الفنان الهرم/ الأمين عبداللطيف في حوار خاص مع الإعلامي الأستاذ أبوبكر عبدالله صائغ - الجزء الثاني
حاوره الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبدالله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ
إعجابي بتلك الفتاة كان مصدر إلهامى بأغنيات كثيرة وكانت الملهمة لي في أشعاري وخيالي.
أقول لك الان وبكل شجاعة إنني كذبت حين وصفت جمالها وعن مشاعري نحوها.
حدثنا عن أول أغنية خاصة بك وعن مدى نجاحها وتأثيراتها على المستمعين؟
من حسن حظي أنني نجحت في أول أغنية غنيتها وهي من كلماتي والحاني وإسم الأغنية هو (خاتم حظي زابيكو) وإعتقد إنني كنت موفق في الكلمات ولكنني لم اكن موفق في اللحن. وحين كتبت وغنيت تلك الأغنية القبائل الناطقة بالتقري كانت تقدم لدي الخطوبة قطعة من الذهب تعلق في الصدر يطلق عليها (الحمر) وأي بنت تعلق تلك القطعة يعني هي مخطوبة وحين كبرت وبدأت أغني قلت في نفسي لماذا نحن أفراد قومية التقري تقدم عند الخطوبة (الحمر) والمجتمعات كلها تقدم خاتم الخطوبة (الدبلة) وقلت لماذا لا أغني أغنية تعكس هذه الرغبة والتوجه وكتبت أغنية "خاتم حقي زابيكو".
ومن قبيل الصدفة في تلك الأثناء أنا كنت على وشك الخطوبة من فتاة كانت تسكن بجوارنا في الحي ورغبتي كانت لو تمت الخطوبة سوف أشتري خاتم للخطوبة بدلاً عن (الحمر) وفعلاً إشتريت خاتم الخطوبة (الدبلة) ولكن أهل البنت رفضوا طلبي، وكتبت أغنية
خاتم حقي زابيكو - إقل من هبا يأمركو - ظبطت بيلوني - لولت لأقلى حريكو.
وأهل البنت قالوا لأهلي بنتنا أعطيناها لأحد أقربائها سلفاً.
هل كلمات أغنية (خاتم حقي زابيكو) تنبع من قصة حقيقة؟
فعلاً حين كتبت كلمات تلك الأغنية كنت أرغب في الزواج من تلك الفتاة وأهلي تقدموا لخطوبتها لي ولكن أهلها قالوا مخطوبة وكتبت تلك الكلمات تجسيداً لتلك الحادثة ولكن إنني بالغت جداً في التغني بتلك الفتاة، وكل شاعر أحياناً يبالغ في الوصف وتلك الأغنية تعكس قصة حقيقية.
هل كان هناك قصة حب بينك وبين تلك الفتاة، وهل كنت تلتقي بها أو تشاهدها وتتحدث معها، وهل كان بينك وبينها إعجاب أم تقدمت لخطوبتها عن الطريقة التقليدية؟
في هذا الموضوع هناك حقائق يجب أن أقولها وهي أن تلك الفتاة كانت تسكن بجوارنا في الحي وكنت أشاهدها في الحي فقط ولم التقي بها قط ولم يكن بين وبينها أي علاقة حب أو حتى معرفة عادية كل مافي الامر كنت أشاهدها وكنت معجباً بها ولذلك قررت خطوبتها ولكن قيل لي بأنها مخطوبة، وفي تلك الأثناء وضعي الأقتصادي كان غير مناسب للخطوبة، وخوفاً من أن يسبقوني اليها الاخرون عجلت بمشروع الخطوبة، ولو تسمح لي أخي الكريم إسترسل في الحديث في هذا الموضوع لوجود حساسية معينة وهناك رسالة أرغب في توجيهها لمن يهمه الأمر في هذه الناحية.
كما قلت لك تلك الفتاة كنت معجب بها من بعيد لبعيد فقط، وأتحدث في هذا الموضوع لاول مرة في حياتي وهنالك عوامل كثيرة أجبرتني للحديث، وكما ذكرت لك سلفاً أهلها قالوا لاهلي مخطوبة لأحد أقربائها، حتى هنا القصة كان من المفترض أن تنتهي وإعجابي بتلك الفتاة كان مصدر إلهامى بأغنيات كثيرة لتلك الفتاة وكانت الملهمة لي في أشعاري وخيالي بالغت كثيراً في التغني بمحاسن وأوصاف تلك الفتاة، وأقول لك إنني بالغت بالغت جداً في وصف تلك الفتاة بل وكذبت في مشاعري عبر وصفها بكلماتي حتى كلمة بالغت ربما لاتفى بالغرض، وأقول لك الان وبكل شجاعة إنني كذبت حين بدأت اصف جمالها وكل شئ فيها وشرح مشاعري نحوها لدرجة أن أهل البنت إشتكوا لأهلي بعد ان سمعوا تلك الاغنيات التى لم تسجل بأي جهاز تسجيل، والكلام وصل الى خطيبها، وخطيبها رفض الزواج وقال اعطوها لمن يحبها،علماً ماكان بيني وبين تلك الفتاة أي علاقة تذكر وهي كانت مجرد صورة في الذاكرة الهمتني الشعر لكي أكتب أغنيات كثيرة، هذه هي الحقيقة ولم إلتقي بها أبداً، ولم يكن بيني وبينها أي همسات، وتلك الفتاة كانت من عائلة محترمة جداً والبداية كانت مجرد نظرة فقط لأكثر ولا أقل، وخطيبها قال أعطوها لمن أحبها، أنا لا أعرفها ولاتعرفني، ولكن أهله وأهلها قالوا هذا واحد مجنون فقط وقالوا لخطيبها لاتهتم بهذا الموضوع وهذا الشخص لايعرفها ولاتعرفه.
