مؤسس الكفاح وأبو الثورة الإرترية المسلحة الرمز القائد الزعيم الوطني البطل الشهيد حامد إدريس عواتي

إعداد الأستاذ: طاهر أندول - باللغة الانجليزية

بسم الله الرحمن الرحيم

حامد إدريس عواتي الزعيم التاريخي للشعب الارتري الذي يحتل مكانة خاصة

حامد إدريس عواتي ورفقائه 1

في قلوبنا وذكرياتنا وهو مؤسس الكفاح المسلح وقبل كل شيئ هو الحامي المؤسس وأب الثورة الإرترية. كان اسمه مصدر ثقة وطمأنينة وإحساس مفعم بالأمل بحتمية النصر على المحتل وتحقيق حلم الشعب الارتري في الحرية والاستقلال وفي نفس الوقت كان مصدر رعب وقلق دائم للعدو المحتل وأعوانه.

الشهيد عواتي كان له شرف إطلاق الرصاصة الأولى شرارة الثورة وإذانا ببداية مرحلة الكفاح المسلح ضد الاحتلال الإثيوبي، مع اثنا عشر من رفاقه الأبطال الرواد الأوائل انطلاقا من جبل أدال أول ساحة لمعركة حربية ضد الاحتلال الإثيوبي وأعوانهم من الشرطة المحلية، هؤلاء الميامين قدموا حياتهم رخيصة فداء للوطن الغالي ومن اجل تحقيق حلم الشعب الارتري في الحرية واستقلال الوطني وطرد المحتلين الاثيوبين.

لمحة من السيرة الذاتية للزعيم البطل/ حامد إدريس عواتي:

ولد الشهيد/ حامد إدريس عواتي في قرية قرست التي تقع ما بين تسني وأم حجر في جنوب غرب ارتريا عام ١٩١٠م، كان والده يعمل بالزراعة وتربية الماشية، علمه والده منذ سن مبكرة على كيفية استخدام السلاح والذي برع فيه واظهر مهارة عاليه في دقة التصويب وإصابة الهدف وكذلك علمه فنون الفروسية التي أجادها بشكل باهر مما أكسبه إعجاب واحترام أقارنه وكل من كان حوله من أبناء جيله.

نشا الزعيم/ عواتي في بيئة إسلامية قروية استمد منها القيم الأخلاقية السمحة مثل الامانه، والإخلاص والشهامة والكرم والشجاعة والإقدام وقد رسخت تلك القيم العظيمة في نفسه بل تجسدت في شخصه وساهمت في تكوين شخصيته كزعيم وطني حظي باحترام وتقدير وثقة أبناء الشعب الارتري وقواه الوطنية.

ظهرت علامات النبوغ والذكاء وسرعة البداهة وقوة الشخصية منذ صغره وهذا تجلى في قدرته الفذة في تعلم بل إجادة الحديث والكتابة بطلاقة بعدة لغات (بالإضافة إلى لهجات محلية غير مكتوبة) وكان يجيد اللغة العربية، التجرنية، التقري، النارا، الحدارب، والكوناما وتعلم الإيطالية في فترة وجيزة حيث تم ابتعاثه إلى روما في دورة للمخابرات العسكرية.

في عام ١٩٣٥م التحق قسرا بالجيش الايطالي المحتل لإرتريا آنذاك ضمن حملات التجنيد الإجباري للشباب الارتري في المدن والقرى التي كان يقوم بها الجيش الاستعماري الايطالي لحاجته إلى جنود لخدمة حملاته العسكرية في شرق وشمال إفريقيا، ونظرا لقدراته الشخصية التي ذكرناها أعلاه والتي تميزه عن غيرة بوضوح والتي لفتت انتباه الطليان بموجبها تم إرساله إلى روما بعد فترة وجيزة من التدريب العسكري للالتحاق بدورة للتدريب العسكري ألاستخباراتي، تخرج منها ضابط استخبارات وبعد عودته عين ضابط للاستخبارات في المنطقة الغربية، وعند احتلال الجيش الايطالي مدينة كسلا بشرق السودان عين نائب مدير المدينة.

