حول واقع المعارضة الأرترية
بقلم الأستاذ: محمد رمضان - كاتب أرترى
(1) إن الحراك الوطنى ينبغى أن يرتكز على مُسَلَّمَاتِ وطنية تكون بمَثابة البوصلة التى تُحدد وُجْهَة المواطنين المؤمنين بالتغيير
الساعين له بقوة، ولابد لهذا الحراك أن يكونَ مُختلفاً نصاً وروحاً عن نظام الحُكم الذى يقمع حقوق مواطنيه ويسلِبُ إرادتهم.
والعمل المُعارض حين لا يختلفُ كثيراً فى أدواته وآليّاتُه ونمط تفكير قياداته عن النظام تتضاعف المأساة ! ويطول بذلك عُمرالنظام المستبد! كل ذلك يستَدْعي إعادة صياغة مفاهيم العمل المعارض ليكونَ ملاذاً وأملاً للخروج من أزمات البلاد.
(2) رُبع قرنٍ لم تستطيع المُعارضة الأرترية أن تتفق حول رؤى مُحددة ولم تخلق إئتلافاً وطنياً مُعارضاً تستظل تحته وتنطلق منه رغم المؤتمرات العديدة التى عُقدت فى هذا الشأن، حيث يتم تأسيس مظلة جامعة سُرعان ما تنتهى وتتلاشى دون أن تُحقق أية مكاسب سياسية ذات جدوى وأثر، وفى الفترة الأخيرة بدأت المعارضة تخطو خطوات جادة نحو توحيد جبهة المُعارضة حيث كان ملتقى الحوار الوطنى الذى عُقد فى أديس أبابا 2010م النواة الأولى فى الطريق السليم نحو بناء معارضة وطنية قوية وناضجة وبالفعل تم تكوين مظلة وطنية جامعة وهو المجلس الوطنى الارترى للتغيير الديمقراطى حيث بدأ هذا الكيان مسيرته بقوة وإقتدار ولكن للأسف سعت جهات ومجموعات عدة لإجهاض التجربة بدعاوى من نسج خيالها حتى أصبح المجلس كيانا ًهشاً ضعيفاً يُصارع من أجل البقاء على قيد الحياة السياسية فقط.!
(3) تعيش المعارضة حالة من التَوهان فالمجلس الوطنى تنهش جسده صُراعات عقيمة وتكتنفه عقبات من الصُعوبة بمكان تجاوزها ببساطة وأن محاولات إنقاذه بِتَدْشيِنِ الحملات وإن بَدَا للقائمين عليها نجاحها فإنها عكس ذلك مُحفوفةُ بالفشل، فواحدة من ضمانات أى مشروع وطنى ناجح هو أن تحس كافة الأطراف أنها صاحبة المشروع وليست تابعةً له أو مدعوةَ إليه، لهذا فأن التواصى والإتفاق على مشروع وطنى ديمقراطى يُوفر العدالة الإجتماعية ويُكفل الحقوق ويُحقق التنمية الشاملة وتسود فيه قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان هو المخرج الوحيد لشعبنا، وإن السعي في تقريب وجهات نظر القوى المعارضة وإيجاد برامج الحد الأدنى بينها ليس أقل أهمية من إنعقاد المؤتمرات.
(4) القوى الوطنية تحتاج إلى إعادة صياغة وترتيب فالواقع الحالى لوضع معظم تنظيماتنا لايُبشر بخير فهى لا تُلبى طموح شعبنا وتطلعاته فإنتظار التغيير من هذه القوى وهى على هذه الشَاكِلة مُجرَّد أمنيات مالم تتغير نظرة قياداتها وكوادرها ونُخبها وبرامجها، وحُكمى هذا بالتأكيد لا ينسحب على جميع القوى الوطنية وقياداتها فهنالك قوى وطنية تربط الليل بالنهار جاهدةً وبإخلاص من أجل التغيير لكن المُحيط الذى تعمل فيه جعلها مَهِيضٌةُ الجَناح مما يَتطلّب إعادة ترتيب البيت الداخلى للمعارضة لأن المرحلة حساسة ودقيقة لا تَحتَمل.
(5) إن سلبيات العمل المعارض قاتلة وأولها الصُراع على سُلطةٍ مُتَوَهِّمة وإسقاطات ذلك على التغيير معروفة لا تحتاج إلى توضيحٍ وشرح،هذا وإن بعض القيادات غير مُؤهلة لتكون على رأس تنظيمات فضلاً فى أن تكون على رأس مظلة وطنية جامعة تُمثل الشعب وكياناته، ومع وجود التباين فى الرؤى فإن الثقة أيضاً شبه معدومة بين معظم الكيانات، وإن الخطاب الإعلامى غير مُتزن حيث لاتوجد مُوجهات إعلامية فالساحة تنام على مصطلح مجلس الليوجيرقا وتستيقظ على مصطلح الجماعة الأكسومية فالمطلوب إذاَ إعلاماً وطنياً مُعارضاً يتسم بالنُضوج ويُخاطب القضايا الوطنية بإنصاف ويُلامس رُوحها بإتقان لا إعلاماً ينطلق من إنطباعٍ وإنفعالٍ وعاطفة.
(6) الوطن أصبح فريسة لجنرالات النظام وأن المسروق ليست شاةً أوبقرة إنه الوطن والهوية والتاريخ، وإن أستطاب إسياس أفورقى وزُمرته البقاء فى السلطة فإنهم حتماً زائلون ولإقتلاعهم يجب حشد القوى الوطنية لذلك وإصلاح كياناتها المعارضة وتصحيح مفاهيمها وإصلاح النوايا، والعمل أيضاً على إستنهاض الجماهير حتى تتكىء المعارضة على الغطاء الجماهيرى فى حِراكها ونشاطها وفى النهاية فإن التغيير لامحالة قادم.
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.