البعد الطائفي لوثيقة نحن وأهدافنا - الحلقة الاولى

بقلم الأستاذ: محمد عمر مسلم

الوقفة الأولى: صنفان من الناس يهربان من توصيف النظام بالطائفية الأول يرى في النظام خلفيته التأريخية والثقافية والعرقية،

نحن واهدافنا نحنان علامنان

ويرى في نفسه وريثه الشرعي، والثاني حليف للأول على الخلفية الأيدلوجية والفكرية والتنظيمية، وخير مثال على ذلك السيد إبراهيم محمد على الذي نفي الطائفية عن النظام واكتفي بوصفه بنظام الفرد المستبد، وصف السيد إبراهيم لا يصمد أمام الحقائق الماثلة على أرض الواقع، الحقيقية الأولى خلفية النظام الطائفية ممثلة في تركيبة المنشقين عن جبهة التحرير في عام 1969م بقيادة أفورقي ونحن الذين نعبر عن وجهة نظرنا هنا هم مجموعة من المحاربين الإريتريين من أجل التحرير انشقوا عن القيادة العامة في مارس 1969م.

والحقيقة أننا كلنا أو غالبيتنا من المسيحيين بالميلاد والثقافة والخلفية التاريخية الحقيقة الثانية تركيبة النظام الحالية طائفية 67 من قومية الرئيس مقابل 12 من القوميات الأخرى كما جاء في قائمة فريق عواتي الثعبان وجلوده، الحقيقة الثالثة ما جاء في التقرير السري الموجه من مسؤول معسكر ساوى إلى رأس النظام أن عدد الطلاب في المعسكر 10938 طالب، منهم 9670 طالب من قومية التقرينية، بينما 1268 طالب من القوميات الأخرى بنسبة 1: 9 الحقيقة الرابعة التغيير الديمغرافي لصالح قومية الرئيس، على حساب سكان المنخفضات الذي مهد له قبل 40 عاما في وثيقة نحن وأهدافنا يبلغ عدد السكان في إريتريا ثلاثة ملايين، ولا يتناسب توزيعهم مع تقسيمات البلاد الجغرافية فعلي الرغم من أن الأراضي المرتفعة تكون جزء صغيراَ من مساحة إريتريا آلا أنه يسكنها أكثر من نصف الشعب الإريتري، أما الأراضي المنخفضة في الغرب فمعظمها قاحلة ولذا يتناثر فيها السكان وخلاصة القول التوصيف الصحيح للنظام هو نظام طائفي مستبدة وليس نظام فرد مستبد كما زعم السيد إبراهيم، ثم إذا افترضنا أن ما يقوم به النظام إعادة توزيع للسكان في المنخفضات، لماذا لا يشمل هذا التوزيع القوميات المسلمة من سكان المرتفعات مثل الجبرتا والساهو ؟ ألا يظهر البعد الطائفي للنظام استئثار قومية التغرنية بالسلطة والتعليم وتوطينها في المنخفضات دون غيرها من سكان المرتفعات ؟

الوقفة الثانية:

يزعم السيد إبراهيم أن النظام الدكتاتوري ودعاة الطائفية والقبلية السياسية في المعارضة هم وجهان لعملة واحدة،، وقد أرجع مأساة الشعب إلى الحاكم الدكتاتوري ودعاة الفرز الطائفي،، على حد زعمه، تلك التهم التي وجهها السيد إبراهيم إلى الحركة الإسلامية والتنظيمات القومية هي ديدن تكتل حزبي الشعب والديمقراطي إلا أن السيد إبراهيم أضاف بعدا جديد لتلك التهم، حيث ساوى بين الجلاد والضحية وجعلهما وجهان لعملة واحدة، والسؤال الذي يطرح نفسه من الذي كان وراء الفرز الديني واللغوي والقبلي في المجتمع الإرتري؟ الجواب الجبهة الشعبية بممارساتها الطائفية والإقصائية التي استهدفت المسلمين دينا ولغة وثقافة وأرضا، وقد طال الاستهداف الطائفي كل القوميات في المجتمع، تهميشا واقصاءا واضطهادا يقابل ذلك علو شأن وكعب القومية الحاكمة في كل شيء على حساب القوميات الأخرى، ثم يأتي بعد ذلك السيد إبراهيم بنظرية المساواة بين المعتدي والمعتدى عليه، كون المعتدى عليه استنفر إرثه الديني والثقافي والاجتماعي لمقاومة المعتدي، المسلمون في إرتريا لم يأتوا ببدعة في هذا الجانب، فالشعوب عندما تستهدف في وجودها وثقافتها ودينها وهويتها تستنفر مورثوها الديني والثقافي والاجتماعي، في معركتها ضد المعتدي الظالم، كما أن الدفاع عن النفس والحقوق المشروعة حق مشروع للجميع، لذلك استنفار المسلمين والمضطهدين دفاعا عن حقوقهم منقبة وليست مذمة، بل في ذلك مبشرات بقرب زوال النظام، كما أن إطلاق الطائفية والقبلية على جبهة التضامن دليل على الإفلاس إذ كان حري بالسيد إبراهيم مناقشة الأهداف والمبادئ التي قامت عليها قبل الحكم على الجبهة بالطائفية والقبلية السياسية.