بعد الحرب العالمية الثانية وبعد هزيمة الجيش الايطالي واحتلال بريطانيا للبلاد، عاد عواتي إلى قريته ليمارس حياته المدنية، حيث قام بممارسة الزراعة وامتلاك الماشية وتربيتها. ألا انه سرعان ما دخل في صراع ضد قطاع الطرق والجيش البريطاني في المنطقة الذي قام الجنود البريطانيون حينها بحملة عسكرية لنزع صلاح المواطنين من الرعاة والمزارعين في المنطقة الغربية الذين كانوا يستخدموها في حمايته ماشيتهم ومزارعهم من عصابات قطاع الطرق المعرفين باسم "ألشفتا" الذين كانوا ينهبون الماشية والمحاصيل من أهالي المنطقة، وصادروا خلالها ممتلكات عدد من سكان منطقة بركه والقاش وقاموابقتل ماشيتهم مما جعل عواتي يتصدى لهم ويقتل جندياً بريطانياً واستطاع عواتي ورفاقه التصدي لهم وطردهم من المنطقة خائبين من حيث أتوا، وأصبحت منطقته والقرى المجاورة أمنه بفضل شجاعته مما أثار إعجاب وحب المواطنين له بل أن قرى بعيده نسبيا عن قريته كانت تستنجد به عندما تغير عليها تلك العصابات مما أثار حفيظة سلطات الاحتلال البريطاني الذي وجدت عمل الشهيد عواتي تحدى لسلطاتها وأصبح سلطة بديلة لها في المنطقة في نظرها يلجا إليه المواطنين في ظل عجز سلطات الاحتلال البريطاني في فرض الأمن والأمان، كانت مسألة نزع سلاح المواطنين يعني عمليا الوقع تحت رحمة عصابات الشفتا التي عجزت سلطات الاحتلال البريطاني الحد من خطرها، مما دفع الشهيد عواتي إلى تشكيل وتجهيز 40 مسلحا نشطوا عسكريا ضد الجيش الريطاني الاستعماري وكبدوه خسائر فادحة مما أضطره إلى التفاوض معهم والتخلي عن استهدافه لمنطقتهم تفاديا للإضطرابات وتهدئة للتوتر وقد كان لعواتي ما أراد وعاد للعيش في قريته في أمن واستقرار وعين عواتي شيخ الخط رسميا (أي المسئول الأول عن أمن المنطقة)، ورجع عواتي ورفاقه إلى القرية مكللين بالنصر وسرعان انتشر صيت عواتي في كل المنطقة الغربية بل وصل إلى العاصمة اسمرا.

حاولت السلطات البريطانية إعتقاله والنيل منه وأجبر على التخفي من منطقته حتى لا يطاله سوء.

كان يقاوم عمليات النهب التي كان يقوم بها الجيش البريطاني وقطاع الطرق وعصابات الشفته الذين اعتادوا نهب ممتلكات سكان المنطقة الغربية.

أكتسب عواتي ورفاقه خبرة عسكرية جديدة في حرب العصابات إثناء مقامتهم لقوات الاحتلال البريطاني بالإضافة إلى خبرته العسكرية السابقة في الجيش الايطالي مما كان له الأثر الكبير فيما بعد عندما بدأ الكفاح المسلح والمقاومة ضد الاحتلال العسكري الإثيوبي.

