أشعة مقطعية لوجع التقسيم

بقلم الأستاذ: فتحي عثمان - كاتب وديبلوماسي ارتري سابق

أثار التوضيح الذي نشرته الزميلة آمال علي حول علاقتها بمجموعة (صوت) عدة أصداء.

عندما يقطع السوط الصوت

لست بصدد تناول التوضيح وما ورد فيه من نقاط، وما أثار من ردود وتفاعلات بقدر محاولتي تناول نقطة واحدة أشار لها بعض الذين شاركوا المنشور وهي أن كل الصحفيين الارتريين انقسموا بين مؤيدين لاسياس ومؤيدين للوياني. وهذا، كما اعتقد، ليس تناولا مخلا ومسطحا للأمر فقط بل هو تناول مضر وظالم في نفس الوقت.

من الناحية الزمنية لم يتهيأ شكل هذا الخلل أو التقسيم إلا مع الحرب الأخيرة في تيغراي. ولإعادة تأكيد ما سبق قوله أن هذه الحرب، كانت ولا زالت وسوف تظل ما دامت مستمرة "شأنا اثيوبيا" بالتمام والكمال. ولا تعني المواطن الارتري، صحفيا كان أو غيره، إلا بمقدار ما تؤثر على وطنه وشعبه حاضرا ومستقبلا.

وأن توريط الجيش الارتري فيها هو الذي جعلها تحوز على صدارة المواضيع والاهتمامات. وهو أمر ما كان ليتم إلا بإرادة وقرار من اسياس افورقي، وهو، كذلك، أمر انقسم فيه البعض بين مؤيد للتدخل وداع له وبين طرف رافض له ومثابر على كشف مضاره.

فما الذي ترتب على ذلك؟

ببساطة أن الطرف المؤيد والمسوغ لتدخل ديكتاتور اسمرا في الحرب اعتبر أن اسياس أفورقي يقوم بواجب عظيم يتمثل في حماية البلاد لعقود مقبلة من خطر قاتل يهدد وجودها، وفي نفس الوقت تبنى مقولة أن من لم يقف مع اسياس في هذه الحرب فهو خائن للوطن. يعطي أصحاب هذا الرأي "صحة مقدسة" لموقف اسياس من الحرب تحت مبرري الدفاع عن السيادة الوطنية من ناحية؛ واعتبار أن المؤسسة التي تحمي السيادة هي الجيش الارتري الذي ينفذ التدخل العسكري "المبرر" قانونيا بالهجوم الاستباقي.

السؤال هو: هل من يقف ضد التدخل الارتري في هذا "الشأن الاثيوبي" هو بالضروري خائن وعميل للوياني؟

منطقيا الجواب هو لا. ولكن واقعيا، وضمن حملة الترهيب والتخوين السائدة فالإجابة هي نعم. والتقسيم الذي افترضه البعض بعد منشور الصديقة آمال علي يجنح إلى تبني وجهة نظر سائدة وظالمة وهي أن كل الصحفيين انقسموا بين مؤيد لاسياس ومؤيد للوياني (والشق الثاني من وجهة بالنظر خاطئ تماما، لأنه يتبنى فكرة الفريق الذي يقول بأن من لا يقف مع اسياس اليوم فهو خائن للوطن).

وهل يعني ذلك أنه ليس هناك ارتريين، صحفيين وغيرهم، يقفون في صف الوياني؟ أن الارتريين الواقفين في صف الوياني معروفين ولا يخجلون عن التصريح عن امانيهم بزوال الكيان الارتري من اساسه، وهؤلاء يكفي صياحهم في وسائل التواصل للاستدلال عليهم، وما هم بخافيين على أحد.

ونعود إلى المنطق وللماضي القريب حيث أشرنا في كتاب ارتريا من حلم التحرير إلى كابوس الدكتاتور إلى أن أكبر (المهددات الوجودية) لارتريا كانت ولا زالت تأتي من الجنوب؛ والجنوب القريب الذي كنا نعنيه هو تيغراي والجنوب البعيد هو شوا، وهذا ليس من باب التنظير بل هو ما يؤكده التاريخ. فهل بعد هذا هناك حاجة للوقوف عند نفس النقطة وتكرارها إلى حد الغثيان.

