ذكرياتي مع القائد المرحوم عثمان صالح سبي - الحلقة الثالثة

بقلم المناضل الأستاذ: أحمد أبو سعدة

وفي اليوم التالي تم القبض على وزير شؤون الرئاسة محمد جبارة حيث تم نقله من جنوب السودان

إلى العاصمة الخرطوم على متن طيارة خاصة للتحقيق معه وفعلا تم التحقيق معه وأطلق سراحه بأمر من رئيس مجلس الوزراء قال السيد الوزير إن التحقيق معه جرى حول الأسلحة وإنها أسلحة للإرتريين مقدمه هدية من حكومة عربية وإنه تولى الترتيبات المتعلقة بانتقالها وتسليمها فلماذا هذه الزوبعة، نعم يا أخ أحمد هذا ما حصل باختصار شديد وخيم الصمت علينا.

قطعت صمتنا وقلت للأخ عثمان أريد أن أقول لك شيئا هاماً :لقد سمعت وعرفت أنك قد بدأت المعارضة لجبهة التحرير الإرترية وشكلت تنظيما سمي بقوات التحرير الشعبية وقد كان هناك اتفاق بينك وبين رمضان محمد نور ومحمد علي عمارو وأسياس أفورقي وأنا أعرف والكل يعرف إن المناضلين محمد علي عمارو ورمضان محمد نور هما من قريتك وتربطكم ببعضكم البعض أواصر قوية أما أسياس أفورقي فكانت تربطه بكم مصلحته وخاصه إنه من منطقة حماسين التي تقع بها العاصمة أسمرا كما أن أسياس أفورقي تربطه رابطة الطائفية، هنا يا أخ عثمان كان لكلا مصلحته، إلا أن المصلحة المشتركة هي التي جمعتهم وهي العداء وضرب جبهة التحرير الإرترية ذات الخط الوطني وأنت تعلم يا أخ عثمان إنني زرت قوات التحرير الشعبية في عام 1971 وقد وجدت عددهم لا يتجاوز (11) أحد عشر مقاتلا كما أنك تعلم إن مؤتمر أدوبحا قد وقفت ضده وقد تمثل ذلك في محمد علي عمارو وأنا أذكر إن عمارو ورمضان هما المحركان على العصيان ضد الجبهة وأكيد هذان الاثنان كانا يتحركان ماذا أقول بمعرفتك أو بمباركتك على كل لا فرق.

قاطعني عثمان وقال لي: لا تظلمني يا أبو سعدة إن المشكلة كانت في مؤتمر أدوبحا هي إنزال بعض القيادات من مراكزها ومثال أذكر لك بعض الأسماء من هؤلاء الذين تم إقصاؤهم من القيادة هم: محمود ديناي (يقبع حاليا في السجن بأمر من الرئيس أفورقي) ومحمد علي عمارو (وهو حاليا في السجن) وإبراهام تولداي وعمر إزاز وعبد الكريم أحمد وغيرهم ولا تسعفني ذاكرتي على ذكر البقية وقال المهيمنين على مؤتمر أدوبحا إن هؤلاء لا يجب أن يكونوا قادة وطبعا وأكيد إن هذا الكلام والتصرف قد أثر في نفوسهم لكن الشيء الأساسي الذي دعى هؤلاء للوقوف ضد مؤتمر أدوبحا، قاطعت أبو عفان وقلت له:

إنني عايشت هذا المؤتمر وقد عرفت دوافع هؤلاء وهم الذين شكلوا قوات التحرير الشعبية وكان هذا ردا على قيادة المجلس الأعلى، يا أخ أبو عفان ألم تكن أنت المحرك الأول للمجلس الأعلي (كان المجلس الأعلى مؤلفا من: إدريس محمد آدم - إدريس قيلاديوس - عثمان صالح سبي - محمد صالح حمد - سيد أحمد محمد هاشم - محمد نور - عثمان إدريس خيار - تدلا بايرو وقد انضم مؤخرا للمجلس).

