي ثم غنى الفنان/ عبد الوهاب على صالح الذي كان يغني أغاني سودانية، وأخيراً جاء دوري وصعدت الى المسرح وبدأت الجماهير تصفق لي، ولأول مرة شعرت بالخوف على المسرح، وغنيت أغنيات كثيرة منها أغنية (خاتم حظي زابيكو) وأغنيات أخري، وتفاعلت الجماهير معي وشعرت بارتياح شديد، وقبل أن أكمل أغنيتي الجديدة التي كانت بعنوان (مقبأكى بولا وسألولا) حصلت مشاكل في الحفلة.

وكان قائد الشركة في المدينة العقيد/ محمد على قراقوش وتم سحبي من المسرح وأدخلوني في سيارة محمد على قراقوش وأوصلوني الى الفندق، وكان من المقرر أن نذهب في اليوم التالي الى أسمرا. ولذلك ذهبنا لحجز التذاكر استعدادا للسفر الى أسمرا، لأن اليوم التالي هو يوم الإثنين ويجب أن أكون في المدرسة.

جابر محمود 1

وفجأة جاء الى محل المواصلات بعض المسؤولين في مدينة أغردات، أذكر منهم مدير المدينة ومدير الشرطة وأخرون كثر، وقالوا لي لا تسافر اليوم، ونحن على استعدادا للاتصال بالمدرسة ونأخذ لك إذن بالبقاء معنا في أغردات اليوم، لأننا نرغب في سماع أغنياتك بأحياء حفلة خاصة لنا اليوم في أغردات، وقلت لهم لدي ظروف خاصة، رفضوا طلبي وبلغوا إدارة المدرسة ولذلك تخلفت من زملائي في أغردات لأحياء حفلة خاصة في مكان ما واختاروا ناس معينين وفي المساء بدأت الحفلة وكنت سعيداً لأنني كنت الفنان الوحيد في الحفل.

وأثناء تأديتي لأحدى الأغنيات شاهدت فتاة تدخل الى الحفل وجلست وسط الفتيات، فتاة عادية جداً في لبسها ولكن غير عادية في جمالها، بهرني جمالها، وحتى الجمهور الذي كان يستمع للاغنياتي بدأ ينظر لجمال تلك الفتاة ولا يهتم بأغنياتي، وفي تلك الأيام الناس لا تعرف الشعر المستعار، وحين جلست وسط البنات شكل شعرها المسدول من على كتفيها لوحة وتكوم في كتفيها وكأن في حضنها طفل يرضع تحت ستار، وكنت أغنى وأسرق نظرات منها وكنت أقول في نفسى ما هذا الجمال العجيب وحين وصلت الى جوارها وأنا أغنى، كان غطاء شعرها ساقطاً على كتفيها، والبنت التي كانت جالسة بجوارها قالت لها: فاطمة زهرة (البسي) أي ألبسي شعرك، وهذه الكلمة شكلت بداية أغنية فاطمة زهرة، وحين سمعت هذه الكلمة قلت مباشرة في وسط الاغنية التي كنت أغنيها المقاطع التالية:

أنا إت كرن تلهيكو وإت أسمرا - وديب باصع تلهيكو ومندفرا
إت أغردات تلهيكو وأباررا - إت تسني تلهيكو وكسلا
تماثلكي إر إيكو فاطمة زهرة
تماثلا إر إيكو فاطمة زهرة... إنجح مثل أنيابا إندى كاترا
محاوتا ملؤتُ لبيى سطر

وهكذا كلمات...

وفجأة شاهدت البنت تحركت من مقعدها وغادرت الحفل، والاغنية توقفت بعدها وبعد ذلك بدقائق أيضاً الحفل انتهي، ومباشرة بدأت أكتب الكلام الذي قلته عبر الهواء في الأغنية، وحاولت أكمل الاغنية ولكن لم تكتمل وتبعثرت خواطري وكلماتي في الهواء ورجعت الى أسمرا.