ثم إذا كان الشعب الارتري لا يعرف، وبعد ثلاثين عاما، ماذا ينوي اسياس فعله بإرتريا:-

• هل يخطط لكونفدرالية ما، أو شكل من أشكال الربط بإثيوبيا، أو حتى (عباي تيغراي)؟

• الا تكفي هذه الحيرة (الوجودية) ايضا لاعتبار اسياس المهدد الأول للكيان الارتري؟

• أم أن تنكيله بالبلاد والعباد اليوم ليس كافيا لبيان نواياه؟

• وهل يحتاج المرء إلى بندقية الوياني أو سلاحها أو أموالها أو آلتها الدعائية ليدرك خطر اسياس على ارتريا؟

وأخيرا: البعض يظن وتحت مبرر: "اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية" أن الأمر يمكن تسويته بالحوار.

لا أظن ان هناك مساحة ود يمكن أن تجمع بين شخصين اختار احدهما تضييق كل واسع بالتخوين تارة وبوضع خطوط للأسود والأبيض على خلفية أن من ليس معي فهو بالضرورة ضدي؛ وهذا غلو لا يترك أي مساحة خاصة وأنه يمد في عمر الاستبداد خصما من أعمار الشباب الارتري في ساحات موت عبثي ستتضح فداحته عما قريب.

أخيرا: إذا كان هناك خيرا في اسياس افورقي؛ كان الأولى به وطنه وشعبه وليس اثيوبيا وشعبها.


عندما يقطع السوط الصوت

توضيح لمن يهمه الأمر.

أخواتي وأخوتي الأعزاء.

وصلتني عدة تساؤلات من أصدقاء مهتمين، حريصين، وقلقين حول علاقتي بالصفحة المعروفة باسم "صوت" على الفيسبوك. ولأن صفحتي الشخصية مغلقة بشكل مؤقت. أحببت أن أنقل وعبر صفحة الأخ العزيز فتحي عثمان مشكورًا، هذا التوضيح الذي على مايبدو قد أصبح ضروري.

صوت هي مبادرة تقدمت بها شخصياً لمجموعة من الزملاء الصحفيين الذين كانت تربطني بهم علاقة عمل واهتمامات وهموم وطنية واحدة. ساهم الجميع وبروح منفتحة وامكانات اعلامية مقدرة في الإنخراط في حوارات ونقاشات جادة وموضوعية ومنفتحة. نتجت عنها صفحة "صوت".

وهدفت "صوت" من خلال برنامج العمل والأهداف التي اتفقنا عليها عند التأسيس، على خلق منبر اعلامي حر وموضوعي يتابع ويهتم بالقضايا والتطورات الإنسانية والسياسية في داخل وخارج البلاد.

ولكن وللأسف، لم تستمر المجموعة ولم توفق في المضي قدماً في هذا المشروع لأسباب عدة.

مؤخراً، وعلى خلفية تباين واختلاف وجهات النظر حول تطورات الأوضاع الأخيرة والحرب الإثيوبية - الإثيوبية وتورط نظام افورقي فيها، انفرط العقد بين المجموعة.

وعن نفسي انسحبت من المجموعة، كما انسحب عدد من الزملاء أيضا. وتم الاستيلاء على الصفحة وحذفنا منها من قبل من تبقى.

وعليه، طلبت من الأخوة الذين يديرون الصفحة الآن، حذف مقالاتي السابقة، لأن الصفحة لم تعد المنبر الذي يعبر عن وجهة نظري ومواقفي المناقضة لما يتم وسيتم نشره من خلالها.

هذا واتمنى أن يكون هذا التوضيح وافياً وواضحاً ومفادياً لأي لبس في الآراء والمواقف.

والشكر موصول لكل من اهتم بالسؤال وللأخ والصديق فتحي عثمان لقبوله نشر هذا التوضيح عبر صفحته.

تحياتي

آمال صالح

Top
X

Right Click

No Right Click