تاريخ اللغة العربية في إرتريا
بقلم الأستاذ: أبو أنس الصائغ - كاتب وبـاحث ارترى
تاريخ اللغة العربية في إرتريا يرجع إلى ما قبل ظهور الإسلام بقرون، عندما عبرت قبيلة (حبشات)
السبئية البحر الأحمر إلى الساحل الإرتري قادمة من جنوب الجزيرة العربية، وأسست دولتها في مدينة أكسوم في الحبشة، كانت لغة قبيلة حبشات هي اللغة الجئزية، التي كانت فيما بعد لغة إثيوبيا القديمة (أصبحت تستخدم اليوم في الكنائس والأديرة الإثيوبية والإرترية) وحلت محلها اللغة الأمهرية الإثيوبية الآن.
قد تفرعت عن لغـة الجئـز السبئيـة المذكـورة، وهي لهجـة عربيـة، لهجتي (التجـري والتجـرينية) وإن حـروف لغـة التجرينيـة واللغـة الأمهريـة الإثيوبيـة الآن خير شاهد على ذلك وهي حـروف سبئيـة حميريـة كانت تكتب في الـيـمـن ولا تزال آثارها باقية في متاحـف الـيـمـن إلى يومنا هـذا.
أعقب ذلك دخول الإسـلام في إرتـريـا قبل نحو (1400) سنة، أي منذ الهجـرة الأولى لصحابة النبـي صلِ الله عليه وسلم في طريقهم إلى الحـبشـة مروراً بإرتـريـا والعودة منها ومنذ ذلك التـاريخ بدأت الدعـوة إلى الديـن الإسـلامي واللـغـة العربيـة.
إن إستخدام اللغـة العربيـة كلغـة ثقـافـة ودين في إرتـريـا كان قبل الإحتلال البريطاني لإرتريـا عام 1941م، وقبل الإحتلال الإيطٓـالي في عام 1890م، والحكم التـركـي المباشر أو الحكم المصـري نيابـة عن تركـيا كذلك.
في عـهـد الحكـم التركـي المباشـر بواسطـة الوالـي التركـي في مكـة المكرمـة والقائـم بأعـمالـه حاكـم مصـوع (نـائـب) ولا زالت عائلة نـائـب موجـودة في مصـوع (عـّد نايـب) إلى يومنـا هـذا.
كانت اللغـة العربيـة هي اللغـة الرسميـة في الدواويـن الأهليـة والحـكوميـة المتعلقـة بالشئـون الخاصـة بالمواطنـين الإرتـرييـن ومخاطبـة الجماهيـر الإرتـريـة ولم تستخـدم اللغـة التركيـة إلا بين الأتـراك من موظفـين وجنٓـود ..الخ.
وفي عـهـد الحكـم المصـري نيابـة عن تركيـا عيـن خديـوي مصـر المستر(مزنـجر باشـا) (سويسري الجنسيـة) حاكمـاً عامـاً على إرتريـا وكان مقـره مدينـة كـرن التي كانت عاصمـة محافظـات شـرق وغـرب إرتـريـا وكذلك محافظـة شـرق السـودان.
انظر كتـاب تاريخ السـودان - لنعوم شقـير - تنقيح الدكتور/ محمد إبراهيم أبو سليم وبطبيعـة الحال فإن اللغـة الرسميـة كانت اللغـة العربيـة.
قبـل العـهـد التـركي والمصـري كان يتم تعليم اللغـة العربيـة بجانب الـقـرآن الـكريـم والفقـه والنـحو (ألفيـة بن مـالك) والحسٓاب وغير ذلك من العـلوم فـي أمور الديـن في الخـلاوي (الكتـاتيب) في شـرق وغـرب إرتـريا وغيرها من المناطـق التي يقطنها المسـلمون ثم يشـدون الرحـال إلى خـلاوي شـرق السـودان مثل خـلاوي (الشيـخ القرشـي) وشمـال السـودان والجـزيرة في معاهـد وخـلاوي أم درمـان وأم ضـواً بان وبـربـر ..إلخ.
وبعد ذلك يسـافرون إلى مصـر للإستزادة من التـعليم في الأزهـر الشـريف، وغيره من مراكـز اللغٓة العربيـة والدين الإسٓلامي منذ ما قبل حكـم السلـطان حسـين كامـل في مصـر.
في عهد الحـكم الإيطـالي في إرتــريـا الذي دام أكثر من خمسـين عامـاً حتى 1941م فقد كانت تستخدم اللغـة العربيـة بجانب الإيطاليـة، وافتتحت الحكومـة الإيطاليـة مـدارس لتعلـيم اللغـة العربيـة والإيطاليـة بجانب الدروس الأخـرىٰ في كل من مدينـة أغـوردات وكـرن ومصـوع وعصـب ..الخ.
