ذكريات وتجارب - الحلقة الرابعة والثلاثون
بقلم الأستاذ: عثمان بداوى عمريت
بداية او الافادة انه، وبناء على تصحيح من الاخت الفاضلة عائشة موسى قعص، ان الاسم الصحيح للزميل (حمدو محمد قعص)
هو حمدو محمد احمد عركيفر فلها كل شكر وتقدير.
بعد فشل شهودها في تقديم ما يدين المجموعة ولو بشكل نسبي، كان كل رهانها على شهادة الزميل حمدو محمد. قدمه المدعي العام باعتباره الشاهد السابع وكان ملخص استجوابه له على النحو التالي:
س - هل تعرف احدا من هذه المجموعة؟
ج - نعم، اعرف صالح عبد القادر بشير وعثمان بدوى عمريت.
س - اين وكيف عرفت صالح عبد القادر بشير؟
ج - عرفته في مصوع وهو الذى أرسلني الى الجبهة.
س - متى ارسلك، وكيف ارسلك، وماذا قال لك وماذا اعطاك؟
ج - اقنعني قبل ثلاث سنوات ان الجبهة ستحرر ارتريا من الاستعمار الاثيوبي وان على الشباب الالتحاق بالميدان، وأعطاني سلاح مع مبلغ من المال ورسالة موجهة الى الجبهة.
س - كم استمريت مع الجبهة؟
ج - حوالى سنتين.
س - هل اشتركت في معارك ضد الحكومة خلال وجودك مع الجبهة؟
ج - نعم .
س - هل قابلت صالح بشير بعد انخراطك في الجبهة ومتى؟
ج - نعم، كنت احمل اليه بين كل فترة واخرى رسائل من الجبهة.
س - هل حصل ان تحدث معك صالح بشير عن هذه المجموعة؟
ج - نعم، ذكر لي ان احمد شيخ ابراهيم فرس وصالح جابر وراك هما من يجلب اسلحة من الخارج، وان عبد الله محمد سعيد صايغ ومحمود صالح سبى هما من يستلمها، وان عبد الله محمد صايغ، عثمان رمضان وطه ابراهيم حسين يمولون الجبهة بالمال.
ج - اين وكيف عرفت عثمان بدوى عمريت؟
س - عرفني به صالح عبد القادر بشير على اساس انه من العناصر النشطة وعلمت من عثمان انه كان يستقبل الجبهة في بيته وانه تلقى تدريبا على استعمال السلاح والقيام بأعمال فدائية.
في هذا الوقت، وبينما يتابع الاهالي والمهتمين الذين اكتظت بهم القاعة ما يقوله الشاهد، التفت الي العم عبد الله محمد صايغ وقال لي بصوت سمعه كل الزملاء ’انت دمو طليم‘ - انت ايها القط الاسود- فضجت المجموعة بالضحك وان لم تعرف السبب ما لفت من كان في المحكمة وخصوصا القضاة. وكانت هذه الحركة العفوية السبب في انتشار اشاعة بين الاهالي ان معنويات المجموعة عالية وان لم تعبأ بما يدور في المحاكمة ومبالغات كثيرة!. وما دعا العم عبد الله الى هذا التصرف انه سألني قبل ايام ان كانت علاقة بتهمة السلاح، وعندما نفيت ابدى لي مخاوفه من تركيز المحامي على موضوع السلاح مقترحا توكيل محامي خاص بنا، وعندما سمع شهادة الزميل حمدو اعتقد انني خدعته!، وفعلا اقام العم عبد الله والاخ طه محاميا يدعى سلمون.
وبعد انتهاء استجواب المدعي العام، استجواب المحامي الزميل حمدو محمد على النحو التالي:
س - اين اعطاك صالح بشير السلاح وما نوعه؟
ج - اعطانيها في منطقة عداقة وكان عبارة عن بندقية.
ج - كيف ذهبت الى الجبهة؟
س - ذهبت بالباص عن طريق اسمرا – تسني ثم كسلا ومن هناك دخلت الميدان.
س - كم قضيت مع الجبهة؟
ج - حوالى سنتين.
س - هل سلمت نفسك الى الحكومة ام اعتقلت؟
ج - اعتقلت.
س - اين اعتقلت؟
ج - اعتقلت في اسمرا.
س - كيف اعتقلت؟
ج - اعتقلت في محطة الباص وانا عائد من اديس ابابا.
س - لماذا ذهبت الى اديس ابابا؟
ج - ذهبت بحثا عن عمل.
س - كم هي المدة الاجمالية التي غبتها عن مصوع طوال حياتك بوجه التقريب؟
ج - لم اغب عن مصوع الا مدة الاسبوع الذي قضيته في اديس بابا .