عندما قامت إثيوبيا بخرق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالاتحاد الفدرالي بين ارتريا وإثيوبيا وذلك باحتلال ارتريا عسكريا وإنزال العالم الارتري وحل الحكومة الارترية والبرلمان وكل مظاهر الاتحاد الفدرالي، كما قامت بقمع المواطنين الارتريين الذين خرجوا للاحتجاج والتظاهر سلميا منددين بما فعلته إثيوبيا ليسمعوا صوتهم للعالم و نكلوا بالوطنين الذين تصدوا لها ومارسوا أبشع أنواع التعذيب بالمعتقلين من الوطنين والإرهاب والقتل لإسكات صوت الشعب الارتري وإجهاض مقاومته الباسلة ضد محاولات إثيوبيا ضم بلادنا قسرا إلى إمبراطوريتهم المتخلفة وكان عواتي حاضرا حينها بالعاصمة يشاهد كل تفاصيل الجريمة الإثيوبية، وعندها قرر التصدي للمحتل الجديد وإعلان الثورة، الا انه أثر الانتظار للوقت المناسب عندما تتوفر كل العناصر المطلوبة.

الكفاح المسلّح:

في يوليو ١٩٦٠م بمدينة القاهرة عقدت مجموعة من الطلاب والمثقفين الارتريين من الشباب وشكلوا جبهة التحرير الارترية وهم:-

• إدريس محمد أدم (رئيس البرلمان الارتري).
• إدريس قلا يدوس (خريج كلية الحقوق جامعة القاهرة).
• محمد صالح همد (خريج كلية الحقوق جامعة القاهرة).
• أدم محمد أكتي (خريج جامعة القاهرة).
• طه محمد نور (خريج من ايطاليا).
• سعيد حسين (طالب بجامعة الأزهر).

وفي البلاد كانت سلطات الاحتلال الإثيوبي ترتاب من تحركات ونشاطات عواتي وبدأت تراقبه باستمرار وبشكل مباشر.

ذكر الأستاذ حامد صالح تركي مؤلف كتاب: "أرتريا والتحديات المصيرية" (دراسة وثائقية في الشعب الارتري وكفاحه المسلح) أن سلطات الاحتلال الإثيوبي قررت اعتقال عواتي وأعدت خطة لاعتقاله في قريته (قرست) مقر إقامته في أغسطس ١٩٦١م، وفي الموعد المحدد نشروا قوة كبيرة من القوات الإثيوبية والشرطة الارترية طوقت القرية من كل الاتجاهات، ألا أن عملية الاعتقال قد فشلت لان عواتي كان لدية علم مسبقا بخطة اعتقاله فغادر قريته قبل وصول القوات الإثيوبية، وكان قد أبلغة احد عناصر الشرطة الارترية من الوطنين بذلك، فحمل سلاحه وتوجه إلى جبل أدال ومعه رفاقه وبعد تلك الحادثة قرر عواتي بدء الكفاح المسلح بعد أن أصبحت المواجهة بينه وبين قوات الاحتلال الإثيوبي مكشوفة وأن هدف سلطات الاحتلال كان واضحا وهو إجهاض الثورة قبل أن تولد وبعد شهر من ذلك التاريخ كما هو معروف انطلقت الشرارة الأولي للكفاح المسلح بقيادته.

في مقابلة صحفية لصحيفة ارتريا الحديثة مع المناضل/ محمد الحسن دوحين ٧٥ عاما وهو أحد رفاق عواتي من الإحياء يقول: في عام ١٩٦٠م عندما كان عواتي شيخ خط أرسل له الشيخ إدريس محمد أدم رسالة باللغة العربية ابلغني فيما بعد عواتي بمضمونها حيث قال لي أن إدريس محمد ادم طلب مني حمل السلاح وبدء الكفاح المسلح وتفجير الثورة ضد المحتلين الاثيوبين، ولكنني لم أكن جاهزا في ذلك الوقت، وبعد أربعة أشهر من تاريخ تلك الرسالة جاء إلى عواتي الشيخ/ محمد الشيخ داود وهو شخصية معروفة في المنطقة الغربية وطلب من عواتي حمل السلاح وشن حرب تحرير وإشعال ثورة ضد المحتلين الاثيوبين وافق عواتي ولكنه طلب منه أمداده بالسلاح والتموين ألازمين وفعلا قام الشيخ/ محمد داود بتزويد عواتي بثلاثة (٣) من بنادق ايطالية قديمة تعرف (بأبو خمسة) ومبلغ نقدي قدرة ٣٠٠ بر إثيوبي وسكر وشاي، هذا بالإضافة إلى بندقيتان جلبهما إبراهيم محمد علي احد رفاق عواتي من الرواد الأوائل وانا كنت امتلك بندقية واحدة، ويواصل في حديث ذكرياته عن بدايات الكفاح المسلح ويقول: كان عددنا سبعة مقاتلين وبعد مدة قصيرة أصبح عددنا اثنا عشر مقاتل.