وهذه الفتاة كانت تمثل بالنسبة لي شيطان الشعر وبدأت اصف كل شئ فيها وبالغت كثيرا بل وكذبت في وصفها. وزواجها كان بالوكالة، وحين سافرت كتبت لها ابيات شعرية جميلة أذكر منها:-
إتنسيا لأعمل لأقلي بقسكي
عدا مطكوا إقل إسالمكي
عنكي بكيت وأستنتنت كبدجي
إقل إتهاقي أدام على خجلكي
إسالامت شوكن قِدِم دحن لهبكي.
هذا الكلام لم يحدث في الواقع وغنيت هذا المقطع في إحدى أغنياتي، ويؤلمني جداً وأنا في هذا العمر والحمد لله عمري الآن 68عام، أقول لك وبكل صراحة يؤلمني الكلام الذي كتبته في هذه الفتاة، وكان مجرد خيال شاعر انعكس على الواقع ولبس ثوب الحقيقة وتفاعلت معه الناس واكتشفت الأن آن تلك الفتاة كانت مجرد ملهمة فقط وامرأة من الخيال.
وللأسف الشديد أن تلك الفتاة تزوجت وخلفت، وفي عام 1996م، حدث معي حادث غريب وهو إنني كنت مريض وطريح الفراش في إحدى مستشفيات لندن، للإجراء عملية جراحية، والإرتريون المقيمون في لندن كانوا يزوروني بكثرة خلال في فترة وجودي في المستشفى، وأذكر حضر عندي في إحدى المرات أحد الطلاب الإرتريين الذين يدرسون في القاهرة وجلس جواري وقال لي يا أستاذ الأمين نحن نستمع لأغنياتك باستمرار وكل الطلاب معجبين بأغنياتك إلا إثنين فقط يكرهوا أغنياتك وحين سمعت هذا الكلام ذهلت ذهلت جداً من كلامه أولاً لأنني أحسست أن هذا الكلام كلام غير عادى، ثم قلت له هذا شيء طبيعي جداً وإنني لا انتظر أن يستمع لي كل الناس، وقال لي الطالب: لا يا أستاذ الأمين الطالبان اللذان يكرهون سماع أغنياتك لهم عذرهم، وقلت له: ما هو عذرهم، قال لي يكرهوك لأنك غنيت لأمهم.
حقيقة ذهلت بل صعقت من الكلام الذي قاله لي الطالب، وقلت له أنا غنيت لأمهم قال لي نعم، صدمة حقيقة ورجعت بذاكرتي للوراء وشعرت بألم شديد، ووقتها أنا كنت مريض وطريح الفراش بالمستشفى ولكن هذا الكلام زادني ألماً وسرحت كثيراً وقلت في نفسي ياترى هل ارتكبت جرم في حق هذه البنت وحقيقة إنني أجرمت في حقها؟ بنت بريئة أنا لا أعرفها ولا تعارفني، ولا أتذكر شيء في حياتي عنها سوى إنني شاهدتها بحكم الجيرة مرات عديدة ومن بعيد لبعيد وهي تعبر الشارع، حتى السلام العادي ما كان موجود بيننا.
وحين سمعت كلام الولد تأثرت كثيراً، وتسألت كيف ينظر هؤلاء الشباب لأمهم البريئة أصلاً، وتألمت كثيراً حين سمعت هذا الكلام وأتمنى أن يقرأها أبناءها هذا الكلام ويفهموني وأقول لك أستاذ أبو بكر بصدق لم أجد الفرصة المناسبة لأقول هذا الكلام إلا عبر صحيفة إرتريا الحديثة وكم مرة تمنيت لو زرت القاهرة خلال تلك الفترة وكنت أتمنى أيضاً أن أخرج من المستشفى متعافي لأزور القاهرة ولكن هذا لم يحدث، لأجلس مع أبناءها لأقول لهم الحقيقة ولكن لم أتوفق.