التنظيمات القومية اذرع إثيوبيا في إريتريا 2-2
بقلم الأستاذ: محمود طاهر - زيورخ
من وجهة نطري هناك احتمالين لهذا الدعم الإثيوبي إلى هذه التنظيمات:
الاحتمال الأول: تهدف من هذ الدعم العمل على تقوية النفوذ الإثيوبي في إريتريا، من خلال فرض وتقوية هذه التنظيمات، بما يمكنها من التأثير في القرار السياسي الإرتري، بعد سقوط النظام، بما يضمن المصالح الإثيوبية كحال ايران في العراق، وان قادة هذه التنظيمات، ما هم إلا أدوات بطرف المخابرات الإثيوبية تحركهم كيفما تشاء، و هم أوفياء للمشروع الإثيوبي، ولا امل في تحقيق الشعارات التي يرفعونها، والأدلة كثيرة لمن أراد أن يعرف، ومن الأحداث اللافتة التي لم تستفز إثيوبيا، موقفها من المنتدى العفري الذي عقد في بروكسل في أواخر سبتمبر من العام 2012م وحضرته كل القيادات العفرية من الدول الثلاث، و خاطبه الزعيم العفري (الإثيوبي) وحاكم الإقليم الشاب السلطان حنفري على مرح، عبر الأقمار الصناعية، ولم يصدر من إثيوبيا أي رد فعل، كأن الأمر لا يعنيها، بما يوكد عن رضاها وموافقتها الضمنية، ولو دقق الناس في البحث وراء المنتدى من المؤكد الوصول إلى حقائق جديدة تفسر الرضى الإثيوبي، أو على الأقل السكوت، مع أن كل الدول تتحس من مثل هذه اللقاءات العابرة دعك من منتدي عابر للجغرافية، لأنها ترى في النهاية أن كل هذه التحركات ستصب في النهاية في مصلحة إثيوبيا الدولة وتجراي الإقليم.
الاحتمال الثاني: إن إثيوبيا من خلال تغذية مثل هذه النزعات، تريد أن ترفع من وتيرة التعصب القومي، لان ذلك لا يشكل خطراً عليها في الوقت الحاضر، مادام الغطاء الغربي خاضراَ ولم يتغير في نظرته لأثيوبيا، مقابل انهيار المؤسسات في إريتريا، ومع أول ظهور لتراخي القبضة الحديدية لأبناء التحري على السلطة في أديس أبابا، أو رفع الغطاء الغربي عنهم، ستقوم هذه الأقلية المتنفذة باستغلال المادة 31 من الدستور الإثيوبي، وتعلن استقلالها، بعد أن تدخل القوميات الأخرى في صراعات طاحنة فيما بينها خاصة الاورومو والامهرا، لما بينهم من عداء وثاًر تاريخي، وتقوم على دعم هذه التنظيمات القومية وتقويتها حتى تبلغ مبتغاها، في إعلان تقرير المصير من طرف واحد، ونشر عدم الاستقرار في الأجزاء الباقية من إريتريا، بما يمكنها في النهاية من الاتحاد فدرالياً مع تلك الشعوب، عنواه أو اختياراَ، وبذا تتحصل على ميناء يؤمن لها الحياة، في محيط من الأعداء الجدد والقدامى.
وما يساعد التجراي في تنفيذ تلك السناريوهات آمور كثيرة، فهم يتحكمون على كل مفاصل الجيش الإثيوبي، إضافة إلى الأمن والمخابرات، لذا هم يتحكمون في كل كبيرة وصغيرة من قرارات الدولة، فمن الغريب في دولة من العالم الثالث مثل إثيوبيا أن لا يكون لها وزارة داخلية!!!! وعدم تخصيص وزارة للداخلية كان بسبب الخوف من أن لا تكون موازية لوزارة الدفاع في قوتها، وهذه الحقيبة الوزارية لو تم تسميتها لكانت من نصيب الامهرا، على الأغلب، لذا تم صرف النظر عنها، بذا صارت كل وسائل القوى بيدهم.
موقف السلطة الديكتاتورية:
إن الحكومة المستبدة في اسمرا رغم أنها تعد من احد أسباب ارتفاع النبرة القومية، بسبب سياساتها التميزية بين المكونات في البلاد، إلا أنها تستفيد من هذا الخطاب الشعبوي الفاقد للكياسة والغير منضبط، في تخويف المجموعات التي تلتف حولها، بان مصيرهم سيكون حالكاَ في حال وصول هؤلاء إلى السلطة، وان بقائهم مرتبط بمصيره في السلطة، ولا يهم الديكتاتور ماَلات سياساته على الوطن، لان الديكتاتور يختزل الوطن في نفسه والشعب في اتباعه.
موقف التنظيمات:
لا توجد نظرة موحدة ومتبلورة حول سلوك ومخاطر هذه التوجهات، وان كان البعض يتحدث عن خطورة هذه التنظيمات على وحدة إرتريا بطريقة خافتة وخجولة، خوفاً من الغضب الإثيوبي، لكن الأسواء هو إن يقيم البعض تحالفات مشبوهة مع هذه التنظيمات، في سبيل الوصول إلى سلطة زائفة (لا تهش ولا تنش)، وهنا المصيبة بعينها وهذه السياسات أكسبتهم الجرأة وقوة العين، في التعرض لقامات وطنية سامقة حتى النظام لم يستطع أن تجرَأ وتحدث عنها بسواء، رغم جرائمه الكثيرة، وبعد ذلك يملؤون الصفحات والمواقع صراخاً وعويلا على هذا التطاول.
في الختام أقول إن هذه التنظيمات هي اشد خطورة على البلاد والعباد ومنهم مجتمعها الذي تدعي الوصية على حقوقه وتعمل على مصادرة قراره واختياراته، من أي خطر أخر يلوح في الأفق أو في الخيال، واذا أرادت التنظيمات أن تحافظ على وحدة إريتريا أرضا وشعبا كما تدعي، عليها أن تضع هؤلاء في حجمهم الطبيعي، وان لا تترك فرصة لأحلامهم الزلوطية، التي صًدعوا بها رؤوسنا، ولا تتيح لهم متسع من الوقت لكي يرددوا ترهاتهم الفارغة، على طاولات النقاش، في أي تجمع تتبناه المعارضة، وذلك حتى يعودوا إلى جادة الصواب.
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.