وكان ناظـر مدرسـة أغـوردات هو الأستاذ/ تـدلا بـايرو (رئيـس أول حكـومـة إرتريـة في عـام 1952م) عندمـا ارتبطـت بإثيوبيـا فيدراليـاً حسب قرار هيئـة الأمـم المتـحدة الصادر في عام 1950.
وأما طلبتها فقد عـاش معظمهم حتى تسعينات القـرن الماضـي.
وأذكـر منهم على سبيل المثـال:-
• المرحـوم/ أحمد الحـسن حسنـو،
• المرحـوم/ السيد إبراهيم محمد الحسين.
من طلبـة مدرسـة كـرن:-
• المرحوم الشيـخ/ إبراهيـم شـوم حـمد أري،
• الشيخ/ محمد كنتـيباي عثـمان هـداد،
• الأستاذ/ هـداد كنتـيباي كـرار،
في مدينـة بارنتـو:-
• الشيخ/ محمد أري عقبـة
• الشيـخ/ محمد عبدالله أري،
وغيرهم...
في الحقيـقة، فإن اللهـجة التجرينيـة هي التي بـدأ تطويرها لكي تصبح لـغـة وفتـحت لها الإدارة البريطانيـة المدارس في مديريـات المرتفعات الإرتريـة (الكبسا) حيث كان يتم تعليمها قبل هذا العـهد في الكنـائس بجانب دروس اللاهـوت، وإن أول جـريدة باللغـة التجرينيـة ظهرت في الوجـود كان في عام 1941م.
وأول من وضع قواعد لغة التجرينيـة هو السيد/ ولـدآب ولدماريـام في أربعيـنات القرن الماضي والذي توفـي في عام 1997م، وفي سنـين الحكم الفـيدرالي إرتريـا تحت التـاج الإثيـوبي بواسـطة قرار الأمـم المتـحدة من عام 1952-1962 م كانت اللغـة العربيـة هي اللغـة الرسميـة بجانب التجرينيـة في الدستـور الإرتـري الذي وضعتـه الأمـم المتـحدة في عام 1952م، وكانت تتم جميع المعامـلات الحكـوميـة والأهليـة باللغـة العربيـة.
كـانت الحكومـة الإيطاليـة تدون ملفـاتها الخاصـة بالمواطنـين وتصدر مراسيمـها وأوامرهـا ووثائـق السـفر للإرتريـين باللغتيـن العربيـة والإيطاليـة، وبين أيدينا وثائـق تؤيد ذلك ويذكـر للإدارة البريطانيـة في إرتريٓا أنها توسعت في فتـح مدارس كثـيرة في كل المـدن والقـرى المهمـة في شـرق وغـرب إرتريـا لتعليم اللغـة العربيـة والإنجليزيـة وجلبت لتلك الغايٓة مدرسين من السـودان بجانب المدرسين الإرترييـن عكس الإدارة الإيطاليـة التي اكتفـت بافتتاح مدارس قليلة في المـدن الكبٓيرة فقط.
وكان اعتراف الإدارة البريطانيـة والإيطاليـة قبلها في تعليم واستخدام اللغٓة العربيـة دليل على معرفتهما بانتـماء الشعٓب الإرتـري المسـلم إلى الثقافـة العربيـة ونـزولاً كذلك لمطالبتـه الملحـة بهذه اللغـة وليست منحـة منهما البتـة.
منذ عشـرات السنـيـن وإلى الآن كـان للإرتـريين شـعراء وأدبــاء باللغـة العربيـة.
ولعلنـا نذكـر في هذه العجـالــة كـلاً من:-
• الــخــال المرحـوم الأستـاذ/ مـحـجـب الخليـفـة عـبدالقـادر مـحـجــب،
• الأستاذ/ محـمد سـعـد،
• المرحـوم الدكتـور/ جعـفر أبوبـكر،
• الأستاذ/ عبدالرحـمن سـكــاب،
• الأستاذ/ عبدالله كـرام،
وغيرهم كثـير...
ومن الأدبــاء:-
• المرحـوم الــخــال الأستاذ/ محـمـد أحـمـد ســرور،
• الأستاذ/ ياسـيـن باطــوق،
• الأستاذ/ محمد عثمـان حـيوتـي،
• الأستاذ/ عثمـان منـتاي،
• الأستاذ/ صالح محمد عثمـان فكــاك،
وغيرهم...