ويقول ضمن حديثه أن سلطات الاحتلال الإثيوبي حاولت الضغط بوسائل متعددة لإثناء عواتي عن هدفه لتفجير كفاح مسلح ضد وجودهم الاستعماري وحاولت سحق الثورة وهي في مهدها، طبقاً لمعاصري الشهيد عواتي لقد ارسلت اثيوبية وحدة عسكرية مكونة من ستّ سياراتِ لإعتِقال حامد عواتي ولكنها لم تنجح. بعد ذلك لَجأَ الإثيوبيون إلى إستعمال وسائلِ مختلفةِ للتَعَامُل مع عواتي حيث أرسلوا إليه بعض الشخصيات الارترية المعروفة في أغسطس ١٩٦١م وهم عمر حسنو و عجيل عبد الرحمن لكي يناشدو عواتي للعدول عن الكفاح المسلح، الا أن عواتي رد عليهم ردا حاسما قائلا: " إذا قمتم بإنزال العلم الإثيوبي ووضعتم مكانه العلم الإرتري حينها سأتوقف عن المقاومة" عندما وصل رد عواتي إلى السلطات الإثيوبية اشتطوا غضبا وقرروا مواجهة عواتي ورفاقه بالقوة وحدها لإخماد جذوة الثورة في بدايتها ولكن خاب ظنهم؛ حينها حشدت السلطات الإثيوبية الإستعمارية قواتها واتجهت لمحاصرة الثورة الوليدة في جبل أدال والتقى الطرفان في معركة حامية الوطيس استمرت لسبعة ساعات شكلت إعلاناً لمسيرة الكفاح المسلح الذي امتد لثلاثين عاماً وتوج بنصر مستحق في مايو ١٩٦١م.

شهد جبل أدال الحدث المنتظر بعد طول انتظار فكان إعلان الكفاح المسلح والثورة وانطلاق الرصاصة الأولي من هناك إذانا ببداية فجر جديد ومنعطف تاريخي عظيم في حياة الشعب الارتري وكانت معركة أدال أول معركة ضد الوجود الاستعماري الإثيوبي ورسالة للعالم أجمع بأن الشعب الارتري قد نفذ صبره وقرر استعادة حقوقه المنهوبة بالقوة كما أخذت منه بالقوة، ورغم أن التجهيزات العسكرية من سلاح وعتاد لا يتجاوز السبعة بنادق ايطالية عتيقة وبإمدادات شحيحة بالمقارنة مع تجهيزات العدو المحتل المجهز بالأسلحة الحديثة والإعداد الضخمة من الجنود والشرطة الا أن عواتي ورفاق استطاعوا بجدارة دحرهم وتحقيق النصر العسكري على العدو في أول مواجهة عسكرية معركة جبل أدال، وكان رفاق عواتي هم:-

• عبده محمد فايد (الشهيد الأول).
إبراهيم محمد علي.
همد غديف.
عواتي محمد فايد.
محمد بريق.
محمد أدم حسن.
صالح جروق.
أحمد فكاك.
محمد الحسن دوهين.
أدم فيقوراي.
علي بخيت.
إدريس محمود.
عمر خيراي.