الوقفة الثالثة:

رد السيد إبراهيم على بعض ما جاء في مقال الشيخ حامد تركي، عندما قال أن تكتل حزبي الشعب والديمقراطي، يمثل التوجهات الثقافية والدينية والسياسية، لقومية التغرينية المسيحية أو هو تكتل للمسيحيين وحلفائهم المسلمين، ما قاله الشيخ حامد في هذا الصدد حقيقة ماثلة للعيان لا تنفيها وجود قلة مسلمة مهمشة في التكتل، كما لا ينفي وجود قلة مسلمة مهمشة طائفية النظام الحاكم، ولعل السيد إبراهيم نال حظا أوفر من الإقصاء والتهميش في المجلس الثوري حزب الشعب حاليا، وقس على ذلك حال البقية في التكتل المكون من حزبي الشعب والديمقراطي، أما قول الشيخ حامد حرص الحزبين على احتواء التنظيمات الأخرى وعمل للاعتراف لهما بهذا الدور من الجميع، حقيقة أخرى ماثلة، فما أشار إليه الشيخ حامد يعد هدفا استراتيجيا للتكتل في هذه المرحلة إذ بدأ يعملان لاحتواء تنظيمات المعارضة خاصة الأحزاب والتنظيمات القومية الصغيرة، أما التنظيمات التي استعصت على التكتل وكونت جبهة التضامن ناصبها العدا، وشنا حملات مشبوهة على الجبهة عبر مواقعهم المشبوهة، أيضا تأكيدا لقول الشيخ حامد أشير إلى الدور السالب الذي لعبه هذا التكتل داخل التجمع الإرتري التحالف الديمقراطي حاليا لإفشاله أو تولي أمر قيادته، وقول الشيخ حامد أن هذا التكتل يسعى لوراثة الجبهة الشعبية الحاكمة، حقيقة أخرى تستند إلى تصريحات مسفن حقوص الصريحة التي لا تقبل التأويل بأنه وحزبه الوريث الشرعي للجبهة الشعبية، وأن ممتلكاتها لن تؤول إلا إليه، يقول السيد إبراهيم أن هناك هوية وطنية واحدة وكأني به لا يعترف بثنائية الدين والثقافة والهوية في المجتمع الإرتري، وهو نفس مفهوم النظام الطائفي الذي اختزل هوية الشعب الإرتري على الهوية التغرنية لغة وثقافة وإعلاما، فعندما نسقط عامل الدين واللغة والثقافة من حياة المسلمين ماذا بقي لهم لإظهار ثقافتهم وهويتهم، والدفاع عن مكونات الهوية والخصوصية للمسلمين إن كان يراه السيد إبراهيم دفاعا طائفيا أو قبليا هذا شأنه، لكن عليه بالمقابل أن يحترم ولا ينتقص أو يتطاول على خيارات المسلمين للذود والدفاع عن حقوقهم المشروعة والتي منها الدين واللغة والثقافة.

الوقفة الرابعة:

سئل السيد إبراهيم في حوار مطول نشر في بعض المواقع الإرترية، هل السلطة في إرتريا طائفية أي مسيحية وبالأحرى حسب قول البعض سلطة لقومية التجرينية ؟ فأجاب هي سلطة القلة المسيطرة، ولا تمثل إرادة ومصالح المجتمع المسيحي وإن غلبت عليها سيطرة أسماء مسيحية، وأنا أقول أن السلطة تمثل إرادة ومصالح المجتمع النصراني والدليل الاستئثار بالسلطة والثروة وجميع الامتيازات في الدولة للعنصر النصراني، بينما الشريك المسلم محروم من كل ذلك لغياب من يمثل إرادته ومصالحه في السلطة، في نفس الحوار سئل السيد إبراهيم المسلمون مشاركون في الحكم والأصوات التي تقول باضطهادهم هي جماعات إرهابية ؟ فأجاب المسلمون مهمشون حتى في سلطة القلة غير الشرعية، وهنا أسأل السيد إبراهيم من الذي كان وراء تهميشهم ؟ ألم يكن وراء التهميش الأسماء النصرانية المسيطرة في السلطة ؟ إذا كان المسلمون مهمشون في السلطة فمن تمثل الغالبية النصرانية المسيطرة في السلطة المسلمين أم النصارى ؟ الجواب أتركه لفطنة القراء، لكي يبرهن السيد إبراهيم أن النظام لا يمثل إرادة ومصالح المجتمع المسيحي، ذكر عدة حقائق على حد زعمه:

