من موت الي موت... قصة شاب ارتري نجا من مو ت محتوم 3-3

بقلم الأستاذ: جعفر إبراهيم وسكة - ناشط سياسي وحقوقي إرتري

قصة البحر كيف كانت. سأروي قصة البحر بعد ان انتهينا من قصة الصحراء والبر. السمساري الذي اتفقنا معه يدعي عوض

والسمساري الليبي يدعي عبد الله.. كنا في مدينة زوارة يو 2014/7/30.

الساعة الثانية نهارا قالو لنا كونوا علي استعداد ستتوجهون نحو البحر.. وفي الساعة الثالثة نهارا اتت الينا سيارة تستخدم للادوية انها سيارة صغيرة.. صعدنا فيها حوالي خمسة وعشرين او ستة وعشرين شخص.. اغلقو علينا الباب وقالو لنا ان المسافة تعادل ربعة ساعة من البحر.. وبعد ان وصلنا اطراف البحر انزلونا في مباني مهجورة وغير صالحة طلبو منا ان ننتظر هنا واغلقوا علينا الباب وذهبوا قالوا لنا سنذهب الآن لنجلب الباقين وعند الغروب جاءوا إلينا وهم قد جمعو اناس كثر.. جمعونا كلنا وقالو لنا في الليل ستعبرون الي البحر.. اخذونا من هذا المكان في سيارة هايس ليس فيها اي كراسي للجلوس كانت تأخذ منا في كل مرة مابين 30 الي 35 وتوصلهم الي البحر.. ومن هناك نمضي بارجلنا مسافة زمنية تقدر بنصف ساعة.. انتظرنا هناك حتي الساعة الثالثة ليلا وهو زمن وصول المركب الصغير كان يحمل المركب في كل مرة خمسة عشر فرد او عشر افراد حتي يوصلهم الي المركب الكبير وهو عبارة عن يخت فيه ثلاثة طابق ورابع صغير.. سعة المركب تأخذ 300 فرد ولكنهم اعطوها 550 فرد وكانو من دول متفرقة لكن الاكثرية هم ارتريين وسودانيين.

