خبر العيار الثقيل
بقلم المناضل الأستاذ: أحمد صالح القيسي - قيادي سابق بجبهة الشعبية لتحرير إرتريا
خبر محاولة اغتيال الجنرال/ سبحت افريم، جاء كا الصاعقة على الجميع معارضة وموالاة
لسبب بسيط ففي العالم الارتري فان الانتظار قد طال وما ياتي من الداخل عادة ما يحمل اخبار غير سعيدة، ودائما ما تكون تعزيزا للصورة النمطية التى طبعت النظام طوال سنوات.. اعتقال.. اخفاء قسري.. اغتيال.. اضطهاد والخ.
محاولة اغتيال: وزير التعدين الحالى، والوزير السابق للدفاع ورجل كل المهمات والذي يعتبر الشخص الاكثر اهمية في النظام بعد الديكتاتور لمن يعرفوا خفايا هذه السلطة.
ولذاء فالموضوع يحمل دلالات كثيرة… وعميقة وتفسيرات متعددة… لعل اهمها بالنسبة لى… هو مستوى التفسخ والتفكك الذي وصلت اليه هذه السلطة. وتتعدد الاجتهادات و التفسيرات.
لقد شطحت مخيلة الكثيرون ولا سيما معارضة الخارج في نسج القصص والاسباب، وفي اعتقادي ان جميع هذه القصص بعيدة عن الحقيقة، ليس لان لدي رواية تؤكد عكس ذلك، بل لان هذه القصص بعيدة جدا عن الحقائق حين ينظر اليها في السياق التاريخي... للاحداث والشخصيات.
ففكرة انه خان من اتفق معهم باطلاق سراح مجموعة ال جي 15 المعتقلون في لحظة غياب الرئيس لا تتسق بالمنطق مع حقيقة موقفه من الحركة منذ البداية، فقد وقف بقوة ضد الفكرة التى كانوا ينادون بها وهي مطلب اجتماع البرلمان ومحاسبة الرئيس. وعقدت اجتماعات ماروتنية بينه وبين رؤوس الحركة الاولى في جزيرة دهلك ومصوع واخيرا في منزله اسمراء.
استمرت ساعات… وساعات، رافضا فكرة مواجهة الرئيس... مع الاحتفاظ بتقديم مذكرة للمطالب المتعلقة بالدستور… والى اخره.
بعدها تم الطلاق نهائيا بينه وبين الحركة. بل الانكى من ذلك انه كان قائدا ومشرفا على الاعتقالات التى تمت الى جانب الرئيس.. والتى بدات فجرا وانتهت في الثامنة مساء.
وهنا يمكن لي ان اقول انني كنت شاهدا على العودة المظفرة لهم، فقد شاءت الاقدار ان اكون متواجدا في منزل احد الاصدقاء حين جاؤ بحرسات مدججة بالسلاح وباجهزة اتصالات متنوعة.
والبعض منهم يصرخ بطلب العشاء وبانهم لم يتناولوا الطعام طوال النهار. مما دفعني لمغادرة المكان فورا… دون لفت الانتباه. المهم واقع الحال يوضح الصورة، بانه لم تكن هناك خيانة… بل موقفا واضحا… ضد الحركة ورموزها ثم ان حركة ال جي 15 لم يعتمدوا السرية مطلقا فا كل امورهم كانت معلنة للجميع.
وفي اعتقادي انهم تعمدوا هذه المسالة ليضعوا الشعب في الصورة للخلاف المستحكم بينهم وبين السلطة والرئيس الى درجة ان الصحف في ذلك الوقت كانت تحمل القصص واللقاءت مع رؤوس الحركة في محاولة للتصعيد وجذب اكبر عدد من الانصار، وبالمقابل اتبعت السلطة نفس النهج فخصصت صحيفة الشباب للرد والمهاترات قادها.. على عبده… ومحي الدين شنقب.. واستخدم النظام الطرق القديمة فافتح مدرسة للكادر وبسرعة البرق في منطقة انباتكلا للتعبئة باشراف مكتب الجبهة الشعبية و مكتبها المركزي. بقيادة الامين محمد سعيد ويماني قبراب وعبدالله جابر وزمهرت.
كان ذلك اول خروج عن التقاليد الراسخة في ثقافة الجبهة الشعبية وهو كسر حالة الصمت والتموية… والانتقال الى مساحة واسعة من العلانية للخلافات بين قيادات الدولة، فااين موضع خيانة سبحت افريم ؟؟؟ وكذالك موضوع حركة فورتوا ليس هناك ما يؤكد انه كان منخرطا فيها ؟؟؟ بغض النظر عن ما يقال ؟؟؟ وبرغم الدور الذي لعبه في الوساطة وغيرها ؟؟؟
وفي اعتقادي ان السبب يعود الى وضع الرجل داخل المؤوسسة العسكرية وعدم قبول الكثيرين بقيادته سيماء القيادات العليا. ويعود السبب الرئيسي الى غرور هذه القيادات، والنظر اليه بانه يخطف البريق منهم وهم من يستحقونه... ولذا كانت الاجتماعات التى يقوم بها شخصيا تتسم بالفوضى والخلافات، بينما التى يقودها الرئيس عادة ما تكون انضباطية والتزام… وفي احد المرات اخبرني احد الجنرالات بانه سوف لن يحضر اي اجتماع يقوده الجنرال/ سبحت لان المسائل بدات تخرج عن السيطرة، هذه الحالة اوجدت وضعا متعاطفا معه في اوساط واسعة من اصحاب الرتب الاقل شانا… ومن هنا تاتي قصة الوساطات التى قام بها، او النظرة المتعاطفة على حالته مع التماسيح الكبار من الجنرلات.
في تصورى ان المدخل الطبيعي يكمن في فهم المكونات والعناصر في شخصية الرجل لانه مثال حي في صناعة وديكور الديكتاتور.
فاغياب سبحت افريم هي ضربة موجعة لاسياس بلا شك. ويعود السبب في ذلك لمسالة بسيطة جدا. وهي ان السيد/ اسياس هو الذي صنع شخصية الجنرال سبحت في مراحل مختلفة من التجربة، ولعل الجنرال ادرك المسالة بصورة عميقة ومبكرة وربط نفسة بشكل كلي ومطلق به اقرب الى زواج وعقد كاثوليكي لا ينفصم.
حين التحق سبحت افريم بالثورة و كان ذلك في اواخر عام 1972 وهو يحمل تلك الافكار الثورية ذات الطبيعة الطفولية شانه شان الاخرين من طلبة الجامعات حينها… (وجميعنا كنا على تلك الشاكلة) كانت هناك حركة تتخمر داخل التنظيم مطالبة بالديمقراطية وغيرها من المطالب الفضفاضة، بحيث كانت بئية جاذبة للشباب دون مراعاة للواقع وتعقيداته وتراكمات التجربة، الا ان المؤسف ان الواقع اكبر بحيث انزلقت الحركة الى مضامين وادوات الواقع الاجتماعي المتخلف.
وهنا كانت الولادة الحقيقية للجنرال… هكذا يصنع التاريخ الابطال… او… الدمي.. ولكنه لا يتوقف… لان الحياة بطبيعتها و قانونها الصيرورة والاستمرار اما ان يقام لك نصب تاريخي يصبح مزارا للاجيال القادمة، ام نهاية تراجيدية بطلقات نارية في الراس قيمة الرصاصة لا يتجاوز بضع سنتات... وللحديث بقية… ودحنكم.