إدانة النظام الإرترى بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية… إنتصار للعدالة

بقلم الأستاذ: محمد رمضان - كاتب ارترى

(1) إنتهاكات حقوق الإنسان فى أرتريا عميقة والشعب الإرترى حقوقه مُستباحةً على إمتداد ربوع الوطن شماله وجنوبه، شرقه

وغربة، مع إنعدامٍ كامل لمظاهر الدولة الراعية! وغيابٍ تام لأى مرجعية يمكن أن يعود إليها المواطن لإسترداد مظلمة أو طلب حق، فأرتريا فى ظل إسياس أفورقى وطنُ محفوف بالظلم غارق فيه حد الشّبع! وحياة المواطن فيها مُهدرة والتفكير فى مستقبل أجيالها جريمة!

(2) بالرغم من ضخامة الظلم الواقع على الشعب الأرترى لم تجد قضاياه الإهتمام من المنظمات الحقوقية والعدلية، وكذلك لم تجد إنصافاً فى التناول من المؤسسات الإعلامية العالمية التى تدعى المِهنية! لكن بعض موت الآلاف غرقاً فى المحيطات بلا وجيع، وهجرة الآلاف يومياً لدول الجوار ومنها لأوروبا هروباً من دولة الكبت والحِرمان، كانت تلك الظواهر سبباً فى تحريك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذى أصدر قراراً بإدانة النظام الحاكم فى أرتريا بإرتكابه جرائم ضد الإنسانية فى 8 يونيو 2016 من مقره بجنيف، وعبر مقالى المتواضع هذا أتناول مضمون القرار وأهميته وتأثيره على نظام الحكم فى أرتريا.

(3) أقرت لجنة تقصى الحقائق الأممية فى قرارها الذى رفعته لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأنهم وثّقوا العديد من إنتهاكات حقوق الإنسان في اريتريا وأن المسؤولين الإريتريين قد أرتكبوا جرائم ضد الإنسانية كالإسترقاق والسجن والإخفاء القسري والتعذيب والإضطهاد والإغتصاب والقتل والأفعال اللاإنسانية الأخرى كجزء من حملة واسعة النطاق ومُمنهجة يرتكبها النظام خارج صياغ القانون وذكرت اللجنة بأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي قمنا بتوثيقها مازالت مستمرة وغالباً ما تحدث وراء الأبواب المغلقة، مع إستمرار زرع الخوف في وسط الإريتريين ليس فقط في البلاد ولكنها أيضا في دول الشتات وخلص التقرير إلى ممارسات عدة تتم على المواطنين على سبيل المثال:-

الخدمة الوطنية بمدتها التعسفية والغير محددة.

إستخدام المُجندين فى أعمال السخرة بما فى ذلك العمل اليدوى.

الظروف الغير إنسانية للخدمة.

الإغتصاب للمجندات فى معسكرات الخدمة والتعذيب فى الخدمة الوطنية.

الأثر المُدمر على حياة الأسرة والأفراد جراء الخدمة الوطنية الطويلة الممتدة وغير المُجزية.

الإعتقال التعسفى كان ولايزال فى جميع أنحاء إرتريا ولم يقتصر على منتقدى الحكومة فقط.

الإضهاد على أساس دينى للمواطنين.

إضطهاد الأقليات العرقية فى البلاد والمساس بحقوقهم.

وأشار التقرير بأن كل هذه الجرائم تتم خارج صياغ القانون والغالبية العظمى من المعتقلين لم يُمثلوا أمام قاض ولم تكن هنالك أى شكل من أشكال الإجراءات القضائية، بالإضافة فإن الحكومة لا تُخطر أفراد الأسرة والسلطات القضائية بالإعتقالات التى تتم.

