الفصل الأول من سلسلة ديكتاتورية أسياس أفورقي - الجزء العاشر
بقلم الأستاذ: محمود محمد نور فرج (أبو رهف) - كاتب وناشط سياسي ارتري
توقفنا في الجزء السابق عند اصدار اللجنة التنفيذية لجبهة التحرير الارترية بيان اعترافها بالهزيمة امام الشعبية
وتحملها كامل المسؤولية مسدلة بذالك الستار علي تجربة نضالية رائدة لجبهة التحرير الارترية كتنظيم سياسي طليعي في الساحة الارترية والممثل الشرعي للشعب الارتري علي مدي20 عاما في مقاومة الاحتلال الأثيوبي بكل ايجابياتها وسلبياتها وبهذا تتحمل قيادة الجبهة وحدها دون غيرها انهيار وفشل هذه التجربة النضالية الرائدة.
وعلي الرغم من الشرخ العميق الذي أصاب هذا الكيان العريق في كل مفاصله وهياكله التنظيمية تمكنت بعض الوحدات من جيش التحرير الارتري اختراق حصار الجيش السوداني واندفعت نحو الأراضي الارترية حتي وصلت الي معاقلها علي ضفاف نهر بركا في محاولة منها التأكيد علي شرعية البندقية المقاومة بقيادة جبهة التحرير الارترية وعلي امل ان تتم تسوية الأوضاع مع الحكومة السودانية بخصوص عودة بقية الوحدات العسكرية المقاتلة الي مواقعها.
ولكن للاسف استمرار الخلافات بين أعضاء القيادة من جهة وقرار الحكومة السودانية بتجريد المقاتلين من أسلحتهم من جهة اخري ضاعف من إحباط الروح المعنوية في صفوف المقاتلين وبهذا وقع الانشطار الكبير بين المقاتلين الي عدة مجاميع صغيرة موالية لهذا الاتجاه او ذاك فمنهم من اتجه صوب الشعبية ومنهم من تبني عملا سياسيا مُتَخَلٍياَ عن البندقية ومنهم من أعلن تنظيما آخر بينما الغالبية العظمي فَضًل الانصراف الي ممارسة حياته الخاصة.
اما الجناح الذي تبني خيار العودة والمحافظة علي البندقية باسم جبهة التحرير الارترية فقد ظل يعمل جاهدا ولمدة عشرة سنوات قبل التحرير التأكيد علي شرعية البندقية المقاومة وتاكيد خيار جبهة التحرير الارترية علي استمرار المقاومة المسلحة رغم الحصار والحرب المفروضة عليه من قبل الشعبية في الداخل وملاحقة واغتيال قادته وكوادره في الخارج.
فلقد نجح الي حد كبير من تنظيم صفوفه، وإعادة الثقة الي الجماهير الارترية المكلومة في تنظيمها الطليعي جبهة التحرير الارترية، وترميم علاقاته بالأصدقاء من دول الجوار والمحيط التي تأثرت بعد الانتكاسة، وعقد مؤتمراته التنظيمية، والدخول في تحالفات وحدوية بائسة مع بعض الفصائل الوطنية، التي كانت تعج بها الساحة الارترية، كالمجلس الثوري، وقوات التحرير الشعبية التنظيم الموحد، وحركة الجهاد الإسلامي، ولكن كل هذه المحاولات نستطيع القول انها لم تتجاوز الجانب السياسي والمعنوي فقط.
إذ لم تستطيع استعادة الدور الوطني والرائد لجبهة التحرير الارترية في مواجهة الاحتلال الأثيوبي بفعل الحصار وتضييق الخناق الذي فرض عليه في بقعة جغرافية محدودة من قبل الشعبية لتستمر المواجهات بينهما في كر وفر حتي تحرير كامل التراب الوطني.
من جانب آخر استمرت الحملات الإثيوبية المتتالية علي الثورة الارترية طوال السنوات العشر التي سبقت الاستقلال بهدف القضاء عليها نهائيا والتي تحملت العبئ الأكبر منها الجبهة الشعبية بحكم مسؤوليتها وانتشارها الواسع علي امتداد الوطن وخصوصا في جبهة الساحل الشمالي التي تكبد فيها العدو اكبر الخسائر البشرية والعسكرية بل وحتي المعنوية حيث تم تحطيم العمود الفقري لجيش الاحتلال الأثيوبي الجيش (الثالث) المرابط في ارتريا في هاتين الجبهتين (نقفة) (ونادو إز) اللتان مهدتا الطريق الي تحرير كامل التراب الوطني في 24-5-1991.
نواصل... في الجزء القادم