وفي أسمرا الله يرحمها والدتي أينما تذهب تسمع أغنياتي، والتسجيل لم يكن منتشر كاليوم، وكلما سمعت أغنياتي كانت تقول والدتي هذا أصيب بشيء ما، وكانت تروح لشيخ في حي (أخريا) إسمه شيخ/ جعفر وهو من الفلاتة، وتقول له ولدي أصبح يغنى كثيراً ولا أدرى ما أصابه ويرفض الزواج، وإنني كنت أرفض لها كل العروض التي كانت تعرضها على للزواج، وإنني كنت اعتقد إنني أصبحت فنان ويجب أن أكون نفسى أولاً وأعمل زواج يليق بي كفنان، ولكن والدتي كانت تري غير ذلك. وحين يأست ذهبت لشيخ/ جعفر لكي يعطيها حجاب لكي أتزوج وأترك الفن، وأخذ منها عشرة بر وقال لها ولدك مصابا وعنده نظرة وهي التي تجعله يغني.

وهذا الكلام ذكرني بقصة حقيقية سمعتها من أشخاص حضروها وهي أن والدة الفنان الكبير المرحوم/ إدريس ود امير ذهبت الى شيخ الأمين في أمبيرمي وقالت له أن ولدي أصبح فنان وأنا خائفة عليه ولذلك أدعو له لكي يترك الفن، وقال لها شيخ/ الأمين أحضريه معك حين تأتي المرة القادمة، وحين دخل الفنان/ إدريس ود أمير الى غرفة شيخ/ الأمين قال له شيخ الأمين:

أسمعني أغنياتك وبدأ إدريس ود أمير يغنى وشيخ/ الامين يستمع منسجماً مع اغنياته، وفجأة قالت والدة ود أمير للشيخ أعمل له دعاء يا شيخي لكي يترك الغناء. وقال لها شيخ/ الأمين سوف أعمل له دعاء لكي يواصل في الغناء ويزيد فيه.

وحين رجعت الى أسمرا بعد حفلة أغردات وجدت والدتي رحمها الله مستعدة لعلاجي من الفن، بعد أن أعطاها الشيخ حجاب وبخور وماء قرأن للحمام و اشترت خروف للصدقة، وقلت في نفسى الى متى سوف يستمر أهلنا بهذا الأسلوب، وقلت لها سوف أنفذ أوامرك وعلقت عليٌ الحجاب وتبخرت من البخور وقلت لها الحمام بماء القرأن لا يضرني، أما الأشياء الأخرى رفضتها.

وحين غادرت منزلي بعد ذلك بدأت أفكر في الموضوع ورغبتي كانت في تكملت أغنية فاطمة زهرة التي بدأتها في أغردات، وبدأت أكتب هذه المقاطع:

سما فاطمة زهرة... بعل شامكي حوانيتى كرا
حكوكي موتا وإن قبرا... مالي مسي إت عينت أشاشرا
أدامي ديب شيخ أبا سرا... وشيخي تشبحتيت كرا
وبيلا أمر إستر... شاماتا عاجمت صابرا
فتيها ديب لبو صورا
بيلا شيخي أب جعفرا... سمان يوم تحطب من دقلا
حمس يوم أدور من جفرا... ثلث يوم تهاجك إت جفرا
إليت لدوي لاقلو ذكرا... الامين حقو ديبكي كرا
حكو إلا توبا وأستغفرا

وبعد ذلك حسيت أن كلمات الأغنية انتهت وبدأت ألحنها، وتلحين أغنية فاطمة زهرة استمر معي عدة أسابيع، واستمريت في محاولات في تلحينها وأثناء التلحين تفاجأت بكتابة كلمات جديدة للأغنية مثل مقاطع:

ولاد عدي حسبوكم
رأ إيكوما من قبيء إت قبيكم
سلام بول إقليّ أمانتكم
ولاد كرن وأسمرا
ريكوما من قبي إت ماي زرا
سلام بولا إقلي فاطمة زهرة

Top
X

Right Click

No Right Click