الفنان الهرم/ الأمين عبداللطيف في حوار خاص مع الإعلامي الأستاذ أبوبكر عبدالله صائغ - الجزء الاول

حاوره الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبدالله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ

بدايتى الفنية كانت بأغنيات ودامير وعجولاى وكماجنة التى يرددها شباب ال"ربعت" فى حي أبا شاول.

الاسرة والقبيلة لم يقبلوا أن يصبح إبنهم فنان و أصبحت منبوذاً منهم ومحاولة إقناعهم كانت صعبة.

القبائل الناطقة بالتقري كانت تقدم لدي الخطوبة قطعة من الذهب تعلق في الصدر يطلق عليها (الحمر) والمجتمعات كلها تقدم خاتم الخطوبة (الدبلة).

حدثنا عن الطفولة والدراسة وكيف تفتحت لديك الموهبة الفنية؟

في الحقيقة البدايات بالنسبة لي صعبة، وصعوبة البدايات تكمن في إني كبرت يتيماً، حيث توفي والدي ولم يتجاوز عمري ثلاثة أعوام ولذلك واجهت ظروف صعبة عند بدايات حياتي بشكل عام، ووالدتي هي التي عرفتني بوالدي، إسمي بالكامل هو الأمين عبد اللطيف محمود قاش من عائلة قاش المعروفة انتمي لقبيلة {عدي درقي} وهم معروفون بالجانب الديني ونزحت اسرتي من زولا واستقرت في قندع، وانتشر أفراد قبيلتنا حتى وصلوا الى نقفة وافعبت ووالدي كان يعمل ممرضاً في المستشفيات الحكومية وبحكم العمل كان يتنقل من منطقة الى أخرى وولدت في مدينة قندع وبعد شهور من ولادتي انتقلت الأسرة الى أسمرا وسكنا في منطقة (أباشول).

في بدايات سنوات الطفولة كنت أتلقى التعليم الديني في الخلاوي ثم التحقت بمدرسة إبتدائية كانت تتواجد جوار (مدبر) حيث درست بها المرحلة الإبتدائية خلال الفترة الصباحية وفي الفترة المسائية كنت أدرس في المعهد الديني بآسمرا، وبعد الإنتهاء من المرحلة الإبتدائية إنتقلت لدراسة المرحلة الثانوية العامةبمدرسة الجالية العربية بأسمرا.

أما فيما يتعلق بهوايتي الفنية لا أدري كيف تكونت ولكن كنت أستمع بأستمرار الى الإذاعة السودانية، طبعاً في تلك الايام معظم الناس كانوا يستمعون الى اذاعة هنا أمدرمان، وكنت استمع لرائع كبار المطربين بالسودان أمثال لاالفنان الكبير/ أحمد المصطفى وسيد خليفة وحسن عطية وغيرهم من الفنانين الكبار في السودان، وكنت أحفظ أي أغنية إستمع اليها وثم أقوم بترديدها بأستمرار، وخلال الفترة التي عملت فيها معلماً بمدرسة الجالية الإرترية بآسمرا كنت أقوم بتلحين الإناشيد للطلاب ومن هذه المرحلة بالتحديد بدأت إكتشف مواهبي الفنية وفكرت جدياً بصقلها.

الفن والتدريس خطان متوازيان، والاختيار بينهما كان صعباً جداً، أيهما كان اختيارك؟

الاختيار بين الفن والتدريس كان صعب، وكما ذكرت سابقاً كنت أحفظ الأغاني السودانية التي كنت أستمع اليها عبر أثير إذاعة هنا أمدرمان، وطبعاً اختياري كان السير في طريق الفن، وفي السابق كانت هناك في معظم أحياء أسمرا جمعيات ثقافية تابعة للناطقين بلغة التقري وتلك الجمعيات كان يطل عليها (ربعت) وهي كانت عبارة عن جمعيات شبابية، والشباب كانوا يلتقون أسبوعيا ويحتفلون بمناسبة أو بدون مناسبة حيث يتجمع الشباب من الجنسين في مكان ما ويفنون ويرقصون ونحن كنا صغار وقتها وكنا معجبين برقصاتهم وأغنياتهم، وكنت احفظ منهم ما يرددونه من أغنيات قديمة بلغة التقري لفنانين كبار أمثال الفنان الكبير/ إدريس ود أمير وعجولاي وكماجنا، وفي حينا أي (اباشاول) كانت هناك (ربعت) وأيضا كانت هناك (ربعت) في حي (فروبيا) أو كما يسمونه حي سكة حديد. والشباب في حفلاتهم المسائية في الأحياء الشعبية كانوا يغنون أغاني تراثية وهنا بدأت مشواري الغنائي في عالم الفن.

وفعلاً وجدت الفن والتدريس خطان متوازيان ولذلك وكما قلت لك اخترت الفن، وفي تلك الأثناء الحكومية الأثيوبية كانت تسيطر على البلد تماماً وكانت تراقب وتترقب أي أغنية يتغنى بها الإرتريين.

وعند بدايتي الفنية واجهتني صعوبات كبيرة لأن الاسر كانت تمنع أولادها من الذهاب الى الحفلات ناهيك من الغناء فيها، وبما إنني من أسرة دينية و من قبيلة معظم أبناءها مشايخ وحفظة للقرآن وهكذا.

وكان صعب عليّ في هذا الوسط العائلي المتدين أن أمتهن مهنة الفن وأغني، والاسرة والقبيلة لم يقبلوا أن يصبح ابنهم فنان ولذلك أصبحت منبوذاً من القبيلة وإن محاولة إقناعهم كانت صعبة جداً، وفي بداية مشواري الفني وبدايتي مع فرقة اسمرا الفنية أو قبل ذلك بعام أو عامين وحين بدأت أغني في بعض حفلات الزواج استنفرت القبيلة كل قواها لمنعى من متابعة هذا المشوار وحين رفضت أصبحت مطروداً ومنبوذاً من القبيلة والأسرة.

في بداياتك الفنية هل كنت تردد أغنيات تراثية أو أغنيات تابعة لفنانين آخرين ام بدأت مباشرة بأعمالك الخاصة؟

كما ذكرت لك كان هنالك جمعيات شبابية في الحي الذي كنت أسكن به او في الأحياء الأخرى وهؤلاء الشباب كان يغنون أغنيات تراثية رائعة حتى الآن لم اسمع أغنيات مثيلة لها ولا اعتقد بان هنالك شاعر ما في وقتنا الحاضر ان يكتب كلمات عاطفية جميلة مثل مثل تلك التي كانت تقدم في تلك الأيام كلمات تنبع من القلب وتؤثر على كل من يستمع اليها أمثال كلمات الفنان العظيم ود أمير وكنت احفظ تلك الأغنيات.

وفنانين أمثال ود أمير وعجولاي وكماجنة كلماتهم، كانت رائعة ومؤثرة لأنها كانت صادقة لأنهم عايشوا الحب بإحساسهم وكانوا يشرحوا مشاعرهم وهمومهم وأشجانهم للناس، الفنانين أمثال ود أمير وعجولاي لم يتزوجوا لأنهم فقدوا محبوباتهم وكذلك كماجنا، وكلماتهم نابعة عن معاناتهم في دنيا الحب، وإنني كنت أحفظ معظم أغنياتهم وكنت أرددها في الحفلات وفي بدايتي الفنية كنت مقلداً والذين استمعوا لي آنذاك يقولون كنت مقلد ناجح.

Top
X

Right Click

No Right Click