انطلقنا من هذه المكان نحو موج البحر في شهر 8 يوم 1-2014 وكانت الساعة الخامسة صباحا.. ذهبنا في البحر يوم كامل وخمسة ساعات من اليوم الثاني ، تسعة وعشرون ساعة ذهبناها في البحر.. إلي أن قبضت علينا السفينة الاسبانية وقالو لنا وصلتم بسلامتكم.. كان المركب قد تعطل بنا في البحر والوقود اوشك علي النفاد في الوقت الذي صادفتنا فيه السفينة الاسبانية.. كان هنالك اناس يبكون لوحدهم لكن بكائهم لم يكن معروف بالنسبة لي هل كان بكاء الحزن ام هو بكاء الفرح وطوق النجاة.. ربطونا بالحبل في سفينتهم واجرو اتصالاتهم مع البحرية الايطالية.. طلبنا منهم ان يأخذو الاطفال لان المركب الذي نحن فيه قد يغرق في اي لحظة لكنهم اجابونا بالقول ان المركب في سلام ونحن قد ربطناه بالحبل.. وفي الساعة الحادية عشر لست متأكدا من ذلك تماما ربطو مركبنا مع سفينتهم.. وفي الساعة السابعة مساء آتو الينا الايطاليين لاحظو لفرق الزمن من الساعة الحادية عشر وصلو الينا الايطاليين في الساعة السابعة مساء.. الاسبان كانو قد اعطو للاطفال جزء من الحليب هذا ماقدموه لنا.. كنا نشعر ونحن فوق المركب بان المركب الذي يقلنا بدأ يغرق وحين اخبرنا الاسبان بذلك قالو لنا انهم يشاهدوننا بالكاميرا وان مركبنا ليست به مشاكل.. الايطاليين حين وصلو الينا وصلو الينا ومعهم سفينتين وطائرة من فوقنا تقوم بتصويرنا.. كان من المفترض ان ينقذونا لكنهم تجاهلو انقاذنا واكتفو بالتصوير ثم غادرت السفينة الواحدة وبقيت الثانية.. والسفينة الاسبانية موجودة لكنهم لم يسمحو لنا ان نصعد في سفينتهم فقط اكتفو بربطنا في سفينتهم.. وفي الساعة العاشرة ليلا غرق المركب الذي كان يقلنا.. وقبل ان يغرق المركب كانت هنالك مواقف اود ان اذكرها.. كان البعض مطمئن لاننا قد وصلنا الي بر الامان وبعضنا الاخر يبكي دون ان يعرف ماهو سبب البكاء.. كان بعضنا يقول اننا سنموت هنا في هذا المكان ولن نخرج من هذا البحر ابدا كان حدسهم يخبرهم بذلك بالرغم من وجود السفينتين.. وقبل ان يكملو احاديثهم وبعد عشرين دقيقة حدثت الكارثة وجلنا لايعرف السباحة في البحر.. عدا البنقاليين.. ومن يقع في بحر ليس كمن يقع في المحيط هناك فرق كبير.. غرق المركب باتجاه واحد.. كنا نشاهد ان الامهات يرمون اطفالهم والاب يقول اين ابنائي كانت الحالة محزنة.. كنا نشاهد جثث الاطفال وكنا نقول من الممكن النجاة لاننا في راس المركب.. من كانو في الطابق الارضي جميعهم ماتو ومن خرجو منهم يكونو قلة ومن كانو في الطابق الاعلي منهم كذلك ماتوا وحتي نحن الذين كنا فوقهم معظمنا توفاه الله.. لا استطيع ان اوصف المشهد فالساعة كانت العاشرة ليلا وانا لا اعرف السباحة.. من نجو من هذه الكارثة لايتجاوزو المائة شخص وكم فرد.. تقبلهم الله بواسع رحمته.. لا استطيع ان اقول غير ذلك.. في اللحظات الاخيرة اصبح الكل يقول نفسي نفسي.. قد يسأل البعض كيف نجي من نجي خاصة اولئك الذين لايعرفون السباحة.. كان البعض منا يحمل طوق نجاة معه وانا من ضمنهم.. اربعين ديقية قضيتها في البحر وانا اسبح حتي اصل الي السفينة الايطالية من نجو ووصلو الي السفينة كانو يربطون ملابسهم فوق بعضها ويرموها الي لتبقي ملابسهم حبل نجاة لكن الحبل قد انقطع.. اخذني الموج بعيدا ثم اقترب بي من مكان الغرق.. كنت اقول لنفسي انها لحظة الموت وبدأت اتساءل اين بشير اين ابوبكر كان موقفا فظيع كنت اشاهد جثث الاطفال والنساء وحين اشاهد هذه الجثث كانت تقتلني لوحدها.. اربعين دقيقة قضيتها في السباحة لم اودع امي وابي ولا اخواني يارب اللطف علينا..كنت ادعوا الله وبعد الدعاء قلت يتطلبني مجهود جديد لابقي في هذه الحياة وانا في هذه الحالة جاءتني موجة رمتني بالقرب من السفينة الايطالية ووجدت لستك يشبه لستك البابور كان فيه جنزير.. مسكت بيدي ذلك الجنزير ورفعت راسي من الماء.. انا لا اعرف السباحة ومن انقذتني هي العناية الالاهية انا لا اعرف الماء اطلاقا سوي ماء الحمام.. حين امسكت باللستك كنت بكامل ملابسي جسمي كان ثقيلا بتلك الملابس ولم يساعدني في الصعود الي الاعلي.. انتظرت دقيقتين في هذا المكان حتي رمو الي الشباب الذين نجو حبلا من السفينة.. وقع الحبل من خلفي وهم يقولون لي عليك ان تتمالك نفسك فانت قد نجيت.. لكن المصيبة انني لم استطع الصعود فجسمي اصبح ثقيل علي.. كنت اقول لهم انني سأموت هنا وادعو الله ان ينجيني.. قالو لي اربط الحبل في العانة فعلت ذلك واعطيتهم الحبل وعدو واحد اثنان ثلاث تحركت في الماء مسافة متر واحد جسمي كان مخدر.. وفي لحظة قبض احدهم علي اصبعي لأجد نفسي فوق الباخرة اغمي علي واسعفوني واستخرجو مني الماء الذي شربته لاادري مافعلوه لي حتي افوق.. وبعد ان فقت من الغيبوبة كنت احاول ان اقف علي قدمي و كل ما حاولت كنت اشعر بدوشة.. لم اجد احد من رفاقي سألت اين هم وجاوبت بيني وبين نفسي ربما انقذتهم السفينة التي قبضت علينا.. لكنها لم تبدو اكثر من اماني ليتهم انقذوهم.. ماتوا غرقا فاليرحمهم المولي برحمته ويدخلهم الجنة.. السفينة التي كانت تبعد منا اربعين دقيقة وصلتها لوحدي وكانو معي من اخوتي السودانيين ثلاثة والبقية من الجنسيات الاخري.. في اليوم الثاني جمعونا في سفينة واحدة كانو هنالك ناجين في السفينة الاخري وكنت اعتقد ان رفاقي واخواني فيها ولكني وجدت فيها اثنين فقط من الاحياء سألتهم عن البقية وهم يكررون علي نفس السؤال اين ابوبكر اين عثمان اين بشير.. كنا نبكي في المكان والايطاليين يشدو من ازرنا.. هكذا كانت المواقف التي مررنا بها في رحلة الصحراء والعذاب والموت.. نترحم علي كل الشهداء الذين غرقوا نسأل الله ان يدخلهم الجنة ويصبر اهلهم ومحبيهم. وانا لله وانا اليه راجعون.

انا عبد الفتاح محمود احد الناجين من ويلات الصحراء وعذاب البحر لم انقل هذا الكلام لتخويفكم ولكني وددت ان اقص عليكم قصتي والسلام.

Top
X

Right Click

No Right Click