نعم الوطن أولا، ولكن، بأي فهم؟

بقلم الأستاذ: الطريق الأساس - كاتب وناشط سياسي ارتري

نعم الوطن أولا، ولكن، بأي فهم؟ ماهي الوطنية؟

وهل دعم رئيس لم يفوضه الشعب يعد من الوطنية؟

وهل حاجة الناس واحدة للوطنية، فبعضهم يحتاجها لمواسم الزيارات من الخارج والبعض يحتاجها لأمنه، وصحته، وتعليمه، ومأكله ومشربه؟

من الذي يضع تعريف الوطنية ويحدد معيارها؟

الحاكم بغير شرعية أم الشعب؟

من الذي يضعنا بين خيارين فقط : الوقوف مع الاستبداد المطلق ولعقود "بحجة" الوطن سيادته في خطر، لتمنح صك "وطني"، وبين الوقوف مع الغزو الأجنبي لتدمغ "بالخيانة الوطنية"؟ ولمصلحة من يتم ذلك؟

الناس، في العالم الذي لم تتشكل فيه الهوية الوطنية بالقدر الكافي، بتعلم الفرق بين الدكتاتور وحكم الشعب، لكنها ورغم ذلك لديها ولاءات أخرى، لذلك تجد بعضها يقف مع حكم الطغيان لإحساسها بالانتماء برابط ما مع الدكتاتور.

من المفارقات أن الإنسان الاريتري في ظل وجود الاحتلال الأجنبي كانت لديه أحزاب سياسية وحركة مجتمع مدني وصحافة متعددة المنابر، وفي ظل تعرض بلاده لغزو اثيوبي وانفجار الكفاح المسلح 1961-1991، الشعب الاريتري كان يمارس حق إختيار قيادة تنظيماته بصورة ديمقراطية، وبعض عضوية المؤتمرات كانت تحضر من داخل الأراضي المحتلة، و تعقد المؤتمرات تحت قصف الطيران، ورغم قساوة وبشاعة الإحتلال ورغم تحديات الكفاح المسلح كان الشعب الاريتري ينتخب قيادته بوسائل ديمقراطية.

توقف كل ذلك بعد التحرير, تحت مخدر، حكومة مؤقته و لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، و السيادة الوطنية في خطر.

وهي أكثر تبربر مستفز لعقول الناس، ولكنها منهجية غسل الادمغة، وكذلك عملية فرق تسد، وغياب الرؤية وقبلها الجدية في الطرف المعارض.

هل أنت مع الجيش "الوطني"؟ عليك أن تجيب فقط بلا أو نعم.

أنا مع الجيش لأنه يحمل اسم بلادي، لكن، هذا الجيش قيادته لم تختار بطريقة وطنية، وهي لا تدافع عن دستور الشعب، هي أداة الطاغية، من هنا قياداته لم يتم إختيارها بنزاهة وطنية بل هي قيادة جاءت بحسابات غير وطنية، هي ذات ولاء لمن عينها.

وقد شرحنا ذلك مرارا وتكرارا ولكن لا أحد يستجيب من هذه القيادة، فكيف تطلب مني الاستجابة لمطلبها وهي غير مؤهلة لقيادة جيش وطني، ولمصلحة وطنية؟

عليك أن تقف مع قيادة هذا الجيش أو أنك غير وطني!!!

الوطن أولا.

البعض يعرف مفهوم الوطن أولا بالدفاع عن "الوطن" رغم الاختلاف مع "القيادة".

بعبارات أخرى لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، شعار معروف وقديم، مفخخ، ويخاطب الانفعالات والتهييح والغوغاء، رغم إن مشعل الحرب هو ذاته المتحجج بها.

لماذا لم ترسم الحدود على الارض مع إثيوبيا؟ ألم يوقع على اتفاقية سلام منذ 2018م؟ ناهيك عن ترسيم الحدود، لا يتم مجرد ذكر اسم الحدود، ويتم تداول مفهوم "إريتريا غير قادرة على النهوض لوحدها".

لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، هو شعار تستخدمه النظم التي إنقلبت على قوانين ودستور ومؤسسات الشورى والحكم الشعبي.

فكلما تساءلت الشعوب عن أهمية سيادتها على قرارها الوطني في السلم والحرب والتنمية، تفتعل معركة خارج الحدود أو تفبرك مسرحية توهم الشعب بخطر داخلي متحالف مع الخارج، ويتم طرق الطبول مجددا على شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وكل من يعارض طريقة حكم الدكتاتور غيروطني!!!

الوطن أولا.

أولوية صحيحة إذا كانت القيادة منتخبة بطريقة ديمقراطية، لأن الوطن باق والقيادة متغيرة بقانون التبادل السلمي للسلطة.

أما إذا القيادة فرضت نفسها بغير تفويض شعبي، وحولت الأرض إلى ملكيتها الخاصة،وشردت الشعب من دياره، وغدت تلك السلطة غير الشرعية تحدد من يسكن تلك البقعة من الأرض ومن يستثمر فيها ومن يحكمها،وما هي هويتها وثقافتها، هنا المسألة تستدعي التوقف أمامها مليا.

لأن حق الملكية تغير، فبدل الملكية الجماعية تغيرت الي ملكية خاصة، ولا يوجد هنا قانون يسترجع الملكية العامة الشعب.

لا يمكن أن تطلب مني الدفاع عن بقعة أرض جعلتها ملكية خاصة بك، من المنطقي أن أدافع عن أرض ذات ملكية جماعية، من غير ذلك ما الفرق بينك وبين المحتل الأجنبي؟ فهو يسيطر على الأرض و يحرمني الحقوق كافة، وانت تسيطر على الأرض و تحرمني الحقوق كافة.

السيادة الوطنية المنفصلة عن سيادة الشعب، يعد تعريف قديم ومفخخ،صاغته نظرية الاستبداد وأصبح آلية لإستدامة حكمها.

فالدفاع عن الوطن لا يستلزم نزع السيادة عن الشعب، بل يتطلب تعزيز السيادة الشعبية، الشعب الحر هو القادر على حماية سيادته، والشواهد كثيرة.

الاستبداد هو الأخطر على السيادة الوطنية، وهذا هو الوطن الاريتري يطمع فيه القاصي والداني، وهو كذلك الأخطر على وحدة الشعب، فهذا هو الشعب الاريتري مشردا ومنقسما، وبعضه في تحالفات، بعضها لدمجه مع تجراي، وبعضها لدمجه مع الأمهرا.

القيادة، يطلق عليها مسمى قيادة عندما يتم تفويضها من الشعب، من غير ذلك فهي لا تمثله بل هي مختطفة للوطن.

السيادة ينبغي أن تكون فقط للشعب.

ولأنها ليست كذلك، في بلادنا إريتريا، أنا وأنت وهي وهو في اللجوء والكثير في الإخفاء القسري والبعض الآخر في العسكرية.

ثم رجاء، لا تختبرون الإنسان الاريتري في وطنيته، وهنا أعني الاريتري حقا، فمعظم الأسر الاريترية ضحت بسخاء لهذا الوطن.

فقط نريد أن نختار من يحكمنا هل هذا مطلب غير وطني؟

Top
X

Right Click

No Right Click