وقد كنت أنت يا أخ عثمان المحرك الأول للمجلس الأعلى أما البقية وباستثناء إدريس قلايدوس فقد كانوا غير فعالين، ألم تعقد مؤتمرا في عمان في شهر (11) 1969 ألم ترسل لك قيادة جبهة التحرير الإرترية رسالة تقول لك فيها يا إخونا عثمان إن مهمتكم هي دعمنا بالسلاح والألبسة والمواد الغذائية ونحن هنا في الداخل نقاتل العدو نرجوكم أن تبقوا في دعمكم لنا ألم يكن رأيك يا أخ عثمان هو دعمك وتقويتك للوحدة الثلاثية، فيمكن أن نسمي هذا التيار الأول أما التيار الثاني فيقول إن مع الشباب ومع القيادة العامة يقاطعني الأخ عثمان ويقول لي:

لماذا لا تضيف يا أخ أبو سعدة أن القيادة العامة عندما تشكلت قامت بإلقاء القبض على ست أعضاء وقيل لهم إن سبب اعتقالهم يعود إلى تعاملهم معي وإنهم يتعاملون معي من خلف القيادة العامة من أجل خلق البلبلة والفوضى.

قلت له: لقد أخبرني المناضل إدريس سيد (أصبح رئيس أركان قوات التحرير الشعبية فيما بعد) وكان هو الذي يحمل المال والرسائل منك وقال لي:

إنه كان يحمل مبالغ كبيرة من المال لتوزيعها على البعض وكان هذا السبب الرئيسي يا أخ عثمان الذي تم فيه اعتقال المناضلين وشيء آخر أريد أن أقوله لك: أليس من الغريب في الأمر إن الذي وقع أمر اعتقالهم كان على رأسهم أسياس أفورقي ألم يكن هذا زميلهم في التآمر.

قاطعني الأخ عثمان وقال لي:

كان أمر الاعتقال موقعا أيضا من محمد أحمد عبده وعبد الله إدريس.

هززت رأسي وقد ظهر الألم على وجهي وقلت له:

أليس أمرا غريبا أن تعتقل القيادة أبنائها.

قال لي مقاطعا:

فعلوا أمر الاعتقال هذا ليخلوا الجو لهم.

كان الحوار بيني وبين الأخ عثمان رحمه الله ساخنا.

يا أخ عثمان أم تكن تتحرك أنت ومن معك وتجمعون الناس من كافة الاتجاهات من أجل إرسالهم إلى عدن وتشكيل قوة جديدة تدخلونهم إلى دنكاليا، ألم تدخلوا هؤلاء الناس الذين جمعتموهم في أماكن عدة وترسلوهم إلى عدن في طائرات مستأجرة من الخطوط اليمنية وغيرها ألم يساعدكم الأخوة من رجال الأمن السوداني لتذليل الصعوبات الأمنية وغيرها ومنهم العقيد خليفة كرار ألم يكن صديقك المقرب لك، ألم تقم منظمة فتح بدورها بل إن ياسر عرفات شخصيا كان يتدخل لحل الأمور المالية وغيرها، ألا تعلم إن في منطقة (سد علا) تم إخراج العملية إلى الوجود أي خلق تنظيم كان هو قوات التحرير الشعبية لكن سرعان ما دب الانشقاق بينهم فمنهم من قال أنا عفري ومنهم من قال أنا سمهري ومنهم من قال أنا دنكلي وهكذا بدأ الانشقاق قبل تكوين قوات التحرير الشعبية، لأنهم كانوا غير متجانسين فكريا ولهم أمزجة خاصة ويسعون من وراء ذلك لتحقيق الإمتيازات الشخصية البحتة لا لمصلحة وطن ولا من يحزنون.

رد علي الأخ عثمان بانفعال وقوة وهو الرجل الرصين الهادئ فقال:

الى اللقاء فى الحلقة القادمة...

Top
X

Right Click

No Right Click