كيانات الفتنة حُمق الرؤية وسَفَه التصرف
بقلم الأستاذ: محمد عمر عبدالقادر - كاتب وناشط سياسي ارتري
كيانات الفتنة مجموعات إثنية متطرفة تحاول خلق حاضر لا علاقة له بالواقع
عبر تزييف الحقائق وحبك فانتازيا تأريخية لِيُصدِّقُها السُذّج ويستدل بها مرضى العنصرية البغيضة ضد كل ما هو إرتري تأريخاً ونسباً، وذلك بالترويج أنّ متحدثي التقرنية في إرتريا واثيوبيا كانوا أمة واحدة وهي فرية لا أساس لها من الصحة، إذ لم يشهد التأريخ البعيد منه والقريب أنْ تم حكم وإدارة شؤون إرتريا والتقراي من مكان واحد سوى في عهد المحتل الإثيوبي الذي ألْحق إرتريا بإثيوبيا عنوة دون وجه حق لتواطئ كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية مع هيلي سلاسي.
هؤلاء الرجرجة والدهماء كعادة أسلافهم ألولا أبانقا ومن شابهه يحلمون بالإستيلاء على خيرات الوطن الإرتري وشعبه الذي ما فتئ يدافع عن حقوقه المشروعة منذ القدم وإلى تأريخه رغم المؤامرات والدسائس التي تحاك في أروقة دول الغرب عبر أجهزة مخابراتها ومراكز دراساتها التي تعمل ليل نهار لزعزعة وحدة القوميات الإرترية وتماسكها نتيجة النضال المشترك منذ أن عُرِفت إرتريا بمسماها الحالي.
بغض النظر عن الإختلاف أو الإتفاق مع الحزب الحاكم وطريقة إدارته للدولة الإرترية فإنّ ما يتم ضد وجود الكيان الإرتري وطمس نضالات شعبه بالتقليل من شهداءه تارة ووصف إرتريا بالدولة صنيعة الإحتلال الإيطالي تارة أخرى للتشكيك في فهم الأجيال الحديثة وجَرِّهم إلى مربع تقراي تقرنيا بغرض طمس هويتهم الإرترية يتجاوز استهداف الرئيس أو الحزب الحاكم، فإنْ كانت إرتريا صنيعة الإحتلال وكذلك الدول المحيطة بإثيوبيا، كجيبوتي والصومال وكينيا وجنوب السودان والسودان، فبالتأكيد من صنع تلك الدول صنع أيضاً إثيوبيا.
منذ أن ارتد كيد التقراي الفائض بالعدوانية والكراهية تجاه الدولة الإرترية وشعبها على نحور الطغمة الحاكمة في مقلي، ما فتئت هذه المجموعة تكابد بغرض لَمِّ شتاتها في داخل التقراي وخارجه للإضرار بكل ما هو إرتري، فما كان أمامهم سوى البحث عن التقارو مواليد إرتريا متحدثي التقرنية بلكنة إرترية وإظهارهم بمظهر المعارضة الإرترية ودعمهم ماديا بتخصيص ميزانيات ضخمة تعينهم على التحرك وتغطية أتعاب المحاميين حين الحاجة إليهم فتحركاتهم تعتمد على العنف الجسدي وإلحاق الخسائر المادية في الصالات وساحات الإحتفالات الإرترية دون الإكتراث بوجود نساء مُسِنات أو رجال كُهول وهو ما سوف ينتهي بهم في قاعات المحاكم، إذ لم تشهد المناشط الإرترية في شقيها الموالي منه والمُعارِض مثل هذه التصرفات بالخارج خلال مسيرة ناهزت ستة عقود، وهو ما ينفي أرترية هؤلاء حتى وإنْ حملوا العلم الإرتري القديم لِذَرِّ الرَّماد في العيون، إذ أنّ شعاراتهم في وسائل التواصل الإجتماعي واضحة وأهدافهم لا لبس فيها فقد أعلنوا دون مواربة بأنّهم جزء من قوات التقراي وأنّ مساعيهم تهدف لإقامة تقراي الكبرى، كما أنّ تركيزهم على إثنية واحدة دليل على خبث توجههم وجبن أفعالهم.