وطبقا لأقوال معاصري عواتي أن معركة جبل أدال استمرت ٧ ساعات من الساعة ٦ صباحا إلى الساعة الواحدة ظهرا حيث تراجعت قوات العدو الإثيوبي القهرى منهزمة، وأمر عواتي رفاقه بالانسحاب إلى منطقة عمر سنجو، وكان صدى معركة أدال عظيما وكبيرا وسط الشعب الارتري والقوى الوطنية الارترية، حيث وجد الثوار بقيادة عواتي الترحيب والتضامن من المواطنين أينما حلوا وقد أبدى كثيرا من المواطنين استعدادهمللإنخراط والعمل مع الثوار والقيام بما يطلب منهم من قبل القائد ورفاقه وهكذا بدأ التفاف الجماهير بالثورة وبقائدها، وأول من بادر وقدم الدعم بعد معركة أدال العظيمة هو نفسه الذي قدم السلاح والمؤن للثوار قبل المعركة أنه الشيخ العظيم محمد الداود حيث قام ببيع ٣٠ جملا من ماشيته وقدم ثمنها الي القائد عواتي حتى تستمر الثورة، هذا الرجل العظيم كان مثال الإنسان الارتري في التضحية والإيثار والغيرة الوطنية ونكران الذات.

بعد الهزيمة الثقيلة التي تلقاها العدو وأعوانه على يد القائد عواتي ورفاقه في معركة جبل أدال حشد العدو قواته من جديد وحاولوا تطويق الثوار في منطقة اومال لإبادتها، حيث جرت معركة عنيفة سقط خلالها شهيد الثورة الأول الثائر/ عبده محمد فايد، أيضا فشل العدو مرة أخرى في تحقيق هدفه، وبعد تلك المعركة التحق بالثوار كلا من / كبوب حجاج وادم جسوير وفي يوم ١٧ فبراير من عام ١٩٦٢م التحق بالثوار أحدى عشر من المناضلين وهم كانوا يعملون في الجيش السوداني كضباط صف وهم:-

محمد إدريس حاج.
عمر حامد ازاز.
طاهر سالم.
عثمان محمد إدريس (ابوشنب).
إبراهيم محمد بهدوراي.
محمد عمر ابوطياره.
عمر محمد علي (دامر).
كشه محمد كشه.
محمد إبراهيم.
عبد الله إدريس أدم.
ادم قندفل.

كان كبوب حجاج معروف بدقته في إصابته للهدف وكان لديه قول مشهور عنه عند إصابة كل جنودي للعدو إثناء المعركة عن طريق القنص من بعيد ويرديه قتيلا على الفور كان يقول اللهم اغفر لي.. بهذه الطريقة استطاع تكبيد العدو خسائر كبيرة في صفوف جنوده في كل معركة يخوضها مما كان له الأثر في حسم المعركة لصالح الثورة.

كل المعارك التي خاضها الثوار كان يقودها عواتي بنفسه، وذكر المناضل ابورجيله أن عواتي ومحمد إبراهيم شندي أصيبوا بجروح في معركة "امنيت" ورغما عن ذلك كانوا يواصلون القتال ويقول أبو رجليه أنهم عندما التحقوا بالثوار كانوا أحدى عشر عسكريا ومعهم مدنيين وقد أدوا القسم أمام القائد عواتي بذلك انضموا رسميا إلى الثوار ويقول انه شارك في الاجتماع الذي تم فيه انتخاب عواتي قائدا عاما لجيش التحرير وحاج محمد إدريس نائبا له، وذكر أن عواتي خاطب الاجتماع قائلا: "نحن جميعا ارتريون ويجب أن نخدم بلادنا بأمانة وإخلاص ونناضل بتجرد من أجل تحقيق الهدف الأساسي وهو تحرير ارتريا من المحتل الإثيوبي وتحقيق حلم الشعب الارتري في الاستقلال والحرية وأي شخص لديه تطلعات وطموحات فردية ما عدا الهدف المعلن عليه أن يترك الثورة ويضع سلاحه، ويذهب لحاله ويجب علينا أن نلتزم بخط الثورة بتنفيذ التعليمات بدقة وصرامة مهما كانت التضحيات المطلوبة في سبيل ذلك وكل ذلك من أجل تحقيق الهدف الأسمى وهو التحرير والاستقلال لبلادنا وطرد العدو المحتل".

