حرب الاباطرة في اثيوبيا
بقلم المناضل: علي محمد صالح شوم - دبلوماسى أرترى، لندن
بسم الله الرحمن الرحيم
تابعنا وتابع العالم أجمع الحرب التي تفجرت في بداية شهر نوفمبر 2020م
بين الحكومة الفدرالية الاثيوبية وحكومة اقليم تقراى التي تقودها الجبهة الشعبية لتحرير تقراى، تلك الحرب التي خلفت ومازلت العديد من الخسائر البشرية والمادية بالاضافة الى لجؤ الالاف من مواطني الاقليم الى السودان، وقد نقلت شبكات التلفزة العالمية والاقليمية المناظر البشعة لهؤلاء المواطنين من النساء والشيوخ والاطفال الذين فروا هاربين من البطش والجبروت والمذابح، في اوضاع انسانية قلما يقال عنها انها سيئة وتنم على ان هذه الحرب سوف تخلف اثار وثأرات لاتمحها الذاكرة قريبا، وان حالة المذابح الجماعية التي شاهدها العالم ترقى الى مستوى الابادة الجماعية التي يجرمها القانون الدولي وحقوق الانسان.
استقبل السودان الشقيق هذا البلد المضياف موجات اللجؤ الجديدة بكل حفاوة وترحاب كما عهدناه، وقدم كل ما يستطيع لاستضافة هؤلاء على الرغم من الامكانات المحدودة وظروف مرحلة الانتقال السياسي التي يمر بها الان.
سبق وان ذكرنا في مقال سابق ان لهذه الحرب ما بعدها وانها سوف لن تكتفي بحدودها الحالية، اى حرب اثيوبية داخلية ولكنها سوف تتعداه، وقد ظهرت بوادرها فها هو السودان يدافع الان عن حدوده في منطقة الفشقة من التعدي الاثيوبي تحت غطاء مليشات متفلتة من قومية الامهرا المجاورة للسودان في حدوده الشرقية، ونعتقد ان ما يجري الان في الفشقة يمثل تحدي كبير لامن الاقليم اجمع وقد يتعدى الامر لتتسع رقعة الحرب لتصبح حرب شاملة ان لم يتم تدارك الامر، وبالعودة الى الرقعة الجغرافية التي تدور فيها المناوشات بين الجانبين وهى ارض سودانية خالصة لكنها كانت مرتعا لمليشات متفلتة اثيوبية لفترة ليست بالقصيرة وهى من اخصب الاراضي الزراعية في السودان، وقد اعاد الجيش السوداني انتشاره فيها كحق طبيعي لحماية سيادة اراضيه، لكنها النفس الشريرة وعقلية الهيمنة والتوسع والتي لم تزن الامور بميزان العقل والصواب لهذا نجد الجانب الاثيوبي ومصحوبا بعقلية الاباطرة الذبن حكموا اثيوبيا، يدق طبول الحرب وادعاء ان ارضا تابعة له تم الاستحواز عليها من السودان.
السودان وبما عرف عنه بصبره والجنوح للسلم كان قد اعطى للحلول السلمية الفرصة لحسم تفلتات المليشات التي كانت تعبر الحدود بين الحين والاخر تبريرات حكومة اثيوبيا وبعد جولات ماكوكية من التفاض توصل الطرفان الى اتفاق لترسيم الحدود التي وضعت على الورق وتبقى العلامات على الارض مما يؤكد شرعية السودان في اعادة الانتشار على حدوده مع الجارة اثيوبيا وباعتراف الحكومة الاثيوبية بان الفشقة ارض سودانية من خلال الاتفاق ورسم الحدود الذي توصلا اليه في عهد الرئيس السابق عمر البشير.
ومن ناحية ثانية فان المعارك بين الحكومة الفدرالية ومقاتلي التقراى قد اندلعت من جديد خلال الاسبوع المنصرم وتناقلت الاخبار الخسائر التي وقت في صفوف الجيش الاثيوبي قوات النظام الارتري التي تدعمه من تدمير لاليات واحداث خسائر بشرية كبيره في صفوفه مما يؤكد ماذهبنا اليه بان هذه الحرب قد يطول امدها وربما تحولت الى حرب اقليمية خاصة بعد تأكد مشاركة النظام الارتري في الحرب الى جانب الحكومة الفدرالية بالدليل القاطع، وان التصريحات التي صدرت من بعض الدول خاصة دعوة الولايات المتحدة الامريكية التي طالبت صراحة بخروج قوات النظام الارتري من الاراضي الاثيوبية في اقليم التقراى مؤشر اخر بان المنطقة مقبلة على تطورات جديدة، وقد.تطال اجزاء اخرى من اقليم القرن الافريقي.
الكثير من تقارير المنظمات الحقوقية الاقليمية والدولية اشارت الى وقوع مجاز ترقى الى مستوى الابادة الجماعية وطالبت المنظمات الحقوقية الى اجراء تحقيق مستقل وشفاف وان تتاح لمنظمات الاغاثة للوصول الى المتضررين في المنطقة والتي تعاني من المجاعة وسؤ الاحوال الصحية والانسانية.
طالت هذه المجازر اللاجئين الارتريين المتواجدين في الاقليم في معسكرات تشرف عليها الامم المتحدة وهو امر يضع هذه المنظمة امام مسؤلياتها الاخلاقية، وذكرت التقارير ان قوات النظام الارتري دخلت تلك المعسكرات واقتادت اعدادا كبيرة واخذتهم الى ارتريا والبعض الاخر تم قتلهم على مرأى الجميع في مشاهد مقززة.
كل ذلك وان النظام الارتري ينفي تدخله في الحرب الاثيوبية الاثيوبية ونسى ان العالم قرية صغيرة ونحن في عصر المعلومات والتكنلوجية وان الاقمار الصناعية ترصد كل شاردة وواردة، وان الدول والمنظمات اكدت التواجد الارتري ومشاركته في الحرب والعديد من الجهات حملته مسؤلية المجازر التي حدثت في تقراى خاصة في معسكرات اللاجئين الارترين هناك.
اما الحكومة الفدرالية الاثيوبية التي رفضت كل الوساطات التي قدمت اليها وخاضت حرب اقل ما يمكن ان توصف به بانها حرب ابادة وعقاب جماعي لشعب مسالم في تقراى وهو جزء من نسيج اثيوبيا، نجدها اليوم امام خيار وحيد وهو القبول بالامر الواقع والمتمثل في التدخل الدولي لانهاء هذه الماساة التي كان على أبي أحمد وحكومته تداركها لو حكم صوت العقل ورضح للمبادرات التي تقدمت بها جهات عديدة كالايقاد والاتحاد الافريقي لحل الخلاف السياسي بين الفرقاء.