ذكري إستشهاد المناضل الكبير عثمان صالح سبي
بقلم الاعلامى الأستاذ: احمد الحاج المصدر: عونا
بتأريخ الرابع من ابريل عام 87 ألقي التأريخ بظلاله الأسود علي الشعب الاريتري بعد أن ارتقت
روح أحد اوائل المناضلين الوطنيين الي العلي مخلفةً بذلك كآبة وحزناً عميقين وسط شعب أحبّ عثمان سبي لصفاته الانسانية قبل أن يكون قائداً ومعلماً ومفكراً ومثقفاً ثورياً عرف بديناميكية الحركة الجدية وتمتع بشخصية مؤثرة ومحورية في تأريخ الثورة الاريترية وظل خلال مسيرته الكفاحية الزاخرة وطنياً عظيماً لاتلين له قناة متعالياً عن الهوامش والصغائر.
ولد الشهيد عثمان صالح سبي في حرقيقو عام 1931م وتلقي تعليمه الاولي والمتوسط بها ثم ألتحق بمعهد المعلمين في اثيوبيا وتخرج منه وبعد ذلك عاد الي مسقط رأسه ليعمل مدرساً ثم مديراً للمدرسة التي تلقي فيها تعليمه وفي تلك الفترة أظهر نشاطاً واهتماماً عاليين بشؤون الوطن وبدأ يتفاعل مع الاحداث التي كانت تشهدها اريتريا في فترة الخمسينات ثم أضطر الي مغادرة البلاد في فبراير من عام 1960 بعد ان بدأت مخابرات الإستعمار الإثيوبي تطارده وتهدد حياته، ومع ان الشهيد لم يحضر إجتماعات القاهرة عام 60 التي تأسست علي إثره جبهة التحرير الاريترية إلا أنه قد أشرف علي أول مؤتمر للمقاتلين والذي عقد في منطقة (برقشيش) في غرب إريتريا العام 1962 وبعدها أصبح يتبوأ مناصب عليا ويسهم إسهاماً عظيماً في التعريف بالثورة والقضية، فمن المناصب التي شغلها أولاً سكرتيراً للعلاقات الخارجية في المجلس الأعلي ثم اميناً عاماً في عام 1970 وسكرتيراً عاماً للبعثة الخارجية في العام 1972 ورئيس اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي لقوات التحرير الشعبية العام 77 ورئيساً للجنة التنفيذية للتنظيم الموحد حتي صعود روحه الطاهرة الي باريها عزّ وجلّ.
لقد ظل الشهيد واحداً من أبرز القيادات التأريخية للثورة ومن أوائل الكوادر السياسية والفكرية لها وقام بدور كبير في توفير إحتياجاتها من المال والسلاح ومع أنه كان مصاباً بعدة أمراض إلا انه لم يركن للراحة بل أظهر نشاطاً محموماً وسفراً دائما متمكناً ـ مع رفقائه الأبطال الآخرين ـ من التعريف بالثورة الاريترية وبعدالتها مبرزاً البعد العربي للقضية الاريترية من خلال العلاقات الوطيدة التي أقامها مع الملوك والرؤساء والسلاطين العرب وكذلك تمكن من سحب الإعتراف بالثورة من منظمات اقليمية ودولية مثل جامعة الدول العربية (1981) ومنظمة المؤتمر الاسلامي (1981) وعلي صعيد اللاجئين قام الشهيد بتأسيس جهاز التعليم في عام 1976 ناشراً نعمة الخير والعلم وتمكن من خلاله الي إرسال المئات إن لم يكن الآلآف من الطلاب الي مختلف ارجاء المعمورة لتلقي المعرفة والعلم.
لقد كان الاستاذ عثمان أحد المثقفين الثوريين فبجانب كونه عرف بالذكاء والاتزان والمقدرة في الحوار فإنه ايضاً عرف بإهتمامه بالتأليف والطبع والترجمة وتشجيع مختلف البحوث عن الجوانب المختلفة لإريتريا وقد أَعتبر مؤلفه (تأريخ ارتريا) من أهم الكتب عن تأريخ اريتريا وبالإضافة الي هذا الكتاب فإن له أربعة مؤلفات أخري قيمة وهي:ـ
• جغرافيا اريتريا.
• علاقة السودان باثيوبيا عبر التأريخ.
• الصراع في حوض البحر الاحمر عبر التأريخ.
• جذور الخلافات الاريترية وطرق معالجتها.
هذا بالإضافة الي عشرات الدراسات والمقالات التي كتبها الشهيد في مختلف الصحف والمجلات الاريترية والعربية والعالمية.
بعد أن أمضي ثلاثة أيام في العناية المركزة رحل عن عالمنا الاستاذ عثمان صالح سبي بتأريخ 1987/4/4 في مدينة القاهرة وكان الشهيد قبيل وفاته أجري عملية في "الجيوب الأنفية" وبتأريخ 1987/4/6 ودع الشعب الاريتري زعيمه الوطني الكبير في موكب مهيب شاركت فيه قيادات الاحزاب السودانية وقادة الفصائل الاريترية وقيادات المنظمات المهنية السودانية وشخصيات عديدة ربطتها علاقة ود ومحبة بالقائد ورأت في مسيرته الزاخرة مثلاً حياً يحتذي به وقد ووري الشهيد الثري في مقابر السيد المحجوب بالخرطوم مع كبار رجالات السودان وأفذاذه وقد جاء في مراسم الدفن بأن الشهيد عثمان صالح سبي وديعة لدي السودان الشقيق الي ان يتم نقل جثمانه الطاهر الي اريتريا بعد التحرير.