في ٢٧ من مايو عام ١٩٦٢م شعر عواتي بألم في معدته نتيجة تناوله حليب في العشاء، وتدهورت حالته الصحية وعندما أحس القائد عواتي بدنوا أجله طلب من المقاتل كبوب حجاج استلام بندقيته المفضلة لديه وهو معنى رمزي من القائد تأكيدا على ضرورة استمرار الثورة والنضال حتى تحقيق الهدف وإلا تتأثر بموت أو غياب القائد، وفي صباح اليوم الثاني استشهد القائد عواتي واسلم روحه الطاهرة إلى ربه مع الصديقين والشهداء حسن أولئك رفيقا، وقررت قيادة جيش التحرير عدم إعلان استشهاده للشعب ودفن سرا ولم يعلن عن وفاته ألا بعد اربعة سنوات من تاريخ استشهاده.

قادا القائد الفذ/ عواتي مسيرة الكفاح المسلح في ظل ظروف صعبة وقاسية جدا وتحديات كبيرة ألا انه استطاع تجاوزها كلها بفضل حنكته كقائد ثوري ونظرته الثاقبة وإيمانه القوي بحتمية النصر، وبرغم من مسيرته النضالية كانت قصيرة بعد إعلان الكفاح المسلح ألا أنه استطاع أن يضع مسيرة الكفاح المسلح في المسار الصحيح وعلى بر الأمان ليضمن لها الاستمرارية وهو ماتحقق فعلا فيما بعد حيث أصبحت حقيقة ماثلة للعيان وملء السمع والبصر للعالم أجمع ولم يستطيع العدو المحتل ولا أعوانه العملاء ولا حلفائه بكل ما كانوا يملكونه من قوه ونفوذ وعتاد من قهر عزيمة وإصرار الثوار الارتريين من مواصلة الكفاح المسلح ضدهم الذين لم يكنوا يملكونه سوى اسلحة عتيدة ومؤن يسيرة ولكنهم كانوا يملكون الإيمان بحتمية النصر النهائي وتحقيق حلم الشعب الارتري في الحرية والاستقلال بفضل قائد عظيم سطر تاريخ شعب عواتي الرجل التاريخ المعجزة.

ان الشعب الارتري فقد القائد والزعيم عواتي في وقت كان بأمس الحاجة لقيادته الفذة ألا أن عزائه كان في أن القائد ترك ارث ثوري عظيم شكل معالم الطريق لرفاقه من بعده حيث ساروا قدما على ذات الطريق وهكذا نمت وكبرت ثورة وعمت الوطن كله بعد سنوات قليله.

ترك عواتي أسرته وابنه الكبير كرار الذي ولد في السجن بمدينة تسني بدون وداع.

التحية والإكبار لهذا الزعيم العظيم الذي ضرب أروع الأمثال في الفداء والتضحية ونكران الذات وسطر لنا تاريخ كتب بمداد من ذهب وأصبحت الثورة الارترية معلما لكل الشعوب.

وأخيرا وبهذه المناسبة أود أن الفت انتباه كل الارتريين بضرورة تأليف كتاب عن مسيرة عواتي النضالية حتى تعرف الأجيال القادمة عن تاريخنا المجيد الذي سطره هذا الرجل.. صانع تاريخنا.

Top
X

Right Click

No Right Click