هذا وقد وجدت اللجنة أن الجرائم التي وثقت قد أرتكبت في المقام الأول بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل مسؤولي الحكومة والحزب الحاكم والقادة العسكريين وأعضاء مكتب الأمن القومي و لقد حددت اللجنة أفراد مشتبه فيهم وسوف تقدم ملفات عن هؤلاء الأفراد إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان لمساعدتها فى البحث عن آليات المساءلة القانونية في المستقبل، وخلصت اللجنة أيضاً بأن الحكومة الإريترية لا تملك الإرادة السياسية ولا القدرة المؤسسية لملاحقة الجرائم التي قمنا بتوثيقها بل تُعتبر المتهم الأول بممارسة ذلك بصورةٍ ممنهجة، وأوصت اللجنة بأن يحيل مجلس الأمن الدولي الوضع في إريتريا إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وأن يقيم الاتحاد الأفريقي آلية للمساءلة كذلك، وطالبت أيضا الدول الأعضاء بمحاكمة أو تسليم المُشتبه بهم على أراضيها وآليات المساءلة هذه لا يستغني بعضها بعضا، وأوصت أيضا بأن يفرض مجلس الأمن حظر سفر وتجميد أصول الأفراد المشتبه بهم في إرتكابهم جرائم ضد الإنسانية، وقامت اللجنة أيضا بتذكير إريتريا في التقرير عبر رسالة إلى الرئيس اسياس افورقي بأهمية منع إرتكاب الجرائم.

(4) جُهد كبير بذلته اللجنة الأممية فى التحقيقات التى قامت بها ووثقت بموضوعية الإنتهاكات التى أرتكبها النظام على مدى ربع قرن من الزمان فى حق الشعب الإرترى وأشتملت تقاريرها على معلومات دقيقة، نشكر اللجنة على ذلك ونتمنى لها صادقين بالتوفيق فى مسعاها الإنسانى! ونرجو من مجلس الأمن الدولى أن يتبنى تقرير الإدانة! ولكن فى حالة تغافل مجلس الأمن الدولى والمجتمع الدولى للجرائم المُرتكبة ولم يتخذ قراراً لدعم قرار الإدانة الصادر من اللجنة الأممية التابعة لمجلس حقوق الإنسان فعليه أن يتحمل المسؤولية الأخلاقية تجاه الضحايا.

(5) القرار حتى نكون أكثر دقة وموضوعية فأنه يُشكل عامل ضغط للنظام الحاكم فى أسمرا المُفضى إلى التغيير، ويزيد من عُزلته ويكشف للمجتمع الدولى بطش النظام وتنكيله فضلاً عن فقدانه لأبسط معايير الحُكم والقانون، واللجنة الأممية ماضية فى دعواها لتقديم الجُناة لمحاكم عادلة ولكن يجب أن لا نُبالغ فى التفاؤل لأن حسابات مصالح الدول هى التى تُحرك مثل هكذا ملفات، كما أن النظام الإرترى هو أشبه بنظام قُطاع الطرق (الشّفتة) فى إدارته لمنظومة الدولة ولن يضيره هذا التحرك، وماقام به النظام من تظاهرة بجنيف فى ال23 من يونيو الماضى ضد قرار الإدانة ومرافعات المستشار السياسى للنظام / يمانى قبرى مسقل فى مجلس حقوق الإنسان ضد القرار وتصريح وزير خارجية النظام /عثمان صالح بوجود المعتقلين السياسيين أحياء وبصحة جيدة وستتم محاكمتهم فى محاكم خاصة وعادلة لم يتم ذلك إنطلاقاً من إيمانهم بالعدالة ولا إتساقاً مع روح القانون بل لضمان حصولهم على مساعدات الدول المانحة ومحاولة للخروج من العُزلة الدبلوماسية ومحاولة لتَبْيِيض وجه النظام الحالك.

(6) لاشك بأن الأنظمة المُتماثلة فى أفريقيا لن يُرضيها هذه التحرك وتسعى بقوة ضد هكذا قرار، والسيد مصطفى عثمان إسماعيل مندوب السودان بمجلس حقوق الإنسان أنكر وجود إنتهاكات لحقوق الإنسان فى أرتريا فى الجلسة التى عُقدت بجنيف لمناقشة قرار الإدانة وهو موقف غير مُشّرف ولا يمُتّ إلى المشروع الحضارى بِصلَة الذى يرفعه النظام بالسودان، وكان الأجدى الغياب من تلك الجلسات على الأقل لأن حجم الظلم معروف لديه بالضرورة وأسباب الظلم ونتائجه معروفة والسودان أكثر تأثراً بها! وللأسف هذا الموقف لن يُحقق أية مكاسب سياسية للسودان، مثل هذه المواقف المُخزية يجب أن تكون الدافع الأكبر للجماهير الأرترية والقوى السياسية والمدنية المُعارضة للنظام لتوحيد جُهودها والتنسيق فيما بينها لدعم اللجنة الأممية من ناحية ولإحداث التحول الديمقراطى فى أرتريا من ناحية أخرى وهو التحول الذى لامحالة آت…

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click