الحقيقة الأولى:

إن هذه القلة لم تأتي إلى السلطة بانتخابات ديمقراطية من المسيحيين أو غيرهم،، أذكر السيد إبراهيم بحقيقة يعرفها وهي أن الجبهة الشعبية ولدت طائفية الفكرة والمشروع وقد دشنت تركيبتها ومشروعها الطائفي الاقصائي بإصدار وثيقة نحن وأهدافنا قبل 40 عاما، وكان ذلك بدعم وتأييد من النخب النصرانية المتعصبة في ذلك الوقت، ثم حظيت بعض ذلك بتأيد ومباركة من المجتمع النصراني،، وكون تقلص هذا التأيد في هذه المرحلة لمعطيات جديدة لا ينفي حصوله في الماضي، ثم لا يمكن بحال فصل الجبهة الشعبية عن خلفيتها التاريخية والثقافية والاجتماعية المتمثلة في المجتمع النصراني الذي يمثل أحد قطبي الثنائية الدينية والثقافية في المجتمع الإرتري، أيضا ما حظي به المجتمع النصراني في ظل نظام الجبهة الشعبية لم يحظى به المجتمع المسلم، ما يدل على وجود اللحمة بين النظام والمجتمع النصراني وإن بدت تتآكل تلك اللحمة كتآكل النظام الطائفي.

الحقيقة الثانية:

إن معظم المجتمع المسيحي يعارض وجود هذه السلطة ويناضل جنبا إلى جنب مع إخوانه المسلمين لإزالتها لو تجاوزت معك مقولة معظم المجتمع المسيحي يعارض،، أقول صدقا وأمانة هناك من يناضل جنبا إلى جنب مع المسلمين لإزالة النظام من المجتمع النصراني خاصة على مستوى النخب والقيادات الوطنية وهم اليوم يعملون مع إخوانهم المسلمين في إطار جبهة التضامن لتخليص المجتمع الإرتري من شرور ومفاسد ومظالم الطائفية والاقصائية التي أوجدها نظام الشعبية،، بالمقابل هناك من يدعي معارضة النظام ولكن تصريحاته وتصرفاته وأجندته تصب في صالح النظام الحاكم وأعني تحديدا تكتل حزبي الشعب والديمقراطي،، أيضا هناك قطاع عريض من النصارى يتمنى زوال الجبهة الشعبية التي علق عليها أمالا عريضة عندما استلمت زمام الحكم في البلاد،، ولكنها تبخرت مع قسوتها وبطشها.

الحقيقة الثالثة:

هذه القلة في السلطة لا تفرق بين معارض وأخر بسبب الدين أو العرق أو غيره، بل تضطهد وتنكل وتقتل كل من يقف في طريقها مسلما كان أو مسيحيا قلناها من قبل أن النظام لا يفرق بين من يعترض طريق مشروعه الطائفي نصرانيا كان أو مسلما، ومن يتصدى للمشروع من الطرفين قد يعرض حياته للخطر، لكن السؤال من يستهدف المشروع الطائفي المسلمين أم النصارى ؟ المسلمون طبعا لذلك ما لحق بالطرف المسلم من ظلم لا يقارن بما لحق بالطرف النصراني،، فالطرف المسلم أصابه الضرر مرتين،، مرة لأن المشروع يستهدفه لكونه مسلما وأثر هذا الاستهداف بات واضحا في حياته اليومية، ومرة أخرى أصابه الضرر بسبب تصديه للمشروع الطائفي، أما النصراني المشروع لا يستهدفه إبتداء بل يخدمه ويثبت أركانه ويحقق له التمكين والهيمنة، والاستهداف الوحيد أتاه بسبب التصدي للمشروع الطائفي نصرة للمواطنين المظلومين فمقولة لا يفرق النظام بين معارض وآخر بسبب الدين أو العرق ليست صحيحة على إطلاقها، بل ينبغي أن تقيد بما هو مشاهد ومعاش على أرض الواقع، وفي الختام أدع الله أن يشفي السيد إبراهيم وأن يريه الحق حقا ويرزقه إتباعه، وأن يريه الباطل باطلا ويرزقه إجتنابه.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click