س - كم مرة تم اعتقالك حتى الان؟
ج - مرتان.
س - متى كانت المرة الاولى؟
ج - قبل ستة اشهر.
س - ماذا كانت التهمة التي اعتقلت بسببها؟
ج - ممارسة نشاط سياسي وان ذهابي الى اديس بابا كان ضمن هذا النشاط.
س - هل خضعت للتحقيق او العذيب؟
ج - نعم عذبت حتى شلت يداى وقام بعرض اثار التعذيب علي يديه بالرغم من طول المدة.
س - لماذا تم اطلاق سراحك ؟
ج - برأتني المحكمة لعدم ثبوت ما يدينني.
س - ومتى كان الاعتقال الثاني؟
ج - بعد خروجي من السجن بثلاث اسابيع تقريبا؟.
س - هل تم تعذيبك في المرة الثانية ايضا؟
ج - نعم.
س - وكيف تم اطلاق سراحك؟
ج - المباحث هي التي اطلقت سراحي بدون تقديمي الى محكمة لعدم توفر اية ادلة ضدي.
س - هل قابلت خلال مرحلة التعذيب صالح عبد القادر بشير او عثمان بدوى عمريت؟
ج - نعم قابلتهما لأكثر من مرة. (اشركت المباحث حمدو في استجواب الاخ صالح بشير اثناء التعذيب وكان دوره مساعدا لصالح عكس ما طلب منه).
س - هل ذكرت اثناء التحقيق سواء في المرة الاولى او الثانية علاقتك السياسية معهما؟
ج - لاء.
س - لماذا؟
ج - لأنه لم تكن بيننا علاقة سياسية على الاطلاق وان ما ادليت به الان امام المحكمة كان املاء من المباحث مقابل اطلاق سراحي او الحاقي بيهم..
من سياق الاسئلة، اثبت المحامي اولا عدم غياب حمدو محمد عن مصوع وبالتالي لم يلتحق بالجبهة وبعبارة اخرى انه لم يكن هناك من اعطاه بندقية، وثانيا انه اعتقل في المرة الاولى في اسمرا وهو عائد من اديس ابابا ولم يسلم نفسه كما زعمت المباحث، وانه فعلا تعرض للتعذيب بدليل الاثار التي يحملها، وانه قدم الى المحكمة التي برأته لعدم توافر ما يدينه، وانه اعتقل في المرة الثانية من بيته في عداقة وعذب واطلق سراحه بشرط الادلاء بشهادة زور. وفي ختام مداخلته طلب من المحكمة الاطلاع على ملف حمدو محمد والتأكد من الاقوال والاعترافات التي ادلى بها. وبعد اطلاعها على الملف ابلغت المحكمة المحامي عدم وجود ما يمس موكليه. عندئذ طالب رفض شهادة حمدو محمد لأنها جاءت تحت الضغط والاكراه.
كان الزميل حمدو على قدر من الشجاعة والجرأة لرفض الادلاء بشهادة زور كما فعل الزميل عثمان رمضان حسين الذي الحق بنا بسبب رفضه، ولكنه رأى ان الرفض يساعد المباحث اكثر مما يضرها وفي نفس الوقت يضر بالمجموعة اكثر مما يفيدها، ولهذا فضل تقديم الشهادة طبقا لما تمليه عليه المباحث ثم نسفها بشكل يعري الاعيب المباحث من ناحية ويوجد لنفسه حماية من الاعتقال مرة اخرى فيما يتعلق بهذه القضية. على كل حال، تم وضعه تحت رقابة واقامة جبرية الا انه لم يلتزم بها ليستشهد في بوري في منطقة دنكاليا وهو يدافع عن الاهالي عندما تعرضوا للتنكيل من قبل الجيش الذي تم انزاله بحرا.
كان شاهد الادعاء الثامن حمدو حمودة (باحبيشى) الذي انهار حتى قبل صعود منصة الشهود ما اضطر المدعى العام لسحبه والاكتفاء بالشهود السابقين. ولابد من التوضيح هنا ان الاخ حمدو حمودة، حسب ما ذكر لي الاخ صالح عبد القادر بشير، كان وطنيا منتظما ولكن شخصيته كانت ضعيفة، وفعلا هذا ما لاحظته فيه طوال الفترة التي قضيناها معا في المعتقلات كما تم الاشارة اليها سابقا، اذ قضاها متأزما بشكل غير عادي الى درجة انه لم يحصل ان تبادل معي او حتى مع كان على معرفة وعلاقة معهم اكثر من سلام.
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.