الأحزاب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني الإرترية تحمل على عاتقها مسؤولية تأريخية للدفاع عن مكتسبات الأمة الإرترية التي لم تأتي هبة من المجتمع الدولي أو من الدول التي احتلت إرتريا حتى فجر التحرير في مايو 1991م، إذ دفع الشعب الإرتري بفلذات أكباده نحو ساحات الوغى وما زال يكابد المشقة والعناء للحفاظ على مكتسباته، لذا على هذه الأحزاب والمنظمات أن تدلي بدلوها فيما يحدث والعمل على حماية كل ما هو إرتري، لأن المخطط هو إذابة إرتريا وإقامة دولة أحلامهم التي ستظل في الأحلام ما دام هنالك شخص إرتري يحمل جينات إرترية.
لا يوجد في هذه البسيطة إرتري يرفض الإحتفال بيوم التحرير مهما كانت توجهاته السياسية، وكذلك ذكرى الشهداء إذ لا توجد أسرة إرترية لم تُسهِم بشهيد في مسيرة الثورة الإرترية، دعك ممن فقد أربعة أو أكثر من أفراد أسرته محتسبا ذلك فداءا لوطن إنتُزِع من فك المحتل البغيض، بالإضافة إلى الإحتفال بذكرى الفاتح من سبتمبر حين اندلعت شرارة الكفاح المسلح بقيادة القائد حامد إدريس عواتي وصحبه الكرام، إذاً أيُّ إرتري هذا يهجُم على هكذا محفَل وينام ملئ جفنيه، بل الأدهى والأمر تبجحهم بضرب امرأة مسنة وسفك دم رجل كهل، هل هؤلاء ارتريون؟؟ لا وألف لا، المجتمع الإرتري مجتمع يحكمه الدين والعرف والقانون لذا لا يمكن أن يمد الإرتري يده لضرب مُسِن وترويع طفل مهما كانت الأسباب.
الإضرار بالمحافل الإرترية ومن ثم إقامة فعاليات داعمة للتقراي لدليل كاف على إنتماء هؤلاء وأنّ الأوامر صادرة من الغرف المغلقة للوياني، بإتباع سياسة توجيه المُوجِهين أصحاب المنصات الإعلامية التي تنقل سفههم، فإنّ حراكهم في دول الغرب تصاعد وتيرته حين توالت اللطمات على جيش التقراي وفقد البوصلة تاركاً المدن الكبيرة نحو الكهوف بعد أنْ كان ظانا أنّ أسمرا على مرمى حجر من قواته، فكُسِرت شوكته ومُنِي بهزيمة نكراء ليذهب يجرجر أذيال الخيبة نحو بريتوريا مرغما للتوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار وتسليم أسلحته الثقيلة، فبالرغم من تعيين إدارة جديدة تُسيِّر دفة الحكم في إقليم التقراي إلا أن أبواقهم في الخارج ما زالت تمارس خطلها وبوتيرة أسوأ وهو ما يدل على أنّ هؤلاء الرجرجة لا يهدأ لهم جانب إلا بإعادة هيكلة الأقاليم الإثيوبية مجددا بعيدا عن الهيكلة الإثنية الحالية والتي أتوا بها عندما حكموا إثيوبيا ما يقارب الثلاثة عقود، فالرؤية لديهم واحدة سواء كان الحاكم دبريظين أو قيتاشو ردا أو ظادقان، إذ أنّ استمرارهم على دفة الحكم لابد أنْ يكون في ظل أجواء الحرب والدسائس لأن السلام والإستقرار سيرمي بهم خارج أسوار الحكم، فالسلام هو طريق من يملك رؤية للنهوض والتنمية والرخاء لمجتمعه وهو ما يفتقده الوياني، كما أن إثيوبيا دولة تفتقد التجانس بين مكوناتها الإثنية ولا يتأتى التجانس بين مكونات المجتمع الإثيوبي في ظل سياسة التعصب الإثني المتفشية بينهم.
إنّ تنظيم هؤلاء لورش عمل وفعاليات يُروِّجون فيها لسفه أفكارهم يجب أنْ لا تمر دون التوقف عندها، لأنّ مثل هذه الأفكار مهما تدنى مستوى تأثيرها على كل من تربي في أسرة إرترية ونهل منها الوطنية فهنالك شباب مغرر به لا يفهم خبث نوايا التقراي وسوء مراميهم، لذا نرمي الحجر على البركة الساكنة للأحزاب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني للتحرك وتنظيم السمنارات والمؤتمرات المفتوحة التي تُفنِّد ألاعيب زمرة التقراي، وعدم ترك الساحة الإعلامية لكل من يعاني من خطل في التفكير والعقد الإجتماعية عبر التأريخ، فإرتريا للإرتريين ماضيا وحاضرا ومستقبلا.