المشهد السياسى الارتيري الراهن وخطاب رابطة ابناء المنخفضات

بقلم الأستاذ: محمد اسماعيل هنقلا المصدر: فرجت

نبدأ بالسؤال التالي كمدخل: كيف يشبه المشهد الارتيري السياسي الراهن؟

والإجابة هي: حتى نتعرف الي الحاضر يجب ان نعود قليلا الي الماضي... الماضي المقصود هو قبل الاستقلال...

قبل الاستقلال: كان هناك صراع على الارض الارتيرية بين الاستعمار وأنا التحرر الارتيرية... وحشد الانسان الارتيري كل إمكانياته من اجل انتصار المشروع الوطني وأي تخلف عن هذا الحشد كان يعتبر خيانة وطنية... وانتصر مشروع الاستقلال، وخرج العدو مهزوما نتيجة تراكم ضربات الثوار، وهذا التراكم أنتج الضربة القاضية الاخيرة للاستقلال... وسؤ ال تلك المرحلة ونضالات الرعيل الاول هو من اجل الإجابة علي هذا السؤال... وتمت الإجابة عليه من خلال الاستقلال...

بعد الاستقلال: اختلفت المرحلة وكذلك اختلف معاها السؤال المطروح... وهنا بدأت تظهر الإشكالات، عندما انزاح الواقع عن الحلم... بمعنى اخر لم يتطابق الواقع بحلم الانسان الارتيري المناضل... لان بعد الاستقلال غاب مشروع بناء مجتمع ودولة حديثة... وان ولادة المشروع السياسي والاجتماعي المشوه بعد الاستقلال... هو الذي افرز خطاب سياسي مشوه على صعيد النظام السياسي الحاكم والمعارضة... وما هو حاصل اليوم من أزمات سياسية هو نتاج طبيعي لتلك الحالة...

وعندما يحصل اي اهتزاز للمشروع الوطني او انكسار، تبرز ظواهر سياسية واجتماعية تأخذ شرعيتها من الواقع المأزوم وتتغذى منه... وبتالي ما نشاهده من ظواهر سياسية تحت شعارات مختلفه (جغرافية... إثنية... الخ) أراه انعكاس طبيعي للواقع السياسي والاجتماعي المأزوم... وبدلا ان نلعن ونكفر هذا الواقع الأقل طموحا عن رغباتنا الوطنية، يجب ان نتعامل معه بعقلية واعية ونبحث عبر الحوار عن مخارج من الأزمة السياسية والاجتماعية السائدة...

ومن حق اي إنسان ان ينظم نفسه في مواجهة المشكلة بطريقة التي يراها... وكذلك من حقه ان يناقش اي ظاهرة سياسية أرتيرية بشرط ان يكون النقاش من خلال رؤوية سياسية بعيدا عن لغة التخوين والتخويف... وهذه الطريقة في التعامل هي... الحوار الهاديء والرؤية السياسية البعيدة عن التخوين، هي المدخل الصحيح الي مغادرة الأزمة السياسية والاجتماعية... وضمن مفهوم النشاط السياسي من اجل مغادرة الأزمة... ولد المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي... كمسار تصحيح للعمل الوطني أي تضيق مساحة الخلاف وتوسيع مساحة الحوار بذهنية ديمقراطية واعية...

لكن المجلس لم يفعل فعله كما يجب... كان هناك مهام للمجلس كأولويات وهي خلق ظروف لتعارف والتعاون السياسي. بين التنظيمات السياسية... وانتقال هذا العمل التعاوني بالتدريج عبر طريق التنسيق الي عمل سياسي متقدم، ويتبلور هذا العمل بشكل نهائي في المؤتمر القادم... لكن للأسف المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي لم يعمل باولويات متطلبات المرحلة... بل تصرف كأنه جسم سياسي متجانس ولهذا ابتلعتة بسهولة حفر الخلافات السياسية...

• اخر ظاهرة حديثة للنشاط السياسي والاجتماعي الارتيري... هي ظهور رابطة المنخفضات: لماذاهذا الاسم (المنخفضات) وفي هذا التوقيت؟ ولماذا استبدلتم اسم أدعم بهذا الاسم (المنخفضات)... اذا كان هذا فعلا استمرار لشغل أدعم... من رأي كان الأفضل استمرار اسم أدعم... لان اسم أدعم يمر بسهولة دون أي رقابة واعتراض سياسي من رقابة التهريج السياسي... كما مرت بعض القوى السياسية تحت اسماء سياسية دون ضجيج... برغم الأسماء لا تتطابق مع مضمونها السياسي لهذه التنظيمات ومغايرة لتوجهاتها...

المهم في الامر اذا كان اصحاب المشروع يحاولون بلورة هويتهم وتقديم ذاتهم الي مرآة الاخر كما يحسونها ويفهمونها... ذاتهم الاجتماعية والثقافية... هذا حق طبيعي ويجب ان نحترم هذا الحق، بشرط هذا الحق ان لا يضر حقوق الآخرين... وايضاً لهم الحق ومبرر هذا النشاط... اذا كان هذا النشاط هو ضمن مفهوم برنامج الحركة الفدرالية... لان المنخفضات هو اقليم من أقاليم المشروع الفدرالي... كما يحق للأقاليم الاخرى ان تجتمع كما اجتمع أبناء المنخفضات من اجل تدارس أوضاعهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وعلاقتهم بالآخر وكيفية تطويرها... إذن يجب ان نبتعد من ثقافة الوصاية على الآخرين وثقافة رقابة التهريج السياسي... اذا أردنا المدخل الصحيح لتواصل مع مشكلاتنا... واعتقد الاجتماعات والتجمعات تحت مسميات الأقاليم أفضل من تجمعات إثنية او قبلية...

في الختام: المفروض الناس تناقش المسببات،وليس النتائج... لان النتائج هي إفرازات لانكسار المشروع الوطني... وفي غياب المشروع الوطني يكون الاصطفاف وفق الانتماءات الضيقة... وبتالي اذا أردنا ان نخرج من هذه الأزمة يجب ان نناقش كل الأمور تحت سقف الوطن وبكل شفافية... ونبدأ بعدالة النقاش... حتى نعمم هذه العدالة في الاقتصاد والمجتمع... اما ان نتحدث عن العدالة ونحن غير عادلين في محاكمة الآخرين... هذا يعتبر قيمة إضافية الي الإشكالية والهرج السياسي السائد.

Top
X

Right Click

No Right Click