الفصل الأول من سلسلة ديكتاتورية أسياس أفورقي - الجزء الأول

بقلم الأستاذ: محمود محمد نور فرج (أبو رهف) - كاتب وناشط سياسي ارتري

ولد الديكتاتور افورقي في العاصمة اسمرا بين 9 من الاخوة والاخوات من ابوين (تقراويين)

أسياس أفورقي 17

وذالك في منتصف أربعينيات القرن الماضي (وهذا لا يعني الانتقاص من جنسيته بالميلاد إنما للاشارة لاصوله فقط).

درس مراحله التعليمية فيها بإشراف ورعاية جدته لأمه والتي كانت تعرف باسم (مدهن براد) نسبة لتجارتها الرائجة في المريسة والتي يعود اليها سبب كنيته (ودي مدهن براد) وكانت امرأة صاحبة مال ونفوز جراء تجارتها هذه التي كانت تضر عليها أرباحا كبيرة في تلك الفترة حيث كانت تمتلك وبمساعدة اثنتان من بناتها احداهن والدة أسياس وإخوته محلا معروفا وسط العاصمة اسمرا يرتاده كبار القوم من موظفين الدولة اثيوبين وارترين علي حد سواء كما كانت تمتلك منزلا مقابلا لحانتها تعيش فيه مع أسرتها الكبيرة المكونة من أبناء افورقي (أسياس وإخوته) الثمانية وأبناء خالتهم اشرفت علي رعايتهم وتعليمهم رغم عددهم الكبير دون أن تسمح لهم بالظهور او العمل في الحانة حيث كانت امرأة ميسورة الحال.

اكمل الصبي هنا دراسته حتي المرحلة الثانوية ومن ثم انتقل الي الجامعة في اديس اببا والبعض يقول انه اكمل المرحلة الثانوية في مدينة (دسي مع عمه حاكم إقليم ولو) والتي وصل إليها مرورا بوالده في (تقراي) الذي كان أيضا يعمل موظفا في احدي بلدياتها كما أن هناك أحد اعمامه كان يعمل ضابطا في القوات البحرية.

وفي مدينة (دسي) وعند عمه الحاكم بدأت تتشكل مسيرة الرجل المستمرة بالغموض حتي الان ولاكثر من نصف قرن.

في هذا الوقت كان الجنرال (لؤول اسراتي كاسا) صهر الامبراطور هيلي سلاسي والشخصية المقربة من البلاط الملكي قد عين حاكما لارتريا خصيصا لإنهاء الثورة الارترية او المتمردين (الشفته) حسب تعبيرهم وأخذ عهدا علي نفسه أمام سيده الملك بأن ينهي هذا التمرد ويمحوه من الوجود كاشفا عن (راسه الاصلع) معبرا في خطاباته علي انه سوف يطهر ارتريا وينظفها من (الشفته) كنظافة راسه من الشعر.

بدأ الرجل حملته المكثفة بتجنيد العملاء وتقديم الرشاوي والإغراءات من الهداية والمنح لضعاف النفوس بالعمل مخبرين لسلطته الاستعمارية وتأسيس قوات خاصة (الكماندوس) سيئة السمعة ذات التدريب والتسليح الإسرائيلي الي جانب الحملات الدعائية المسمومة والحرب النفسية وزرع وتعزيز روح الطائفية بين الشعب بأن هؤلاء المتمردين يسعون لبيع ارتريا الي العرب وجعلها دولة عربية مسلمة معادية للمسيحية.

قوبل كل هذا من الشعب الارتري بالرفض التام والالتفاف حول الثورة وازدياد الروح الوطنية المناهضة للاستعمار والانضمام الي الكفاح المسلح مما جعل الرجل يجن جنونه ليبدأ حملة إبادة جماعية في القري والريف الارتري بواسطة قوات الكماندوس حيث ابيدت في منتصف الستينيات قري باكملها في معظم الريف الارتري.

منيت كل العمليات العسكرية والإرهابية لاركاع الثورة الارترية وفصلها عن جسدها وحرمانها من شعبها بالفشل الزريع وعكس ما أراد لها المستعمر الغاصب ان تموت قبل ان تولد أثبتت انها ولدت لتبقي حية وانها ثورة شعب ثار من أجل حريته وكرامته.

هذا الالتفاف الجماهيري الكبير حول الثورة وتضفقق الشباب باعداد كبيرة من القري والمدن بجبهة التحرير الارترية وتصاعد الوعي الوطني المتنامي واستهداف المراكز العسكرية المتواجدة في المديريات الارترية مما اضطر العدو لاخلائها وتكثيف العمليات الفدائية داخل المدن الكبيرة ضد العملاء وكبار المسؤولين الذين أصيبوا بالرعب والهلع مما جعلهم يتفادون المبيت في بيوتهم ليلا والتواجد في مكاتبهم نهارا خوفا من تصفيتهم والخلاص منهم في قارعة الطريق في جنح الظلام او وضح النهار وضع الحاكم العسكري الجنرال (اسراتي كاسا) في وضع لا يحسد عليه امام ملكه هيلي سلاسي حيث فشل فشلا ذريعا في تعهده بالقضاء علي الثورة او المتمردين (الشفتة) وياتي بهم اسري مقيدين الأيدي والأرجل بالحبال.

ما اضطره للبحث عن خطط بديلة تكون نتائجها أسرع وكلفتها اقل وهي ان يزرع عملاء سريون للعمل في جسم الثورة واجهادها من الداخل.

وبعد عناء من البحث الدقيق والسرية التامة يبدو أن اسراتي كاسا قد وجد دالته وتوصل الي الشخص المطلوب وبذات المواسفات المطلوبة بواسطة أحد حكام المقاطعات الإثيوبية وهو حاكم مقاطعة ولو (عم أسياس).

قد يكون الأمر مدبرا او مخططا له مسبقا وقد يكون بمحض الصدفة المهم ان يقع هذا الاختيار علي شخص أسياس افورقي للقيام بهذه المهمة الكبيرة والشاقة وبالمواسفات الدقيقة المطلوبة التي يتميز بها وهذا يؤدي بنا الي الاستنتاج بان عمه لعب دورا كبيرا في ترشيحه لهذه المهمة ذالك بحكم علاقته بالبلاط وقربه من مركز القرار.

كيف تمت تهيئته للمهمة ومتي تم إبلاغه بها ومن الذي بلغه وهل كل هذا صحيح بأنه كلف فعلا بمهمة إفشال الثورة من الداخل.

كل هذه الأسئلة تجاوب عليها أفعاله علي الارض منذ التحاقه بالثورة.

نواصل... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click