صراع القطبين
بقلم المهندس الأستاذ: إبراهيم عمر - كاتب ارتري
يتجلي الصراع الازلي بين الامهرا والتجراي علي عرش الحبشة فى اسمي صوره هذه الايام
والمتمثل فى الحرب الطاحنة بين التجراي والامهرا علي كرسي الحكم.
فالصراع في اصله صراع بين قوميتين لا اكثر وهذه فرصة لمن لم يقراء تاريخ اثيوبيا القديم عليه بمتابعة الأحداث الجارية هذه الأيام والتي بداءت نارها تستعر فعليا بعد وصول ابي احمد الي سدة الحكم في اثيوبيا.
فالحرب الدائرة هذه الايام ماهي الا تكرار للمشهد القديم وصدق من قال " التاريخ يعيد نفسه" وهذا ما يحصل الان. والمتابع للصراع بين القوميتين يجد انا تاريخ اثيوبيا الحديث و القديم (الحبشة) يتكون في مجملة من لوحة رسمتها الحروب الطاحنة بين القوميات المختلفة بدوافع الاستيلاء علي السلطة بين الامهرا والتجراي وبقية المكونات مجرد وقود للحرب الطاحنة "لاناقة لهم فيها ولا جمل" ولكنهم يدفعون الثمن غاليا ربما اكثر من القطبين المتصارعين علي السلطة والثروة.
فالتاريخ لا يذكر لبقية المكونات كالاورومو والعفر والصومالين وبني شنغول ..الخ لهم دورا بارز فى رسم صورة للمشهد السياسي او التاريخي لإثيوبيا الحالية علي مر العصور. كلامي هذا قد يغضب البعض ولكن هذا هو الواقع فمعادلة السلم او الحرب دوما كانت ترسمها اطماع القوميتين وبقية المكونات ماعليهم الا ان يختارو الحليف الاقل ضرر إما بالتحالف مع الامهرا او التجراي اي معادلة اشبه باختيار اهون الشرين. فكلاهما لا يعترفان ببقية المكونات واذاقوهم الوان العذاب. فعقلية الحرب والإقطاع عقلية لاتعرف السلم او الشريك الاستراتيجي.
وفي كل مرة يستولي فيها احدى القطبين علي السلطة فى الحبشة تعاني بقية المكونات برغم دورهم فى ايصال المنتصر للحكم فدخولهم طرفا في الصراع لم يعد يجدي نفعا. فالمشكلة هنا ليست مشكلة صراع بين القطبين بل مشكلة الأطراف التي تحتاج الي تغير استراتيجيتها في حسم الصراع.
فالقوميات الاخري دورها مؤثر جدا ولكنهم لم يستفيدو من هذه الميزة الي هذه اللحظة، فاصبح دورهم محصور في نصرة احدى طرفي الصراع. فتارة يتحالفوا مع الامهرا وتارة مع التجراي وفي الاخير المنتصر يغدر بالمكونات التي كانت حليفة له في الحرب من اجل السلطة وهذا المشهد تكرر كثيرا في تاريخ اثيوبيا واخرها كانت خيانة التجراي بالاورمو بعد دخولهم اديس اببا عام 1991 بمساعدة من الجيش الإرتري وحلفائهم من الاورومو بعد الإطاحة بمنغستو هيلي ماريام حليف روسيا.
هذه القوميات اصبحت كالسلم الذي يقود للسلطة لا غير بالإضافة ان مناطقهم تتحول الي ساحة معركة لطرفي الصراع. وماتشهده مناطق العفر من حرب طاحنة خير دليل علي هذا الكلام. لذلك علي القوميات الاخري ان تغير استراتيجيتها للخلاص من هذا المأزق التاريخي ولن يتغير حالهم او يهداء الصراع اذا ظلت القوميات الأخري تلعب دور المطية للسلطة إما بالحروب واما بصناديق الاقتراع ففى كلى الحالتين اصبحو وقود للمعركة.
عليهم ان يغيرو اسلوبهم اما بالاتحاد ويشكلو جبهة واحدة ضد الامهرا والتجراي او يبتعدو عن الصراع ويقومو بدور المتفرج وهذا صعب جدا. فلا التجراي ولا الامهرا قادرون علي حسم الصراع من غير الاستعانة بحلفائهم من القوميا الاخري المهمشة. فالمصيبة التي تقع فيها هذه القوميات انهم يصبحوا حلفاء للجلاد الذي غدر ونكل بهم وانكر فضلهم ودورهم في ايصاله لسدة الحكم.
اما تاثير الصراع علي دول الجوار ارتريا والسودان والصومال فيكفيهم الاستعانة بالتاريخ. فالتارخ خير معلم للأجيال التي تنشد التغير. فالامهرا والتجراي لايحملون سوي الاطماع، فالود والإحترام لدول الجوار غائب تماماً الا اذا اقتضت الضرور في شكل مناورات سياسية.
التعليقات
لا شك من الأهمية بمكان رؤية هذه الشعوب المسحوقة أبعد عن تحت اقدامها والاستفادة من كل هذا التغول والاضطهاد الذى واجهته جراء تعاقب هذين المكونين الشرسين على سدة الحكم بمساعدة الغرب الصليبي